محتويات
مفهوم سجود السهو
يُعرف سجود السهو بأنّه سجدتان يؤديهما المسلم لجبر ما تركه من الصلاة سهوًا، فيسجد المصلي واضعًا جبهته على الأرض؛ لتعويض ما فُقِدَ في الصلاة سهوًا، وقد ذكر ابن القيم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- سماهما بالمرغمتين، لأنهما تعدان ترغيمًا للشيطان في الوسوسة التي وسوسها للعبد في صلاته، فإذا أتى بها المسلم جبر النقص الحاصل عن عدم حضور قلبه في صلاته، ولسجود السهو ثلاثة أسباب، هي: الزيادة في الصلاة، أو النقصان منها، أو الشك فيها، أما العمد في النقص والزيادة فلا يشرع له سجود السهو، إذ إنّ من ترك واجبًا متعمدًا في الصلاة بطلت صلاته، والسهو والنسيان طبيعة بشرية وقد قدّر الله تعالى أن يسهى نبيه في الصلاة حتى يُعلّم المسلمين كيفية سجود السهو، وذلك من حكمة الله سبحانه وتعالى، وفيما يأتي من المقال سنعلمك سيدتي أحكام سجود السهو ومتى يجب[١].
ماذا تقولين في سجود السهو؟
سجود السهو لا يختلف عن السجود في الصلاة سواء أكانت فريضةً أم نافلةً، كما أن الأدعية التي تُقال فيه تُقال في سجود الشكر، وقد وردت في سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم، ويجوز للمسلم أن يدعو ربه عزّ وجل بما شاء وهو ساجد، لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّه لَمْ يَبْقَ مِن مُبشِّراتِ النُّبوَّةِ إلَّا الرُّؤيا الصَّالحةُ يراها المؤمنُ أو تُرَى له ألَا وإنِّي نُهِيتُ أنْ أقرَأ راكعًا أو ساجدًا، أمَّا الرُّكوعُ فعَظِّموا فيه الرَّبَّ وأمَّا السُّجودُ فاجتهِدوا في الدُّعاءِ فقَمِنٌ أنْ يُستجابَ لكم) [تخريج صحيح ابن حبان| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم]، يعني أنه حري به الإجابة، ومن الأدعية والأذكار التي تُقال في سجود السهو[٢]:
- سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين.
- سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين.
أحكام سجود السهو وحالاته
لكل عبادة من العبادات أحكام تتعلق بها شرعها الله تعالى وعلمّها الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين، ومما شرعه الله تعالى سجود السهو وهو لجبر النقص في الصلاة، واختُلِف في وقت سجود السهو ومحلِّه، هل هو قبل التسليم أو بعده، إذ يوجد خلاف بين أهل العلم في ذلك، والأظهر من أقوالهم أنّ الزيادة في الصلاة سهوًا تقتضي السجود بعد التسليم، أمّا الشك ففيه تفصيل: فإن ترجح أحد الاحتمالين فإنه يسجد بعد التسليم، وإن لم يترجح أحد الاحتمالين فإنه يسجد قبل التسليم من الصلاة، وتتعلق بسجود السهو أحكام متعددة، منها[٣]:
- سجود السهو لا يكون إلا لما نسيه المصلي، فمن ترك واجبًا من الصلاة عمدًا بطلت صلاته، ووجبت عليه إعادتها.
- سجود السهو لا يكون لمن زاد في صلاته شيئًا عمدًا، كأن يزيد ركوعًا أو سجودًا أو قيامًا، ومن فعل ذلك عمدًا بطلت صلاته.
- سجود السهو يكون لواجبات الصلاة وليس للأركان، فمن ترك ركنًا من الصلاة مثل تكبيرة الإحرام، وإن كان ناسيًا وجبت عليه إعادة الصلاة.
- إذا نسي المصلي تسبيحة الركوع أو السجود، أو نسي التشهد الأوسط وقام للركعة الثالثة، وجب عليه أن يسجد سجود السهو؛ لأنّها من واجبات الصلاة.
- إذا شكّ المصلي في عدد ركعات صلاته؛ فإنه يبني على اليقين وهو الأقل، ثم يسجد سجود السهو قبل السلام.
- إذا سجد المصلي للسهو بعد السلام، فإنه يسلّم مرةً أخرى من سجدتي السهو.
أحاديث عن سجود السهو
قدّر الله تعالى على نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يسهو في بعض صلواته، وذلك حتى يتعلم المسلمون ما هو الفعل الصحيح في حال نسي المسلم شيئًا من صلاته أو زاد فيها، ومما ورد عن سجود السهو في السيرة النبوية الشريفة[٤]:
- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (صَلَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -قالَ إبْرَاهِيمُ: لا أدْرِي زَادَ أوْ نَقَصَ- فَلَمَّا سَلَّمَ قيلَ له: يا رَسولَ اللَّهِ، أحَدَثَ في الصَّلَاةِ شيءٌ؟ قالَ: وما ذَاكَ، قالوا: صَلَّيْتَ كَذَا وكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، قالَ: إنَّه لو حَدَثَ في الصَّلَاةِ شيءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ به، ولَكِنْ إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أنْسَى كما تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وإذَا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلَاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عليه، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ ليَسْجُد سَجْدَتَيْنِ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أمْ أرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ ولْيَبْنِ علَى ما اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، فإنْ كانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ له صَلاتَهُ، وإنْ كانَ صَلَّى إتْمامًا لأَرْبَعٍ كانَتا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطانِ) [ صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (صَلَّى بنَا عَلْقَمَةُ الظُّهْرَ خَمْسًا، فَلَمَّا سَلَّمَ، قالَ القَوْمُ: يا أبَا شِبْلٍ قدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا، قالَ: كَلَّا، ما فَعَلْتُ، قالوا: بَلَى، قالَ: وكُنْتُ في نَاحِيَةِ القَوْمِ، وأَنَا غُلَامٌ، فَقُلتُ: بَلَى، قدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا، قالَ لِي: وأَنْتَ أيضًا، يا أعْوَرُ تَقُولُ ذَاكَ؟ قالَ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: فَانْفَتَلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: قالَ عبدُ اللهِ: صَلَّى بنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خَمْسًا، فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ القَوْمُ بيْنَهُمْ، فَقالَ ما شَأْنُكُمْ؟ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، هلْ زِيدَ في الصَّلَاةِ؟ قالَ: لَا، قالوا: فإنَّكَ قدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَانْفَتَلَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أنْسَى كما تَنْسَوْنَ. وَزَادَ ابنُ نُمَيْرٍ في حَديثِهِ فَإِذَا نَسِيَ أحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- عن عبد الله بن مالك -رضي الله عنه- قال: (صلَّى لنا رسولُ اللهِ صلاةً من الصَّلواتِ، وفي روايةٍ: (صلاةَ الظُّهرِ)، فقام من اثنتَينِ ولم يجلسْ، فسُبِّحَ به، فلما اعتدل مضى ولم يرجِعْ، فقام الناسُ معه، فمضى حتى إذا فرغ من صلاتِه، ولم يَبْقَ إلا السَّلامُ، -وانتظر الناسُ تسليمَه-، سجد سجدتَينِ، يُكبِّرُ في كل سجدةٍ، و هو جالسٌ قبل أن يُسلِّمَ، ثم سلَّمَ، وسجد الناسُ معه، مكان ما نَسِيَ من الجلوسِ) [السلسلة الصحيحة| خلاصة حكم المحدث: رواه البخاري ومسلم والزيادات للشيخين أو لأحدهما إلا الثالثة فهي لغيرها].
المراجع
- ↑ "تعريف سجود السهو والحكمة منه"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "الأذكار المشروعة في سجود السهو"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
- ↑ " ملخص أحكام سجود السهو"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "هدي النبيّ في سجود السهو"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.