محتويات
تعريف صلة الرحم لغة واصطلاحًا
يُقسّم تعريف صلة الرحم إلى قسمين؛ لغةً واصطلاحًا، وفي ما يأتي توضيح لكلا التعريفين:
- صلة الرحم لغةً: تعني زيارة الأقارب والإحسان إليهم، وعكسها في المعنى؛ قطيعة الرحم[١].
- صلة الرحم اصطلاحًا: تعني الإحسان إلى الأقارب بناءً على حال الواصل والموصول، إذ أنّها في بعض الأحيان تكون الصلة بالمال، أو بالخدمة، أو بالزيارة، أو بالسلام، وفي بعض الأحيان تكون بالملاقاة بالوجه الحسن، أو تقديم النصح، أو رد الظلم عن الرّحم، أو الصفح والعفو عنهم، وغيرها العديد من أشكال صلة الرحم[٢].
من هم صلة الرحم؟
اختلف العلماء في ما بينهم حول حد الرّحم الواجب صلتّها، فمنهم من توجّه برأيه إلى أنّ حدّ الرحم هو الرّحم المحرّم، ومنهم من رأى أنّ حدّها الرّحم من ذوي الميراث، والرأي الثالت اتجه إلى أنّ حدّها الأقارب من النسب دون النظر إلى أنّهم يرثون أم لا، إلا أنّ الرأي الأصوب من بين هذه الآراء الثلاثة هو قول أهل العلم الثالث، والذي يُشير إلى أنّ الرّحم هم الأقارب من النسب، من جهة الأب والأم، وليس من الرضاع، وقد أشار إليهم الله عز وجل في كتابه الكريم بقوله: {وَأُولُو الأَرحامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ}[٣]، وأقرب الرّحم هم الوالدين (الآباء والأمهات)، ثمّ الأجداد، والأولاد وأولادهم وما تناسلوا، ثمّ يليهم الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم، والأعمام والعمات وأولادهم، ثمّ يليهم الأخوال والخالات وأولادهم[٤].
أحاديث في صلة الرحم
وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدّل على أهمية صلة الرّحم في الإسلام، وفي ما يأتي عدد من الأحاديث النبوية الشريفة في صلة الرحم[٥]:
- ورد حديث عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنّ رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (أخبِرنِي ما يُقرِّبُنِي من الجنَّةِ ويُباعدُني من النَّارِ قالَ تَعبدُ اللهَ و لا تُشركُ بهِ شيئًا ، و تقيمُ الصَّلاةَ ، و تُؤتِي الزَّكاةَ ، و تصِلُ الرَّحِمَ)[٦].
- عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (إنَّ الرَّحِمَ شَجْنةٌ متمسِّكةٌ بالعَرْشِ، تكلَّم بلسان ذَلْقٍ: اللهم صِلْ مَن وصَلَني، واقطَعْ مَن قطَعَني. فيقولُ اللهُ تبارَكَ وتعالى: أنا الرحمنُ الرحيمُ، وإنِّي شقَقْتُ للرَّحِمِ مِن اسمي، فمَن وصَلَها وصَلتُه، ومَن بتَكَها بتَكتُه)[٧]
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سَرَّه أنْ يُبسَطَ عليه في رِزقِه، ويُنسَأ في أثَرِه فليَصِلْ رَحِمَه)[٨].
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ)[٩].
- عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه قال: (لمَّا قدمَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ المدينةَ، انجَفلَ النَّاسُ قبلَهُ، وقيلَ: قد قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ، قد قدمَ رسولُ اللَّهِ ثلاثًا، فَجِئْتُ في النَّاسِ، لأنظرَ، فلمَّا تبيَّنتُ وجهَهُ، عرفتُ أنَّ وجهَهُ ليسَ بوَجهِ كذَّابٍ، فَكانَ أوَّلُ شيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أن (قالَ: يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ)[١٠]
فوائد صلة الرحم
إنّ صلة الرّحم من أعظم الأعمال التي يجب أن يلتزم بها المرء المسلم، لما لها من فوائد جمّه، وفي ما يأتي عدد من فوائد صلة الرحم[٥]:
- صلة الرّحم سبب أساسي لصلة الله عز وجل بالذي يصلها.
- سبب من أسباب دخول المرء الجنة.
- تطبيق وامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى.
- دلالة مباشرة على الإيمان بالله تعالى وباليوم الآخر.
- من أحبّ الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى.
- امتثال وتنفيذ لِوصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
- تشهد لِواصلها يوم القيامة إمّا بوصلها أو قطعها.
- إحدى أسباب الزيادة في العمر، والبسط في الرزق.
- من يصلها يُعجّل ثوابه، ومن يقطعها يُعجّل عِقابه.
- تدفع عن واصلها ميتة السوء.
تعرفي على أبرز وسائل صلة الرحم
قد سهلّ الدين الإسلامي على المسلمين في وسائل صلة الرّحم، فالدين الإسلامي دينّ يُسرٍ وليس عسر، إذ يستطيع المسلم أن يصلّ رحمه بوسائل متعددة بناءً على ظروفه، وفي مايلي مجموعة من أبرز وسائل صلة الرّحم[٥]:
- زيارتهم في الأماكن المتواجدين بها.
- استضافتهم في المكان الذي يعيش به الواصل.
- السؤال عنهم باستمرار، وتفقدهم مابين الوقت والآخر وإرسال السلام إليهم، أو محادثتهم هاتفيًا.
- تخصيص جزء من المال لهم، بالصدقة إن كانوا محتاجين، أو بالهدية إن كانوا مقتدرين.
- احترام وتقدير الكبير منهم، والعطف والرحمة بضعيفهم.
- التواصل معهم في السرّاء والضرّاء، بالفرح معهم في أفراحهم، ومشاطرتهم أحزانهِّم.
- زيارة المريض منهم، واتباع جنائز موتاهم.
- الدعاء لهم، والإصلاح في ما بينهم، ودعوتهم إلى الصلاح والهدى، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر.
متى تسقط صلة الرحم؟
إنّ الأمرَّ المتفق عليه بأنّ صلة الرّحم واجبة، خاصةً ذو الرحم المحرّم، ولا يجوز إسقاطها عن المسلم في حال لقيّ إساءة من رحمِّه، وقد جاء ذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وصَلَها)[١١]، إلا أنّه وفي حال تعرّض المسلم للضرر المحقق بسبب صلة رحمّه؛ فعندئذٍ تسقط عنه صلتهم بقدر ما يندفع به الضرر، إذ أنّه مثلًا في حال كان الضرر يتحقق في زيارتهم، يجوز عدم الزيارة، وأداء الصلّة من خلال الهاتف، وما يليه من وسائل صلة الرحم المتعددة[١٢].
- ↑ "تعريف و معنى صلة الرحم في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن علي بن وهف القحطاني، صلة الأرحام، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنفال، آية:75
- ↑ "من هم الأرحام الواجب صلتهم ؟"، الإسلام سؤال وجواب، 9/12/2005، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت عبدالرحمن بن عايد العايد، "صلة الرحم"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن أبو أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:35، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2531، إسناده حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1693.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6138، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبدالله بن سلام، الصفحة أو الرقم:2648، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:5991.
- ↑ "يسقط من صلة الرحم المؤذي بقدر ما يندفع به الضرر"، إسلام ويب، 20/11/2013، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.