محتويات
من هو الشاعر أبو نواس؟
هو الحسن ابن هانئ بن عبدالله الأول، بن الصباح مولى الجراح بن عبدالله بن جمادة بن أفلح بن دوة بن حدقة بن مظة بن سلهم بن الحكم بن سعد العشيرة بن مالك، ووردت في ولادته روايتان الأولى عام 136هـ، والثانية 140هـ، ويقال أنَّه ولد بالأهواز ومن ثم انتقل للعيش في البصرة، ونشأ أبو نواس في عائلة بسيطة، وكان هانئ أبو الحسن بن هانئ كاتبًا عند مسعود الماذرائي في ديوان الخراج، وكان أيضًا راعي أغنام، ويُقال أنَّه كان حائكًا، ولم يكن له ولاء ولا حلف حتى مات، ولم يورثه شيئًا لا ماديًا ولا معنويًا، وقد بدأت أمه بإعالته هو وإخوته بعد وفاة والده.
ترعرع أبو نواس عند عطار بعد وفاة والده وزواج أمه، فأصبح نشيطًا يعيل إخوته ويجلب لهم قوتهم، إضافةً إلى أنَّ وجوده عند هذا العطار دفعه للمعرفة، ولمواكبة ومتابعة العلماء والشعراء والأدباء، وتميَّز الشاعر منذ صغره بذكائه وحنكته ولطف تعامله، وقد كانت بدايته في مجتمع مولع بالشعراء، وكثير المجالس التي تتناول أشعار القدامى والمحدثين بالنقد، أو التفسير أو أخبار الأمراء.
وكانوا يطرحون أفكارًا ومواضيعًا لتحل في أشعارهم بطريقة مرتجلة عفوية، إضافةً إلى أنَّ هذا المجتمع كان يضم العديد من الجنسيات والأعراق والثقافات، وتتم مناقشة كل تقاليد وأعراف وأفكار هذه الجنسيات، مما أثر هذا التنوع في تكوين شخصية الشاعر النقدية والشعرية، وقد نشأ الشاعر بالبصرة وقرأ القرآن على يعقوب الحضرمي، فلما أتقن القراءة ختم يعقوب قراءته وقال: اذهب فأنت أقرأُ أهل البصرة[١].
شهرة الشاعر أبو نواس عند العامة
لم تكن شهرة أبو نواس وشذوذه عن المألوف لسهولة شعره، فالأُميين الذين يتناقشون في نوادره وأخباره لم ينقلوا بيتًا واحدًا عنه، ولا يعرفونه ينظم بغير تصحيف، بل يعرفون الشاعر الأشعار، ولم تكن الشهرة أيضًا لحداثة عهده وقصر الزمن بينه وبين رواته المتأخرين، فهو عاش في القرن الثاني للهجرة، وهؤلاء الأميون الذين تناقلوا أخباره قد كانوا لا يعرفون أسماء شعراء عصرهم، ولا يحققون أسماء الأدباء والشعراء بعد القرن الثاني للهجرة ما عدا أبو نواس، فأخبار أبي نواس كانت تتناقل وتعرف عند الأدباء وكانوا يحبون نسب الخبر أو العمل إليه، فقد كان صاحب العقد الفريد "ابن عبد ربه" أكثر الرواة علمًا بأخبار الشعراء، وقد تحدث عن أبو نواس أيضًا[٢].
يكنى الشاعر بكنية أبو نواس، وعندما سُئل عنكنيته ومن كناه بها، قال أنَّه يكنى أيضًا ويعرف بالألقاب الآتية: نواس وهو اسم لجبل، وجدن، ويزن، وكلال، وكلاع، ويُقال أنَّ من كناه هو جاره في البصرة كان قد دعا أحد إخوانه فتأخر عليه ليذهب لرجل يستحثه للمجيء إليه، فوجده يلعب مع الصبيان فناداه يا حسن، وطلب منه أن يدعو فلان للمجيء إليه، وقد كانت له ذؤابة أي غرة في مقدمة رأسه، فعدا أبو نواس وتحركت غرته في الهواء وهو يركض، ولما جاء الرجل الذي طلبه قال له أحسنت يا أبو نواس، ولتحرك غرته كانت سببًا في تكنيته[١].
خصائص شعر أبو نواس
فيما يلي أبرز السمات التي تتعلق بشعر أبو نواس[٣]:
- استخدامه للألفاظ المستوفية، فالألفاظ التي استخدمها أبو نواس في شعره تفي بالغرض وتُوصل المعنى والصورة المطلوبة، فيتميز شعره بالانسجام واتساق بين اللفظ والمعنى، ويرجع هذا الأمر لمعرفته القوية باللغة العربية الفصحى، وإحاطته الشاملة والواسعة بكلام الأدباء والشعراء.
- استخدامه للألفاظ المعربة وغير العربية، ففي كثير من أشعاره توجد العديد من الكلمات الفارسية المنتشرة بين ألفاظه العربية، ويعود هذا الأمر للامتزاج الحضاري الذي عاشه الشاعر، والانصهار الاجتماعي بين الفرس والعجم في العصر العباسي، فقد كان يعيش أبو نواس في مجتمع متباين متأثرًا بالكثير من الثقافات الواردة والمستوردة فيه، وقد كان للفرس سلطة وتأثير قويان في العصر العباسي، لاعتمادهم عليهم في إسقاط الدولة الأموية وبناء دولتهم.
- مخالفة القياس الصرفي، ومن فصاحة أبو نواس نجد له بعض الألفاظ التي خالفت الميزان الصرفي في اللغة العربية، ويعتقد أنَّه بلغت بلاغته للحد الذي ظنَّ به أنَّه قادرٌ على التصرف باللغة كيفما شاء.
- جهارة الألفاظ، وهذه السمة تدل علىفصاحة وجزالة أبي نواس، والتي دفعته لسرد ألفاظ أكثر غلاظة وخشونة.
ما عُرف عن هذا الشاعر
فيما يلي بعض من صفات الشاعر، وما عُرف عنه في عصره[٤]:
- كان أبو نواس حسن الوجه، ورهيف اللون، وأبيضًا جميل الملامح، وذا جسم نحيف مهذب، وكانت على رأسه دائمًا عمامة، وما يزين الرأس من أدوات وأقمشة.
- كان الشاعر ألغث الراء، وهي صفة تكثر في البصرة، ويملك بحة في صوته لا تذهب منه.
- كان يبرئ العود، مؤدبًا مُصاحبًا لأهل المساجد والمجان أي غناء الشعر.
أجمل قصائد أبو نواس
فيما يلي بعض من أبيات قصائد الشاعر أبو نواس[٥]:
قصيدة لقد طال في رسم الديار بكائي
لَقَد طالَ في رَسمِ الدِيارِ بُكائي
- وَقَد طالَ تَردادي بِها وَعَنائي
كَأَنّي مُريغٌ في الدِيارِ طَريدَةً
- أَراها أَمامي مَرَّةً وَوَرائي
فَلَمّا بَدا لي اليَأسُ عَدَّيتُ ناقَتي
- عَنِ الدارِ وَاستَولى عَلَيَّ عَزائي
إِلى بَيتِ حانٍ لا تَهُرُّ كِلابُهُ
- عَلَيَّ وَلايُنكِرنَ طُولَ ثَوائي
قصيدة خليلي أقعد للصبوح ولا تقل
خليليَ أقعد للصبوح ولا تقل
- قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزلِ
ويا ربِّ لا تُنبت ولا تُسقط الحيا
- بسقطِ اللوى بين الدخول فحومل
ولا تقرِ مقراةَ امرىء القيس قطرةً
- من المزن وارجم ساكنيها بجندل
نصيبيَ منها للنعام وللمَها
- واللذئبِ يعوي كالطريد المؤلولِ
قصيدة ما يرجع الطرف عنها حين أبصرها
نابَذتُ مَن بِاِصطِباري عَنكِ يَأمُرُني
- لِأَنَّ مِثلَكِ روحي عَنهُ قَد ضاقا
ما يَرجِعُ الطَرفُ عَنها حينَ أُبصِرُها
- حَتّى يَعودَ إِلَيها الطَرفُ مُشتاقا
قصيدة فقل لمن يدعي في العلم فلسفة
فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً
- حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ
لا تَحظُرِ العَفوَ إِن كُنتَ اِمرَأً
- حَرِجاً فَإِنَّ حَظرَكَهُ في الدينِ إِزراءُ
قصيدة إن مت منك وقلبي فيه ما فيه
إِن مِتُّ مِنكَ وَقَلبي فيهِ ما فيهِ
- وَلَم أَنَل فَرَجاً مِمّا أُقاسيهِ
نادَيتُ قَلبي بِحُزنٍ ثُمَّ قُلتُ لَهُ
- يا مَن يُبالي حَبيباً لا يُباليهِ
هَذا الَّذي كُنتَ تَهواهُ وَتَمنَحَهُ
- صَفوَ المَوَدَّةِ قَد غالَت دَواهيهِ
فَرَدَّ قَلبي عَلى طَرفي بِحُرقَتِهِ
- هَذا البَلاءُ الَّذي دَلَّيتَني فيهِ
أَرهَقتَني في هَوى مَن لَيسَ يُنصِفُني
- وَلَيسَ يَنفَكُّ مِن زَهوٍ وَمِنتيهِ
- ^ أ ب صورة المجتمع في العصر العباسي الأول من خلال شعر أبي نواس، عمر بن خطاب آدم، صفحة 91-96. بتصرّف.
- ↑ عباسمحمود العقاد، أبو نواس الحسن بن هانئ، صفحة 7 -10 . بتصرّف.
- ↑ عمر بن خطاب آدم، صورة المجتمع في العصر العباسي من خلال شعر أبي نواس، صفحة 280-288. بتصرّف.
- ↑ عمر بن خطاب آدم، صورة مجتمع العصر العباسي الأول من خلال شعر أبي نواس، صفحة 96. بتصرّف.
- ↑ "ديوان أبو نواس"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 27/3/2021. بتصرّف.