مدينة لبدة

مدينة لبدة

مدينة لبدة

تقع مدينة لبدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في شمال قارة إفريقيا، عند مصب وادي لبدة على بعد 100 كيلو مترًا جنوب شرق طرابلس و3 كيلو مترًاعن مدينة خمس، وفي الوقت الحاضر تعد واحدة من المدن العربية التابعة لليبيا، وتأسست مدينة لبدة في القرن السابع قبل الميلاد على يد الفنيقيين، فقد كانت مستعمرة فنيقية قبل ذاك، أما في القرن السادس قبل الميلاد أصبحت جزءًا من إمبراطورية القرطاجيين، من ثم مدينة بارزة في الإمبراطورية الرومانية، كما صنفت مدينة لبدة من قبل اليونسكو منذ عام 1982 للميلاد ضمن قائمة المواقع التراثية العالمية في ليبيا.[١]

ويعود اسم هذه المدينة إلى البربرية؛ إذ يعد أحد الأسماء اليونانية وسميت قديمًا بالعديد من الأسماء منها مدينة نيبولس، ولبتس ماجنا، ولبكي، [٢]ويمتاز مناخ مدينة لبدة بدرجات حرارة حول 20 درجةً مئويةً، وتصل أعلى درجات الحرارة في هذه المنطقة في شهر تموز وآب من كل عام؛ فتتراوح بين 30 و33 درجة مئوية، بينما تسجل هذه المنطقة اقل درجات حرارة في شهري كانون الثاني وشباط.[٣]


تاريخ مدينة لبدة

يتضمن تاريخ مدينة لبدة ما يأتي:

  • قبل العهد الروماني: تاسست هذه المدينة في وقت مبكر من القرن السابع قبل الميلاد من قِبل الفنيقيين، ثم استقر فيها القرطاجيون وأصبحت مدينة بونيقية، وتعد الإمبراطورية الرومانية أهم وآخر الحضارات التي استوطنتها، إذ وصلت أَوج ازدهارها في هذا العهد، ويوجد في مدينة لبدة ميناء طبيعي عند مصب وادي لبدة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما كان يجعلها منطقة مرغوبة للزراعة والتجارة، ومستهدفة لاستيطان الحضارات.[١]
  • في العهد الروماني: أَطلق الرومان على مدينة لبدة اسم ليبتس ماجنا في النصف الثاني من القرن السابع قبل الميلاد، وأصبحت سوقًا للإنتاج الزراعي في منطقة الساحل الخصبة، فاشتهرت المدينة بتصدير زيت الزيتون ونشر الأساليب المعمارية الرومانية، ومما تميزت به المدينة أيضا هو الحمامات الرومانية التي بنيت بالطوب والرُخام، واشتهرت مدينة ليبتس ماجنا بالفِلل التي تميزت بالأرضيات الفسيفسائية، مما جعل الأرستقراطيين يفضلون بناء فِللهم على الساحل المجاور، كما أن أهم الآثارالموجودة في الوقت الحاضر في مدينة لبدة يعود أصلها إلى الإمبراطورية الرومانية.[٤]

وتوالت إنجازات الإمبراطورية الرومانية في ماجنا، إذ بنوا سدًا وقنوات ماء في جميع أنحاء المدينة لإدارة فيضان مياه وادي لبدة، وقامت مدينة ليبتس ماجنا في القرن الثاني قبل الميلاد بدعم روما في الحرب البونيقية الثالثة مع قرطاج؛ إذ سقطت قرطاج في القرن الاول قبل الميلاد، وسارعت المدينة في دعم حرب روما الأهلية التي كانت بين يوليوس قيصر وبومبي العظيم، والتي انتهت بانتصار يوليوس قيصر؛ وجرّاء ذلك فرض ضريبة باهظة من زيت الزيتون على المدينة باعتبار ذلك خطأ في الحكم.[٤]

ويعد لوسيوس سيبتيموس سيفيروس إمبراطور روماني بربري من ليبتس ماجنا، حكم ليبتس عام 193ميلادي، واستمر حكمه حتى عام 211ميلادي، وكان لوسيوس سيبتيموس سيفيروس شخصًا غير عادي؛ إذ كان أول إمبراطور أجنبي في روما، وكانت ليبتس هي مسقط رأسه ومدينته المفضلة، إذ بدأ لوسيوس سيبتيموس سيفيروس أعمال البناء في ليبتس بتحويلها إلى واحدة من أهم مدن إفريقيا، وأصبحت في ذلك الوقت منافسة لقرطاج والاسكندرية، ويعد بناء الميناء والأرصفة في لبتس ماجنا من أهم إنجازات الإمبراطور لوسيوس سيبتيموس سيفيروس؛ فأصبحت ليبتس بوابة الوصول الى إفريقيا، كما أنه بنى مركزًا تجاريًّا مهمًا وغنيًّا للغاية.[٢] تأثرت ليبتس بأزمة القرن الثالث التي أدت إلى انعدام الأمن على الحدود، إذ بدأت بالتراجع بعدما وصل ازدهارها إلى أَوجه، وبعد انهيار الإمبراطورية الرومانية تعرضت المدينة لثلاث أزمات متتالية؛ أولها الغزو الخارجي، وثانيها الانهيار الاقتصادي، وآخرها الحرب الاهلية الداخلية، وكل ذلك أدى إلى تغييرات عميقة و جوهرية في المؤسسات والمجتمع والحياة الاقتصادية.[٢]

  • بعد العهد الروماني: عام 439 سقطت ليبتس ماجنا وأصبحت مدن طرابلس تحت سيطرة المخربين، وعندما استولى الملك جازيريك على قرطاج وجعلها عاصمة له، أمر جازيريك بهدم أسوار المدينة لتبرير التمرد الذي حصل بالمدينة والذي خَسرت من خلاله الرومان إفريقيا، وخلال عام 523 قام البربر بمداهمة المدينة، وفي عام 533 أصبحت المدينة بين يدي الإمبراطورية البيزنطية بينما أصبحت عاصمة إقليمية؛ إلا أنها لم تستطع تجاوز الدمار الذي حصل في الحضارات السابقة، وفي عام 642 تمت الفتوحات العربية الإسلامية وتم التخلي عن المدينة باستثناء القوة الحامية.[٥]

عام 1920 بدأت الحفريات بالبحث عن آثار المدينة المدفونة بالرمال بواسطة عدد من العلماء الإيطاليين، إذ تعد مدينة لبدة الكبرى أفضل المدن الرومانية التي تم اكتشافها، لكن بسبب الاضطراب السياسي في ليبيا بقيت من أقل المناطق شهرةً.[٢]


المعالم السياحية في مدينة لبدة

تميزت منطقة ليبتس ماجنا بوجود الكثير من الآثار الرومانية المميزة والمدهشة في العمارة الرومانية، ومنها:[٦][٧]

  • قوس النصر لسبتيموس سيفيروس: يقع وسط مدينة ليبتس، ويعد من أهم المعالم التاريخية التي تميز هذه المنطقة، إذ تعود للإمبراطور الروماني لوسيوس سيبتيموس سيفيروس، وكانت تعد المنطقة الخاصة به.
  • منتدى سيفيران: يعد أحد المعابد الضخمة بالإضافة لعدد من المتاجر، ويبلغ طوله 170 مترًا وعرضه 80 مترًا، كما يتميز المعبد بشكله المعماري الرائع ويحتوي على واجهة ذات شكل ثُماني مع قاعدة ثلاثية.
  • ساحة الألعاب الرياضية: شيدت هذه الساحة على يد الإمبراطور هادريان، وجُددت في عهد الإمبراطور سبتيموس سيفيروس، إذ يوجد فيها مضمار للركض ومنطقة للألعاب الرياضة، ووجود هذه الساحة يدل على اهتمام أهل هذه المنطقة بالرياضة.
  • مسرح ليبتس ماجنا: يطل هذا المسرح على البحر، وبني في القرن الأول الميلادي من الأموال التي تم التبرع بها من بعض الأرستقراطيين.
  • فيلا سيلين: هو منزل خاص بمالك ثري من ليبتس ماجنا، يعود تاريخه إلى العصر البيزنطي ويشتهر بإطلالته الرائعة على البحر الأبيض المتوسط، ويتميز بزخارفه الفخمة والفسيفساء ذات التصميمات الهندسية على أرضياته، كما تتميز الفيلا بوجود تماثيل الحوريات البحرية والحيوانات.

ومما يستحق الزيارة أيضًا في هذه المدينة هو سبيل الحوريات والحمامات الرومانية وشاطئ لبدة الكبرى. تعد المدينة اليوم من أجمل المناطق الأثرية في حوض البحر الأبيض المتوسط، وتُعد واحدة من أصل خمسة أماكن سياحية في ليبيا، إذ تحتوي على الكثير من الآثار الرومانية.[٦]


المراجع

  1. ^ أ ب The Editors of Encyclopaedia Britannica (13-11-2019), "Leptis Magna"، Encyclopaedia Britannica, Retrieved 26-11-2019. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث "Leptis Magna", new world encyclopedia, Retrieved 26-11-2019. Edited.
  3. "libya", private guides africa, Retrieved 27-11-2019. Edited.
  4. ^ أ ب Mark Cartwright (26-8-2019), "Leptis Magna"، ancient history, Retrieved 26-11-2019. Edited.
  5. "LEPTIS MAGNA", wondermondo,17-11-2013، Retrieved 26-11-2019. Edited.
  6. ^ أ ب "Leptis Magna", tourslibya, Retrieved 26-11-2019. Edited.
  7. "Leptis Magna", temehu, Retrieved 26-11-2019. Edited.

فيديو ذو صلة :