محتويات
الشرفات الخاوية تطرد الأمنيات
- أجلسُ بين الغيمِ ورائحةِ الزيتون
- وضحكاتِ شجرِ اللوز
- والستائرِ المطرزة
- الانتظارُ خلفَ قهقهاتِ الريحْ
- أحوكُ ارتعاشي ببردِ المساءْ
- والشرفاتُ الخاويةُ تطردُ الأمنياتْ
- وأنا هناكَ وحيدةً
- متكئةً على نجمةٍ تناثرتْ من عِقدِ السماءْ
- ألتحفُ بفستانِها الأرجواني الساتانْ
- وأشربُ نخبَ غربتنا
- أشتعل ببقايا أنفاسِ ليلةِ البارحة
- وأحترقُ بصمتْ[١]
ودي أنسى
- ودِّي أنسى
- إنّ قلبي كان مرسى
- ترمي جروحك عليهْ.. كل ما مرّيت فيهْ
- بعدها ترحل وتِقسى
- ودِّي أنسى
- كان هالشارع ظلامْ
- وكان بالسكّة رصيف.. دايمٍ تِجلس عليه
- كنت أشوفك من بعيدْ.. حاير بصمتك وحيدْ
- وكنت ألمح بالسما دُخّان طايرْ
- من غيومكْ
- وأتحسّس فوق خدي دمع حايرْ
- من همومكْ
- تبتسم صوبي تنادي
- لي تنادي؟
- ما أصدّق.. لي تنادي؟
- وليه تنادي
- وأنت ناسيني وغادي
- ودّي أنسى
- إني في ليلهْ بكيتْ.. يوم جيتك ما دريتْ
- إنك تنادي عليْ.. لجل تسألني عليكْ
- عن عيونكْ.. عن جنونكْ
- عن ألم جرّح جفونكْ
- عن حبيبة قلبك اللّي
- للأسف كانت تخونك
- ودّي أنسى
- إنّ قلبي كان مرسى
- ترمي جروحك عليه
- كل ما مرّيت فيه
- بعدها ترحل وتقسى
- ودّي أنسى[٢]
وتكون أنت الحلم
- وتكون أنت الحِلمْ..
- تتسرَّب..
- ما بين أصابع ليلْ
- خادِرٍ بالنعاسْ
- تشعِل في صدري أنفاسْ
- تتلحَّف عيوني سهرْ
- أحلام عيَّت لا تنامْ
- وفي خدي غمّازة تعبْ
- وفي نظرتي زحمة كلامْ
- ويطير من صوتي غمامْ[٣]
يصادف ألقاك في شرودي
- يصادفْ ألقاكْ في شرُودي
- في الموعدْ اللي ما نطرتهْ
- على الكراسي الخاليهْ
- في وسط مقهى أو كتابْ
- أو في مقطع أغنيهْ
- أو في شارع ما أعرفهْ
- في نظرة العشاق صدفهْ
- في لون قرميد المبانيْ</span>[٤]
وينوح الناي
- أسير الدربْ والخطوة
- ألم قاسي يناديني
- أتابعْ خطوتي وأجهلْ
- حبيبي وين أهو ممشاي
- وضاعت سكّتي ما أدري
- وش اللي صار
- أنا شفيني
- عجزتْ ألقى أنا نفسي
- وهي تسكنْ في وسط حشايْ
- وكني تايهة بصحرا ظمأ
- وش عاد يرويني
- خوفي غربتي همي
- ودمعي وحيرتي وشكواي
- وليل قاسي نوره
- نساني ما يخاويني
- حتى البدر هاجرني
- صعيبة حيل أنا دنياي
- ولو أبكي العمر كله
- يا دنيا ما تهنيني
- بخيله حيل بأفراحك
- ولا همك في يوم بكاي
- خدعتِني بأمل كاذب
- سراب كان يغريني
- أشوفه حلم يسعدني
- يهنيني أنا بدنياي
- صحيت اليوم من حلمي
- لقيتك هم يشقيني
- عرفت الجرح بأسبابك
- خطيرة لعبتك ويّاي
- هقيتك شاري حبي
- لقيتك بايع سنيني
- شوقك يا وهم كذاب
- وعدك قاسي نساي
- ولا عاد الزمن يذكر
- وشللي بينك وبيني
- ولا عاد الهوى موجود
- مهما نتفق في رأي
- كنت أحضنك بروحي
- وبلسم يشفي إيديني
- أشعل حب في صدرك
- ولو أغفى تكون أغطاي
- وكان بداخلي طفل
- حنانه منولد فيني
- يلبسني الحزن ثوبه
- ويكفني وينوح الناي[٥]
عقرب الساعة
- يضيق بها الملل وقتي
- يناظر عقرب الساعة
- يناظر كل وله فيني
- تريى جيته صدفة
- على مهل الألم قلبي
- يموت بلهفة أوجاعه
- على ذاك الأمل يرجي
- مروره من على الشرفة
- وعدني وللأسف أخلف
- تعبت أتحمل خداعه
- تعبت من السكوت اللي
- يجاري بالوهم حلفه
- صحيح أعشق دفا عيونه
- هدوءه وروعة أطباعه
- ويمكن ليش أهو غامض
- شعوري كم صعب وصفه
- جروحي ترفضه لكن
- حنيني صعب إقناعه
- ينادي ماضي أيامه
- ولو كنت سبب نزفه
- جلست أتأمل إحساسي
- أنيني لحظة وداعه
- رغم كل الألم قلبي
- تمسك به رجى عطفه
- رحل وأعطى الرجا ظهره
- رمى عطفه مع إقناعه
- رمى كل شي وخلاني
- أدور للألم رأفة
- تذكرت العيون اللي
- بكت أيام ملتاعة
- ومن همي أحس كل شي
- بكى يمي بهالغرفة
- وقف بين الهدب يأسي
- صرخ "باع الهوى باعه"
- عبث لو أنتظر قلبه
- لقى بأقصى الهوى حتفه
- يضيق به الملل وقتي
- ويناظر عقرب الساعة
- يناظر كل حزن فيني
- تذكر قصته صدفة[٦]
كورتزار
- كنت أنا دايم
- أقضي أغلب أوقاتي كتابه
- أو قراءة شي مسلي
- وأغلب الوقت لـ"نزار"
- وإن شعرت الوقت ملني
- وإلا مرتني الكآبة
- آخذ الجيتار وأعزف
- أحلى لحن لـ"كورتزار"
- وإن بكن الأوتار مني
- وشاقني الحزن وعذابه
- أرمي الجيتار وارسم
- لوحة لأطفال صغار
- أرسم أشجار وبحيرة
- كوخ وأزهار وسحابه
- ومن بعيد هناك
- ألوّن سكة تعانق قطار
- بعدها أوقف لبرهة
- وأمتدح نفسي بغرابة:
- والله إنه لو "بيكاسو"
- شافها.. مني يغار
- يعتليني صوت غنى
- "من عذابه.. من عذابه"
- من هو بس غيره "عبادي"
- بعثر إحساسي بمرار
- أرمي الألوان عني
- فجأة داهمني غيابه
- فجأة حسيت إني وحدي
- وأصبح العالم دمار
- مرني الهم بثواني
- هزني بليا ذرابه
- جرني لجرح دفنته
- أو ركنته عالـ "يسار"
- وابتدت رحلة عذابي
- أسئلة تبغي إجابة:
- ليه غاب؟
- وكيف بعده
- أشرقت شمس النهار؟
- هو أنا وحدي أعاني؟
- وحدي ضيعني ذهابه؟
- وإلا هو مثلي
- يتألم يبكي بكل انكسار
- مالقيت أية إجابة
- والألم سديت بابه
- اكتشفت إني أضيع
- وقتي بكل اختصار
- خل أروح أفتح كتاب
- يمكن يزيح الرتابة
- أو أرد اعزف وادندن
- بأحلى لحن لـ"كورتزار"[٧]
أخاف الكتابة إليك
- وجهك له شكل الكلمة
- رنة ضحكتك تطل من نافذة الكلام النص مفتوحة
- قمصانك الملونة
- كذباتك الصغيرة
- تفاصيل المدينة التي تسكنها
- لا تشبهك
- امرأة لها تجاعيد ورقة
- ورقة لها تجاعيد قلبك
- من الحرف الذي لا يكتمل
- يتسرّب صوتك من راءٍ ناقصة
- طريقتك في مناداة اسمي موسيقا
- سمرتك تعبث بلون الكلمات
- فاكهة صيفية تنقسم نصفين قلبي
- نكهة أنفاسك على الورق دخان
- ونصوص لم تكتب بعد
- عطرك المفضل يستريح في يدي
- بعد مصافحة في رسالة قديمة
- في صندوق خشبي
- ينسى تفاصيل الريح
- والشال "التريكو"
- ومنذ متى
- البنت الواقفة بفستان قصير
- من "التور" الزهري
- تدور على أرفف لغتي
- أصفف الأحاديث التي لم نقلها
- والأغنية التي تدندن بها
- في مشاويرك القريبة "background"
- خافت
- أخاف الكتابة إليك أن تفضحني كلمة
- أو أن أمر على نصوصي القديمة
- وألمحك
- أن تكون مستلقيًا ما بين فاصلتين
- تضحك على ارتباكي
- وارتكابي حماقة الكتابة
- أن تكون النقطة التي تتدحرج في نهاية جملة
- لنص لا يريد أن ينتهي
- أن تشي بي قصائدي التي
- أدعي بها نسيانك
- فتعلم
- لأنّني ما زلت أحبك[٨]
غيمة وحيدة بعد العاصفة
- كانت هناك منذ البداية
- تنتظر ما سيحدث
- ما قبل ارتباك اللحظة وفوضى الشوارع
- والأغنيات الشاردة من حناجرنا المتعبة
- صداها يعلو
- تراقبنا من بعيد
- الشجيرات المرغمة
- وهي ترقص على أوركسترا الريح
- الأغصان وهي تتكسر وتسقط
- السماء وهي تفقد زرقتها تدريجيًّا
- تختفي الألوان
- وأنا من خلف نافذتي المغلقة
- أفكّر بلون عينيك
- بالشيء الذي بداخلي
- يتخلخل كلما قلت أحبك
- فجأة
- بتلك البرودة التي تسري في عروقي
- لحظة مناداتك اسمي
- باللحظة ذاتها تلك
- وأنا أتساقط
- كأوراق مجنونة على الأصيص
- وأنا أتبعثر
- على ناصية الطريق وحيدة
- وأموت بعد انتظارك الطويل
- توقفت العاصفة
- وتوقفت عن انتظارك
- مثل غيمة أنا
- لا أحمل مطرًا ولا ظلًّا
- سأمتطي حضن السماء وأمضي[٩]
لماذا أكتب
- أكتب لأنّ الحياة التي أعيشها غير كافية
- ولأنّ الوقت أقلّ من الحياة
- لأنّ الكتابة تمنحني الأجنحة
- والسماء والأفق
- تمنحني المدن والمقاهي
- والأحذية الخفيفة للسفر
- بلا حقائب ولا مطارات
- بلا أرصفة للتوقف والوداع
- تمنحني القبل المبللة بالمطر
- والموسيقا المحرضة على الرقص
- الضوء الخافت
- والنافذة المطلة على نصف قمر
- تعيد لي أحبابي الذين رحلوا
- أولئك الذين لم يمهلني الوقت
- لأقول لهم وداعًا
- أو لألوّح لهم عبر نافذة قطار
- لأنني حينما أكتب
- أستطيع الكذب دون الشعور بالذنب
- أستطيع التحرر من ذاتي
- وتلبس الأشياء
- كأن أدعي أنني غيمة رمادية
- تنتظر العاصفة
- العاصفة التي هي بالغالب
- في قلبي
- قلبي المرتبك وهو يتتبع رحيلك
- عبر الممر الذي لا آخر له
- ينتظر أن تلتفت ولكنك تختفي
- وأنسى ملامحك
- عادة أنا أكتب لأنّ قلبي ليس بخير
- ولأنّ لا شي آخر
- يعيد توازنه في هذه الحياة
- سوى الكتابة[١٠]
وعاد نوفمبر
- مترنمًا بهوائه اللطيف
- متهاديًا بصباحاته المبللة
- يلقي تحيته المعتادة
- على الشبابيك فتزهر
- يمر على المقاهي الخالية
- فتكتظ بالعشاق والمجانين
- ومدمني القهوة
- يتسلل إلى الورق الأبيض
- النائم في الأدراج القديمة
- ينفض عنه الغبار
- يلقي تعويذته السحرية
- على الشعراء
- فتنزلق من بين أصابعهم
- الكلمات
- وتتشكل النصوص الموجعة
- نوفمبر شهر الحب
- الحب الجميل المفاجئ
- مثل مطر خفيف
- يهيّئ لنا الوقوف
- تحت مظلة واحدة
- بحديث مختصر ونظرة
- بقلب يرتجف من البرد
- والارتباك
- بخطوة متعثرة وسقوط أخير
- نوفمبر
- الذي عاد بأمسياته الخادرة
- وأغنياته القديمة
- عاد ليحملنا على متن الريح
- إلى سماء ثامنة
- يمنحنا الأجنحة والهروب
- يمنحنا الهواء والأفق
- نوفمبر
- الذي عاد لأنّني
- اشتقت إليك جدًّا
- الشوق الذي لا تستطيع الكلمة
- أن تكتبه
- ولا يستطيع الصمت
- أن يكتمه
- نوفمبر
- الذي يعلم جيدًا أنني
- أسكنك مهما حاولت الفرار
- وأنّك تتعثر بي
- عند كل منعطف
- تشم رائحتي
- في كل امرأة تحتضنها
- وجهي
- يطاردك بأحلامك
- وفي صحوك
- لذلك أنت تهرب
- من الشوارع والنساء
- من السهر والأغنيات
- والحب
- وأنت تعلم
- لا أحد يتقن فن الهرب
- مثلي
- ولكنني تعبت
- وقفت أمام النافذة طويلًا
- أتأمّل سماء نوفمبر
- المتلبدة بالسحب والاشتياق
- وأنا أردد
- بيتًا للراحل طلال الرشيد:
- (أخاف أغمّض عيوني
- والرمش تفقدك
- وأخاف أفتّح وتصبح حلم
- ولا ألتقيك[١١]
المراجع
- ↑ بشاير الشيباني، حديث الغيم، بيروت:دار الفارابي، صفحة 5.
- ↑ "ودي أنسى"، الشعر، اطّلع عليه بتاريخ 23/7/2021.
- ↑ بشاير الشيباني، كونشرتو غياب، بيروت:دار الفراشة، صفحة 30.
- ↑ "بشاير الشيباني"، جود ريدز، اطّلع عليه بتاريخ 23/7/2021.
- ↑ بشاير الشيباني، كونشرتو غياب، بيروت:دار الفراشة، صفحة 121.
- ↑ بشاير الشيباني، كونشرتو غياب، بيروت:دار الفراشة، صفحة 100.
- ↑ بشاير الشيباني، كونشرتو غياب، بيروت:دار الفراشة، صفحة 37.
- ↑ بشاير الشيباني، أكتب لأن الكلمة هواء، بيروت:دار الفراشة، صفحة 17.
- ↑ بشاير الشيباني، أكتب لأن الكلمة هواء، بيروت:دار الفراشة، صفحة 77.
- ↑ بشاير الشيباني، أكتب لأن الكلمة هواء، بيروت:دار الفراشة، صفحة 7.
- ↑ بشاير الشيباني، أكتب لأنّ الكلمة هواء، بيروت:دار الفراشة، صفحة 59.