محتويات
كم دام احتلال فرنسا للجزائر؟
دام احتلال فرنسا للجزائر 132 عامًا، إذ فرضت فرنسا حصارًا على الجزائر عام 1827ميلادي بعد فشل القنصل الفرنسي في الردِّ على الأسئلة حول ديون فرنسا المُستحقَّة للجزائر ولتعزيز مكانة الملكية الفرنسية المتدهورة كذلك، وفي عام 1830ميلادي قرَّر الفرنسيون مواصلة احتلال الجزائر واجتياحها كاملةً لفرض الحكم الفرنسي فيها، فاستولوا على العاصمة أولًا ثمَّ ضمّوا بقية المناطق عام 1834ميلادي، فتدفّق الكثير من الأوروبيين الفلاحين والطبقات العاملة من جنوب إيطاليا وإسبانيا وفرنسا لعاصمة الجزائر، فأعادت فرنسا توزيع أراضي الأشخاص والقبائل الدينية والقُرى.
وخلال هذه الفترة ارتكبت القوات الفرنسية جرائم نهب واغتصاب وذبح وتدنيس المساجد وتدمير المقابر، وقمعوا جمهوريات البربر المُستقلّة عام 1857ميلادي لتُعلن الجزائر أنها جُزء لا يتجزأ من الأراضي الفرنسية، فتحوّل الجزائريين لرعايا فرنسيين تلقائيًا، وقد قاتل الجزائريون الغُزاة مثل المُقاوم عبد القادر الذي كُرّم كأوَّل بطل لاستقلال الجزائر إذ دعم القبائل في جميع أنحاء البلاد ليُسيطر على ثُلثي الجزائر عام 1839ميلادي، إلا إنّه هُزم على يد القائد الفرنسي الجنرال بوجو عام 1847ميلادي.
وفي عام 1871ميلادي اندلعت ثورة شرق الجزائر التي امتدّت لبقية البلاد، وسبَّبت توسعة سلطة الاستعمار وإلغاء تعهّدات الحكومة العسكرية وانتشار المظالم، وغيرها من العواقب في كافّة النواحي الدينية والثقافية والاقتصادية، وقُضي على التعليم التقليدي واستُبدل بالتعليم الفرنسي المسيحي، مما أدى لتكوين الطبقة التطوّرية التي أصبحت أساسًا في ثورة الاستقلال لاحقًا[١].
مراحل احتلال فرنسا للجزائر
وفي ما يلي مُختصر لمراحل احتلال فرنسا للجزائر[٢]:
مرحلة حصار فرنسا البحري للسواحل الجزائرية 1827-1830م
تصاعد نشاط المُعارضة ضد فرنسا وشارل العاشر لا سيما بعد حادثة المروحة، وردّت السلطات الفرنسية بأن توافق الحكومة الجزائرية على دفع التعويضات، أو مُعاقبة الجزائريين المسؤولين عن أضرار المُنشآت الفرنسية، وتسليح هذه المُنشآت مُستقبلًا، أو إعلان الجزائر بأن لا حقّ لها بالديون، وتوجّه الحاج أحمد باي بأنه لا يُريد تصعيدًا مع الفرنسيين وشدَّد على ضرورة المُراقبة، فمنحت فرنسا الجزائر فُرصة ثلاثة أيام لتنقضي دون ردّ وتُعلن فرنسا الحرب على الجزائر يوم 16 حزيران 1827ميلادي، وخلالها قُطع التموين عن الجزائر وأُغلق الباب أمام أي تدخّل من طرف الدولة العُثمانية، وحاولت فرنسا إقناع الدول الأوروبية بضرورة احتلال الجزائر، وقد تواصلت القرصنة البحرية بين الطرفين واستولى الرياس على سفينتين فرنسيتين استُرجعتا فيما بعد.
إعداد مشروع الحملة العسكرية على الجزائر
بعد أن دام الحصار على البحرية ثلاثة سنوات وفشل، خسرت فرنسا الكثير من القوات والنقود والسفن في الحصار، عدا عن فشلهم في إرغام الداي على تقديم الاعتذار، فقرَّر مجلس الوزراء الفرنسي تنظيم حملة على الجزائر عام 1830ميلادي، وحُددت أهداف الحملة بالثأر لشرف الراية وتصحيح الأخطاء التي سببت النزاع، والحفاظ على المُمتلكات من الاعتداءات والعنف، وإلغاء القرصنة ودفع الجزية.
الاستعداد الفرنسي للحملة العسكرية على الجزائر
بدأت فرنسا بتحضير الحملة بشريًا وتعيين المناصب والقيادات، وجهّزت الحملة ماديًا إذ استمرّ تجهيزها ثلاثة شهور من العمل المتواصل، وجمعت فرنسا 100 بارجة و500 سفينة تجارية، وكميةً ضخمةً من الملابس والخيام والأغطية والأغذية والأعلاف وعربات أدوات شقّ الطرق والأخشاب والحواجز وكميةً هائلةً من الخراطيش، وأكثر من 280 ألف كيلوغرام من البارود، وحصلت فرنسا على موافقة إسبانيا لاستعمال موانئها وإقامة مستشفى في ماهون لعلاج الجرحى والمرضى، ولم تلقَ الحملة رفضًا سوى من إنجلترا التي طالبت بتوضيحات خاصة لأسباب الحملة.
استعدادات الجزائر لمواجهة الحملة
استعدّت الجزائر لمواجهة الهجوم البحري الفرنسيّ ولم تستعد للهجوم البريِّ، إذ لم يُحضّر الفرسان والمدافع والخنادق، ولم يكن ابراهيم آغا قادرًا على القيادة، كما رفض اقتراحات زملائه يتوزيع الجيش وعدم تركيزه في نقطة واحدة، عدا عن عدم تحصين منطقة سيدي فرج.
انطلاق الحملة من ميناء طولون إلى سيدي فرج
انطلقت الحملة الفرنسية من ميناء طولون ونزلت بشبه جزيرة سيدي فرج غرب العاصمة التي أكدَّ نابليون في خُطّته أنَّها نُقطة ضعف الدفاع الجزائري، واستولت فرنسا على سيدي فرج لتزحف نحو المناطق الأخرى، وقرَّرت الجزائر عدم المقاومة وتقديم التنازلات كإعطاء الامتيازات للتجارة الفرنسية والتنازل عن الديون والدفع نقدًا كتعويض عن الاعتذار وتعويض نفقات الحملة، ورفضت فرنسا هذه العروض وأصرّت على تسليم العاصمة.
سقوط العاصمة و بداية الاحتلال
في عام 1830ميلادي احتلّت فرنسا العاصمة وتحوّلت أيام الحملة لأيام احتلال وتوسّع في الجزائر.
دوافع احتلال فرنسا للجزائر
كان الاحتلال الفرنسي أحد حلقات الحروب الصليبية التي شنّتها أوروبا على العالم العربي والإسلامي نتيجة الخلافات العقائدية العميقة والخلاف على المُلكية، وفي ما يلي بعص الدوافع السياسية والاقتصادية والأسباب والعوامل الداخلية والخارجية المؤدية لاحتلال الجزائر[٣]:
- ضعف دولة الجزائر بداية القرن التاسع عشر، إذ توسّع نفوذ الأتراك واليهود ولم يعد للديوان سلطة، إذ إنّها تركّزت بيد الباشوات لتُصبح المناصب تُباع وتُشترى، ما أدى لزيادة الانقلابات العسكرية وثورات الشعب الاحتجاجية، فقد حكم الجزائر 3 دايات في فترة لم تتجاوز 9 سنوات، وارتكبت الميليشات المُسلّحة العديد من المُخالفات ضد القبائل العربية والبدو والبربرية.
- التجارة مع أوروبا والتي استطاع من خلالها اليهود جمع أموال طائلةً.
- سيطرة البحرية الجزائرية على نظام الملاحة في البحر الأبيض المتوسط واشتراكها في العديد من الغزوات والمعارك لمدّة ثلاثة قرون متتالية، الأمر الذي أرهقها وأنقص عدد مدافعها.
- الهجوم الهولندي الإنجليزي على مدينة الجزائر سنة 1816ميلادي، والذي أتلف جميع سفن ميناء الأسطول الرئيسي.
- سياسة التوسُّع الفرنسي وتطلّع فرنسا للتعويض عمّا فقدته من المُستعمرات والمراكز التجارية في أمريكا والهند وغيرها، فقد خطط نابليون لجعل البحر الأبيض المتوسط بحيرةً فرنسيةً وإقامة مُستعمرات عسكرية فيها.
- مُطالبة الحكومة الجزائرية للحكومة الفرنسية بدفع الديون المُترتّبة عليها منذ عهد الثورة الفرنسية إلى رعاياها اليهود، الأمر الذي أدى لسوء تفاهم بين اليهود من جهة والقنصل الفرنسي بالجزائر من جهة أخرى.
- مشاكل فرنسا الداخلية وعدم استقرارها السياسي والمُعارضة الشديدة لحُكم الملك شارل العاشر من طرف التيار الليبرالي، فلجأ بالملك لإلهاء الشعب بالقضايا الخارجية واختلاق المشاكل مع الجزائر لاتخاذها ذريعةً للغزو.
- تطلّع فرنسا لثروات الجزائر الزراعية والمعدنية وأسواقها التجارية، وإخضاع الشعب واستغلال خيرها ومواردها، فأرض الجزائر تحتوي على مناجم ضخمةً للحديد والرصاص وكميات هائلة من الملح والبارود، والملاحات الغنيّة في سواحلها، والكنوز المُكدّسة في قصر الداي.
جرائم الاحتلال الفرنسي للجزائر
تصنّفت جرائم الاحتلال الفرنسي لعدّة أنواع[٤]:
- جرائم ضدّ الإنسانية: اشتملت على المجازر والإبادات الجماعية والجرائم بحق الإنسانية التي راح ضحاياها ملايين الجزائريين العسكريين والمدنيين دون استثناء والتعذيب والتهجير والتجويع.
- الجرائم الاقتصادية: تمثَّلت بالسلب والنهب وتدمير وتخريب المراكز التجارية والصناعية، ونهب القوى العاملة وتدمير القوى الاقتصادية للدولة والاستيلاء على مواردها.
- جرائم الدين والثقافة: تشمل تغيير ثقافة الدولة الجزائرية إلى العادات الفرنسية ونشر التعليم الفرنسي بل وتغيير أهم المعالم الدولة، وتعذيب المُسلمين لتغيير ديانتهم وهدم مساجدهم لتحويلها إلى كنائس.
المراجع
- ↑ "French Algeria 1830-1962", google, Retrieved 2020-11-21. Edited.
- ↑ الدكتورة بوزيفي وهيبة (2016-01-04)، "مراحل الغزو الفرنسي للجزائر سنة 1830"، بوزيفي وهيبة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-21. بتصرّف.
- ↑ جيلالي بشلاغم، العلاقات الجزائرية الفرنسية في ظل سياسات اليمين المتطرف، صفحة 29-32. بتصرّف.
- ↑ خولة شلالي، سلمى كلاع، جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر من خلال شهادات قادة الجيش الفرنسي، صفحة 25-68. بتصرّف.