عدد ضحايا هيروشيما
كانت وما زالت النزاعات في العالم تسيطر على الجو العام، فمنذ الأزل والحروب قائمة بين الدول، والقوي يطمع بالسيطرة على الضعيف، وكل دولة تحلم بتوسيع نفوذها وزيادة سيطرتها أكثر، وهذا التوسع لن يكون إلا بالقتل والتدمير لأن الشريعة السائدة باتت شريعة الغاب والبقاء فيها للأقوى أما القيم الإنسانية لم تعد موجودة على الإطلاق.
ولعل من أبرز الحروب التي سجلها العالم الحرب العالمية الثانية، والتي لن ننسى آثارها المريرة ونتائجها الموجعة التي عادت على هذا العالم بالخراب والدمار، فقد كانت تجمع بين أقوى الدول في العالم، حيث جمعت بين دول التحالف من جهة ودول المحور من جهة أخرى. واستهلكت هذه الحرب الكثير الكثير من الأرواح والمباني والأسلحة، إضافة إلى الآثار النفسية التي خلفتها لدى الشعوب.
ولعل من أبرز الضحايا في الحرب العالمية الثانية، مدينتي هيروشيما وناكزاكي اليابانيتين، إذ تعرضت كلا المدينين إلى هجوم نووي لا إنساني من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، والسبب الرئيسي لهذا الهجوم هو رفض اليابان للخضوع لسيطرة الولايات المتحدة.
كان الهجوم على هيروشيما في نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، تحديدًا في شهر أغسطس، وهذا الهجوم النووي كان بمرحلتين، فقد ألقيت قنبلة نووية على هيروشيما وسميت بالابن الصغير، وقنبلة من نوع آخر سميت بالابن البدين وقد أسقطت على ناكازاكي، ولسوء حظ اليابان أنها كانت حقل التجارب التي جربت عليها أميركا القنبلة النووية لأول مرة بعد اكتشاف انشطار اليورانيوم.
وكان إجمالي ضحايا هيروشيما في هذا الهجوم قد تجاوز 150 ألف شخص، بـ 80 ألف حالة وفاة إضافة إلى حالات العجز والأمراض النفسية والعِلل الجسدية التي خلفها هذا الهجوم، فلم تجد الحكومة اليابانية مفرًا أمامها من الاعتراف بسيطرة الولايات المتحدة وفرض نفوذها عليها فوقعت وثيقة استسلام أنهت من خلالها هذه الحرب.
آثار قنبلة هيروشيما السلبية على اليابان وشعبها
ولكن هذا الهجوم المروع وغير الإنساني خلّف الكثير من الآثار السلبية على اليابان وشعبها، ومن أبرز هذه الآثار ما يلي:
- تدمير كامل لكل المباني ونسفها عن وجه الأرض بحيث لم يعد لها وجود أبدًا، ويعود هذا إلى قوة القنبلة والهواء الساخن الذي نجم عن انفجار القنبلة والموجات الانفجارية المرافقة له.
- اندلاع كبير للنيران في كل نواحي البلاد، فقد نتج عن الأشعة الكبيرة نيران قوية بدراجات حرارة تفوق الـ4000 درجة، والتي نتج عنها إذابة كل ما صادفها من رمال أو زجاج أو جتى بشر أحياء وأموات.
- انتشار أشعة ضارة في الهواء، فكثير من الأشعة ظهرت بعد إطلاق القنبلة وبقيت في الجو وقتًا طويلًا، الأمر الذي أدى إلى التأثير على خلايا الجسم الداخلية والصيغ الوراثية لها، إضافة إلى تأثيرها على خلايا الدماغ والجلد وأجهزة الجسم المختلفة.
- ظهور التشويه الخلقي، وهو من أهم الأمور التي بقيت شاهدة على الكارثة التي تعرضت لها اليابان، فقد أدت الأشعة ودرجات الحرارة العالية والحرائق والدمار الهائل إلى إحداث تغيير كبير في التركيب الجيني لدى شعب اليابان، الأمر الذي أدى إلى زيادة نسب الإصابة بالأمراض والتشوهات أكثر من باقي أنحاء العالم، ومع أن الوقت كان كفيلًا بتغيير هذه النسب إلا أن الناجين من العشب الياباني بقيوا يحملون نسبًا أعلى لأمراض كتيرة منها اللوكيميا عن باقي العالم.
وعلى الرغم من هذه الكارثة العظيمة والكبيرة التي تعرضت لها اليابان، إلا أنها لم تكن سببًا لتخلف هذه البلاد أو تأخرها، بل على العكس تمامًا أصبحت اليابان من أولى الدول المصنعة لليورانيوم، ومن أولى الدول التي تحترف تصنيع السلاح النووي أيضًا، كما أنها أول الدول الصناعية عالميًا، ولا توجد أي دولة تنافسها في اختراعاتها وابتكاراتها حتى أميركا مع أنها القوة العظمى في العالم.