الشاعر أبو تمام

الشاعر أبو تمام

من هو الشاعر أبو تمام؟

وُلِدَ الشاعر والأديب أبو تمام حبيب بن أوس الطائي في مدينة حوران السوريّة في قرية تُدعى "جاسم"، واختلفت الروايات حول ولادته ووفاته، فمنها ما ذَكر أنّه ولد سنة 188هـ وتوفي كهلًا سنة 232 هـ، وانتقل أبو تمام من مسقط رأسه إلى مصر وعَمِل فيها بسقي الماء في المسجد الجامع، وكان مُحبًّا لمجالسة الأدباء وسماع أحاديثهم وأدبهم، فتعلّم منهم وكان نبيهًا فطنًا مُحبًا للشعر والشعراء حتى تَمكّن من إجادة الشعر؛ فتناقل النّاس شعره وانتشر صيته حتى وصل للمعتصم خبره فاستقدمه إلى بغداد ونظّم العديد من أبيات الشعر التي نالت إعجاب المعتصم فأجازه وتفوّق حينها على الشعراء في وقته.


كان أنّ أبو تمام أسمر طويل فصيح اللسان حلو المنطق وحسن الأسلوب، وقد كان فيه ما لم يكن بغيره فقد ذكرت الكتب بأنّه كان يحفظ 14 ألف أرجوزة للعرب، إضافةً إلى العديد من المقطعات والقصائد وأبيات الشعر التي امتدح بها الخلفاء ونالت إعجابهم ومنحوه بسببها الهدايا، وقد كان شعر أبو تمام غير مُرتب حتى جمعه أبو بكر الصولي ورتّبه حسب الأحرف الأبجديّة، ثم جمعه علي بن حمزة الأصهباني ورتّبه بحسب الأنواع، وانتقل أبو تمام للعيش في مدينة الموصل العراقيّة ولم يتم بها سنتين حتى تُوفي بها[١][٢].


مؤلفات الشاعر أبو تمام

توفي الشاعر أبو تمام تاركًا وراءه العديد من المؤلفات التي ما زالت أبياتها تتردد حتى يومنا هذا، ومن هذه المؤلفات ما يلي[٣]:

  1. ديوان الحماسة.
  2. مختار أشعار القبائل.
  3. فحول الشعراء.
  4. الوحشيات وهو الحماسة الصغرى.
  5. نقائض جرير والأخطل.
  6. ديوان شعره.


كتب تناولت سيرته

ومن الكتب التي تناولت سيرته[٢]:

  1. "أبو تمام الطائي: حياته وشعره" لنجيب محمد البهبيتي المصري.
  2. "أخبار أبي تمام" للمرزباني.
  3. "هبة الأيام فيما يتعلق بأبي تمام" ليوسف البديعي.
  4. "أخبار أبي تمام" لأبي بكر محمد بن محمد الصولي.
  5. "أبو تمام" لرفيق الفاخوري.
  6. "أبو تمام" لعمر فروخ.
  7. "أخبار أبي تمام" لمحمد علي الجيلاني.



مختارات من شعر أبي تمام

فيما يلي أجمل مجموعة عن أجمل أبيات الشعر لأبي تمام في الرثاء والمدح والوصف:


شعر أبي تمام في الرثاء

من أبيات أبي تمام في الرثاء قوله[٤]:

