تقرير عن المظاهر الاقتصادية والاجتماعية

تقرير عن المظاهر الاقتصادية والاجتماعية

العلاقة بين علم الاقتصاد والعلوم الاجتماعية

علم الاقتصاد هو أحد العلوم الاجتماعية؛ فهو العلم المهتم بدراسة السلوك الاقتصادي من وجهة نظر الإنسان، فضلًا عن دراسة طبيعة الثروة التي يُنتجها هذا الإنسان؛ أي أنه علم اجتماعي سلوكي؛ فالعلوم الاجتماعية تتداخل فيما بينها، فالاقتصاد حتمًا سيتأثر بالتغيرات الثقافية والاجتماعية والاخلاقية والنفسية، عدا عن استخدامه لعلوم أخرى كمنهج للتحليل والتقييم؛ كعلم الرياضيات على سبيل المثال، ومن الجدير بالذكر أن الدراسات الاقتصادية في معظمها تُعِد الجانب الاقتصادي ظاهرةً مستقلةً بعيدةً عن الجوانب الأخرى الاجتماعية؛ فاستقلالية الاقتصاد يجعله علمًا تقنيًا بعيدًا عن اهتمامه بالجوانب السلوكية، وتوجه علماء الاقتصاد في وضع القواعد التي هي على شكل علاقات رياضية فيما يتعلق بعمل الاقتصاد، ولكن في الأمر جانب عملي أهم من هذه القوانين، وهو ما يفسر أن فهم التاجر المتمرس لقوانين الطلب قد تكون أفضل من طالب درس الاقتصاد في الجامعة، وعليه لا بد من إعادة النظر في الكثير من النظريات الاقتصادية التي تقوم على عملية وصفية لفظية، أو طريقة رياضية ترتبط فيها المتغيرات الاقتصادية، أو عملية قياس تستنتج فيها العلاقات الكمية التي تربط بين المتغيرات الاقتصادية.

يعتمد الاقتصاديون على الطرق الرياضية والقياسية لإنتاج النظريات الاقتصادية، وهذه الطرق التي تستخدم ما هي إلا لمعرفة الثروة المادية الرقمية، لكن يصعب لجانب السلوك الإنساني أن يكون على هيئة أرقام ومعادلات، وهنا يحصل الخلاف في اعتبار الاقتصاد علمًا تقنيًا أو علمًا سلوكيًا يشكل أحد علوم الاجتماع؛ فالنظرية الاقتصادية تتجاهل في كثير من الأحيان الحياة الاجتماعية ومفاهيمها؛ كالفجوة الحاصلة بين الفقراء والأغنياء، وما يحصل من مجاعات وفقر في العالم هنا وهناك؛ إذ بدأت الأصوات تتعالى بضرورة إعادة النظرية المعرفية لعلم الاقتصاد لتقديم حلول للمشاكل والأزمات التي كانت نتيجةً لتفشي النظام الرأسمالي في العالم[١].


مظاهر اجتماعية مؤثرة في الاقتصاد

يُعِد بعض المحللين أن ثمة العديد من المظاهر الاجتماعية التي تفشت في المجتمعات وكان لها تأثيرات هامة في مجال الاقتصاد، والتي من أهمها حب الظهور والتباهي بالنفس؛ لدرجة أن البعض عدّها وباءً ينتشر بسرعة بين مجتمعات الشباب، وقد طال هذا الانتشار الطبقات الميسورة، والمتوسطة وحتى الفقيرة؛ إذ لوحظ وجود تداخل بين الرغبة والحاجة الأساسية لمتطلبات الإنسان؛ فالحصول على سيارة جميلة يصل ليكون أحيانًا أمرًا ضروريًا رغم عدم توفر الإمكانيات المادية لتحقيقه، وفي نفس السياق يمكن اعتبار اقتناء الأجهزة الخلوية عالية الثمن بين فئة طلاب الجامعات أمرًا ضروريًا، وهي في واقع الحال لم تكن موجودةً قبل فترة ليست ببعيدة، واقتناؤها ما هو إلا لمظهر اجتماعي لا أكثر ولا أقل، وفي أمر السيارات الفارهة أو الأجهزة الخلوية المتطورة لا يستطيع أصحابها تسديد فواتيرها أو أقساطها، ويعجزون فيما بعد عن تسديد مبالغ صيانتها.

