الفلسفة الحديثة
تتعدد الآراء حول تفسير مصطلح الفلسفة الحديثة، فالبعض يرى بأنها وضع العلوم الحديثة والفنون تحت مجهر الدراسة والبحث لغايات الوصول إلى نظرية عامة وشاملة حول الحياة، وبذلك فإن الفلسفة تعد بمثابةِ الوسيلة المثالية لتحديد أبعاد الحياة الفضلى، كما أشارت آراء أخرى إلى أنها تقنية مستحدثة تهتم بتسليط الضوء على المنطق والعصر الحديث بصورة عامة من حيث طبيعة العقل البشري والذكاء بشقيه الطبيعي والاصطناعي، كما تحظى اللغة أيضًا بالاهتمام الكبير في ذات السياق.[١]
لا بد من الإشارةِ إلى أن الفلسفة الحديثة تتمتع بمكانة مرموقة في تاريخ الفلسفة منذ اللحظةِ الأولى لولادتها في ربوع اليونان، ويعد الإنسان محور الحديث الأول في هذا السياق، إذ تحرص كل الحرص على إعلاء الشأن الإنساني وقيمته ومكانته في المجتمعات، وقد جاء ذلك على هامشِ الأوضاع العصيبة التي عاشها الإنسان في بداية عهده، أما صاحب اللمسات الأولى لهذه الفلسفة فهو ديكارت؛ فتقديمه للفلسفة الحديثة قد أحدث تغييرًا عظيمًا في التاريخ البشري والفلسفي على حد سواء.[٢]
نشأة الفلسفة الحديثة
يعود تاريخ ظهور الفلسفة الحديثة إلى تلك الفترة التاريخية المُعَنونة باسم العصر الحديث، إذ عاش الإنسان في هذه الفترة تحت تأثير الثقافة العقلانية الليبرالية؛ أي المتحررة من القيود الدينية في العصور الوسطى تحديدًا، وقد ساهم انتشار الأجواء الديمقراطية في ترسيخ جذور العديد من المفاهيم منها التحرر من السلطة والاهتمام بالجانب العلمي، فتمكنت الفلسفة بفضل ما تقدم من الانفصال التام عن اللاهوت وانقضاء عصر الفلسفة المدرسية لتظهر محلها الحقائق العقلية المختلفة تمامًا عن الحقائق الدينية.
من الجديرِ بالذكرِ أن مشكلة المعرفة كانت محور اهتمام الفلسفة الحديثة حتى اعتُبِرت القلب النابض لها، فأصبح الاهتمام الأول للذات بعد التحرر التام من السلطة الدينية، وقد توجهت أنظار ديكارت وبيكون في رسم أبعاد هذه الفلسفة وترسيخ جذورها بعيدًا عن الإطار النظري للتفكير والارتكاز على الجانب العقلي، فبذل المؤسسون قصارى جهودهم للوصول إلى وسيلة عقلية مستحدثة في البحث.[٣]
عوامل نشأة الفلسفة الحديثة
تعددت وكثُرت العوامل الكامنة خلف نشأة الفسفة الحديثة، ومنها[٤]:
- العوامل التاريخية، إذ ساعدت الظروف التاريخية السائدة على ظهور هذا المصطلح وإنضاجه بصورة ملحوظة، ومن أبرز المواقف التي ساهمت في ذلك هي محاولات الإسبان في استعادة الأندلس من يد المسلمين في نهايات القرن الخامس عشر، فتمكنوا من الاستيلاء على التراث العربي الموجود هناك والتلاعب به.
- نشأة حركة الكشوف الجغرافية، إذ تمكن في تلك الفترة ماجلان من رفع الستارِ عن رأس الرجاء الصالح واكتشاف الطريق المؤدي إليه، فتمكنت أوروبا من اكتشاف طرق متعددة موصلة إلى الهند ودول شرق آسيا.
- اتساع نطاق الآفاق الفكرية والفنية والأدبية، فأصبح الفكر الأوروبي عالميًّا بعد أن كان سجين تلك القارة الصغيرة.
- ازدياد حركات الاستيطان والتجارة العالمية، فساهم في اتساع نطاق الإبداع الإنساني العالمي.
- ازدهار الروح العلمية الحديثة ونموها بنسبة كبيرة، فاندلعت الثورة العلمية على يد مكتشف النظام الشمسي العالم البولندي كوبرنيقوس.
المراجع
- ↑ "تاريخ الفلسفة الحديثة "، موسوعة كله لك، اطّلع عليه بتاريخ 9-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سفيان البراق (19-7-2018)، "الفَلسفة الحديثة.. كيفَ السبيلُ لاستيعابِها؟"، مدونة الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 9-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سوسان إلياس ، "الفلسفة الحديثة"، الموسوعة العربية ، اطّلع عليه بتاريخ 9-5-2019. بتصرّف.
- ↑ أشرف حسن منصور (12-12-2010)، "الفلسفة الحديثة: عوامل نشأتها وخصائصها العامة"، الحوار المتمدن، اطّلع عليه بتاريخ 9-5-2019. بتصرّف.