ما الأضرار الناجمة عن الإسراف في اللباس

ما الأضرار الناجمة عن الإسراف في اللباس

معنى الإسراف

كلمة الإسراف مأخوذة من الأصل: سرف، وتعني تجاوز الحد المعقول في كلِّ فعل يقوم به الإنسان، وفي الاصطلاح تعني تجاوز الحد المعتدل في الأقوال والأفعال والأموال، ويختلف الإسراف عن التبذير؛ إذ إن الأول يكون مبالغًا فيه لكن في وجوه واجب الإنفاق فيها، لكن الثاني مبالغ فيه في وجوه غير واجب الإنفاق فيها، وقد نهى الله عن هذا السلوك الخاطئ في مواضع متعددة من القرآن الكريم؛ كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ ۚ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141] وقوله: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 27][١]، كما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتجنب الإسراف في المأكل والملبس، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة) [صحيح النسائي| خلاصة حكم المحدث: حسن][٢]؛ لذا كان خير الأمور أوسطها، ويعني الاعتدال في الإنفاق، فلا بخل ولا تبذير، فيقول الله سبحانه وتعالى: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء:26]، ويقول تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء:29][٣]، كما يقول سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31][٤]، وفي هذا يقول ابن عباس -رضي الله عنه-: "من أنفق درهمًا في غير حقه فهو سرف"، كما يقول سفيان الثوري -رضي الله عنه-: "ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلًا"[٥].


أضرار الإسراف في اللباس

يعدُّ الإسراف في اللباس أحد أنواع الإسراف المادي؛ كالإسراف في الطعام والشراب، إذ يقول الله عز وجل: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، ويقول الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (إيَّاكم والبطنة من الطَّعام والشراب؛ فإنَّها مفسدة للجسد، مورثة للسقم، مكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقَصد فيهما؛ فإنَّه أصلح للجسد، وأبعد من السرف، وإنَّ الله تعالى ليبغض الحبر السمين، وإنَّ الرجل لن يهلك حتى يؤْثر شهوته على دينه)، وللإسراف في اللباس كغيره من أنواع الإسراف أضرار كثيرة، منها ما يلي[٦][٢][٥]:

  • غضب الله: إذ يغضب سبحانه وتعالى ويسخط على المسرفين، ويخسرون محبته.
  • أخوّة الشياطين: فالمبذر أخو الشيطان كما وصفه القرآن الكريم.
  • ضعف الشخصية: فضلًا عن انهيار القدرة على التحمل؛ فتبدو مشاكل الحياة صعبةً وشديدةً.
  • خمول العقل: وقسوة القلب، والتعود على الكسل وغيره من الأمراض الجسدية.
  • فساد المجتمع: وانحلاله وعجزه؛ لأن استهتار المسرف سيقوده للاتكالية.
  • الفقر والحاجة: وقد ضرب الله للمسلمين مثلًا عن المبذرين الذين انقلبت أحوالهم من الغنى إلى الفقر الشديد بسبب إسرافهم؛ فيقول سبحانه وتعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:112]؛ فالنعم لا تدوم إلا بالمحافظة عليها، وشكر الله على وجودها، فيقول الله سبحانه وتعالى: {ومن شكر فإنما يشكر لنفسه} [النمل:40]، ويعود الشكر على الإنسان بالنفع؛ فالله صاحب الفضل والعطاء ومرسل النعم كلها؛ إذ يقول سبحانه: {وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} [لقمان:12].
  • المساءلة يوم الحساب: إذ يسأل الله عباده يوم القيامة عن أموالهم وكيف أنفقوها، ويقول سبحانه وتعالى:{ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:8].
  • الحسرة والندامة: وتلك نتيجة الإسراف في المال دون حساب، وفي ذلك يقول الله تعالى: {فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} [الإسراء:29].
  • العذاب الشديد من الله: لمن كان يأخذ الترف منهجًا لحياته؛ إذ يقول الله سبحانه وتعالى:{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ * لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُتْرَفِينَ} [الواقعة:41-45].


أسباب الإسراف

تتعدد الدوافع التي تقود الناس للإسراف في الملبس والمأكل والمشرب، ومنها ما يلي[١][٥]:

  • التربية الخاطئة: فيعتاد الطفل منذ صغره إلى أن يكبر على الإسراف، أو يضطر لتلبية طلبات زوجته وأولاده دون مراعاة العقلانية أو الاعتدال.
  • التأثر بالأصدقاء: والزملاء المسرفين وتقليدهم في الإنفاق المبالغ فيه، وتقليد الأثرياء المبذرين.
  • تغير أحوال الفرد: إذ تتغير الأحوال من العسر الشديد إلى الثراء فجأة؛ فيبدأ في تبذير الأموال من باب تعويض حرمانه.
  • مطاوعة الرغبات: فالنفس ترى وتشتهي؛ وإذا اجتمع ذلك مع ضعف الإيمان سيصبح الإنسان فريسة رغباته ويبدأ في التبذير، كما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أنَّ عمر رضي الله عنه رأى في يد جابر بن عبد الله رضي الله عنه درهمًا فقال: ما هذا الدِّرهم؟ قال: أريد أن أشتري به لأهلي لحمًا قرموا إليه، فقال: أكلَّما اشتهيتم شيئًا اشتريتموه؟.
  • الغفلة عن حساب يوم القيامة: والوقوف بين يديّ الله وسؤاله عن كل صغيرة وكبيرة، والجهل في مبدأ عيش الحياة، وأنها دار اختبار لا قرار.
  • عدم التعود على الاعتدال: في كل أمر من أمور الحياة؛ فيجد الإنسان نفسه يبالغ في أموره كلها دون حساب.
  • إضاعة المال بإعطائه للسفهاء: وهذا يضيّع كثيرًا من مصالح الناس، إذ يقول الله سبحانه وتعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5]، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ كَرِهَ لكم ثلاثًا: قيلَ وقال، وكَثرةَ السُّؤالِ، وإضاعةَ المالِ) [تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].
  • الانشغال بآخر صيحات الأزياء: ومتابعة الإعلانات، والتسوق منها بجنون؛ إذ في تقود الشخص معظم الأحيان إلى شراء ما لا يحتاج إليه.


طرق للحد من الإسراف

وجود المال في الحياة نعمة من نعم الله على عباده، وهو كما وصفه الله تعالى زينة هذه الحياة، فيقول سبحانه وتعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف:46]، ويجد الناس صعوبةً في جمعه؛ لذا لا يقوم العقلاء منهم بهدر المال وإنفاقه في وجوه مبالغ فيه، وقد أمر الله بالكسب الحلال؛ إذ يقول سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا} [البقرة:168][٥]، ولعلاج سلوك الإسراف السلبي يجب تغيير كثير من العادات والالتزام بما يلي[٦]:

  • الانصياع لأمر الله: والالتزام بالاعتدال في الإنفاق.
  • الاقتداء بسيرة الرسول: وصحابته رضوان الله عليهم، وغيرهم من التابعين، في منهج الوسطية والاعتدال في مختلف معاملاتهم في الحياة، فيقول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143].
  • تذكر الفقراء والمساكين: والمحرومين من المسلمين في مختلف أنحاء الدنيا لما في ذلك من رادع للتوقف عن الإسراف.
  • تجنب الاختلاط بالمسرفين: من الأصدقاء والمعارف ومن تشغلهم حياة الترف، والتقرب من الزاهدين القنوعين والمعتدلين في معاملاتهم المادية، فيقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الله كره لكم ثلاثًا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • توجيه أفراد الأسرة: على الالتزام بسلوك اقتصادي معتدل في المتطلبات والإنفاق، لا سيما الزوجة؛ لما لها من دور في تنشئة الأبناء نشأة سليمة؛ إذ يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67].


المراجع

  1. ^ أ ب طه حسين بافضل (18-10-2016)، "الإسراف والتبذير"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب منصور بن محمد فهد الشريده، "مظاهر البذخ والإسراف ..في المجتمع "، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 5-1-2019. بتصرّف.
  3. الإمام بن باز، "الضابط في معرفة الإسراف والتبذير"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2020. بتصرّف.
  4. فريق إسلام ويب (14-1-2002)، "الإسراف والتبذير"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2020. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث فريق إسلام ويب (8-5-2008)، "الإسراف والتبذير"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 6-1-2020. بتصرّف.
  6. ^ أ ب حسام بن عبدالعزيز الجبرين (31-8-2010)، "الإسراف والتبذير "، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :