ظاهرة الطمر

ظاهرة الطمر

ظاهرة الطمر

في علم الجيولوجيا يُعرف الطمر بأنه تحركات جيولوجية تحدث عند حدود الصفائح التكتونية المتقاربة، أو عند اصطدام صفيحتين تكتونيتين، وعلى مر السنين يمكن أن تنتج سلاسل جبلية عند الحدود المتقاربة نتيجةً لتقارب الصفيحتين، ومن أشهر الأمثلة على ذلك جبال الهيمالايا، كما يمكن أن تنزلق صفيحة تحت الأخرى لتندمج الصفيحة السفلية مع الطبقة العليا وتختفي[١]، وتقاس معدلات الطمر عادةً بالسنتيمتر في السنة؛ إذ يبلغ متوسط معدل التقارب بين الصفائح حوالي 2-8 سم في السنة، وتتضمن الصفائح كلا النوعين: الصفائح القارية والمحيطية؛ ففي مناطق الطرح المستقرة تنزلق صفيحة محيطية تحت صفيحة قارية أو صفيحة محيطية أخرى ذات كثافة أعلى، وهذا يعني أن الصفيحة التي تدخل تحت الصفيحة الأخرى تكون دائمًا محيطيةً، أما الطبقة العليا فتكون إما محيطيةً أو قاريةً، وتكثر في مناطق الطرح البراكين والزلازل والسلاسل الجبلية[٢].


كيفية حدوث الطمر

كما ذكرنا سابقًا، فإن الصفيحة المحيطية هي الصفيحة الوحيدة التي يمكن أن تحدث لها عملية الطمر، ويحدث الطمر لها لأنها أكثر كثافةً وبرودةً من الصفائح القارية، وعند التقاء صفيحتين محيطيتين تنزلق الصفيحة الأكبر عمرًا وتتحرك لأسفل الصفيحة الأصغر؛ وذلك لأن الصفائح المحيطية تكون حارةً ورقيقةً في بداية حياتها، وبمرور الوقت تتحرك هذه الصفائح تدريجيًا بعيدًا عن منتصف المحيط؛ الذي يعد مكان ولادتها، وتؤدي هذه الحركة لانخفاض درجة الحرارة الكلية للغلاف الصخري المحيطي؛ الأمر الذي يؤدي إلى تصلب المواد الموجودة أسفل الصفيحة، كما تصبح أكثر سمكًا كلما ازدادت صلابة الصخور الموجودة تحتها؛ إذ تتقلص الصخور عندما تصبح أبرد؛ لذلك يزداد سمك الصفيحة وتزداد كثافتها، وهو ما يجعلها تنخفض إلى مستوى أقل من مستوى الصفائح المحيطية الأصغر الأكثر سخونةً أو الصفائح القارية، ورغم أن هذه العملية تُعزى إلى حركة الصفائح التكتونية؛ فقد افترض بعض علماء الجيولوجيا أن الصفائح القديمة جدًا من الممكن أن تغرق بسرعة ودون سابق إنذار نظرًا لحالتها الأكثر كثافةً[٣].


الخنادق المحيطية

الخندق المحيطي هو انخفاض طويل وضيق في قاع البحر، وهي أعمق أجزاء قاع الميحط؛ إذ يصل إلى ما يقارب 7,300 إلى أكثر من 11,000 متر، وتتشكل الخنادق المحيطية العميقة في المواقع التي تنحني فيها صفيحة لتبدأ عملية الطمر تحت صفيحة أخرى، وأعمق هذه الخنادق هو خندق ماريانا الذي يقع شرق جزر ماريانا في غرب المحيط الهادئ الشمالي، ويبلغ عمقه حوالي 11,034 مترًا تحت مستوى البحر وعادةً ما تقع هذه الخنادق متوازيةً مع أقواس الجزر المجاورة أو سلاسل الجبال في الحواف القارية؛ أي في المواقع التي تنزلق فيها صفيحة تحمل قشرةً محيطيةً تحت صفيحة فوقية بسبب قوة الجاذبية، والنتيجة هي انخفاض طبوغرافي؛ إذ تتلامس الصفيحة المحيطية مع الصفيحة الفوقية التي قد تكون محيطيةً أو قاريةً؛ فإذا كانت محيطيةً سيتشكل قوس الجزيرة، وتتشكل جزر ذات براكين متفجرة على الصفيحة الفوقية، أما إذا كانت الصفيحة الفوقية قاريةً سيتشكل خندق ثانوي.

ومن بين 20 خندقًا رئيسيًا للأرض يوجد 17 خندقًا منها في المحيط الهادئ، وهي منطقة واسعة مليئة بالخنادق الثانوية وأقواس الجزر؛ إذ تتواجد الخنادق الثانوية لتربط بين الساحل الغربي لأمريكا الوسطى والجنوبية من خليج كاليفورنيا إلى جنوب جمهورية تشيلي، ورغم أنها تتواجد على أعماق كبيرة؛ إلا أنّها تقع على طول الهامش القاري لأمريكا الشمالية من شمال كاليفورنيا إلى الحدود الكندية، كما عُثر على نمط معقد من أقواس الجزر في أندونيسيا، ويوجد أقواس جزر في المحيط الأطلسي كذلك بين أمريكا الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية[٤].


آثار عملية الطمر

من الآثار الناتجة عن عملية الطمر الزلازل والبراكين وأمواج تسونامي؛ إذ لا يمكن أن تمر حركة الألواح القارية والمحيطية دون أن يلاحظها أحد على سطح الأرض، وفي التالي شرح عنها[٣]:

  • الزلازل: عندما تغرق الصفيحة الأكثر كثافةً وتُطمر تحت صفيحة أخرى؛ فإن معظم العلماء يصفون عملية الطمر كنشاط يتميز بقدر عالٍ من الاحتكاك، وبينما تتحرك الصفيحة السفلية أسفل الصفيحة الأقل كثافةً؛ فقد تتواجد بعض أجزائها على الصفيحة العلوية، وينتج عن هذا طاقة لا يمكن إطلاقها إلا بطريقة واحدة هي الزلازل، وبسبب حدوث الطمر والاندماج على طول خطوط حدود الصفيحة تزداد احتمالية حدوث زلزال قوي للغاية؛ فقد حدثت أكبر الزلازل المسجلة على الإطلاق في مناطق الطمر، ومن الأمثلة على ذلك زلزال تشيلي العظيم عام 1960 بقوة 9.5، وزلزال المحيط الهندي عام 2004 الذي بلغت قوته بين 9.1 و9.3، وزلزال توهوكو الياباني عام 2011 الذي بلغت قوته كذلك ما بين 9 و9.1، ويعزى سبب هذه الزلازل الشديدة إلى حجم الصدع فقط؛ إذ أكد العلماء وجود علاقة إيجابية بين حجم خط الصدع وقوة الزلزال، وتتواجد بعض أكبر خطوط الصدع في العالم في مناطق الانقسام، أما خطوط الصدع الأصغر نسبيًا فعادةً ما تولّد هزات أقل قوةً وتأثيرًا.
  • النشاط البركاني: من الآثار الجانبية الأخرى لعملية الطمر هي تشكل البراكين، فضلًا عن زيادة النشاط البركاني فوق مناطق الطمر؛ إذ تحدث هذه البراكين التي تنشأ في منطقة الطمر في أحد التكوينين؛ قوس الجزيرة الذي ينتج عندما تتحرك صفيحة محيطية تحت صفيحة محيطية أخرى، أو القوس القاري الذي ينتج بدوره عندما تتحرك صفيحة محيطية تحت صفيحة قارية، وغالبًا ما يحدث النشاط البركاني كنتيجة لعملية الطمر لأن الصفيحة الفوقية تُنتج المواد المنصهرة أثناء انتقالها إلى درجات الحرارة العالية الموجودة في طبقة الستار، وهذه المواد المنصهرة الساخنة للغاية تذوّب الصفيحة الفوقية، وتعرف هذه المواد المذابة باسم الصهارة أو الحمم البركانية، ويقتصر ثلاثة أرباع النشاط البركاني على الأرض في منطقة تعرف باسم منطقة الحزام الناري في المحيط الهادئ على شكل حلقة، وتتحرك على طول السواحل الواقعة غرب الأمريكتين وعلى طول السواحل الواقعة شرق قارة آسيا وجزر المحيط الهادئ، ويعتمد الجيولوجيون على هذه المنطقة للحصول على معلومات ذات قيمة تتعلق بالربط بين مناطق الانقسام والبراكين والزلازل.
  • أمواج تسونامي: فضلًا عن الزلازل والنشاط البركاني؛ يُنسب أيضًا تشكل أمواج تسونامي إلى عملية الطمر، وتعرف تسونامي بأنها الأمواج الكبيرة والخطيرة الناتجة عن مختلف الأنشطة الجيولوجية مثل الزلازل وغيرها الحاصلة على السواحل أو بالقرب منها، ونظرًا لأن مناطق الطمر تقع عادةً على طول السواحل، فإن الزلازل الناتجة عن حركة الصفائح التكتونية غالبًا ما تسبب أمواج تسونامي التي تخرب البيئات الساحلية والمستوطنات الحضرية، وهذه الحركة المفاجئة في قاع المحيط تؤدي إلى نزوح المياه التي تتحرك بدورها نحو الشاطئ في أمواج عالية للغاية، وقد تحدث تسونامي على مدى بضع دقائق؛ إذ يندفع الماء المرتفع إلى الأراضي القريبة، كما يمكن أن يحدث هذا النشاط الموجي لساعات بعد تسجيل زلزال في منطقة الطمر[٣].


المراجع

  1. "Subduction: Definition & Process", study, Retrieved 10-1-2020. Edited.
  2. "What does SUBDUCTION mean?", definitions, Retrieved 11-1-2020. Edited.
  3. ^ أ ب ت Amber Pariona, "What Is The Process Of Subduction?"، worldatlas, Retrieved 12-1-2020. Edited.
  4. "Deep-sea trench", britannica,25-7-2016، Retrieved 12-1-2020. Edited.

فيديو ذو صلة :