الحب
الحب عاطفة حقيقية صادقة وحتمية أوجدها الله سبحانه وتعالى في جميع كائناته، ولا يتوقف الحب على الجانب الجنسي والشهواني بل يتعدى إلى الجانب النفسي والروحي، ويقوم بمزج النفوس برابط قوي ومتين من المحبة والصداقة، فالحب كالجاذبية الأرضية تمارس سلطاتها الخفية في نفس الإنسان ولا يستطيع أن يدفعها عنه ومقاومتها، ووصف أفلاطون الحب ونوره قائلًا بأنّ ابتسامة الحب تلمع بين السماء والأرض.
ومن صور الحب، الحب من طرف واحد، حيث يمكن في هذا النوع من الحب قد يعلم المحبوب ولا يبادل المُحِب المشاعر ذاتها، وقد لا يعلم المحبوب بهذه المشاعر مطلقًا، والمُحِب متعلق بالطرف الآخر تعّلقًا كبيرًا قد يصل للمستوى المَرضي، والأنانية، والغيرة الشديدة، والتملُّك الذاتي لشخص المحبوب، وقد يدخل في دوامة الوسواس القهري فكرًا وعملًا، فكثيرًا ما نقرأ في عناوين الأخبار عن جرائم القتل بدافع الحب، فأصبح الحب يحمل نزعة إجرامية مخيفة، بالوقت الذي يعد الحب هو الأمان والاستقرار.
وللحفاظ على الفرد والمجتمع من هذه النزوات المخيفة، أو الأفكار والمعتقدات الخاطئة عن الحب، يجب معرفة فنون وقوانين الحب السليم، وإيجاد الحلول المناسبة لمشاكل الحب من طرف واحد واستثمارها إيجابًا، لتبقى الحياة الإنسانية ذات اتزان واستقرار نفسي وجسمي يملؤها الأمل والسعادة والراحة.
حل مشكلة الحب من طرف واحد
الأسرة هي المصدر الأساسي للإنسان لتعليمه فنون الحب السليم والطبيعي والفطري، وتزويده بكل معاني الحب وأسماها، ومن ثم يأتي دور المدرسة والمعلمين لتعليم الفرد تقنيات الحب وتطبيق فنونه بقواعده وآدابه خاصة في مرحلة البلوغ والمراهقة التي يبدأ فيها الإنسان يبحث عن نقصه الجندري بالجنس الآخر.
وفي الرشد يبدأ الإنسان بتطبيق ما تعلمه من ضروب وفنون الحب بإيجاد شريكه ليؤسس قاعدة ثبات واتزان له من خلال الزواج، فتعليم الإنسان منذ صغره لمبادئ الحب سينمو معه ويتقنه في كبره، وفيما يأتي أمور تساهم في حل مشكلة الحب من طرف واحد:
- إقامة ورشات ودورات تدريبية عن العلاقات العاطفية وأثرها لدى طلبة المدارس والجامعات، والموظفين في إطار العمل.
- اللجوء إلى المرشد المدرسي، أو الأخصائي النفسي، لوضع خطة علاجية لتفادي أزمة الحب وإيجاد الحلول المناسبة.
- تحديد المشكلة التي يعاني منها الفرد، وسردها وكتابة ما يشعر به نتيجة هذا الحب، فهنا يبدأ الفرد بالتعرف على مشكلته.
- تحديد الآثار السلبية والإيجابية الناتجة من هذا الحب.
- تحديد الهدف من هذا الحب وما الذي يريده منها.
- وضع حلول مناسبة لحل مشكلة الحب من طرف واحد وكيفية الخروج منه.
- تجريب الحلول المقترحة للوصول إلى الحل المناسب الذي يستطيع الفرد التكيف من خلاله.
- القضاء على وقت الفراغ بالقراءة والمطالعة، والخروج مع الأصدقاء، والعبادة، وتجديد العلاقات الاجتماعية.
- ممارسة الرياضة قبل النوم تقلل من الأرق الناتج عن التفكير المشتت من مشاعر وانفعالات الحب.
- الابتعاد عن أي مصدر يبعث على القلق والتوتر، ومن ذلك التواجد في المكان الذي يوجد فيه المحبوب.
- السفر إلى الأماكن الخلابة والطبيعية، والجلوس أمام البحر وذلك لما يمتاز به بسحب الطاقة السّلبية من الإنسان وإعادة الأمل لقلبه.
وتجدر الإشارة في الختام إلى أن الحب هو السمو في النفس والروح والأخلاق، والاحترام المتبادل، والصدق، وتبادل المشاعر والانفعالات، فإن خلت العلاقات من مظاهر الحب لا بد من إعادة برمجة القلب والعقل لشخص يستحق ويُقدر هذا المعنى.