مفهوم الدين لغة واصطلاحا

مفهوم الدين لغة واصطلاحا

مفهوم الدين لغة واصطلاحًا

فيما يأتي بيان لمفهوم الدين لغةً واصطلاحًا:

مفهوم الدين لغة

بحسب معجم العين فإنّ لفظ الدين يعني[١][٢]:

  1. الدِّيانة، أو جميع ما يُعبد الله به.
  2. الإسلام والمِلَّة.
  3. الاعتقادُ بالعقل والقول باللسان والعمل بالجوارح بجميع الأركان.
  4. الورع والحُكم والقضاء، وجمعه أديان وديون وأَديُن.

لفظ الدين مُستنبَط من الفعل الثلاثي (دان)، وهو يتعدّى بنفسه أو يتعدّى بحرف اللام أو الباء، ويختلف معناه باختلاف الحرف الذي يتعدّى به، فعندما يتعدّى بنفسه يكون الفعل (دانه) بمعنى ساسه، وملكه، وحبسه وقهره، وجازاه، وعندما يتعدّى باللام (دان له) يكون بمعنى أطاعه وخضع له، وعندما يتعدى بالباء (دان به) يكون بمعنى اعتاده، واتّخذه دينًا ومذهبًا، واعتقد به، وتخلّق به.

مفهوم الدين اصطلاحًا

يرتبط مصطلح الدين بمعناه اللغوي؛ لأنّ الدين يسوس أتباعه ويقهرهم بحسب شرائعه وتعاليمه، كما يعني خضوع العبد للمعبود والتذلّل إليه، والعبد ينقاد لمعبوده بدوافع نفسية، ويلتزم بتعاليمه من دون إجبار أو إكراه، وتعريف الدين ليس معياريًّا عند كلّ الناس؛ لأنّ كلّ واحد ينظر إليه من زاوية ويُعرّفه بتعريف خاصٍّ به، مثلًا قد يُعرّف البعض بأنّه التعاليم الإلهية التي ينقلها الوحي، وهذا التعريف يقصُر الدين على الدين السماوي فقط، وهذا تعريفه عند المسلمين.

يُعرّف غير المسلمين الدين بأنّه الأخلاق؛ فبحسب الفيلسوف (كانت) يُعرف الدين بأنّه الاعتراف بالواجبات الإنسانية كأنّها أوامر إلهية، ويرى المفكّر (رودلف إيوكن) أنّ الدين تجربة صوفية يتجاوز فيها الإنسان المتناقضات في الحياة، لكنّ هذه التعريفات تُعطي جانبًا واحدًا من الدين وليست شاملة أو دائمة؛ لأنّها أهملت العديد من الزوايا.

أرجح التعريفات للدّين أنّه اعتقاد بقداسة ذات، ومجموعة السلوكيات التي تدلّ على الخضوع للذّات المعبودة تذلّلًا وحبًّا، ورغبة ورهبة، وهذا التعريف يشمل كلّ المعبودات، سواءً كان المعبود هو الله عز وجل، أم معبودًا دنيويًّا سوى الله عز وجل، ويشمل الدين التعاليم التي يتعبّد بها الناس معبودهم، سواء كانت صحيحة سماوية مثل الإسلام، أو أصلها سماوي لكنّها محرّفة ومنسوخة، مثل اليهودية والنصرانية، أو ديانة وضعيّة تمامًا مثل البوذية والوثنية والهندوسية، هذا التعريف يبرز حال العابد، الذي لا بدّ أن يكون خاضعًا بالحبّ والذّلّة لمعبوده، وهذا أحد معاني العبادة، ويبيّن التعريف هدف العبد من العبادة، وهو إما طمعًا أو خوفًا، أو رهبة ورغبة معًا[٢].


معنى لفظ "الدين" في القرآن الكريم

لفظ الدين أحد الألفاظ الأساسية في القرآن الكريم، وقد ورد بمعانٍ ومدلولاتٍ متعدّدةٍ ومختلفةٍ، وفيما يأتي عدد من المعاني التي وَرَدَ فيها[٣]:

  1. الديانة: جاء لفظ الدين بمعنى الديانة، أي ما يَتَدَيَّنُ به المرء، ويدين به من معتقد وعمل، أي أنّه طاعة العبد والتزامه بالأفكار والمبادئ التي يعتقدها.
  2. الطاعة: قد يأتي الدين بمعنى الطاعة، أي دِنت له وخضعت له، وقد وردَ في الأثر عن علي رضي الله عنه (محبةُ العلماءِ دِينٌ يُدانُ به).
  3. الإسلام: يمكن أن يأتي لفظ الدين بمعنى الإسلام ، بحسب قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [آل عمران:19]، وإذا دنتُ به، يعني اتّخاذه منهجًا في الحياة.
  4. الحساب: أتى الدين بمعنى الحساب في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام (الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ المَوتِ والعاجِزُ مَن أتبَعَ نفسَه هواها وتمنَّى على اللهِ)[٤]، ومعنى دان نفسَه، أي حاسبها واستعبدها وأذلّها[٥].
  5. الجزاء: يعني الدين الجزاء في قوله تعالى: (أَئِنَّا لَمَدِينُونَ) [الصافات:53]، بمعنى مُحاسَبون ومجزيّون.
  6. العادة والشأْن: لفظ الدين في القول السائر (ما زالَ ذلك دِيني ودَيْدَني)، أي أنّه عادتي وشأني.
  7. القضاء والحُكم والسلطان: وردَ لفظ الدين بمعنى القضاء والحُكم والسلطان في الآية الكريمة: (مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) [يوسف:76]، أي في قضاء الملك.
  8. الحال: وردَ لفظ الدين في قول العرب بمعنى الحال عندما قال بعضهم: سأَلت عربيًّا عن شيء، فقال: إذا لقيتني على دين غير هذا لأَخبرتك، يعني إذا كنت على حال غير الحال التي أنا فيها الآن لأخبرتك.


مفهوم التدين والفرق بينه وبين الدين

التدين يعني التمسّك بشريعة معينة، والالتزام بها في السلوك والتفكير، والإيمان والخضوع لها فقط، وعدم أخذ التعاليم إلّا منها، وعدم الابتعاد عن هديها وسُننها، ويختلف الناس في قوّة التمسك بالعقيدة، فمنهم من يتمسكّ بها حرفيًّا، ومنهم من لا يتمسّك بها أبدًا، لدرجة الخروج عن الدين.

مبعث ظاهرة التدين هو إحساس كل فرد بأن هناك قدرة قادرة أن تتصرّف به، وتحوّل مجرى حياته، لدرجة تُبهِر العقول؛ لذا لا بدّ من الميل لمعرفة مصدر تلك القدرة، وكيفيّة تأثيرها المطلق على الحياة، لكنّ مظاهر التدين تختلف من جماعة لأخرى، فهناك عقول اتّبعت فطرتها فآمنت بالله، وهناك عقول اتّبعت غير فطرتها، فبحثت عن مصادر القوة والطاقة المحيطة بها، فظهرت جماعات تعبد الشمس والقمر والنار والشجر والبقر، وغيرهم من يعبد أكثر من إله، وكلّ هذا لأنّ الإنسان يعجز أحيانًا عن تفسير مصدر التحكم في حياته، فينسبه لأقوى شيء يعرفه.

أمّا الدين فهو ما يدين به الإنسان، خضوعًا وذلّة، وهو من وجهة نظر العلماء، أوامر إلهية لذوي العقول، عند اختياره يسير بالناس إلى الصلاح والفلاح، ويشمل جميع المعتقدات والتصرّفات، وهذا المصطلح يشمل الإسلام والمسيحية واليهودية، وحسب، أمّا غيرها من الديانات التي اتفق عليها باقي الناس، من دون أن يكون أصلها سماويًّا فهي بنظرهم ليست دينًا[٦].


علم الأديان في القرآن الكريم

القرآن الكريم آخر كتاب أنزله الله عز وجل، وهو كتاب للبشرية جمعاء؛ لهذا احتوى على أخبار الناس، وقد حصر القرآن الكريم الأديان البشرية بـ6 أديان، وهي (الإسلام، واليهودية، والصابئة، والنصرانية، والمجوسية، والوثنية)، كما وَرَدَ في قوله تعالى: (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [الحج: 17]، وقد تحدّث القرآن الكريم عن الأديان التي يدين بها الناس في الكثير من الآيات مثل[٧]:

  1. بيّن القرآن الكريم أنّ جميع الأنبياء دعوا إلى التوحيد، وكانت دعوتهم لسبيل توحيد الله وحده، والدليل قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء: 25].
  2. ذكر القرآن الكريم كفر بني إسرائيل وتحريفهم لآيات الله، مثل قوله تعالى: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران:78].
  3. ذكر الله عز وجل انحراف النصارى عن عقيدتهم، في قوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المائدة: 72-73].
  4. بيّن القرآن الكريم تحريف أصحاب الديانات لآيات الله، مثل قوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة: 30].
  5. بيّن القرآن الكريم العبادة الوثنية، في قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى) [النجم: 19-20].
  6. وَرَدَ ذكرُ الآلهة المتعددة في القرآن الكريم، في وقله تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [يوسف: 39].
  7. وَرَدَ في القرآن الكريم ذكرُ الملحدين الذين ينكرون وجود الله، مثل قوله تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) [القصص:38].


المراجع

  1. "تعريف و معنى الدين في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "أصل كلمة دين"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2021. بتصرّف.
  3. "لفظ (الدِّين) في القرآن الكريم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2021. بتصرّف.
  4. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن شداد بن أوس ، الصفحة أو الرقم:2459، حسن.
  5. "حديث الكيِّسُ من دانَ نفسَهُ"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 27/1/2021. بتصرّف.
  6. د. محمد حسين الذهبي (2/9/2019)، "الدين والتدين"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2021. بتصرّف.
  7. "علم الأديان في القرآن الكريم وكتابة المسلمين فيه"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :