محتويات
نظرية زحزحة القارات
الانجراف القاري أو زحزحة القارات هي نظرية علمية ثورية طورها ألفريد فيجنر في الأعوام 1908-1912، وهو عالم الأرصاد الجوية الألماني وعالم المناخ والجيوفيزيائي الذي طرح فرضية أنّ القارات كانت جميعها في الأصل جزءًا من كتلة أرضية هائلة أو مجموعة قارات هائلة الحجم قبل حوالي 240 مليون سنة قبل انقسامها وانجرافها إلى مواقعها الحالية، وبناءً على عمل العلماء السابقين الذين وضعوا نظريات حول الحركة الأفقية للقارات فوق سطح الأرض خلال فترات مختلفة من الزمن الجيولوجي، واستنادًا لملاحظاته الخاصة المستمدة من مختلف مجالات العلوم، وافترض فيجنر أنه قبل حوالي 200 مليون عام بدأت القارة العملاقة التي سماها قارة البانجيا ((Pangea) التي تعني "جميع الأراضي" في اليونانية بالتفتت، وعلى مدى ملايين السنين تفرقت القطع؛ أولًا إلى قارتين أصغر؛ أسماهما لوراسيا وجندوانالاند خلال الفترة الجوراسية، ثم في نهاية الفترة الطباشيرية إلى القارات التي نعرفها اليوم.
قدَّم فيجنر أفكاره لأول مرة في عام 1912، ثم نشرها في عام 1915 في كتابه المثير للجدل: "أصول القارات والمحيطات" الذي استُقبل بتشكك كبير ومعاداة، وراجع بعدها الإصدارات اللّاحقة من كتابه في 1920، و1922، و1929 ونشرها، وسعت نظرية فيجنر غير المكتملة رغم أنها غير صحيحة تمامًا وذلك باعترافه الخاص إلى توضيح سبب وجود أنواع متشابهة من الحيوانات والنباتات وبقايا الأحافير وتشكيلات صخرية على أراض متباعدة مفصولة بمسافات كبيرة من البحر، ولكنها كانت خطوةً مهمةً ومؤثرةً أدت في النهاية لتطوير نظرية تكتونية الصفائح، وهي الطريقة التي يفهم بها العلماء بنية وتاريخ وديناميات قشرة الأرض[١].
أدلة فيجنر على نظرية زحزحة القارات
ألهمت خريطة القارات سعي فيجنر لشرح تاريخ الأرض الجيولوجي؛ فقد تدرب كأخصائي للأرصاد الجوية، وكان مفتونًا بالتركيب المتشابك لشواطئ إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وجمع فيجنر بعد ذلك قَدرًا مثيرًا للإعجاب من الأدلة لإظهار أن قارات الأرض كانت متصلةً في شبه قارة واحدة، وعرف فيجنر أن النباتات والحيوانات الأحفورية مثل الميزوسور، وهي زواحف في المياه العذبة وجدت فقط في أمريكا الجنوبية وإفريقيا خلال فترة العصر البرمي، لكن يمكن العثور عليها في العديد من القارات أيضًا، كما يقابل الصخور على جانبي المحيط الأطلسي مثل قطع الأحجيات، فعلى سبيل المثال تتوافق جبال الأبلاشيان (الولايات المتحدة) وجبال كاليدونيان (اسكتلندا) معًا، كما تتوافق طبقات كارو في جنوب إفريقيا وسانتا كاتارينا في البرازيل، ورغم أدلة فيجنر المذهلة على الانجراف القاري، لكنه لم يعش إلى حين رؤية أن نظريته تحظى بقبول أوسع[٢].
النشاط التكتوني
لم يقبل العلماء نظرية فيجنر حول الانجراف القاري، فأحد العناصر الذي افتقرته النظرية هو آلية عملها؛ أي لماذا انجرفت القارات وما هي الأنماط التي اتبعتها في ذلك؟ واقترح فيجنر أن دوران الأرض قد تسبَّب بتحرك القارات نحو بعضها البعض وبعيدًا عن بعضها البعض، لكننا نعلم اليوم أن القارات ترتكز على ألواح صخرية ضخمة تسمى الصفائح التكتونية، وتتحرك الصفائح وتتفاعل معًا دائمًا في عملية تسمى عملية الصفائح التكتونية، ولا تزال القارات تتحرك حتى اليوم، ومن بين أكثر المواقع نشاطًا بتحرُّك الصفائح التكتونية المناطق التي تنتشر فيها قيعان البحار والأودية ذات الصدوع العملاقة؛ ففي حالة انتشار قيعان البحار ترتفع الصخور المنصهرة من داخل الأرض وتضيف قاعًا جديدًا (قشرة المحيطات) لحواف القاع القديم، ويُعد انتشار قيعان البحار أكثر شيوعًا على امتداد السلاسل الجبلية العملاقة تحت الماء التي تُعرف باسم تلال وسط المحيط، ومع ازدياد حجم قاع البحر تتحرك القارات الموجودة على جانبي التلال بعيدًا عن بعضها البعض، فعلى سبيل المثال تبتعد الصفائح التكتونية لأمريكا الشمالية والأوراسية من خلال منتصف المحيط الأطلسي، وتتحرك القارتان بعيدًا عن بعضهما البعض بمعدل 2.5 سم (1 بوصة) سنويًا.
أما الوديان المتصدعة فهي المواقع التي يحدث فيها تمزق للكتلة الأرضية القارية نفسها؛ فبالنسبة لإفريقيا على سبيل المثال سوف تنقسم في النهاية على طول وادي غريت ريفت، فما هو الآن قارة واحدة سيظهر كقارتين؛ واحدة على الصفيحة الإفريقية والأخرى على الصفيحة الصومالية، وستكون القارة الصومالية الجديدة غالبًا محيطيةً؛ إذ سيكون القرن الإفريقي ومدغشقر أكبر كتلها الأرضية، كما لم تكن عمليات انتشار قيعان البحار والوادي المتصدع والانقراض (حيث تغرق الصفائح التكتونية الأثقل تحت الألواح الأخف) واضحةً تمامًا حتى الستينيات من القرن العشرين، فقد كانت هذه العمليات هي القوى الجيولوجية الرئيسية وراء ما عرفه فيجنر بالانجراف القاري أو زحزحة القارات[٣].
قارات العالم
لم يكن شكل العالم في السابق كما هو الآن؛ فهو الآن يتكون من 7 قارات و5 محيطات والعديد من البحار، إلا أنّ هذه القارات السبع كانت في السابق قارةً واحدةً تُسمى قارة بنجايا، وكانت محاطةً بمحيط ضخم يدعى المحيط العظيم أو الأوقانيوس، ثم بدأت هذه القارة تنقسم إلى جزأين ثم زاد الأمر وانقسمت إلى عدة أجزاء وابتعدت عن بعضها، فتشكلت القارات التي نعرفها اليوم وفصلت بينها عدة بحار ومحيطات، وتوزعت هذه القارات كما يلي[٤]:
- قارة آسيا: توجد قارة آسيا في الجهة الشمالية من دائرة الاستواء باستثناء بعض الجزر كجزر الفلبين، وجزر أندونيسيا، وتحتوي هذه القارة على 47 دولةً و4 كيانات شبه مستقلة، كما توجد فيها أكبر دول العالم من حيث المساحة والسكان، فضلًا عن أصغر دول العالم.
- قارة إفريقيا: توجد هذه القارة بين دائرة عرض 34.5 في الجنوب ودائرة عرض 37.5 في الشمال، وبين خط طول 17 في الغرب وخط طول 51 في الشرق، ويقع شمالها البحر المتوسط بينها وبين قارة أوروبا، وفي الشرق البحر الأحمر والمحيط الهندي، بينها وبين قارة آسيا، وغربها المحيط الأطلسي.
- قارة أوروبا: توجد بين دائرة عرض 36 في الشمال ودائرة عرض 71 في الشمال كذلك، وبين خط طول 10 في الغرب وخط طول 66 في الشرق، وتقع شرقها قارة آسيا، وفي الغرب المحيط الأطلسي، أما جنوبها فيوجد البحر المتوسط، وشمالها المحيط المتجمد، ويشبه شكلها شبه جزيرة غير منتظمة بالشكل، وتبدو كأنّها تمتد من قارة آسيا في الغرب، وعدد دولها 49 دولةً أكبرها بالمساحة روسيا، تليها السويد.
- قارة أمريكا الشمالية: تقع بين دائرة عرض 7.5 في الشمال ودائرة عرض 83 في الشمال كذلك، وبين خط طول 53 في الغرب وخط طول 168 في الغرب أيضًا، ويقع شرقها المحيط الأطلسي والمحيط الهادي غربها، وفي جهة الجنوب الشرقي منها يقع كل من المحيط الأطلسي وخليج المكسيك، أما شمالها فيوجد المحيط القطبي الشمالي، وتحوي هذه القارة 37 دولةً أكبرها بالمساحة كندا ثم الولايات المتحدة الأمريكية، وهما من أهم دول العالم وأكثرها تقدمًا.
- قارة أمريكا الجنوبية: يشبه شكل هذه القارة المثلث، ويستمر امتدادها من الجنوبي إلى الدائرة القطبية الجنوبية، ويقع شرقها المحيط الأطلسي، والمحيط الهادي غربها، أما شمالها فيوجد البحر الكاريبي، وتحتوي على 38 دولةً وهي رابع قارات العالم مساحةً، وأكبر دولها مساحةً هي البرازيل.
- قارة أستراليا: هذه القارة هي مجرد جزيرة كبيرة الحجم تحيطها المياه من جميع جهاتها، فمن شرقها يوجد المحيط الهادي، وغربها المحيط الهندي، أما جنوبها يوجد المحيط المتجمد، وفي الشمال يقع بحر أرافور الذي يقع بينها وبين جزر إندونيسيا، وهي عبارة عن مجموعة جزر منها جزيرتي نيوزيلندا الشمالية ونيوزيلندا الجنوبية، فضلًا عن جزر صغيرة في المحيط الهادي، وتنتمي إلى هذه القارة 32 دولةً.
- القارة القطبية الجنوبية: هذه القارة هي مكان متجمد من العالم ولا يعيش فيها أي إنسان عدا وجود مراكز الأبحاث، والمناطق المقسمة بين بعض الدول التي لها بعض المصالح فيها كروسيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وإنجلترا، وتقع هذه القارة في أقصى جنوب الكرة الأرضية، وتحيط بها المياه من جهاتها الأربع، ومساحتها تزيد عن 12,3 مليون كم2، إلا أنّه لا يظهر منها في الصيف سوى280,000 كم2 فحسب.
نموذج عملي لشرح زحزحة القارات لطفلك
اتبعي الخطوات الآتية حتى تصنعي نموذجًا يُظهر حركة القارات وابتعادها عن بعضها:
- تحتاجين أولًا إلى ما يأتي:
- كرتونة بلون أزرق بقياس ورقة A3.
- كرتونة بلون أصفر بقياس A4.
- قلم خطاط باللون الأسود.
- قلم رصاص.
- مقص.
- الخطوات:
- ارسمي حدود القارات متصلةً باستخدام قلم الرصاص على الكرتونة الصفراء.
- دوّني اسم كل قارة بقلم التخطيط الأسود.
- قُصّي كلّ قارة على حدى عبر تتبّع خطوط قلم الرصاص.
- ضعي أجزاء القارة متصلة على الكرتونة الزرقاء، ثم دعي طفلك يراها.
- ابدئي بفصل القارات عن بعضها حتى يلاحظ طفلك انجرافها وابتعادها عن بعضها، مع تقديم شرح وافٍ له عن الأسباب.
المراجع
- ↑ Lisa Marder (24-7-2019), "The Continental Drift Theory: Revolutionary and Significant"، thought co, Retrieved 6-8-2019. Edited.
- ↑ "Continental Drift: Theory & Definition", live science, Retrieved 6-8-2019. Edited.
- ↑ "Continental drift", national geographic, Retrieved 6-8-2019. Edited.
- ↑ Sarah Tarek (2014-11-29)، " الدرس الأول : قارات العالم (الموقع - المساحة)"، sarah89tarek، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-24.