محتويات
كيفية الحساب يوم القيامة
تتمثلُ كيفية الحساب يوم القيامة بعدة مسائل سنسردها فيما يلي، ونذكر أصناف الناس في الحساب يوم القيامة[١]:
- الستر: يُعدُّ من الحقوق التي تكون بين العبد وربه فقط، فقد يسترها الله على عبده المذنب في الآخرة ويغفرها له، إن لم يكن مجاهرٌ في معصيته، أما الكفار والمشركين فيناديهم الله على الملأ فهم من كذبوا عليه وبآياته.
- السؤال والحساب أمام الخلائق جميعها: ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ)[٢].
- المقاصة بين العباد يوم القيامة: وفي هذا الأمر قد وردَ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بقَنْطَرَةٍ بيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بيْنَهُمْ في الدُّنْيَا، حتَّى إذَا نُقُّوا وهُذِّبُوا أُذِنَ لهمْ بدُخُولِ الجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَأَحَدُهُمْ بمَسْكَنِهِ في الجَنَّةِ أدَلُّ بمَنْزِلِهِ كانَ في الدُّنْيَا)[٣].
أمّا عن أصناف الناس في الحساب يوم القيامة فهم نوعين[٤]:
- من لاحسابٌ عليهم ولا عذاب: وهم قلة لا يتجاوزون 70 ألفًا.
- الذين يتوجب عليهم الحساب: وهما نوعين أيضًا فمنهم من يكون حسابه يسيرًا، ومنهم يكون حسابه عسيرًا.
أول من يُحاسب يوم القيامة
اختلف العلماء وأهل الرأي حول مسألة أول من يُحاسب الله تعالى يوم القيامة إن كانوا الملائكة أم البشر أم الأنبياء والرسل، وورد في ذلك عدّة أقوال تحكمها أدلة من القرآن والسنة، وفي ما يلي بعض منها[٥]:
- قيل أنّ العلماء وأرباب المال وأهل السعة هم أول من يحاسب يوم القيامة.
- قيل أن أول المُحاسبين هم اللوح المحفوظ لقوله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إليهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِين}[٦].
- جاء أن أول من يحاسب في يوم القيامة هما جاران فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أوَّلُ خصمَيْن يومَ القيامةِ جاران) [٧].
- ورد وأُكِّد في السنّة النبوية أن أول من يُحاسب يوم القيامة هم أمّة مُحمد -صلى الله عليه وسلم- وأول الأمم تدخل الجنة، كما في الحديث الوارد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- : (نحنُ آخِرُ الأممِ، وأوَّلُ مَن يُحاسَبُ، يقالُ: أينَ الأُمَّةُ الأمِّيَّةُ، ونبيُّها ؟ فَنحنُ الآخِرونَ الأوَّلونَ) [٨].
- أما في ما جاء أن الأنبياء والرسل أول من يُحاسب يوم القيامة فقد ورد أن الله تعالى يدعو نوحًا وقومه أول الناس كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (يُدعى نوحٌ يومَ القيامةِ فيقولُ : لبَّيْكَ وسَعْديك يا ربِّ فيقولُ : هل بلَّغْتَ ؟ فيقولُ : نَعم يا ربِّ فيقولُ لأمَّتِه : هل بلَّغكم ؟ فيقولونَ : ما أتانا مِن نذيرٍ فيُقالُ : مَن يشهَدُ لك فيقولُ : محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأمَّتُه ) قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : فيشهَدونَ أنَّه قد بلَّغ ويكونُ الرَّسولُ عليهم شهيدًا فذلك قولُه : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}) [٩][١٠].
- ورد أن أول من يحاسب في يوم القيامة هم الملائكة: (أول من يدعى يوم القيامة إسرافيل, فيقول الله عز وجل ثناؤه: هل بلغت عهدي؟ فيقول: نعم يا رب, فيخلى عن إسرافيل, و يقول لجبريل: ما صنعت بعهدي؟ فيقول: بلغت الرسل, فتدعى الرسل فيقول: هل بلغكم جبريل عهدي؟ فيقولون: نعم فيخلى جبريل. ويقال للرسل: هل بلغتم عهدي؟ فيقولون: نعم قد بلغناه الأمم, فتدعى الأمم فيقال: هل بلغكم الرسل عهدي؟ فمكذب, ومصدق, فتقول الرسل: لنا عليكم شهداء, فيقول الله تبارك وتعالى وهو أعلم: من؟ فيقولون: أمة محمد صلى الله عليه وسلم, فيقال لهم: أتشهدون أن الرسل قد بلغت الأمم؟ فتقول الأمم: يا رب, كيف يشهد علينا من لم يدركنا؟ فيقول الله عز وجل: تشهدوا عليهم ولم تدركوهم؟ فيقولون: يا ربنا أرسلت إلينا رسولاً, وأنزلت علينا كتاباً, فقصصت علينا فيه أن قد بلغوا قولك) [١١].
