القرآن الكريم
هو كلام الله -سبحانه وتعالى- المنزّل على رسوله الكريم محمد -صلّى الله عليه وسلم-، الذي بعثهُ الله تعالى مبشرًا ونذيرًا، ليُخرج الناس من الظلمات إلى النّور، ويهديهم إلى سبيل الحقّ، وقد ذكر الله تعالى فيه قصص للأنبياء السّابقين وأقوامهم، كما بيّن الله تعالى في القرآن الكريم أسماءهُ وصفاته، وجعله شريعة المسلمين؛ ففصل فيه الحلال والحرام وأصول الشريعة الإسلامية، وذكر الله تعالى صفات الجنّة والنّار، وأحوال الناس يوم القيامة، ومراحل البعث والنشور، كما أنّ فيه ذكر لدلائل قدرة الله تعالى وجملة من الآيات الكونية العظيمة، وقد جعل الله تعالى للقرآن الكريم خصائص تميزه عن باقي الكتب السماوية، وفيما يلي من المقال بيان لها[١].
خصائص القرآن الكريم
أمر الله تعالى المسلمين بقراءة القرآن الكريم، واتّباع آياته، وقد جعله الله تعالى منهاجًا للحياة القويمة والصّحيحة والسّوية، وطريقًا للرفعة والمجد، وقد جعل الله تعالى للقرآن الكريم عدّة خواص، منها[٢]:
- حفظه الله تعالى له: جعل الله تعالى القرآن الكريم محفوظًا من الزيادة والنقصان، ومنزهًا عن التحريف والضياع، وقد تكفلّ الله تعالى بنفسه في حفظه، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]، على خلاف الكتب السّماوية الأخرى التي أوكل الله تعالى حفظها للبشر فتعرّضت للتّحريف والضّياع، وقد هيّأ الله تعالى أسباب الحفظ فجعل حفظه سهلًا ميسّرًا، وسخر للقرآن علماء يدرسونه ويتدارسونه فيما بينهم ويعلّمونه لطلاب العلم.
- خاتم الرسالات: جعل الله تعالى القرآن الكريم خاتم الكتب السماوية، وهو محفوظ إلى قيام الساعة، وهو شامل لكل ما سبقه من شرائع، وكل ما يوافقه فهو حق من عند الله، وكلّ ما يُخالفه فهو إمّا باطل أو محرّف أو منسوخ، فهو أتمّ الكتب السماوية وخاتمها، قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة: 48].
- الإعجاز: ومعناه أن يعجز الخلق على أن يأتوا بمثله، وقد تحدى الله تعالى الإنس والجن بأن يأتوا بمثل آية من آياته فعجزوا عن ذلك، قال الله تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].
- بكل حرف حسنة: رتّب الله تعالى الأجر العظيم لمن يقرأ القرآن الكريم ويعمل به؛ فعن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ {ألم} حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ) [ الترغيب والترهيب| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].
- الفصاحة والبلاغة: أنزل الله تعالى القرآن الكريم بلسان عربي مبين، وجعله الله تعالى ذا أسلوبٍ عظيم، وبلاغة جليلة اجتمعت فيها المعاني الكبيرة، ومن عظيم شأن القرآن وجليل قدره أن المسلم لا يمل من كثرة تلاوته وتكرار آياته، فقد جعله الله تعالى سهلًا ميسرًا، قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [القمر: 17].
حقوق القرآن
القرآن الكريم هو حبل الله المتين، ومن تمسّك بالعمل بما جاء فيه أفلح ونجا في دنياه وآخرته، وهو من أعظم النعم التي امتنّ الله تعالى بها على المسلمين، وقد جعل الله تعالى للقرآن حقوقًا على عباده المؤمنين، ومن حقوق القرآن على المسلم ما يلي[٣]:
- حق الإيمان والتصديق بما جاء فيه: وقد جاءت العديد من آيات الله تعالى تأمر العبد بالعمل بما جاء في كتاب الله تعالى، والتصديق بالأخبار والقصص وما جاء فيه من الآيات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 136].
- حق تلاوة القرآن: هي أمر من الله تعالى لرسوله ولمن آمن به، وقد رفع الله تعالى منزلة تالي القرآن والحافظ له، ويعين المسلم على هذا الحق تعلمه للغة العربية والنطق الصحيح لمخارج الحروف، ودراسة علم التجويد، قال تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ} [النمل: 91-92]، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وهو حافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، ومَثَلُ الذي يَقْرَأُ، وهو يَتَعاهَدُهُ، وهو عليه شَدِيدٌ فَلَهُ أجْرانِ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- حق تدبر القرآن: والتدبر نوعان، الأول أن يعي السامع لآيات الله معانيها فيقف عند الوعظ والأحكام، والنوع الثاني التدبر المجمل وهو استحضار القلب عند قراءته للقرآن أو استماعه له؛ فلا ينشغل تفكيره بشيء غير القرآن.
- حق العمل به: يعني امتثال الأوامر واجتناب النواهي، وهذا هو الهدف من إنزال القرآن الكريم.
- حق الاحتكام إلى القرآن الكريم: يعني ذلك أن الحكم والقول الفصل هو حكم الله تعالى ولا يتجاوزه مهما كان؛ فالله تعالى أعلم بمصلحة الإنسان وما ينفعه في دنياه وآخرته.
- حق تعظيمه وإجلاله: ومن تعظيم القرآن الكريم حسن الاستماع والإنصات له، وعدم مسه إلا بطهارة، كما أن المسلم يحافظ على المصحف الشريف من كل أذى ممكن أن يطاله، فيبعده عن أماكن النجاسات.
- حق تبليغه: فمن واجب المسلم نشر آيات الله تعالى وتعليمها للغير، وقد حثّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، فقال: (بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَة) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
* حق الاستشفاء بالقرآن الكريم: وقد نصّ الله تعالى أن القرآن الكريم فيه شفاء للناس، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82]، وقد قيل أن من لم يستشفِ بالقرآن فلا شفاء له.
هجر القرآن
ورد فيما سبق الأجر العظيم لقارئ القرآن والعامل به، وكما رتب الله تعالى الأجر لمن يقرأ القرآن ويعمل به؛ فقد رتّب إثمًا على من يهجر القرآن ولا يعمل به، فالقرآن الكريم حجة للعبد أو عليه، وقد ذكر الامام ابن القيم -رحمه الله- خمسة أنواع لهجر القرآن، هي[٤]:
- هجر الإيمان به والاستماع أو الإنصات له.
- هجر العمل بأوامر القرآن ونواهيه وعدم الوقوف عند حدود الحلال والحرام.
- هجر الاحتكام إلى القرآن الكريم، وعدم الأخذ بمضمون الآيات.
- هجر التدبر والفهم لآيات القرآن ومعرفة الغاية والمقصد منها.
- هجر الاستشفاء والتداوي بالقرآن الكريم.
المراجع
- ↑ "القرآن الكريم"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "خصائص القرآن الكريم وحقوقه"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 10-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "من حقوق القرآن الكريم"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "أنواع هجر القرآن الكريم"، kalemtayeb، اطّلع عليه بتاريخ 8-1-2020. بتصرّف.