مَضى أَهلُكَ الأَخيارُ إِلّا أَقَلَّهُم

وَبادوا كَما بادَت أَوائِلُ جُرهُمِ

فَصِرتَ كَعُشٍّ خَلَّفَتهُ فِراخُهُ

بِعَلياءِ فَرعِ الأَثلَةِ المُتَهَشِّمِ

أَحَبَّ بَنوكَ المَكرُماتِ فَفُرِّقَت

جَماعَتُهُم في كُلِّ دَهياءَ صَيلَمِ

تَدانَت مَناياهُم بِهِم وَتَباعَدَت

مَضاجِعُهُم عَن تُربِكَ المُتَنَسَّمِ

فَكُلٌّ لَهُ قَبرٌ غَريبٌ بِبَلدَةٍ

فَمِن مُنجِدٍ نائي الضَريحِ وَمُتهِمِ

قُبورٌ بِأَطرافِ الثُغورِ كَأَنَّما

مَواقِعُها مِنها مَواقِعُ أَنجُمِ

بِشاهِقَةِ البَذَّينِ قَبرُ مُحَمَّدٍ

بَعيدٌ عَنِ الباكينَ في كُلِّ مَأتَمِ

تَشُقُّ عَلَيهِ الريحُ كُلَّ عَشِيَّةٍ

جُيوبَ الغَمامِ بَينَ بَكرٍ وَأَيَّمِ

وَقَبرانِ في أَعلى النِباجِ سَقَتهُما

بُروقُ سُيوفِ الغَوثِ غَيثاً مِنَ الدَمِ

أَقَبرا أَبي نَصرٍ وَقَحطَبَةٍ هُما

بِحَيثُ هُما أَم يَذبُلٍ وَيَرَمرَمِ

وَبِالموصِلِ الزَهراءِ مُلحَدُ أَحمَدٍ

وَبَينَ رُبى القاطولِ مَضجَعُ أَصرَمِ

وَكَم طَلَبَتهُم مِن سَوابِقِ عَبرَةٍ

مَتى ما تُنَهنَه بِالمَلامَةِ تَسجُمِ

نَوادِبُ في أَقصى خُراسانَ جاوَبَت

نَوائِحَ في بَغدادَ بُحَّ التَرَنُّمِ

لَهُنَّ عَلَيهِم حَنَّةٌ بَعدَ أَنَّةٍ

وَوَجدٌ كَدُفّاعِ الحَريقِ المُضَرَّمِ

أَبا غانِمٍ أَردى بَنيكَ اِعتِقادُهُم

بِأَنَّ الرَدى في الحَربِ أَكرَمُ مَغنَمِ

مَضوا يَستَلِذّونَ المَنايا حَفيظَةً

وَحِفظاً لِذاكَ السُؤدُدِ المُتَقَدِّمِ

وَما طَعَنوا إِلّا بِرُمحٍ مُوَصَّلٍ

وَما ضَرَبوا إِلّا بِسَيفٍ مُثَلَّمِ

وَلَمّا رَأَوا بَعضَ الحَياةِ مَذَلَّةً

عَلَيهِم وَعِزَّ المَوتِ غَيرَ مُحَرَّمِ

أَبَوا أَن يَذوقوا العَيشَ وَالذَمُّ واقِعٌ

عَلَيهِ وَماتوا مَيتَةً لَم تُذَمَّمِ

وَكُلُّهُمُ أَفضى إِلَيهِ حِمامُهُ

أَميراً عَلى تَدبيرِ جَيشٍ عَرَمرَمِ

تَوَلّى الرَدى مِنهُم بِهَبَّةِ صارِمٍ

وَمَجَّةِ ثُعبانٍ وَعَدوَةِ ضَيغَمِ

حُتوفٌ أَصابَتها الحُتوفُ وَأَسهُمٌ

مِنَ المَوتِ كَرَّ المَوتُ فيها بِأَسهُمِ

تُرى البيضَ لَم تَعرِفُهُم حينَ واجَهَت

وُجوهَهُمُ في المَأزِقِ المُتَهَجِّمِ

وَلَم تَتَذَكَّر رِيَّها بِأَكُفِّهِم

إِذا أَورَدوها تَحتَ أَغبَرَ أَقتَمِ

بَلى غَيرَ أَنَّ السَيفَ أَغدَرُ صاحِبٍ

وَأَكفَرُ مَن نالَتهُ نِعمَةُ مُنعِمِ

