كيفية أداء العمرة للمرأة الحائض

كيفية أداء العمرة للمرأة الحائض

هل يمكن للمرأة الحائض أداء العمرة؟

لقد اختلف الفقهاء والعلماء على هذه المسألة بناءً على قصة سيدتنا عائشة -رضي الله عنها- عن أن المرأةَ إذا أحرمت بالعمرة فحاضت فهي لن تتمكن من الطواف، فورد أنه ل(ما حاضت عائشة رضي الله عنها، وقد كانت أهلت بعمرة فدخل عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي تبكي، قال: ما يبكيك لعلك نَفِسْتِ؟ قالت: نعم، قال: هذا شيءٌ قد كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي في البيت) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقد تنازع العلماء في قصة عائشة -رضي الله عنها- في إن كانت متمتعةً أو مفردةً؛ فإذا كانت متمتعةً فقد تكون رفضت عُمرتها، أو انتقلت إلى الإفراد ودخل عليها الحج وصارت قارنةً، واختلفوا أيضًا في موضع حيضها، وموضع طُهرها[١].


فالمرأة الحائض التي تريد العمرة يجب أن تحرم قبل الميقات فينعقد إحرامها ويصح، والدليل على ذلك: (إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ في النَّاسِ في العَاشِرَةِ، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَاجٌّ، فَقَدِمَ المَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا معهُ، حتَّى أَتَيْنَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي بَكْرٍ، فأرْسَلَتْ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كيفَ أَصْنَعُ؟ قالَ: اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بثَوْبٍ وَأَحْرِمِي)‏‏ [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ودم الحيض كدم النفاس فنقول للمرأة الحائض إذا مرت بالميقات وهي تريد العمرة أو الحج‏:‏ اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي، والاستثفار معناه أنها تشد على فرجها بمنديل وتربطه ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة، ولكنها إذا أحرمت ووصلت إلى مكة لا تأتي إلى البيت ولا تطوف به حتى تطهر، ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ لعائشة حين حاضت أثناء العمرة‏:‏ ‏(افْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ غيرَ أَلا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي‏)‏ ‏‏[صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


كما ذُكر في صحيح البخاري أن عائشة -رضي الله عنها- لما طَهُرَت طافت في البيت وبالصفا والمروة، فهذا يدل على أن المرأة إذا أحرمت بالعمرة أو الحج وهي حائض أو أتاها الحيض قبل أن تطوف فإنها تمتنع عن الطواف ولا تسعى إليه حتى تغتسل وتطهر من الحيض، أما لو طافت وهي طاهرة وبعد أن انتهت من الطواف جاءها الحيض فعليها أن تكمل وتستمر وتسعى ولو كان عليها الحيض وتقص من رأسها وتنهي عمرتها لأن السعي بين الصفا والمروة لا تُشترط له الطهارة[٢][٣].


أما خطوات أداء مناسك العمرة للحائض، فهي كما يأتي:

  • الإحرام قبل الميقات؛ والمقصود بالإحرام للمرأة هو ألا تضع طيبًا أو تتزين بكحلٍ ولا تقلم أظافرها ولا تقص من شعرها، وأن تستحم بالصابون غير المعطر، ويجوز لها أن تمشط شعرها ولكن بعناية وحذر لكي لا يسقط شيء من شعرها.
  • إذا تطهرت المرأة من الحيض، وجب عليها أن تذهب للبيت وتطوف سبعة أشواط ثم تسعى بين الصفا والمروة سبعًا أيضًا ومن بعدها تقص شعرها؛ فتأخذ من مقدمة رأسها ثلاث شعرات، بعد ذلك تتحلل مما كان محظورًا عليها من الكحل والطيب وغيره فيكون حينها مباحًا.
  • أما إذا عزمت الجماعة التي قد انضمت لها المرأة أو محرمها على الخروج والعودة إلى الديار وهي ما زالت حائضًا ولم تَطهُر؛ فعليها أن تتأزر جيدًا وتطوف وتسعى، ويستحب أن تذبح ولا يلزمها ذلك[٤].


ما هي شروط العمرة للمرأة؟

توجد شروطٌ عامةٌ لأداء مناسك العمرة للمرأة، وهي كما يأتي[٥][٦]:

  • الإسلام؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا} [التوبة: 28].
  • العقل؛ فلا عمرة على مجنون أو فاقد عقل أو قاصر كسائر العبادات حتى يفيق، لحديث علي بن أبي طالب عن النبي قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحلم) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • البلوغ؛ فلا تجب العمرة لمن لم يبلغ من الذكور والإناث وهذا الشرط أيضًا يستند للحديث السابق.
  • كمال الحرية؛ فلا تجب على مملوك أو عبد حتى يُعتَق.
  • الاستطاعة؛ فعن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال: الحج إنما يجب على من استطاع إليه سبيلًا بنص القرآن والسنة وإجماع المسلمين، ومعنى (استطاع إله سبيلًا) أي إنه ملك الزاد والراحة ووجد المال ومن لم يجد لن يوجبَ عليه الحج حتى وإن كانت بنيته الجسدية بصحة جيدة.
  • مرافقتها لمحرم؛ ودليل هذا الشرط حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ تُسافِرَ مَسِيرَةَ يَومٍ ولَيْلَةٍ ليسَ معها حُرْمَةٌ)[صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]. ومحرم المرأة هو زوجها، ومن تحرم عليه بنسب: كآبائها وأبنائها وإخوانها وأبناء إخوتها وأعمامها وأخوالها، ومن تحرم عليه بسبب المصاهرة (كزوج الأم، وزوج الابنة، وابن الزوج، وأبو الزوج) وأخوانها بالرضاعة.


من حياتكِ لكِ

لا يوجد لباس معين للمرأة المحرمة، فأحرمي كيفما شِئتِ لأنه لا توجد ملابس خاصة بالإحرام مثل الرجال كما يظن البعض، ويفضل أن تحرمي بملابس غير ملفتة للنظر ولا مزينة أو مزركشة لأنكِ سوف تختلطين بالرجال فلا يصح أن تلفتي أنظارهم، لذا ننصحكِ باللباس السادة العادي الذي ليست فيه فتنة، مع العلم أنكِ لو أحرمتِ بملابس جميلة فقد صح إحرامكِ ولكن الأفضل أن تتركي هذه الزينة وأنت تؤدين مناسك هذه الشعيرة لما يحدث من اختلاط مع الرجال[٧].


المراجع

  1. الإمام شمس الدين أبي عبدالله نحند بن أبي بكر ابن قيم الجوزية الدمشقي، زاد المعاد في هدي خير العباد -صلى الله عليه وسلم- (الطبعة الأولى)، لبنان: دار الكتب العلمية ، صفحة 218. بتصرّف.
  2. "ستون سؤالا عن أحكام الحيض، س54"، al-eman، اطّلع عليه بتاريخ 24-6-2020. بتصرّف.
  3. "الاغتسالُ"، الدرر السنية ، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2020. بتصرّف.
  4. "كيف تعتمر الحائض ؟"، fatawah، اطّلع عليه بتاريخ 24-6-2020. بتصرّف.
  5. د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني (2010)، مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، السعودية: مركز الدعوة والإرشاد - القصب، صفحة 69+70+71+72+75. بتصرّف.
  6. "شروح الأحاديث"، الدرر السنية ، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2020. بتصرّف.
  7. "فتاوى الحج للنساء "، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :