أجمل شعر عن الوطن

قصيدة لمحمود درويش في حب الوطن

هكذا قالت الشجرة المهملة


خارج الطقس، أو داخل الغابة الواسعة


وطني.


هل تحسّ العصافير أنّي لها


وطن أو سفر؟


إنّني أنتظر


في خريف الغصون القصير


أو ربيع الجذور الطويل


زمني


هل تحسّ الغزالة أنّي لها


جسد أو ثمر؟


إنّني أنتظر


في المساء الذي يتنزّه بين العيون


أزرقا، أخضرا، أو ذهب بدني


هل يحسّ المحبّون أنّي لهم


شرفة أو قمر؟


إنّني أنتظر


في الجفاف الذي يكسر الريح


هل يعرف الفقراء


أنّني منبع الريح؟


هل يشعرون بأنّي لهم خنجر أو مطر؟


أنّني أنتظر خارج الطقس،


أو داخل الغابة الواسعة


كان يهملني من أحب


ولكنّني لن أودّع أغصاني الضائعة


في رخام الشجر، إنّني أنتظر


حالة واحدة لبحار كثيرة


التقينا قبل هذا الوقت في هذا المكان


ورمينا حجرا في الماء،


مرّ السمك الأزرق


عادت موجتان


وتموّجنا


يدي تحبو على العطر الخريفيّ،


ستمشين قليلا


وسترمين يدي للسنديان


قلت: لا يشبهك الموج


ولا عمري


تمدّدت على كيس من الغيم


وشقّ السمك الأزرق صدري


ونفاني في جهات الشعر، والموت دعاني


لأموت الآن بين الماء والنار


وكانت لا ترني


إن عينيها تنامان


سأرمي عرقي للعشب،


لن أنسى قميصي في خلاياك،


ولن أنسى الثواني،


وسأعطيك انطباعا عاطفيّا


لم تقل شيئا


سترمي إلى الأسماك والأشواك،


عيناها تنامان تنامان


سبقنا حلمنا الآتي،


سنمشي في اتجاه الرمل صيّادين مقهورين


يا سيّدتي!


هل نستطيع الآن أن نرمي بجسمينا إلى القطّة


يا سيّدتي! نحن صديقان


ونام السمك الأزرق في الموج


وأعطينا الأغاني


سرّها، فاتّضح الليل،


أنا شاهدت هذا السر من قبل


ولا أرغب في العودة،


لا أرغب في العودة،


لا أطلب من قلبك غير الخفقان


كيف يبقى الحلم حلما


كيف يبقى الحلم حلما


وقديما، شرّدتني نظرتان


والتقينا قبل هذا اليوم في هذا المكان[١].


قصيدة وعاد في كفن

حكون في بلادنا

يحكون في شجن

عن صاحبي الذي مضى

وعاد في كفن

كان اسمه.

لا تذكروا اسمه!

خلوه في قلوبنا

لا تدعوا الكلمة

تضيع في الهواء، كالرماد

خلوه جرحا راعفا لا يعرف الضماد

طريقه إليه

أخاف يا أحبتي أخاف يا أيتام

أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء

أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء!

أخاف أن تنام في قلوبنا

جراحنا

أخاف أن تنام!

....

العمر عمر برعم لا يذكر المطر

لم يبك تحت شرفة القمر

لم يوقف الساعات بالسهر

وتداعت عند حائط يداه

ولم تسافر خلف خيط شهوة عيناه!

ولم يقبل حلوة

لم يعرف الغزل

غير أغاني مطرب ضيعه الأمل

ولم يقل: لحلوة الله!

إلا مرتين

لا تلتفت إليه ما أعطته إلا طرف عين

كان الفتى صغيرا

فغاب عن طريقها

ولم يفكر بالهوى كثيرا!

....

يحكون في بلادنا

يحكون في شجن

عن صاحبي الذي مضى

وعاد في كفن

ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب

لأمه: الوداع!

ما قال للأحباب للأصحاب:

موعدنا غدا!

ولم يضع رسالة كعادة المسافرين

تقول إني عائد وتسكت الظنون

ولم يخط كلمة

تضيء ليل أمه التي

تخاطب السماء والأشياء،

تقول: يا وسادة السرير!

يا حقيبة الثياب!

يا ليل! يا نجوم! يا إله! يا سحاب!

أما رأيتم شاردا عيناه نجمتان؟

يداه سلتان من ريحان

وصدره وسادة النجوم والقمر

وشعره أرجوحة للريح والزهر!

أما رأيتم شاردا

مسافرا لا يحسن السفر!

راح بلا زوادة، من يطعم الفتى

إن جاع في طريقه؟

من يرحم الغريب؟

قلبي عليه من غوائل الدروب!

قلبي عليك يا فتى... يا ولداه!

قولوا لها، يا ليل! يا نجوم!

يا دروب! يا سحاب!

قولوا لها: لن تحملي الجواب

فالجرح فوق الدمع فوق الحزن والعذاب لن تحملي لن تصبري كثيرا

لأنه، لأنه مات، ولم يزل صغيرا!


يا أمه!

لا تقلعي الدموع من جذورها!

للدمع يا والدتي جذور،

تخاطب المساء كل يوم

تقول: يا قافلة المساء!

من أين تعبرين؟

غضت دروب الموت حين سدها المسافرون

سدت دروب الحزن لو وقفت لحظتين

لحظتين!

لتمسحي الجبين والعينين

وتحملي من دمعنا تذكار

لمن قضوا من قبلنا أحبابنا المهاجرين

يا أمه!

لا تقلعي الدموع من جذورها

خلي ببئر القلب دمعتين!

فقد يموت في غد أبوه أو أخوه

أو صديقه أنا

خلي لنا

للميتين في غد لو دمعتين دمعتين!

....

يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثير

حرائق الرصاص في وجناته

وصدره ووجهه

لا تشرحوا الأمور!

أنا رأيت جرحه

حدقّت في أبعاده كثيرا

" قلبي على أطفالنا "

وكل أم تحضن السرير!

يا أصدقاء الراحل البعيد

لا تسألوا: متى يعود؟

لا تسألوا كثيرا

بل اسألوا: متى يستيقظ الرجال؟

......


ومن قصائد محمود درويش الوطنية قصيدة "أمل"

ما زال في صحونكم بقية من العسل

ردوا الذباب عن صحونكم

لتحفظوا العسل!

....

ما زال في كرومكم عناقيد من العنب

ردوا بنات آوى

يا حارسي الكروم

لينضج العنب.

...

ما زال في بيوتكم حصيرة. وباب

سدوا طريق الريح عن صغاركم

ليرقد الأطفال

الريح برد قارس، فلتغلقوا الأبواب.

....

ما زال في قلوبكم دماء

لا تسفحوها أيّها الآباء.

فإن في أحشائكم جنين..

....

مازال في موقدكم حطب

وقهوة وحزمة من اللهب.


شعر حزين عن الوطن

تقسوا قلوبنا كلما قسي الزمان علينا

وتعيش على أمل يأبى ان يأتيها

فانتظاره لوعة بها اكتوينا


مال زماننا يا قوم أعلن الحرب علينا ؟

ألم يكتف بدموع يلمع الحزن فيها؟

يزيد جفاؤه دون ان يسأل أما اكتفينا!


ترى كم من العمر فالإنتظار أفنينا!

وكم من أحلام ذبلت كورود لم تجد من يسقيها؟

نسعى و كأننا للسعي ما سعينا

وتعيش قلوبنا على أمل يأبى أن يأتيها

زمن يطارد الفرح فينا، و يعيش كي يشقينا

فما عيب هجو ذاك الزمان يا شافعي

حين يتآمر مع الأحزان علينا!


شعر في الغربة عن الوطن

وعامٌ جديد،

يتأرجح بين رقصةٍ وأغنيةُ شهيد،

بين جرحٍ وانفجار

في زمن الحرب والنار

نأخـُذ شكلَ إحتفال

على بعـد كلِّ دمعتين هناك وطنٌ وخيانة وطفلٌ تلوى ظلهُ كتلال الجليد

المذابحُ تُـــلهيه تـُـــقويه كالمنتصرِ تشُـدّ قوامه فارعاً

وديسمبر يلهينا ينسينا أننا في الغرف المغلقة.

كالعلب المظلمة، ليسَ لنا من المروءَة أيُّ مكان

سوى مكانٌ واحد يتكسرُ منا في الأعماق القهرّ، الظلم والقامةُ تنكسر

في هذا الزمن الرديء هناك عامٌ جديد

عامٌ يجيء إلينا بحلمٍ عنيدِ

ووطنٍ ما عادَ لنا

تغرّب باحثاً عن مواطنٍ على قيدِ الوعي،والصفاتْ

بحثُـــه ما زال جاريا

والمواطن الجريحُ ما عاد يعرفُ ماذا يريد

غربة تبكي من كهف الفظاعة

غربـة لا يطفـئ لهيبهـا إلا التوكل على اللـه

غربـة لا يؤنس من وحشـتها إلا ذكر اللـه

غربـة إمتزجـت بألم حارق وأمـل واعـد

أمـل بتحقيـق الأمنيــات

أشتاق حتى الموت يا صحبي إلى وطني

أشتاق لو ناطورنا المأفون يعتقني

القيد في بيتي على طفلي

وفوق الرأس في رجلي

وعبر حشاشة الزمن

أشتاق يا وطني

لو نخلة خوصاتها الخضراء في بدني

لو تستحيل دما

في أعرقي الصفراء كالأنهار

لو فارسي المنهار

لا يشكو من الوهن

أحرقـي في غُربتي سفـني

الاَ نّـني

أقصيتُ عنْ أهلي وعن وطني

وجَرعتُ كأسَ الذُّلِّ والمِحَـنِ

وتناهبَـتْ قلـبي الشجـونُ

فذُبتُ من شجَـني

الا نني

أبحَـرتُ رغـمَ الرّيـحِ

أبحثُ في ديارِ السّحـرِ عن زَمَـني

وأردُّ نارَ القهْـرِ عَـنْ زهـري

وعَـنْ فَـنَني

عطّلتِ أحلامـي

وأحرقتِ اللقـاءَ بموقِـدِ المِنَنِ؟!

ما ساءني أن أقطَـعَ ا لفلَوَا ت

مَحمولاً على كَفَني

مستوحِشـاً في حومَـةِ الإمـلاقِ والشّجَنِ

ما ساءني لثْمُ الرّدى

ويسوؤني

أنْ أشتري شَهْـدَ الحيـاةِ

بعلْقـمِ التّسليمِ للوثنِ

المراجع

  1. "هكذا قالت الشجرة المهملة"، أدب، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2020.

فيديو ذو صلة :