الفرق بين الزهد والورع

الفرق بين الزهد والورع

الفرق بين مفهوم الزهد والورع

هناك فرق بين مصطلح الزهد والورع، فالزهد أعم وأبلغ من الورع، وأشمل في معناه، وأعلى في الشأن، لذلك يُقال كل زاهد ورع وليس كل ورع زاهد، وكلاهما خير فهما يبتعدان عن المحرمات والمكروهات، ويأتيان الطاعات والمستحبات، وقد ورد الفرق بين الزهد والورع في كتاب مدارج السالكين لابن القيم، نقلًا عن شيخه ابن تيمية، فقال: "أن الزهد هو أن تترك ما لا ينفعك في الآخرة"،


والورع "هو تركك لكل ما تخاف ضرره في الآخرة"، وقد ورد عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- حديث يدل على الورع، فقال: (مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُهُ ما لا يعنيهِ)[١]، وورد تعريف الزهد في قول سفيان الثوري: الزهد في الدنيا ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء؛ وقال: إنما الزهد في قوله تعالى: {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا ءَاتَاكُمْ وَالله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[٢]، فالزاهد لا يفرح من الدنيا بموجود، ولا يأسف منها على مفقود[٣].


أنواع الزهد, وأمثلة عليه

من أجمع الكلام الذي قيل في الزهد، هو تقسيم الإمام أحمد، الذي ذكر ثلاثة أنواع من الزهد، وهي[٣]:

  • زهد العوام، وهم الذين يتركون الحرام، والعوام يعني عامة الناس.
  • زهد الخواص، وهم الذين يتركون الفضول من الحلال.
  • زهد العارفين، وهم الذين يتركون ما يشغلهم عن الله.

ومن الأمثلة التي وردت عن الزهد في سيرة الرسول[٤]:

  • عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِن طَعامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيالٍ تِباعًا، حتَّى قُبِضَ)[٥].
  • عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (إنْ كُنَّا آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، لَنَمْكُثُ شَهْرًا ما نَسْتَوْقِدُ بنَارٍ، إنْ هو إلَّا التَّمْرُ وَالْمَاءُ)[٦].
  • عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (لقَدْ مَاتَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَما شَبِعَ مِن خُبْزٍ، وَزَيْتٍ في يَومٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ)[٧].


أقوال السلف في الورع, وفائدته

يعد الورع من الأخلاق المحمودة ومن الأعمال الصالحة التي ترفع منزلة المؤمن عند الله تعالى، فهو من خير الخصال، ويعود على المسلم بفوائد كثيرة منها[٨]:

  • أنّ فيه كمال التقوى.
  • يقرب العبد من الله تعالى، كما أنّه سبب في محبة الله لعبده.
  • فيه اتباع لهدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- وترك للشبهات.
  • سبب في استجابة دعاء العبد.


ومما قيل في الورع: [٩]:

  • قال أبو الدرداء: "تمام التقوى أن يتقي اللهَ العبدُ، حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال، خشية أن يكون حرامًا، حجابًا بينه وبين الحرام".
  • قال ميمون بن مهران: "لا يسلم للرجل الحلال؛ حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال".
  • قال الشبلي: "الورع أن يتورَّع عن كلِّ ما سوى الله".
  • قال أبو سليمان الداراني: "الورع أول الزهد، كما أنَّ القناعة أول الرضا".
  • قال يحيى بن معاذ: "الورع على وجهين: ورع في الظاهر، وورع في الباطن، فورع الظاهر أن لا يتحرك إلا لله، وورع الباطن هو أن لا تُدخل قلبك سواه".
  • قال أبو هريرة: "جلساء الله تعالى غدًا أهل الورع والزهد".


ما الفرق بين الزهد والتصوف؟

إنّ التصوف من جملة الزهاد، وقد ذكر ابن الجوزي في كتابه تلبس إبليس، أنّ الصوفيين زادوا في الزهد حتى غالوا في ذلك، فتفردوا بأمور ليس لها أصل في الشريعة الإسلامية، وقد حذر أئمة السنة من التصوف، مثل الإمام الشافعي، والحنابلة، والمالكية، والقرطبي، وقد حذروا مما ابتدعه المتصوفة من الرقص والغناء، وهم يفسدون العقول بالتوجه إلى الشبهات، والإسلام الصحيح قائم على اتباع كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- والأدلة الثابتة في الأحاديث الصحيحة[١٠].


المراجع

  1. رواه النووي، في تحقيق رياض الصالحين، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:67، حديث حسن.
  2. سورة الحديد، آية:23
  3. ^ أ ب "الفرق بين الزهد والورع"، طريق الإسلام، 4/5/2008، اطّلع عليه بتاريخ 21/3/2021. بتصرّف.
  4. "الزهد في الدنيا كيف يكون"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 25/3/2021. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5416، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2972، صحيح.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2974، صحيح.
  8. "فوائد الورع"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/3/2021. بتصرّف.
  9. "أقوال السلف والعلماء في الورع"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 21/3/2021. بتصرّف.
  10. عمر الدبوي، "الفرق بين التصوف والزهد"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 21/3/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :