اصعب قصيدة للاصمعي

اصعب قصيدة للاصمعي

الأصمعي

هو الإمام العلامة الحافظ أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع، عرف بالأصمعي نسبةً إلى اسم جده، أما عن الأدب العربي فهو حجّته، ولسان العرب بالفصاحة، والمعرفة العميقة في بحور اللغة العربية، وعن مولده فقد كان في مدينة البصرة عام 123 للهجرة، ثم قدم إلى بغداد إبان حكم هارون الرشيد، وعن نشأته فقد كان لمدينة البصرة الممتلئة بعلماء اللغة العربية الفضل الكبير في صقل شخصية الأصمعي ليتبوأ المكانة العليا في مقامات اللغة العربية، إذ بدأ بتعلّم القراءة والكتابة، ثم عَرج إلى تعلم القرآن الكريم فأبدع في تلاوته وتجويده، على يد العالم أبي عمرو بن العلاء البصري، وهو الأستاذ الأول للأصمعي في مختلف العلوم اللغوية والأدبية، إذ إنه كان أحد القرّاء السبع في عصره، الأمر الذي جعل منه معلمًا للكثير من الشخصيات العربية الفذّة، وبالعودة للأصمعي، فقد برع في مختلف علوم اللغة العربية بما في ذلك الشعر العربي الفصيح، وفي هذا المقال سنذكر بعض أصعب القصائد اللغوية للأصمعي.[١]


أصعب قصيدة للأصمعي

وردت عن الأصمعي العديد من القصص الجميلة أثناء ترحاله بين البدو وأهل اللغة العربية الفصحى، ومن بين القصائد التي ذكرها الأصمعي ما يأتي:[٢]

يَا فَاطِرَ الْخَلْقِ الْبَدِيعِ وَكَافِلًا

رِزْقَ الْجَمِيعِ سِحَابُ جُودِكَ هَاطِلُ

يَا مُسْبِغَ الْبَرِّ الْجَزِيلِ وَمُسْبِلَ السِّـ

ـتْرِ الْجَمِيلِ عَمِيمُ طَوْلِكَ طَائِلُ

يَا عَالِمَ السِّرِّ الْخَفِيّ وَمُنْجِزَ الْـ

وَعْدِ الْوَفِيِّ قَضَاءُ حُكْمِكَ عَادِل

عَظُمَتْ صِفَاتُكَ يَا عَظِيمُ فَجَلَّ أَنّ

يُحْصِي الثَّنَاءَ عَلَيْكَ فِيهَا قَائِلُ

الذَّنْبُ أَنْتَ لَهُ بِمَنِّكَ غَافِرٌ

وَلِتَوْبَةِ الْعَاصِي بِحِلْمِكَ قَابِل

رَبٌّ يُرَبِي الْعَالَمِينَ بِبِرِّهِ

وَنَوَالُهُ أَبَدًا إِلَيْهِمْ وَاصِلُ

تَعْصِيهِ وَهُوَ يَسُوقُ نَحْوَكَ دَائِمًا

مَا لا تَكُونُ لِبَعْضِهِ تَسْتَاهِلُ

مُتَفَضِّلٌ أَبَدًا وَأَنْتَ لِجُودِهِ

بِقَبَائِح الْعِصْيَانِ مِنْكَ تُقَابِلُ

وَإِذَا دَجَى لَيْلُ الْخُطُوبِ وَأَظْلَمَتْ

سُبْلُ الْخَلاصِ وَخَابَ فِيهَا الآمِلُ

وَآيَسْتَ مِنْ وَجْهِ النَّجَاةِ فَمَا لَهَا

سَبَبٌ وَلا يَدْنُو لَهَا مُتَناوَلُ

يَأْتِيك مِنْ أَلْطَافِهِ الْفَرَجُ الَّذِي

لَمْ تَحْتَسِبْهُ وَأَنْتَ عَنْهُ غَافِلُ

يَا مُوجِدُ الأَشْيَاءِ مِنَ أَلْقَى إِلَى

أَبْوَابِ غَيْرِكَ فَهُوَ غِرٌّ جَاهِلُ

وَمَنْ اسْتَرَاحَ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ أَوْ رَجَا

أَحَدًا سِوَاكَ فَذَاكَ ظِلٌّ زَائِلُ

عَمَلٌ أُرِيدَ بِهِ سِوَاكَ فَإِنَّهُ

عَمَلُ وَإِنْ زَعَمَ الْمُرَائي بَاطِلُ

وَإذَا رَضِيتَ فَكُلُّ شَيْءٍ هَيِّنٌ

وَإِذَا حَصَلْتَ فَكُلُّ شَيْءٍ حَاصِلُ

أَنَا عَبْدُ سُوءٍ آبِقٌ كُلٌّ عَلَى

مَوْلاهُ أَوْزَارُ الْكَبَائِرِ حَامِلُ

قَدْ أَثَقَلَتْ ظَهْرِي الذُّنُوبُ وَسَوَّدَتْ

صُحُفِي الْعُيوُبُ وَسِتْرُ غَفْوِكَ شَامِلُ

هَا قَدْ أَتَيْتَ وَحُسْنُ ظَنِّي شَافِعِي

وَوَسَائِلِي نَدَمٌ وَدَمَعٌ سَائِلُ

فَاغْفِرْ لِعَبْدِكَ مَا مَضَى وَارْزُقْهُ تَوْ

فِيقًا لِمَا تَرْضَى فَفَضْلُكَ كَامْلُ

وَافْعَلْ بِهِ مَا أَنْتَ أَهْلُ جَمِيلِهِ

وَالظَّنُّ كُلَّ الظَّنِّ أَنَّكَ فَاعِلُ


من طرائف الأصمعي

توجد العديد من القصص الطريفة التي حدثت للأصمعي في مختلف أسفاره، ومن بينها ما يأتي:[٣][٢]

قال الأصمعي لأعرابي: أتقول الشعر؟ قال الأعرابي: أنا ابن أمه وأبيه. فغضب الأصمعي فلم يجد قافية أصعب من الواو الساكنة المفتوح ما قبلها مثل (لَوْ) قال فقلت: أكمل، فقال: هات. فقال الأصمعي:

قــومٌ بنجد عهدناهــم

سقاهم الله من النو

الأعرابي: النو تلألأ في دجا ليلةٍ

حالكة مظلمةٍ لـو

فقال الأصمعي: لو ماذا؟ فقال الأعرابي: لو سار فيها فارس لانثنى

على به الأرض منطو

قال الأصمعي: منطو ماذا؟ الأعرابي: منطوِ الكشح هضيم الحشا

كالباز ينقض من الجو

قال الأصمعي: الجو ماذا؟ الأعرابي: جو السما والريح تعلو به

فاشتم ريح الأرض فاعلو

الأصمعي: أعلو ماذا؟ الأعرابي: فاعلوا لما عيل من صبره

فصار نحو القوم ينعو

الأصمعي: ينعو ماذا؟ الأعرابي: ينعو رجالًا للقنا شرعت

كفيت بما لاقوا ويلقوا

الأصمعي: يلقوا ماذا؟ الأعرابي: إن كنت لا تفهم ما قلته

فأنت عندي رجل بو

الأصمعي: بو ماذا؟ الأعرابي: البو سلخ قد حشي جلده

بأظلف قرنين تقم أو

الأصمعي: أوْ ماذا؟ الأعرابي: أو أضرب الرأس بصوانة

تقـول في ضربتها قـو

قال الأصمعي: فخشيت أن أقول قو ماذا، فيأخذ العصى ويضربني!


قصيدة صوت صفير البلبل

تُعد قصيدة صوت صفير البلبل من أكثر القصائد المتداولة في مختلف الميادين الشعرية، والتي تحكي عن قصة حدثت بين أحد الخلفاء العباسيين والشاعر الكبير الأصمعي، ولكن بالتحقيق الدقيق في هذه القصيدة وقصتها يتبين أنها قد نُسبت للأصمعي دون أيّ بيّنة، والذي يُعد من أعلام اللغة العربية العظيمة، كما أن القصيدة في طيّاتها تحتوي على العديد من الأخطاء اللغوية والتي لا يمكن أن يقع بها العلّامة الأصمعي، علاوةً على ضياع الوزن، والعديد من الأخطاء النحوية التي لا يمكن أن تصدر عن عالم لغة كالأصمعي، وهذا إن دل فإنما يدل على الجهل الكبير في التاريخ العربي العريق، بالإضافة إلى ضياع القواعد اللغوية للغة العربية لدى عامة الناس، وبالحديث عن الدلائل التي تؤكد براءة الأصمعي من القصيدة، أن المؤرخين ذكروا أن الأصمعي كان من ندماء هارون الرشيد، وأنه لم يجالس المنصور.


كما أن المنصور قد تولى الخلافة في سنة 136 وحتى 158 للهجرة، وهذا يعني أن الأصمعي كان لا زال صغيرًا مشغولًا بتلقي العلم الأمر الذي يظهر جليًّا في سيرة حياته، علاوةً على ذلك فقد كان أبو جعفر المنصور من أحرص الخلفاء على بيت مال المسلمين، الأمر الذي يُخالف القصة، إذ إنها تُظهر الخليفة المنصور على أنه لا يبالي بأموال المسلمين، إذ تقول القصة إنه أفرغ الخزينة بأكملها للأصمعي، وهذا يتنافى مع أخلاق الخلفاء العباسيين، فضلًا عن ذلك فإن القصيدة تحتوي على الكثير من المفردات التي لم ترد في معاجم اللغة العربية مثل؛ الطبطبلي والعرنجل والدمدملي، الأمر الذي يتنافى مع العلم الكبير الذي حواه الأصمعي في علوم اللغة العربية.


ولعل نسب الأشعار قد حدث كثيرًا في التاريخ العربي، إذ نُسبت العديد من القصائد لشعراء كبار وأئمة عظماء، ولكنها من القصائد الموزونة والتي قد تقارب أشعارهم، أما فيما يخص هذه القصيدة الركيكة، فعن تاريخها فقد ذكرها شيخو في كتبه الأدبية إذ يقول إنها ذُكرت لأول مرة في كتاب حلبة الكميت، لمؤلفه النواجي، وهو من الأدباء في القرن التاسع للهجرة، ثم بعد ذلك ذكرها الأتليدي في كتابه (إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني عباس)، وهو معروف بأنه رجلُ قصّاص لم يُعرف عنه شيء آخر، وذلك في عام 1100 للهجرة، أي بعد زمن بعيد من عصر الأصمعي، والحاصل من هذا كله بأن القصيدة لا تليق بالأصمعي لا وزنًا، ولا لغةً، ولا تاريخًا.[٤]


المراجع

  1. "الأصمعي شيخ العربية"، islamstory، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "من نوادر الأصمعي"، adab، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.
  3. "قصة طرائف الأصمعي مع الأعرابي"، qssas، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.
  4. "براءة الأصمعي من «صفير البلبل» (2-2)"، albayan، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :