متى يكون وقت الزوال؟
وقت الزوال هو الوقت الذي تزول فيه الشمس من وسط السماء باتجاه المغرب، إذ إنّ الشمس تبدأ بالظهور من الشرق، ثم تبدأ بالصعود إلى أن تصل إلى منتصف السماء، وبعدها تبدأ بالنزول باتجاه الغرب، وهذا النزول للشمس تحديدًا هو ما يُعرف بوقت الزوال، وهو نفسه وقت صلاة الظهر[١].
الفارق الزمني بين الزوال الفلكي والفقهي
من المهم معرفة أنّ توقيت الزوال الفلكي مختلفٌ عن الزوال المعتبر فقهيًا، ويمكن أن نجد الفارق بينهما من خلال النصوص الدينية الواضحة الصريحة؛ إذ إنَّ النصوص النبوية الموضِّحة لوقت الظهر عيَّنته بزوال الشمس عن كبد السماء، وهذه دلالةٌ واضحةٌ على أن الزوال الفقهي يُدرَك بالحسّ، وبناءً على هذه العلامة يدخل وقت صلاة الظهر الذي يختلف قليلًا عن وقت الزوال الفلكي، ومن النصوص الواضحة والمهمة الدالّّة على ذلك الحديث المروي عن عمرو بن عبسة السلمي قال: (...قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ أَخْبِرْنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ وَأَجْهَلُهُ أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلَاةِ، قالَ: صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حتَّى تَرْتَفِعَ، فإنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بيْنَ قَرْنَيْ شيطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فإنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ، فإنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ، فإنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حتَّى تُصَلِّيَ العَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فإنَّهَا تَغْرُبُ بيْنَ قَرْنَيْ شيطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفَّارُ...) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
أمّا وقت الزوال الموضَّح في الرزنامة فهو وقت الزوال الفلكي، أيّ وقت توسُّط الشمس في قلب السماء، وليس وقت الزوال الشرعي الذي تدخل به صلاة الظهر، والفارق الزمني الذي يفصل بين الزوال الفلكي والشرعي وقتٌ معتبر، تميل فيه الشمس عن وسط السماء ميلًا واضحًا، والزوال الشرعي يكون بعد الزوال الفلكي بربع ساعة تقريبًا، إلا أنَّ معظم الدول تعتمد على ما يصدر عن مركز الفلك بخصوص تحديد هذا الوقت، ومراكز الفلك تعتمد وقت الزوال الفلكي لا الشرعي[٢].
سنة الزوال
يسَنُّ صلاة 4 ركعات وقت الزوال، فقد قال ابن القيم في زاد المعاد: "وَقَدْ يُقَالُ إنّ هَذِهِ الْأَرْبَعَ لَمْ تَكُنْ سُنّةَ الظّهْرِ، بَلْ هِيَ صَلَاةٌ مُسْتَقِلّةٌ كَانَ يُصَلّيهَا بَعْدَ الزّوَالِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد ُعَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ السّائِبِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يُصَلّي أَرْبَعًا بَعْد أَنْ تَزُولَ الشّمْسُ، وَقَالَ إنّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السّمَاءِ فَأُحِبّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ." وفي قوله هذا دلالة على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصلي صلاة الضحى، وإنما كان يصلي سنة الزوال وهي مختلفة عن سنة الظهر أيضًا، وقد قال ابن القيم في ذلك: "هذه الأربع صلاة مستقلة كان يصليها بعد الزوال، وورد مستقل سببه انتصاف النهار وزوال الشمس، وسر هذا ـ والله تعالى أعلم ـ أن انتصاف النهار مقابل لانتصاف الليل، وأبواب السماء تفتح بعد زوال الشمس ويحصل النزول الإلهي بعد انتصاف الليل، فهما وقتا قرب ورحمة، هذا يفتح فيه أبواب السماء، وهذا ينزل فيه الرب تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا"[٣].
المراجع
- ↑ "بيان وقت الزوال والضحى وعدد ركعاتها"، الإمام باز رحمة الله عليه، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-08. بتصرّف.
- ↑ أستاذ سفيان سنيان والدكتور على عزوز، تحديد الزوال الشرعي وأول وقت الظهر، صفحة 90-93. بتصرّف.
- ↑ "سنة الزوال"، إسلام ويب، 11/8/2010، اطّلع عليه بتاريخ 2020-12-09. بتصرّف.