بِنَفسي نُفوسٌ لَم تَكُن حَملَةُ العِدى

أَشَدَّ عَلَيهِم مِن وُقوفِ التَكَرُّمِ

وَلَو أَنصَفَت نَبهانُ ما طَلَبَت بِهِم

سِوى المَجدِ إِنَّ المَجدَ خُطَّةُ مَغرَمِ

دَعاها الرَدى بَعدَ الرَدى فَتَتابَعَت

تَتابُعَ مُنبَتِ الفَريدِ المُنَظَّمِ

سَلامٌ عَلى تِلكَ الخَلائِقِ إِنَّها

مُسَلَّمَةٌ مِن كُلِّ عارٍ وَمَأثَمِ

مَساعٍ عِظامٌ لَيسَ يَبلى جَديدُها

وَإِن بَلِيَت مِنهُم رَمائِمُ أَعظُمِ

وَلا عَجَبٌ لِلأُسدِ إِن ظَفِرَت بِها

كِلابُ الأَعادي مِن فَصيحٍ وَأَعجَمِ


شعر أبو تمام في المدح

هذه الأبيات مأخوذة من قصيدة السيف، وهي القصيدة التي امتدح بها أبي تمام المعتصم بالله عند فتحه العمورية[٥]:

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ

في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ

بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في

مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والرِّيَبِ 

والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ً

بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة ِ الشُّهُبِ 

أَيْنَ الروايَة ُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا

صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ

تخرُّصاً وأحاديثاً ملفَّقة ً

لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ 

وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَةٍ

إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنبِ

وصيَّروا الأبرجَ العُلْيا مُرتَّبة ً

مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ

يقضون بالأمر عنها وهي غافلة

ما دار في فلك منها وفي قُطُبِ 

يا يَوْمَ وَقْعَةِ عَمُّوريَّة َ انْصَرَفَتْ 

منكَ المُنى حُفَّلاً معسولة َالحلبِ 

أبقيْتَ جدَّ بني الإسلامِ في صعدٍ 

والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ في صَبَبِ

لبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيّاً هَرَقْتَ لَهُ 

كأسَ الكرى ورُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ 

عداك حرُّ الثغورِ المستضامة ِ عنْ 

بردِ الثُّغور وعنْ سلسالها الحصب.


شعر أبي تمام في الوصف

هذه الأبيات مأخوذة من قصيدة رقت حواشي الدهر فهي تمرمر التي يصف بها الطبيعة[٦]:

