وسائل الربط في اللغة العربية

وسائل الربط في اللغة العربية

لماذا نستخدم وسائل الربط في اللغة العربية؟

إن تركيب أي نص في اللغة العربية لا يقوم فقط على تراكم الجمل وتراص الكلمات وتتابعها إلى جانب بعضها البعض دون أي وسائل ربط أو أدوات وصل، بل يقوم بناؤه على تناغم وتناسق خاص تُوصَلُ فيه الجمل والكلمات بروابط ووحدات تركيب تعمل على انسجام أجزاء الجملة الواحدة لفظًا ومضمونًا لِتُوصِلَ لنا القصد والغاية من النص عن طريق العلاقة السياقية التي تتحقق في هذا النص، وهذا ما يسمى بمفهوم الربط أو ظاهرة الربط وتكون وظيفة هذه الظاهرة إيقاظ ذاكرة المتلقي لاستعادة ما ذُكِرَ في الجمل السابقة عبر وسيلة لفظية تساعده على الوصول للغاية العامة من سياق النص، ولفهم المعنى والغاية من النص يجب علينا أن ندرك أهمية الربط في بناء نصوص الكلام بناءً مرصوصًا واضح المعالم.


فهذه الظاهرة التركيبية التي تنشأ بين مجموعة من الجمل والكلمات بوسائل وأدوات معينة تتناغم مع السياق لتؤدي المعنى الوظيفي للتركيب وتحقق الغاية من اللغة وهي فهم المعنى وإفهامه، وإحكام توظيف اللفظ لخدمة المعنى فهذه الوسائل تصل بين العناصر المكونة لأجزاء السياق، وقد عبر الشيخ عبد القاهر الجرجاني عن ظاهرة الربط بقوله: (يأخذ بعضه بحجز بعض)؛ ويقصد بهذه الجملة ترابط الكلام وأكّد أنه لا يتحقق النظم ولا يترتب الكلام ولا تتناسق اللغة حتى ترتبط ببعضها البعض وتُبنَى على بعضها البعض، لتُحكم صياغة الجملة بالشكل المطلوب.


إذًا نجد أننا إذ بحثنا في غاية استخدامنا لوسائل الربط والوصل فهي لتحقيق التشابك الوثيق بين الجمل والكلمات التي تحمل المعاني الدلالية التي ستؤديها عن طريق عناصرها وأجزائها المترابطة فيما بينها بلا شك بوسائل الربط الخاصة باللغة، فاللغة العربية تستعمل الربط من أجل الإفهام والتوضيح والبيان، ولإزالة الغموض واللبس عن المعنى في ذهن القارئ[١].


ما هي أدوات الربط في اللغة العربية؟

تقوم أدوات الربط والوصل بالمهمة الرئيسية والأساسية في عملية الكتابة؛ إذ تربط بين عناصر الجمل أو بين كلمات الجملة الواحدة، وإتقان استخدامها يُعدّ ركنًا أساسيًا من أركان الكتابة السليمة، وتُعين هذه الأدوات الكاتب على اختيار روابط للبدء بالجمل الجديدة أو ليعبر عن فكرة أو لينتقل من رأي لرأي آخر وما إلى ذلك من صياغة النصوص.


لنتعرف سويًا على أدوات الربط والوصل في اللغة العربية التي تصل بين الكلمات والجمل المختلفة والتي لا بد أن يستخدمها الكاتب لصياغة نصوص سليمة المبنى والمعنى، وتتميز هذه الأدوات بأنها تتنوع تنوعًا واسعًا في وظائفها لإيصال المعنى المطلوب[٢]:


حروف العطف

هي أدوات تربط بين كلمتين أو جملتين تقومان بوظيفة واحدة وتشتركان في شيء واحد كالفعل أو غيره، وهي تركيب كلامي يتضمن معطوفًا ومعطوفًا عليه، وتُفيد اتصال الكلام بعضه ببعض، ومن المعاني التي تؤديها حروف العطف[٣][٤]:

  • التشريك في اللفظ والمعنى مطلقًا، والأحرف التي تفيد هذا المعنى هي:
    • الواو؛ الذي نستخدمه عادةً للوصل بين الجمل والكلمات ودلالة هذا الحرف الجمع، نحو قولنا: جاء عمرو وزيد فدل الحرف على اجتماعهما في نسبة فعل المجيء لهما.
    • الفاء؛ ودلالة هذا الحرف في الغالب الترتيب مع التعقيب وإفادة التشريك كقولنا: أملته فمال، أقمته فقام، عطفته فانعطف ويكون المعطوف متسببًا بما قبله.
    • حرف العطف ثم؛ ودلالته الترتيب في المعنى بانفصال، أي يكون المعطوف لاحقًا للمعطوف عليه في حكمه متباعدًا عنه في الزمن كقوله تعالى: {وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ} [طه: 121، 122]
    • حتى؛ ونستخدم حتى كحرف عطف كما نستخدم حرف جر بمعنى إلى؛ مثل قولنا: أكلتُ السمكة حتى رأسها، فجاءت حتى هنا على اعتبارها حرف جر بمعني إلى.
  • التشريك في اللفظ والمعنى مقيدًا، والأحرف التي تفيد هذا المعنى هي:
    • أو، وهذه الأداة تفيد التخيير أو الإباحة؛ كقولك: جالس محمدًا أو محمودًا، وتفيد الشك كقوله تعالى: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} [المؤمنون: 113]، وتفيد التخيير؛ كقوله عز وجل: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [سبأ: 24].
    • أم؛ وتأتي لطلب تعيين أحد الشيئين، وهي للعطف في أصل وضعها ولكنها لا ترد إلا في الاستفهام، كقولنا: أزيدٌ في الدار أم عمرو.
  • أن يثبت لما بعده ما انتفى عما قبله أو العكس، والأحرف التي تفيد هذا المعنى هي:
    • بل؛ يعطف بهذا الحرف في النفي والنهي، ويكون بمعنى "لكن" تقرر حكم ما قبلها؛ كقولنا: ما قام زيد بل عمرو، ولا تضرب زيدًا بل عمروًا، فقررت النفي والنهي وأثبت القيام لعمرو، ونهيت عن ضرب زيد وأمرت بضرب عمرو.
    • لكن، يفيد الاستدراك بعد النفي؛ كقولنا: ما جاء سعيد لكن محمد.
    • لا؛ فهي نافية وتفيد إثبات الحكم للمعطوف عليه، ونفيه عن المعطوف، نحو: جاء محمد لا عادل.


الأدوات: أيضًا، كذلك، بالإضافة إلى، إلى جانب، كما أن

عادةً ما تربط هذه الأدوات أفكارًا متقاربةً في المعنى، أو تشترك بالفعل أو الفاعل أو الصفة فتعين هذه الأدوات الكاتب في ربطه للجملتين، مثل: أقامت المدرسة حفلًا لتكريم المعلمين، بالإضافة إلى هذا قامت بتوزيع جوائز للطلبة المتميزين، وتجدر الإشارة إلى أنه يُمكن استخدام (إلى جانب هذا، وكما أنها) بدلًا من (بالإضافة إلى)، أي يمكن استخدام هذه الأدوات جميعها في الجملة نفسها[٥].


الأسماء الموصولة

تُعد الأسماء الموصولة في اللغة العربية من الأسماء المعرفة ولها صياغة خاصة، وعادةً قد تشبه الضمائر لأننا نستغني عن الاسم الظاهر عند ذكرنا لها شرط أن يتواجد دليل على المقصود بالاسم الموصول، وتنقسم الأسماء الموصولة إلى قسمين[٦]:

  • الأسماء الموصولة الخاصة: وهي التي تعبر عن مسمًّى خاص، والأسماء الخاصة هي: (الذي) للمفرد المذكر و(التي) للمفردة المؤنثة، و(اللذان) للاثنين و(اللتان) للاثنتين.
  • الأسماء الموصولة المشتركة: وأهمها (مَن) للعاقل، و(ما) لغير العاقل.


وتوجد العديد من أدوات ووسائل الربط والوصل في اللغة نذكر لكِ بعضًا منها:

  • أدوات الاستدراك والإضراب والحصر، مثل: لكنّ ولكنْ وهي حروف الاستدراك والنصب، وأداة الضرب (بل)، بالإضافة لأداة (إنما) التي تفيد الحصر.
  • أدوات الربط الدالة على السبب والنتيجة، ونستخدم بها الأدوات التالية (بسبب، بفضل، نظرًا لِـ، فاء النتيجة).
  • أدوات الربط الدالة على التعليل وما شابهه، مثل: (لِـ، كي، حتى، من أجل أن، كيما، لكيلا، لئلا).
  • أداة (لا بد) ونستحدمها عادةً عندما نريد الدلالة على الضرورة أو الاضطرار لفعل أمر ما وتفسر بيجب أو ينبغي.
  • أدوات النفي والعطف عليها، مثل: لا، لم، لن.
  • أدوات التفصيل؛ أمّا التي تفيد الشرط والتفصيل والتوكيد، وإما التي تفيد التخيير أو الإباحة أو الإبهام والشك.


إليكِ بعض الأمثلة على استخدام أدوات الربط

نعرض بدايةً أمثلةً لاستخدام أدوات الربط ببعض حروف العطف[٧]:

  • حرف الواو؛ في الحديقـة أزهار وأزهار؛ فوقعت الواو بين كلمتي الأزهار ولتكون الكلمة الثانية مكررةً عن الأولى وهذا أدى لخلق وظيفة تخالفية إذ إن كلمة الأزهار الأولى تشير لصنف معين، وكلمة الأزهار الثانية تفيد لصنف آخر.
  • حرف الفاء؛ إذا أردنا أن نفيد الترتيب مع التعقيب، مثل قولنا: يسأل المعلم فيجيب التلاميذ ويسمى عادةً الربط بالفاء ربطًا سببيًا.
  • ثم؛ {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} [البقرة: 92].
  • أم؛ {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات: 27].
  • لكن؛ ما جاءني زيد لكن عمرو.


المراجع

  1. د. مها عبد العزيز إبراهيم الخضير (2013)، الربــط النحـــوي ووســــائله اللفظــية (الطبعة الخامس والثلاثون )، السعودية: مجلة كلية الآداب – جامعة سوهاج ، صفحة 131-135. بتصرّف.
  2. الدكتور محمود عبدالله جفال الحديد، مذكرات في أدوات الربط والوصل في اللغة العربية ، صفحة 1-4. بتصرّف.
  3. الدكتور محمود عبدالله جفال الحديد، مذكرات في أدوات الربط والوصل في اللغة العربية ، صفحة 1+3+4+5. بتصرّف.
  4. رحمة منصر + فاطمة الزهراء حمايدي ، أدوات الربط بين المصظلح والوظيفة حروف العطف في سورتي "مريم" و"النور" أنموذجًا، صفحة 24+25+26+27+28+29. بتصرّف.
  5. الدكتور محمود عبدالله جفال الحديد، مذكرات في أدوات الربط والوصل في اللغة العربية ، صفحة 9. بتصرّف.
  6. الدكتور محمود عبدالله جفال الحديد، مذكرات في أدوات الربط والوصل في اللغة العربية ، صفحة 10+12+14+17+20+21+24. بتصرّف.
  7. د. مها عبد العزيز إبراهيم الخضير، الربــط النحـــوي ووســــائله اللفظــية ، صفحة 138+139+141. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :