مظاهر الفقر
إن الفقر ظاهرة قديمة وليست جديدة، تنتج عن العديد من الأسباب وتؤدي إلى العديد من المظاهر التي ترتبط بها، وفي ما يلي ذكر لبعض هذه المظاهر[١]:
- التعليم غير المُلائم واختلاف جودة التعليم بين الدول النامية والدول المُتحضّرة، وحتى بين الأحياء الغنيّة والأحياء الفقيرة في البلد ذاته، فالأطفال يذهبون للمدارس ذات المرافق السيئة التي ينقصها الكثير من الاحتياجات الأساسية، إلّا إنَّ أطفال المدن يتمتّعون بتجربة وسائل وطرق تعليم مُميزةً تمنحهم الفرصة للازدهار طوال حياتهم، ومع استمرار هذا التقصير في التعليم تستمر دورة الفقر نظرًا لأن الأطفال ينشؤون في بيئة تفتقر لسهولة تلقّي التعليم، فيُصعّب عليهم التعلُّم والدعم الذي سيخرجهم من هذه الظاهرة.
- انتشار الأمراض سريعًا نتيجة سوء الرعاية الصحيّة أو فقدها تمامًا، إذ تفتقر الدول النامية للرعاية والتثقيف الصحي المُناسب مما يُصعّب على الأشخاص الاعتناء بأنفسهم، ومن أمثلة هذه الأمراض مرض نقص المناعة البشرية أو ما يُعرف بالإيدز، إذ أصيب به 40 مليون شخص حول العالم، كما أن هناك 350 - 500 مليون شخص يُصاب بالملاريا سنويًا، وينتج عنها مليون وفاة سنويًا 90% منهم من سكّان أفريقيا.
- سوء تقديم الرعاية الصحيّة في غالبية البلدان الفقيرة، إذ تتوفر القليل من الرعاية وقد لا تُقدّم نهائيًا، وبناءًا عليه قد تنتشر الرعاية العكسية أي أن الأشخاص ذوي الصحّة الجيّدة يحصلون على مزيد من الرعاية الصحيّة رغم قلّة حاجتهم لها، بالمُقابل يموت ما يُقارب 2.2 مليون طفل سنويًا نتيجة نقص الرعاية الصحيّة.
- التبعية وعدم القدرة على إعالة النفس والاعتماد عليها، مما يدفع هذه الدول للمزيد من الفقر نظرًا لعدم قدرتها على الوقوف لوحدها وإبقائها تحت تصرّف الدول القويّة والمُساعدات المؤقتة، وبناء الاستثمارات فيها.
- انتشار الجهل واللامبالاة مما يُقلل رغبة الأشخاص باكتساب المعرفة لتحسين مستوى معيشتهم ومعيشة الآخرين، فالتبرع على سبيل المثال بالأطعمة والملابس وتقديمها للفقراء سيُحسّن من ظروف معيشتهم، إلا أن هذا الأمر يحتاج للتثقيف الكبير الذي يزيد الشعور بالمسؤولية والرحمة تجاه الآخرين ومُساعدتهم.
مفهوم الفقر
يُشير الفقر إلى حاجة الناس وقلّة حيلتهم، وهذا المصطلح مُناقض للغنى ويدلّ على الحمل الثقيل الذي يقع على عاتق الفقراء نتيجة نقص المال والقصور في تحقيق الحاجات الأساسية للعيش، وكثيرًا ما يُذكر الفقر ويُحذَّر منه، بل إنَّ معظم الناس يفعلون ما بوسعهم ويبذلون قصارى جهدهم كي لا يصلوا لهذه المرحلة، علمًا أنّ البعض يلجأ للتصرفات غير أخلاقية ليحصل على المال مثل السرقة والنصب والاحتيال وممارسة المُحرّمات، وهذا غير مقبول أيضًا، وقد ورد في القرآن الكريم عدّة آيات أشارت للفقر وآثارة على الناس ومنها قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268]، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأحاديث التي ذُكر فيها الفقر وآثارة الوخيمة على المُجتمع، إذ يحثّ المسلمين على العمل بجدّ للخروج من دائرة الفقر، فالفقر يزيد الهمّ والحزن في قلب الفقير ما يؤدي لانشغاله عن العبادات والذكر[٢].
نتائج الفقر
للفقر عدّة نتائج تظهر مُباشرةً على المُجتمع والأفراد والأطفال، إذ تنتقل نتائج الفقر من الأب للأبناء ثمَّ من جيل إلى جيل، ما يخلق البطالة ويقلل الدخل الذي يؤمِّن أساسيات الحياة، كما يضطر الأطفال للعمل لتوفير دخل للأسرة، وعليه فإن نتائج الفقر شاسعة المدى وفي ما يلي بعض منها[٣][٤]:
- التعرض لبعض الحوادث والأضرار نتيجة انهيار الأبنية والعمارات في بيئات العمل غير الآمنة.
- ازدياد أعداد المساكن الفقيرة والأحياة المُكتظّة بالسكان مما يؤدي لانتشار الأمراض.
- انتشار الأمراض التي يُسببها الغذاء غير الصحي والماء غير الآمن.
- ظهور التوتر الاجتماعي الذي يُهدد بتقسيم المجتمع لطبقات تبعًا لعدم مساواة الدخل، فعادةً ما تُحافظ الدول الغنية على استقرارها نتيجة وجود الطبقة الوسطى، ولكن بدأت العديد من دول الغرب تخسر الطبقة الوسطى مما أدى لظهور أعمال الشغب واشتباكات المواطنين.
- زعزعة استقرار البلاد واحتجاج المواطنين على نقص فرص العمل التي ترفع مستويات الفقر، ما يزيد مُعدّل الجريمة.
- تخلّف الأطفال عن الدراسة والخروج من المدرسة في سنّ مُبكرة قبل اكتمال المرحلة التعليمية.
- ظهور المشاكل السلوكية والعاطفية والاجتماعية لدى الأطفال نتيجة الظرف القاسية أو التعنيف أحيانًا.
- انتشار المشكلات التي تواجه أطفال العالم مثل: التشرد والتغذية غير الكافية وغير الصحيّة وتأخر النمو، عدا عن التسرب من المدارس والعدوانية.
- يؤثر الإجهاد المُزمن الذي يرتبط بالفقر والعيش السيء على تركيز الأطفال وذاكرتهم، الذي يؤثر أيضًا على قدراتهم التعليمية.
- ازدياد سوء المدارس الفقيرة ونقص مواردها التي تُمكّنها من توفير التعليم المُلائم للأطفال، ما يعني صعوبة تطوير الأطفال الفقراء لأنفسهم لينتشلوا نفسهم من هذه الدائرة.
علاج الفقر
في ما يلي بعض الطرق لعلاج الفقر والتخلّص منه[٥]:
- توفير فُرص عمل ووظائف للأشخاص من خلال بناء مصادر الطاقة المُتجددة وترميم المساكن القديمة، وإنشاء الاستثمارات التي تخلق فُرص عمل وتُنعش الاقتصاد الوطني.
- رفع الحد الأدنى للأجور للعمّال، نظرًا إلى أن هؤلاء الذين يعملون بالحد الأدنى للأجر لديهم عائلات تحتاج لدخل مُرتفع لتأمين الحاجيات الأساسية.
- الإعفاء الضريبي للسكّان الذين لا يمتلكون أطفالًا نظرًا إلى أن أغلب المزايا تُمنح لمن يمتلكون عائلات فقط.
- دعم مساواة الأجور وتقاربها، إذ إنّ سدّ فجوة الفرق هذه تُقلل الفقر.
- منح إجازات عائلية ومرضية مدفوعة الأجر للعمال، ليتمكّن العمال من مُمارسة حياتهم الطبيعية ومواجهة الظروف الصعبة خلال هذه الأيام دون أن يضطروا للتخلي عن أجرة يوم بسبب مرضهم أو ولادة أطفالهم أو مرض أحد أفراد العائلة.
- توفير فرص لرعاية الأطفال والتعليم المُبكر لهم مجانًا، إذ تُنفق مُعظم العائلات ثُلث دخلها لتوفير رعاية لأطفالهم أثناء تواجدهم في العمل.
- توسعة نظام الرعاية الصحية ليشمل الفقراء والمحتاجين، ما يسمح للأسر ذات الدخل المحدود بتغطية الاحتياجات الأساسية من دخلهم لا سيما فيما يتعلّق بالفواتير والإيجار ومصاريف الطعام، كما تُعدّ التغطية الصحيّة أمانًا للأشخاص ضد العواقب الاقتصادية الناتجة عن المرض والإصابات المُفاجئة بما فيها الفواتير الطبيّة غير المُسدَّدة.
المراجع
- ↑ Katherine Wyant, "5 COMMON MANIFESTATIONS OF POVERTY", borgenproject, Retrieved 21/12/2020. Edited.
- ↑ مقتدر حمدان عبد المجيد، "مفهوم الفقر"، بوابة البحث، اطّلع عليه بتاريخ 21/12/2020. بتصرّف.
- ↑ "Effects of Poverty, Hunger and Homelessness on Children and Youth", apa, Retrieved 21/12/2020. Edited.
- ↑ "EFFECTS OF POVERTY ON SOCIETY", borgenproject, Retrieved 21/12/2020. Edited.
- ↑ Rebecca Vallas ,Melissa Boteach (17/9/2014), "The Top 10 Solutions to Cut Poverty and Grow the Middle Class", americanprogress, Retrieved 21/12/2020. Edited.