أنواع الحساب يوم القيامة
تنقسم أنواع الحساب في يوم القيامة لنوعين من حيث الكيفية؛ فالأول يسمى حساب عرض والثاني حساب مناقشة، وفيما يلي شرحٌ بسيطٌ لهما[١٢]:
- حساب عرض: يَخص هذا الحساب المؤمن نفسه يُسألُ فيه العبد عن أعماله علمه ونعم الله التي منَّ بها عليه، فيجيب بما في نفسه ويُقِر بحجته فيديم الله نعمه عليه، ويَعرض الله عليه ذنوبة فإن أقرر بها واعترف ؛ ستره الله وتجاوز عنه، وفي هذا الحساب لا تتم المناقشة فيه ولا يحقق مع العبد، ويأخذ كتابه بيمينه، ويذهب لأهله في الجنة فرحًا لنجاته من العذاب والفوز بالثواب.
- حساب مناقشة: أمّا هذا الحساب فيخُص الكفار من الأقوام، ومن الموحدين العُصاة، وقد يمتد حسابهم لوقتٍ طويل ويصعب ولا يتيسر وهذا الأمر يعتمد على كثرة معاصيهم وذنوبهم، فيدخل هؤلاء العصاة من الموحدين النار حتى يشاء الله ومن ثم يخرجهم من جهنم ويُدخلهم الجنة إلى الأبد.
قواعد حساب العبد يوم القيامة
من كمالِ إنصاف الله -عز وجل- أنه وضع قواعدًا ثابتةً لحساب عباده يوم القيامة، والتي تتلخص بما يأتي[١٣]:
- إقامة الميزان ووزن الأعمال.
- تبديل السيئات بالحسنات، والله هو الكريم من صفاته الكرم المطلق.
- إعذار الله تعالى لخلقه، إذ يُطلع الله تعالى العباد على أعمالهم كافةً كي لا يبقى لهم عذرًا أو حُجّة.
- مضاعفة الحسنات، إذ يُضاعف الله تعالى الحسنة لعشر أمثالها وإلى 700 ضعف وإلى أضعاف كثيرة، كقراءة القرآن والصدقة والصوم والصبر والصلاة.
- إقامة الشهود على الناس، فيستشهد الله تعالى يوم القيامة بالملائكة، والرسل، وشهود الأقوام على أنفسهم، وشهود الأنبياء على أقوامهم، وشهادة الأرض بما فُعل عليها.
- العدل التام، إذ يوفي الله -عز وجل- أجور العباد كاملة دون نقصٍ فيها ولا حتى مثال ذرة، فقد قال في كتابه الحكيم: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ}[١٤].
- كل شيء يحاسب عليه المرء مكتوب ومحسوب، كما أخبرنا عز وجل: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[١٥].
- لا تَزِرُ وازرة وِزْرَ أخرى، ولا يحاسب الله أحدًا عن ذنوبِ غيره، فالمضل ضلاله وذنبه عليه ولا يحملُ إثمه أحد، إلا من كان له يد بأمره أو تأيده لفعل الذنوب والضلال، فقد وردت قاعدة من كتاب الله إذّ قال سبحانه { أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ للإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [١٦].
المراجع
- ↑ "المحاسبة يوم القيامة بين الستر والفضيحة"، إسلام ويب، 31/8/2010، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:2417، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:2440، صحيح.
- ↑ الشيخ الدكتور عبدالله بن حمود الفريح (25/3/2016)، "أصناف الناس في الحساب يوم القيامة"، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2020. بتصرّف.
- ↑ "المبحث السابع: أول من يحاسب من الناس"، درر، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية:6
- ↑ رواه السيوطي، في الدر المنثور، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:659، إسناده حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3482، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:6477، أخرجه في صحيحه.
- ↑ سورة البقرة، آية:143
- ↑ رواه القرطبي المفسر، في التذكرة للقرطبي، عن حبان بن أبي جبلة القرشي، الصفحة أو الرقم:290، مرسل.
- ↑ "أنواع الحساب يوم القيامة"، الإسلام سؤال وجواب، 2012-09-17، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22. بتصرّف.
- ↑ د. عبدالله بن حمود الفريح (2016-03-17)، "القواعد التي يحاسب العباد على أساسها يوم القيامة"، ألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء ، آية:47
- ↑ سورة الكهف، آية:49
- ↑ سورة النجم، آية:38 39