مفهوم الغزو الثقافي

مفهوم الغزو الثقافي

ما مفهوم الغزو الثقافي؟

الغزو الثقافي هو التغيير في العادات والتقاليد والمعتقدات في المجتمع، وما ينتج عن ذلك من سلبيات وإيجابيات، ويعود هذا بشكل أساسي إلى الانفتاح والاتصال مع الثقافات الأخرى، وتدخل الأفكار والمعتقدات الجديدة نتيحة الاتصال مع الثقافات الأخرى، مما يُحدث توليفة جديدة من الظواهر والسلوكات التي تجمع بين الثقافتين، أي بين الثقافة الأصلية والثقافة الجديدة التي اتُّصل بها، وفي أحيانٍ كثيرة تُضاف ظاهرة أو عادة أو معتقد جديد إلى المخزون الثقافي الموجود لتصبح جزءًا منه، وغالبًا ما تكون المعتقدات الدينية جزءًا من هذه الظواهر المضافة للمخزون الثقافي في المجتمع.


هناك شكل من أشكال الغزو الثقافي يسمّى التغيير الموجه، ويحدث هذا النوع عندما تفرض جهة أو مجموعة ما هيمنتها وسلطتها على جهة أخرى، من خلال الغزو العسكري والسيطرة السياسية، ويتضمن التغيير الموجه العبث في الخصائص، والمعالم الثقافية الموجودة في المجتمع وتعديلها، والخطر الحقيقي يكمُن عندما يبدأ التغيير الموجه بالفرض القسري لثقافته على الطرف الآخر، إذ يبدأ بإزالة أي أثر للثقافة السائدة لتحل محلها الثقافة الجديدة، ولعلّ الإمبريالية من أشهر الأمثلة على الغزو الثقافي من نوع التغيير الموجه[١].


مظاهر الغزو الثقافي

يمكن ملاحظة الغزو الثقافي من خلال العديد من المظاهر، ومن أهمّها نذكر ما يلي[٢]:

  • التبنّي الواسع لقيم وممارسات الثقافة الأخرى، ويمكن أن يصل هذا التبني إلى الأفكار والمعتقدات الدينية.
  • التأثر على نطاق واسع بأنماط المأكولات والأطعمة في الثقافات الأخرى، ومثال على ذلك المطاعم المكسيكية والهندية الموجودة في كل مكان في أوروبا وأمريكا، وكذلك أيضًا انتشار المطاعم الأمريكية، ومطاعم الوجبات السريعة في كل أنحاء العالم.
  • التبادل الثقافي للملابس والأزياء واللغة، ويبدو هذا جليًا عندما يبدأ المهاجرين بتعلم لغة البلد الجديد وجعلها لغتهم الأصلية.
  • ظهور الكثير من الكلمات الأجنبية في مجتمعات غير ناطقة باللغة الإنجليزية، مثل المجتمعات العربية لتصبح جزءًا من لغتها، مثل باي، هاي، كمبيوتر، موبايل، تلفزيون، راديو، حتى أن كثير من العرب لا يدركون هذا، لأن الكلمات أصبحت جزءًا من لغتهم.
  • تبنّي بعض العادات والأمور المستمدة من ثقافات أخرى خاصةً في بيئة العمل، لأن القائد او المسؤول يرى أن في هذه الأمور التقدم والتطور.


أسباب حدوث الغزو الثقافي

الغزو الثقافي يحدث لأسباب كثيرة، ومن أهمّها مايلي[٢]:

  • انخراط المهاجرين إلى الدول الأخرى مع أبناء المجتمع طواعية عند الاستقرار في مجتمعهم الجديد، ولكي يحققوا النجاح والراحة اقتصاديًا واجتماعيًا يرون أنه يجب تعلم ثقافة هذا المجتمع الجديد.
  • إجبار بعض الدول للمهاجرين والوافدين إليها بموجب القانون بالخضوع للغزو الثقافي، وذلك من خلال العديد من المتطلبات مثل تعلم اللغة، وتبني العادات والتقاليد، والالتزام بلباس معيّن، وغيرها من المظاهر الثقافية الأخرى.
  • الانتقال من طبقة اجتماعية إلى أخرى، والتأثُّر بثقافتها وأفكارها، وهذا ما يحدث في الغالب في سنوات الجامعة الأولى، عندما يندمج الجميع من كل الطبقات والثقافات والأديان في مكان واحد، وتكون مساحة التبادل المعرفي والثقافي كبيرة جدًا.
  • السفر إلى أراضٍ ودول جديدة تحمل ثقافة مختلفة، وخاصة عند البقاء لفترات طويلة فيها، إذ يجد الشخص نفسه منخرطًا في عملية الغزو الثقافي من دون أن يشعر، فيقبل على تعلم الأشياء الجديدة وتجريبها والاستمتاع بها، فالمسافر يعلم أنه كلما قلت الفجوة الثقافية وزاد اندماجه مع المجتمع، قلّ النفور والاحتكاك الناجم من الاختلافات الثقافية.


ما هي استراتيجيات الغزو الثقافي؟

توجد خمس استراتيجيات للغزو الثقافي، وهي على النحو التالي[٢]:

  • الاستيعاب، وتعني هذه الاستراتيجية إعطاء الثقافة الأصلية قيمة متدنية أو معدومة، والتركيز على الثقافة الجديدة وتطوير العلاقات معها، وينتج عن ذلك في نهاية المطاف انصهار في الثقافة الجديدة، فلا يشعر الشخص أصلًا أنه أن ثقافة جديدة قد أصبحت جزءًا منه.
  • الانفصال، فمن خلال هذه الاستراتيجية تُعطى الأهمية الكبيرة والتركيز للثقافة الأصلية، والأهمية القليلة أو المعدومة الثقافة الجديدة، وتكون النتيجة هي الحفاظ على الثقافة الأصلية ورفض الجديدة، وهذا غالبًا ما يحدث في المجتمعات المنعزلة عرقيًا وثقافيًا، والتي تقل أو تعدم الهجرة منها وإليها.
  • الاندماج، وهذه الاستراتيجية تُستخدم عندما يدرك المجتمع أنّ الحفاظ على الثقافة الأصلية، والتكيف مع الثقافة الجديدة كلاهما أمران مهمان، وتُعدّ هذه الاستراتيجية استراتيجية مشتركة، ويمكن ملاحظتها في المجتمعات التي تكثر فيها الأقليات، إذ تحافظ الأقليات على ثقافتها، وتأخذ من ثقافة الأقليات الاخرى، الأمر الذي يجعل المجتمع خليط ثقافي متجانس.
  • التهميش، وتُستخدم هذه الاستراتيجية من قِبل أولئك الذين لا يهتمون في المحافظة على ثقافتهم الأصلية، ولا يطمحون إلى تبني الثقافة الجديدة، مما يجعلهم أشخاص مهمشين، فيُنحِّيهم المجتمع جانبًا ويكون مصيرهم التجاهل والنسيان من قِبل البقية.
  • التحويل، وهذه الاستراتيجية يتبنّاها أولئك الذين يدركون أهمية الحفاظ على الثقافة الأصلية، والانفتاح على الثقافة الجديدة، ولكن بدلًا من دمج الثقافتين، فإنهم يختارون ابتكار ثقافة ثالثة جديدة لتكون مزيجًا بين القديم والحديث.


كيفية مواجهة الآثار السلبية للغزو الثقافي

توجد مجموعة من الأمور التي يمكن أن تُقلّل من خلاها المجتمعات من الآثار السلبية التي قد يُحدثها الغزو الثقافيّ، ومن بينها ما يلي[٣]:

  • البحث عن الذات الحضارية، وإدراك الشعوب لتراثها وحضارتها، وأن تعلم أنَّ لها تاريخ حافل يدفعها على الفخر والاعتزاز.
  • معرفة الثوابت التي لا تخضع للنقد ولا للتمحيص، ولا لأي شكل من أشكال التغيير، وعدم السماح بالتعديل عليها، أو تبديلها بأي شكل من الأشكال، سواء كان ذلك بالإضافة أو بالحذف، ومثال ذلك في الثقافة العربية والإسلامية القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة الثابتة عن الرسول.
  • الاعتراف بخصوصيات المجتمعات الأخرى، والانفتاح على ثقافتها وفتح قنوات حوار بنَّاء معها، لكي لا ينغلق المجتمع، ويتقوقع حول نفسه.
  • وعي المجتمع بما لديه من كنوز معرفية وثقافية وأخلاقية وعقدية، والإقبال عليها وإحيائها.
  1. "Acculturation", britannica, Retrieved 17/3/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت Nicki Lisa Cole (8/11/2019), "Understanding Acculturation and Why It Happens", thoughtco, Retrieved 17/3/2021. Edited.
  3. علي الهادي المرزوقي ، الغزو الثقافي الغربي، صفحة 15-16. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :