محتويات
ما صحة حديث "يا فارج الهم ويا كاشف الغم"؟
ما يتداوله الناس أنّ قول يا فارج الهم ويا كاشف الغم وما يتبعه ليس بحديث[١]، ولم يقف أهل العلم على أنّ هذا الدعاء وارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أنه وعد من نشره بين الناس بأن يفرج الله همه، لكنّ ذلك لا يعني أنّه دعاء لا يصح؛ لأنّ معانيه صحيحة وواردة من النصوص، وقد وُجِدَ حديث للنبي صلى الله عليه وسلم فيه دعاء شبيه بهذا الدعاء، إلا أن في إسناده راوي كذاب، وهو حديث من أصابه دين فليتوضأ وَلْيُصَلِّ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ إلى آخره[٢].
حكم النشر والأخذ بالأحاديث الموضوعة
أجمع أهل العلم على أنّه لا يجوز نشر الأحاديث الموضوعة أو المكذوبة أو غير الصحيحة إلّا لتوضيح أنّها غير صحيحة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)[٣]، أمّا إذا كان الحديث ضعيفًا، ويتحدّث عن غير العقائد والأحكام، فإن أهل العلم أجازوا روايته، وقد ذهبت جماعة من أهل العلم أنّ رواية الحديث الضعيف والعمل به لا يجوز مطلقًا[٤].
بالنسبة للعمل بالحديث الموضوع فإنّه لا يحلّ أيضًا؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كذب عليَّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار)[٥]، وتكفي هذه الجملة للتّحقّق من درجة الحديث قبل روايته، وقال الخطيب البغدادي في كتابه الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (يجب لراوي الحديث أن لا يروي شيئًا من الأحاديث المصنوعة والباطلة، ومن فعل ذلك فإنّه يبوء بالإثم المبين، ويدخل في زمرة الكذَّابين)[٦].
كيف يمكن التحقق من الأحاديث قبل نشرها؟
يأتي الحكم على صحة الحديث أو ضعفه بعد دراسة شاقّة، تمر بمرحلتين خاصتين بالعلماء والمتخصصين بالحديث، هما[٧]:
- البحث عن ورود الحديث في كتب السنة الموثوقة جميعها، وجمع الأسانيد التي جاء بها، ودراسة أماكن التقاءها وتفرّقها.
- دراسة أسانيد الحديث المتنوعة؛ للحكم عليه من خلال معرفة درجة عدالة الرواة، ودرجة حفظهم وضبطهم للحديث، والبحث عن تتابع السند أي أنّ كل راو أخذ الحديث عن شيخه، والبحث في توافق سند الحديث ومتنه مع غيره من الأحاديث.
أمّا إذا أراد المسلم غير المتخصص في الشريعة التأكد من درجة حديث ما، فإنّه يتّبع الخطوات الآتية:
- إذا كان الحديث في صحيح الإمام البخاري، فهو صحيح.
- إذا كان الحديث في صحيح الإمام مسلم، فهو صحيح.
- إذا كان الحديث من رواية الإمام مالك في موطأه، فهو صحيح.
- إذا حكمَ أحد الأئمة على حديث بأنّه صحيح أو ضعيف، ولم يُخالفه أحد منهم فهو كذلك، وهم (البخاري، الإمام أحمد، مسلم، أبو حاتم، أبو زرعة، الدارقطني، أبو داود).
- البحث عن درجة الحديث في كتب أهل العلم، أو موقع الدرر السنية.
- كل حديث انفردت بروايته كتب الأحاديث الضعيفة، ولا يوجد في كتب أصحاب المسانيد والسنن المشهورة، فهو ضعيف.
أحاديث صحيحة في تفريج الهموم وكشف الغم
وردت العديد من الأحاديث الصحيحة لتفريج الهم وكشف الغم، ومنها[٨]:
- (من لزِم الاستغفارَ جعل اللهُ له من كلِّ ضيقٍ مخرجًا ومن كلِّ همٍّ فرَجًا ورزقه من حيث لا يحتسِبُ)[٩].
- (ينزلُ ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا حين يبقى ثلثُ الليلِ فيقول: من يَدْعُوني فأستجيبُ له؟ من يسأَلُني فأُعْطِيَه؟ من يستغفِرُني فأغفرُ له؟)[١٠].
- (قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)[١١].
- ↑ "أحاديث منتشرة لا تصح"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 31/3/2021. بتصرّف.
- ↑ "لا حرج في الدعاء بـ: يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، فرج همي..."، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 31/3/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه تخريج المسند، في شعيب الأرناؤوط، عن المغيرة بن شعبة، الصفحة أو الرقم:18240، صحيح.
- ↑ "حكم رواية الحديث الموضوع"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 31/3/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه السفاريني الحنبلي، في شرح كتاب الشهاب، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:538، صحيح.
- ↑ "حكم العمل بالحديث الضعيف والموضوع"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 31/3/2021. بتصرّف.
- ↑ "ضوابط لتمييز الحديث الصحيح من الضعيف"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 31/3/2021. بتصرّف.
- ↑ "أحاديث نبوية في تفريج الهموم وقضاء الديون"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 31/3/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:57، حسن.
- ↑ رواه ابن عبد البر، في التمهيد، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:128، صحيح.
- ↑ رواه صحيح النسائي، في الألباني، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:5491، صحيح.