شعر النقائض
يمكن تعريف شعر النقائض بأنه ذلك الشعر القائم أساسًا على دمج مشاعر الفخر مع المجد بالقبيلة والدفاع عنها في حال التعرض لها، فيكون شاعرًا من قبيلة أخرى متأهبًا بقصيدة تمدح قبيلته أيضًا تبعًا للقافية والوزن ذاته، وقد بدأ نجم هذا النوع من الشعرِ بالظهورِ قبل الإسلام؛ إذ برزت كوكبة من الشعراء العرب في الجاهلية في مجال شعر النقائض كامرؤ القيس وعامر بن الطفيل وغيرهم، إلا أنه مع قدوم عصر الإسلام ازداد شعر النقائض انتشارًا أكثر مما سبق؛ فكان فريقًا يدافع عن الإسلام متأثرًا بالدين الحنيف، وفريقًا آخر مشركًا متمسكًا بالجاهلية والعنصرية القبلية.[١]
كما يمكن تعريف شعر النقائض أيضًا بأنه ذلك الفن الأدبي الذي جاء بلونٍ جديد في عالم الأدب والشعر، فأفضى ظهوره إلى الإتيانِ بالمناظرات الأدبية لرصدِ كل شاعر تاريخ قبيلته، وصفاتها، ونسبها، وعاداتها، ويعد العصر الأموي بمثابة العصر الذهبي لهذا الشعر.[٢]
خصائص شعر النقائض
تطغى على شعر النقائض مجموعةً من الخصائص، وهي [٣]:
- الطول، إذ يعد طول قصيدة شعر النقيضة أمرًا لا بد منه، وذلك لخوض الشاعرِ في العديدِ من الأمور كالعصبية القبلية مثلًا، فيبدأ الشاعر بمدح الخلفاء والملوك والولاة بأبياتٍ شعرية طويلة، ويكون بذلك مديحًا وسياسةً دون الفخر أو الهجاء، كما يمكن أن تحتوي أبيات شعر النقائض على البكاء على الأطلال والوصف الدقيق للرحلات التي يمر بها الشاعر، وتعد نقيضة جرير واحدةً من أطول نقائض الشعر؛ فقد تجاوز عددها خمسين بيتًا شعريًّا.
- التأثر بالدين الإسلامي الحنيف، فقد استعان الشعراء بالمصطلحات والمعاني الإسلامية في نظم أبياتهم الشعرية الفخرية والهجاء، فقد ترعرع هذا الشعر في كنف الحضارة الإسلامية.
- الإفحاش في الهجاء، بالرغم من تأثر شعر النقائض بالإسلام؛ إلا أن بعض الشعراء قد استباحوا استخدام المصطلحات المحرمة بالتصريح لا بالتلميح، وقد بلغ الأمر إلى درجةِ الاشمئزاز والإنكارِ من قِبل تعاليم الدين الحنيف.
- السخرية وتعمدها، فقد لجأ البعض من الشعراء إلى استخدام أسلوب السخرية من الآخرين وإشاعة الخصام، ويتمثل ذلك في نقيضة جرير عندما سخر من الفرزدق، فقال فيه: "وإنك لو تعطي الفرزدق درهمًا * * * على دين نصرانية لتنصّرا"
- الإتيانِ بالصور التشبيهية وتوليد المعاني، فقد أصبح شعراء النقائض ذوي خيالٍ خصب وواسع؛ إذ يستوحون الصور ويجسدونها في أبياتٍ شعرية للتعبير عن المعنى ووصف الأحداث.
- الاستعانة بأساليب الموازنة والمقارنة، إذ يعد ذلك من أبرز خصائص النقائض وسماتها في الدولةِ الأموية، وقد استعان بهذا الأسلوب على وجه الخصوص كل من الأخطل والفرزدق وجرير.
رواد شعر النقائض
من أبرز رواد شعر النقائض في العصر الأموي[١]:
- الفرزدق: شاعر كثير التردد إلى البلاط الأموي ونظم الأبيات الشعرية بالولاة والخلفاء، فقد كان المسؤول الأول عن التصدي للتهم الموجهة للبلاط الأموي والدفاع عنها، وتشير المعلومات إلى أنه كان غير ملتزم في مقتبل عمره؛ إلا أنه قد انخرط والتزم مع أهل البيت عليهم السلام.
- الأخطل: يشار إلى أن الأخطل شاعر نصراني أساسًا، وقد بذل قصارى جهده في الدفاعِ عن خلفاء الحضارة الأموية، وازدادت علاقته بهم توثقًا بفضل ذلك، وقد قدم أبياتًا شعريةً كثيرة لمدح الحكام الأمويين.
- جرير: واحد من أبرز شعراء الهجاء وأشدهم أيضًا، وألف ديوانًا كاملًا يتخلله الغزل والرثاء والهجاء والمدح وغيره.
المراجع
- ^ أ ب "شعر النقائض في العصر الأموي"، تعليم اللغة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2019. بتصرّف.
- ↑ انجي بلال (27-2-2019)، "أبيات النقائض بين الشعراء الأمويين"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2019. بتصرّف.
- ↑ الأستاذة ايمان عبد الحسن علي البهبوادي (1-8-2012)، "خصائص فن النقائض"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2019. بتصرّف.