مفهوم صراع الحضارات

مفهوم صراع الحضارات

الحضارات المتعاقبة

لقد مر العالم على مدى سنوات طويلة بما يعرف بالحضارات المتعاقبة التي كان لها أثر بارز في التاريخ، وما زالت بعض مظاهرها المعمارية والفنية والأدبية ظاهرةً حتى يومنا هذا، وتعرّف الحضارة على أنها إنتاج فكري ومادي وثقافي وديني وسلوكي، من قبل الأفراد الذين تواجدوا في حقبة زمنية معينة، ليتراكم عبر السنين مشكّلًا الحضارة، وقد تُبنى الحضارات على ما سبقها، ولا تتلاشى في لحظة واحدة بل تحتاج سنوات طويلة، ومن المفاهيم التي تشكل جدلًا في عالمنا المعاصر اليوم ما يُعرف بصراع الحضارات الذي سنناقشه في هذا المقال[١].


مفهوم صراع الحضارات

صراع الحضارات أو صدام الحضارات، هو حالة من الاختلافات التي ينشأ عنها عدوان وأذية قد تصيب أبناء الحضارة أو أرضهم وممتلكاتهم، وقد وُجد هذا المفهوم قديمًا منذ عدوان الحضارات المختلفة واقتتالها على الأرض أو الممتلكات أو الدين، وفي وقتنا الحاضر اليوم فإنّ هذا المفهوم قد انتشر انتشارًا كبيرًا بعد أن تنبأ الكاتب صموئيل هتنغتون في كتابه المعروف باسم "صدام الحضارات" بالصراع الذي سيحدث بين العالم الغربي والمجتمعات المتقدمة وبين الحضارة الإسلامية، إذ إنّ الأحداث الكثيرة التي أعقبت صدور هذا الكتاب قد عززت من مفهوم صدام الحضارات وجعلته فكرة متقبلة، أما عن أسباب هذا الصدام فيمكن إرجاعها إلى ما يأتي[٢]:

  • اختلافات المصالح؛ فالحضارات المختلفة تسعى للبقاء والخلود أطول فترة ممكنة، وكيفما كانت الوسائل التي تمكنه من ذلك، فكل حضارة تسعى للحفاظ على الأرض والتاريخ والممتلكات والتوسع والزيادة، وإن كلفها ذلك صدام واقتتال مع حضارة أخرى تسعى للغاية ذاتها.
  • الاختلافات الفكرية والثقافية والتي تعزز مفهوم العنصرية عند بعض الشعوب وتبعد فكرة تقبل الآخر واحترام اختلافاته.
  • التخوف من فكرة الدين الإسلامي الصاعد الذي يحكم بشرعية ومنهجية واضحة، وهذا كان واضحًا في تخوف حضارات الروم والفرس وغيرها منذ بداية انتشار الإسلام، ولا زال واضحًا اليوم؛ فالدين الذي يكبر ويستقطب أبناء الحضارات المختلفة سيظل مصدر تخوف، خاصة وأنّه ليس مجرد انتماءات بل هو سلوك وشريعة.


الإسلام لا يسعى للصراع

إنّ الدين جزء من الحضارة، كما أنّ الحضارة الإسلامية التي ترتكز على رسالة الإسلام، يجب أن تكون حضارة سمحة وتكون رسالة السلام فيها واضحة؛ فالدين الإسلامي هو دين الناس كافة وإنما وُجد لعمارة الأرض وإحقاق العدل وتحقيقًا لمبدأ الاستخلاف، لذلك كان الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه يتبعون نهج الدعوة للدين بالسلم، ولا يهدمون مبنى لأهل غير طائفتهم ولا يمنعنوهم من عباداتهم، ولا يحرقون علومهم ولا كتبهم، ولا يزدرونها، فكم من العلوم غير العربية التي استفاد منها العرب والمسلمون، وكم من مباني موجود اليوم في دولنا الإسلامية تعود لحضارات زائلة!

لذلك فإنّ الخطاب الذي يدّعي بأن صراع الحضارة الإسلامية مع غيرها يجب أن لا يخرج من بلاد الإسلام والمسلمين، يمكن الردّ عليه بأنّ الإسلام لم يكن يومًا داعيًا للهدم ولا النزاع، وربما كان ما يحدث من مشاهد نزاع هي حجة لتحقيق نزاع المصالح أكثر من نزاع الأديان[٣].

المراجع

  1. "في ما يسمى "صدام الحضارات""، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-8. بتصرّف.
  2. عبد الله على العليان، "صدام الحضارات.. ما هي أسبابه"، آراء، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-8. بتصرّف.
  3. عبد الله إبراهيم العسكر، "صراع الحضارات"، جريدة الرياض، اطّلع عليه بتاريخ 2019-4-8. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :