سبب تسمية الدولة العثمانية

سبب تسمية الدولة العثمانية

الإمبراطورية العثمانية

تُعد الإمبراطورية العثمانية من أعظم الإمبراطوريات التي نشأت في آسيا الصغرى، ونمت لتصبح في القرنين الخامس والسادس عشر الميلادي من أقوى الإمبراطوريات العالمية؛ إذ تشكّلت في بدايتها من اتحاد القبائل التركية في مناطق الأناضول، أما عن العمر الذي حكمت فيه الإمبراطورية العثمانية؛ فقد ناهز الستة قرون متواصلة، إلى أن انتهى نفوذها العالمي في مطلع القرن العشرين؛ لتستبدل بالدولة التركية الحديثة، أما عن أوج قوّتها؛ فقد امتدت في مناطق شاسعة من قارة آسيا، ومعظم مناطق الشرق الجنوبي من قارة أوروبا حتى وصلت إلى مشارف مدينة فيينا بما في ذلك مناطق البلقان، والمجر، وأجزاء من دولة أوكرانيا، واليونان أيضًا، وشمل النفوذ العثماني في آسيا الكثير من البلدان العربية، مثل سوريا، والعراق، وفلسطين، ومصر، ومن الشمال الأفريقي وحتى أقصى الغرب، كما تبعت لها أجزاء واسعة من شبه الجزيرة العربية، ولم تقف الإمبراطورية العثمانية من القوة عند هذا فحسب؛ بل إن التاريخ يحكي الكثير مما يتعلق بها من قصص، بما في ذلك بداية نشأتها والسبب وراء تسميتها، وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال[١].


سبب تسمية الدولة العثمانية

سُميت الإمبراطورية العثمانية بهذا الاسم نسبةً إلى مؤسسها عثمان الأول، وهو الزعيم الأول لقبائل الأتراك في مناطق الأناضول، وذلك عام 1299 للميلاد، ثم شكّلوا حكومة رسمية بدأت بتوسعة النفوذ العثماني في مناطقهم، فكان لعثمان الأول وأورهان وبازيد ومراد الأول يد الفضل الأولى في هذا التوسع، ثم استمر التوسع حتى جاء القائد العثماني محمد الفاتح؛ ليستمر على عصره التوسع بتسارعٍ أكبر؛ إذ أنهى عصر الألف عام من الحكم البيزنطي للقسطنطينية قديمًا، وذلك عام 1453 للميلاد؛ ليطلق عليها اسم إسطنبول التي تعني مدينة الإسلام؛ لتُتَوّج بذلك عاصمةً للإمبراطورية العثمانية، وتصبح ذات مكانة عظيمة في التجارة والثقافية على المستوى العالمي.

بعد وفاة السلطان العثماني محمد الفاتح عام 1481 للميلاد؛ تولّى نجله بايزيد الثاني مقاليد الحكم للإمبراطورية، لتستمر التوسعات العثمانية وتشمل سوريا ومصر وفلسطين بعد أن تولى سليم الأول ابن بايزيد الحكم عام 1517 للميلاد، أما في عهد سليمان العظيم فقد أصبحت الإمبراطورية العثمانية في أوج قوّتها وثروتها، وذلك بين عاميّ 1520 وحتى عام 1566 للميلاد، ولم يكتفِ بذلك المجد دون أن يكون للإمبراطورية العثمانية ثقافتها الفريدة، والفنون الأدبية المميزة، كما قاد حملات التوسّع العثماني حتى وصلت طلائعها التخوم الأوروبية والأفريقية؛ لتبسط نفوذها في مناطق واسعة من الشرق الأوروبي، والشمال الأفريقي[٢].


الأنشطة المختلفة في الدولة العثمانية

أدى الفتح الإسلامي للبلاد وهيمنة الدولة العثمانية على القوّة العظمى إلى السيطرة على الكثير من الموانئ التجارية في العالم، بينما كان لهم منفذ وحيد في البحر الأسود استبُعدت منه السفن العالمية بما في ذلك السفن الروسية آنذاك، ليبدأ النشاط التجاري بالازدهار الكبير بين أنحاء الإمبراطورية العثمانية، واستولت إسطنبول على الريادة التجارية في ذلك الحين، بينما كانت القاهرة تهيمن على تجارة التوابل والأقمشة الهندية والبن اليمني، كما أن رجال الأعمال في بورصة وحلب باعوا أقمشة الحرير إلى الإمبراطورية، أما دمشق فقد كانت المدينة التجارية الرائدة على طريق الحجاج إلى بيت الله الحرام، أما عن البناء المعماري فقد كانت الدولة حريصة على صناعة حديد التسليح الهام لهذا الغرض؛ مما جعل من فيلق الهندسة المعمارية للإمبراطورية المسؤول الأول عن كل ما يتعلق بالجانب المعماري للبلاد من شراء المواد، وتصميم المنشآت، وما إلى ذلك من أمور[٣].


الثقافة والعلوم

لم يترك سلاطين الإمبراطورية العثمانية الدولة تسير في اتجاهٍ واحد، بل كان لهم اهتمام بمختلف المجالات؛ بما في ذلك الجانب العلمي والثقافي، إذ عُرف العثمانيون بالكثير من الإنجازات العظيمة في مجالات الطب، والفن، والعلوم المختلفة؛ مما جعل من إسطنبول وما يوازيها من المدن الكبرى التابعة للإمبراطورية مركزًا من المراكز الكبيرة في العلوم والثقافة، لا سيما في عهد السلطان سليمان العظيم، أما عن أشكال الفن التي انتشرت في البلاد؛ فقد كان الرسم والخطّ والشعر والنسيج والموسيقى والخزف من أشهر أشكال الفنون العثمانية، كما أن للقطاع المعماري في الدولة دوره الهام في إظهار الفن والحضارة العثمانية بالكثير من الميادين التي ظهرت جليةً في بناء القصور الملكية، والمساجد، والمباني العامة، ولم يتخلّف العثمانيون عن العلوم الأخرى، فقد برعوا في مجال الرياضيات المتقدمة، وعلوم الفلك، والفيزياء، والفلسفة، فضلًا عن الكيمياء والجغرافيا، كما أحرزوا الكثير من الإنجازات الطبية المميزة؛ فاخترعوا العديد من أدوات الجراحة التي لا تزال تستخدم حتى يومنا هذا[٢].


ضعف الإمبراطورية وسقوطها

مع بزوغ فجر القرن السابع عشر بدأت شمس العثمانيين بالأفول؛ إذ بدأت تفقد الكثير من هيمنتها على القارة الأوروبية، سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية، وبالوقت ذاته شهدت أوروبا نهضتها وفجر الثورة الصناعية، كما ساهمت العديد من الأسباب الأخرى في إضعاف العثمانيين، مثل الاضطرابات الداخلية، وضعف القيادة، والتنافس التجاري مع الهند والقارتين الأمريكيتين، ثم خسارتهم في معركة فيينا عام 1683 للميلاد، ثم توالت الخسائر في الإمبراطورية بفقدانها الكثير من أراضيها، واستقلال العديد من الدول عنها؛ بما في ذلك بلغاريا واليونان، وصربيا، ثم فقدت النفوذ الأوروبي كلّه خلال الحروب التي وقعت عاميّ 1912-1913 للميلاد.

أما في بداية الحرب العالمية الأولى، فقد كانت الإمبراطورية العثمانية قد ضعُفت بالفعل، كما أنها اشتركت في حلفها مع الدول الوسطى بما فيها النمسا والمجر وألمانيا، وذلك عام 1914 للميلاد، وكان نتاجها خسارة الحرب عام 1918 للميلاد، ثم قُسمت أراضي الدولة الشاسعة بين الأطراف المنتصرة، وهي بريطانيا وفرنسا وروسيا واليونان، وذلك بموجب معاهدة بينهم، وفي عام 1922 للميلاد سقطت الإمبراطورية العثمانية رسميًا بعد حكم يناهز 600 عام، وأُسقط لقب السلطان عن حاكم البلاد لتولد منذ ذلك الحين الدولة التركية الحديثة التي أُعلنت جمهورية تركية مستقلة عام 1923 للميلاد، ولا يزال الأتراك يستذكرون تاريخ بلادهم المشرق الذي امتد لمئات السنين؛ فيبقى تراثًا غنيًا بالكثير من الفنون والعمارة والتسامح الديني والقوة العسكرية التي لا تجارى، لتقف الكثير من المعالم العثمانية شاهدةً على حضارتهم الخالدة[٢].


المراجع

  1. "Ottoman Empire", britannica, Retrieved 30-12-2019. Edited.
  2. ^ أ ب ت "Ottoman Empire", history, Retrieved 30-12-2019. Edited.
  3. "The Greater Ottoman Empire, 1600–1800", metmuseum, Retrieved 30-12-2019. Edited.

فيديو ذو صلة :