رَقَّت حَواشي الدَهرُ فَهيَ تَمَرمَرُ 

وَغَدا الثَرى في حَليِهِ يَتَكَسَّرُ 

نَزَلَت مُقَدِّمَةُ المَصيفِ حَميدَةً 

وَيَدُ الشِتاءِ جَديدَةٌ لا تُكفَرُ 

لَولا الَّذي غَرَسَ الشِتاءُ بِكَفِّهِ 

لاقى المَصيفُ هَشائِماً لا تُثمِرُ 

كَم لَيلَةٍ آسى البِلادَ بِنَفسِهِ 

فيها وَيَومٍ وَبلُهُ مُثعَنجِرُ 

مَطَرٌ يَذوبُ الصَحوُ مِنهُ وَبَعدَهُ 

صَحوٌ يَكادُ مِنَ الغَضارَةِ يُمطِرُ 

غَيثانِ فَالأَنواءُ غَيثٌ ظاهِرٌ 

لَكَ وَجهُهُ وَالصَحوُ غَيثٌ مُضمَرُ 

وَنَدىً إِذا اِدَّهَنَت بِهِ لِمَمُ الثَرى 

خِلتَ السِحابَ أَتاهُ وَهُوَ مُعَذِّرُ 

أَرَبَيعَنا في تِسعَ عَشرَةَ حِجَّةً 

حَقّاً لَهِنَّكَ لَلرَبيعُ الأَزهَرُ

ما كانَتِ الأَيّامُ تُسلَب بَهجَةً

لَو أَنَّ حُسنَ الرَوضِ كانَ يُعَمَّرُ 

أَوَلا تَرى الأَشياءَ إِن هِيَ غُيِّرَت 

سَمُجَت وَحُسنُ الأَرضِ حينَ تُغَيَّرُ 

يا صاحِبَيَّ تَقَصَّيا نَظَرَيكُما 

تَرَيا وُجوهَ الأَرضِ كَيفَ تَصَوَّرُ 

تَرَيا نَهاراً مُشمِساً قَد شابَهُ 

زَهرُ الرُبا فَكَأَنَّما هُوَ مُقمِرُ 

دُنيا مَعاشٌ لِلوَرى حَتّى إِذا 

جُلِيَ الرَبيعُ فَإِنَّما هِيَ مَنظَرُ 

أَضحَت تَصوغُ بُطونُها لِظُهورِها 

نَوراً تَكادُ لَهُ القُلوبُ تُنَوِّرُ 

مِن كُلِّ زائِرَةٍ تَرَقرَقُ بِالنَدى 

فَكَأَنَّها عَينٌ عَلَيهِ تَحَدَّرُ 

تَبدو وَيَحجُبُها الجَميمُ كَأَنَّها

عَذراءُ تَبدو تارَةً وَتَخَفَّرُ

حَتّى غَدَت وَهَداتُها وَنِجادُها 

فِئَتَينِ في خِلَعِ الرَبيعِ تَبَختَر ُ 

مُصفَرَّةً مُحمَرَّةً فَكَأَنَّها 

عُصَبٌ تَيَمَنَّ في الوَغا وَتَمَضَّرُ 

مِن فاقِعٍ غَضِّ النَباتِ كَأَنَّهُ

دُرُّ يُشَقَّقُ قَبلُ ثُمَّ يُزَعفَرُ 

أَو ساطِعٍ في حُمرَةٍ فَكَأَنَّ ما 

يَدنو إِلَيهِ مِنَ الهَواءِ مُعَصفَرُ 

صُنعُ الَّذي لَولا بَدائِعُ صُنعِهِ 

ما عادَ أَصفَرَ بَعدَ إِذ هُوَ أَخضَرُ 

خُلُقٌ أَطَلَّ مِنَ الرَبيعِ كَأَنَّهُ 

خُلُقُ الإِمامِ وَهَديُهُ المُتَيَسِّرُ 

في الأَرضِ مِن عَدلِ الإِمامِ وَجودِهِ 

وَمِنَ النَباتِ الغَضِّ سُرجٌ تَزهَرُ

تُنسى الرِياضُ وَما يُرَوَّضُ فِعلُهُ 

أَبَداً عَلى مَرِّ اللَيالي يُذكَرُ 

إِنَّ الخَليفَةَ حينَ يُظلِمُ حادِثٌ

عَينُ الهُدى وَلَهُ الخِلافَةُ مَحجَرُ

كَثُرَت بِهِ حَرَكاتُها وَلَقَد تُرى 

مِن فَترَةٍ وَكَأَنَّها تَتَفَكَّرُ

ما زِلتُ أَعلَمُ أَنَّ عُقدَةَ أَمرِها 

في كَفِّهِ مُذ خُلِّيَت تَتَخَيَّرُ 

سَكَنَ الزَمانُ فَلا يَدٌ مَذمومَةٌ 

لِلحادِثاتِ وَلا سَوامٌ يُذعَرُ 

نَظَمَ البِلادَ فَأَصبَحَت وَكَأَنَّها 

عِقدٌ كَأَنَّ العَدلَ فيهِ جَوهَرُ


المراجع

  1. ميادة كامل إسبر، شعرية أبي تمام، صفحة 13-15. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "أبو تمام"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  3. "تحميل كتب ومؤلفات أبي تمام"، لسان العرب، 12/3/2020، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021. بتصرّف.
  4. "أقصر حميد لا عزاء لمغرم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021.
  5. "قصة قصيدة السيف أصدق إنباء من الكتب"، عالم الأدب، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021.
  6. "رقت حواشي الدهر فهي تمرمر"، عالم الأدب، اطّلع عليه بتاريخ 17/2/2021.

فيديو ذو صلة :