يُعِد البعض أيضًا أن وجود مظاهر الطبقية في المجتمعات كأحد المظاهر الاجتماعية لها تأثير كبير في سلوكيات الناس؛ إذ يقول أحد طلاب الجامعات أنه يصعب عليه مواكبة بقية زملائه من ذوي الدخول الميسورة؛ إذ يُعِد نفسه من ذوي الدخول المتوسطة، وأن ثمة جانب نفسي يؤثر عليه على اعتبار أن الحكم على الآخرين يأتي من منظور مادي بحت، وما لديهم من أموال أو ممتلكات، وتقول إحدى السيدات أن التباهي في حفلات الزفاف والمنافسة الاجتماعية المرافقة لها أصبح أمرًا مرهقًا ماديًا للعائلات محدودة الدخل، ورغم عدم قدرة البعض على الوصول إلى مستوى معين من هذه الحفلات؛ فإنهم ينفقون مبالغ إضافية للوصول إلى هذا المستوى، وفي حديث آخر لطالبة جامعية أفادت بأنها تنفق في الشهر ما يزيد عن حوالي 300 دينار لمتابعة موضة الأزياء؛ إذ أشار والدها إلى أن أصدقاءها أيضًا لهم نفس النمط الاستهلاكي هذا، وأنه يوجد لهذا المظهر الاجتماعي أثر كبير على تحصيلهم الأكاديمي[٢].


المظاهر الاقتصادية والاجتماعية في التاريخ الإسلامي

القارئ في التاريخ الإسلامي يجد أن هناك عناصر سماها العلماء بعناصر الثورة الاقتصادية في الإسلام؛ فهي التي وضعت القواعد الخاصة بالعمل والإنتاج التي ضمنت تقدم المجتمعات الإسلامية في جميع أراضي الدول الإسلامية آنذاك، وهذه المظاهر نذكرها كما يلي[٣]:

  • المظاهر الزراعية: إذ كانت الزراعة هي المصدر الأول الممول للثروة، ففي بلاد الشام ومصر وأراضي العراق وبلاد فارس والمغرب العربي والأندلس كان اقتصاد المجتمعات قائمًا على الأساس الزراعي، أما الجانب التجاري المرتبط بالمنتجات الزراعية فقد كان محدودًا لصعوبة نقله.
  • المظاهر الصناعية: كان للصناعة وتنوعها جانب اقتصادي هام في الدولة الإسلامية؛ فالعديد من المعقتدات الدينية فيه تحث على العمل والإنتاج، وتُعد تقربًا إلى الله؛ فالرسول -عليه افضل الصلاة والسلام- قال: [إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ] [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: حسن].
  • المظاهر التجارية: بلغت التجارة أحسن أحوالها في العصر العباسي؛ إذ تنامت الصناعة، وبالتالي تنوعت السلع والأقاليم التي تنتجها، والأمر الذي سهّل هذه الحركة التجارية المزدهرة توحيد العملة في التعاملات التجارية، كما أن حفر الخلفاء الآبار والخانات والاستراحات المقامة في طريق القوافل أدى لوصول التجار المسلمين لأماكن بعيدة كبلاد السند والهند وإفريقيا.
  • المظاهر التنظيمية الاجتماعية: كانت الحضارة الإسلامية الرائدة في عمليات تنظيم أحوال الاقتصاد للدولة الإسلامية، ومن أهمها وجود بيت مال المسلمين الذي تتعدد موارده، وقد كان للدور الاجتماعي والتكافلي للمسلمين الأهمية الكبرى في تنامي هذا الاقتصاد؛ إذ إن المجتمع آنذاك بُني على أسس متينة أهمها: انتماء المسلمين لأمتهم والتفافهم حولها، فضلًا عن مظاهر المساواة بينهم بعيدًا عن اللون أو الجنس أو الثروة، وكذلك للحالة التعاونية بين أفراد هذه المجتمعات.


المظاهر الاقتصادية في المجتمع

تكمن أهمية الاقتصاد في الأصل عندما يؤثر في المجتمع؛ فمشاكل التضخم والبطالة عندما تتفشى في مجتمع ما ستكون مدمرةً لأفرداه، وإن تفادي الوقوع في هذه المظاهر الاقتصادية عبر سياسات حكيمة قد يحقق التعافي منها وبالتالي الوصول للرفاهية الاقتصادية، وعليه فإن الاقتصاد وتعافيه من أهم محركات تطور الإنسان والمجتمعات واستقراره يؤدي إلى تنامي ثقافات من شأنها جعل الإنسان أكثر عطاءً، وبدورها تقلل من نسب الظواهر الاجتماعية السلبية، كالفقر والجريمة والإرهاب والسرقة والفساد المالي أو الإداري [٤].


المراجع

  1. عمر علي باشا (23-3-2018)، "علم الاقتصاد وعلاقته بالعلوم الاجتماعية.."، aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.
  2. إسلام الشوملي (25-1-2011)، "المظاهر الاجتماعية الشكلية: اهتمام بالقشور ينتشر بين الشباب"، alghad، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.
  3. عبدالحليم عويس (22/10/2017)، "الحياة الاقتصادية في الإسلام"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 11-2-2020.
  4. مظلوم هادي (25-9-2019)، "أهمية وتأثير الاقتصاد في بناء المجتمعات"، xeber24، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :