من اين ياتي ضوء القمر

من اين ياتي ضوء القمر

مصدر ضوء القمر

عندما ننظر للسماء ليلًا فأول ما نراه هو القمر المتوهج، ولطالما استُخدم القمر في الوصف ضمن العديد من الروايات والقصائد، كما أنتج القمر العديد من الأساطير، واختلفت مسميات القمر في بعض الحضارات فأطلق عليه الرومان اسم لونا، وسماه الإغريق سيلين وأرتميس، كما دمجت بعض الأديان القديمة مراحل القمر في الطقوس وما زال البعض يفعل ذلك حتى اليوم، بالإضافة إلى الحقائق الكثيرة المعروفة اليوم حول القمر، إذ حرص علماء الفلك الأوائل على كشف الحقائق وراء مدار القمر كونه ثاني ألمع جسم في السماء بعد الشمس، لذلك فكثيرًا ما يتبادر للذهن أنه جرم سماوي مضيء لكن هذا ليس صحيح، فالقمر ليس جرمًا ذاتيّ الإضاءة كالنجوم، وإنما ببساطة يعكس الضوء القادم من الشمس[١][٢].


تغير شكل القمر

يبدو للإنسان من الأرض أن القمر يغير شكله كل ليلة، من قوس صغير إلى نصف قمر إلى قمر كامل، ويعيد الكرة دائمًا، والسبب وراء ذلك أنه من مكاننا على الأرض نرى أجزاءً مختلفةً من القمر تضيء بواسطة الشمس بينما يدور القمر في مداره الخاص، إذ يدور القمر حول الأرض وتضيء الشمس أجزاء مختلفة منه وتسمى هذه التغييرات مراحل القمر، ولا نرى سوى جانبًا واحدًا من القمر لأنه يدور حول الأرض، كما يدور أيضًا على محوره بالسرعة نفسها التي يدور بها حول الأرض ما يسمى بالدوران المتزامن، وإن الجزء الذي لا نراه من القمر يحصل على القدر نفسه من الضوء من الشمس فنسميه بالجانب البعيد لأنه يكون دائمًا على الجانب الآخر من الأرض فلا نراه، وعليه فإنه لا يوجد جانب مظلم من القمر، ويصل كلا جانبي القمر كمية ضوء الشمس نفسها، ويقع الجانب البعيد من القمر في الظلام ولا يمكن رؤيته بالعين المجردة إلا من مركبة فضائية[١][٣].


نشأة القمر وأشكاله

يقدر عمر القمر بما يقارب 4.5 مليار سنة، ويعتقد العلماء أنه نشأ عندما اصطدم جسم كبير بالأرض أدى إلى تناثر الصخور التي بدأت تدور حول الأرض ثم تجمعت معًا بفعل الجاذبية مشكلة القمر، لذا فللقمر قوة الجاذبية الخاصة به والتي تلعب الدور الأساسي في نشاط المد والجزر في المحيطات على الأرض والذي يختلف باختلاف مكان دورانه حول الأرض فيسحب الماء نحو نفسه.


كان القمر قد ضُرِب من قبل الصخور الأخرى لمدة 500 مليون سنة أثناء الاصطدام الأصلي، وهذا هو السبب في أن سطح الأقمار مغطًّى بحفر أو فوهات يبلغ عددها أكثر من 500,000 فوهة، وقد بقيت هذه الحفر موجودة حتى الآن لأنه لا يوجد جو أو نشاط للأمطار والرياح أو الطقس لتآكل السطح كما يحدث على الأرض، ويمر القمر بمراحل والتي تحدث عندما يضيء القمر من الشمس بشكل مختلف في كل مرحلة، إذ يظهر القمر على الأرض بشكل هلال صغير ثم يكتمل القمر فنسميه بدرًا ويعود إلى هلال صغير، وتقيس الدورة الشهرية مقدار الوقت الذي يستغرقه القمر للانتقال من قمر جديد إلى قمر جديد آخر، ويستغرق القمر حوالي 29 يومًا و 5 ساعات أو إجمالي 709 ساعات لإكمال دورة أو شهر قمري، وفي بعض الأحيان بالكاد يكون القمر مرئيًّا، بينما في بعض الأحيان يكون طورًا ضخمًا ومستديرًا ومشرقًا، وسبب وضوح الرؤية هو العلاقة بين الشمس والأرض والقمر عندما تنعكس الشمس على سطح القمر، سيظهر جزء أكبر من القمر في السماء، وتتلخص مراحل القمر بما يلي[٢][٣]:

  • القمر الجديد: عندما يكون القمر أقل وضوحًا ويكون بشكل شريحة صغيرة أو هلال أو غير مرئيًّا على الإطلاق.
  • الهلال: عندما يظهر القمر بشكل هلال نحيف بحوالي ثُمن حجم القمر بالكامل ويكون مرئيًّا بالعين المجردة.
  • الربع الأول: يكون ربع القمر مرئيًّا بوضوح من كوكب الأرض.
  • القمر المحدب: تُظهر هذه المرحلة نصفًا كاملًا لسطح القمر الذي يواجه الأرض.
  • القمر المكتمل: عندما يكون القمر في ألمع صورته ويظهر كدائرة كاملة مستديرة تسمى البدر.


دراسة القمر

اهتم البشر منذ آلاف السنين بدراسة القمر فرسموا صورًا لتتبع تغييراته وأنشؤوا التقاويم بناءً على هذه التغيرات، واليوم مع تطور التكنولوجيا فإننا ندرس القمر باستخدام التلسكوبات والمركبات الفضائية، فالمركبة الفضائية (Lunar Reconnaissance Orbiter) تدور حول القمر وتعيد إرسال القياسات منذ عام 2009 للميلاد، أما عمليات الهبوط على القمر فقد كانت أول مرة في 20 يوليو 1969 بواسطة نيل أرمسترونغ بمركبة أبولو 11، وحصلت الرحلة الأخيرة في ديسمبر 1972 للميلاد مع رائد الفضاء يوجين سيرنان بالمركبة أبولو 17، ثم أصبحت جميع البعثات للقمر بمركبة فضائية غير مأهولة بالبشر، ويعد القمر الجسم الوحيد الذي زاره البشر خارج الأرض والوحيد الذي أُعيدت منه عينات إلى الأرض[٣][١].


الصفات المشتركة بين الأرض والقمر

على الرغم من حجم القمر الكبير والذي يعد أكبر من حجم بلوتو إلا أنه لا يعد كوكبًا، لكنه يشترك مع الأرض في الكثير من الصفات، وأبرزها:[٣]

  • لكل من القمر والأرض ثلاث طبقات من الخارج إلى الداخل: القشرة، والستار، والنواة.
  • كل من القمر والأرض لا يزال نشطًا جيولوجيًّا، فكلاهما لا تزال لديه أسطح صخرية وتتغير التكوينات الصخرية للقمر باستمرار.
  • في وقت من الأوقات كان للقمر براكين نشطة أنتجت الحمم البركانية تمامًا مثل براكين كوكب الأرض التي لا تزال نشطة اليوم، وقد أثّر هذا النشاط على تطور القمر مثلما أثر على تطور الأرض.


خسوف القمر

يحدث خسوف القمر عندما يحجب ظل الأرض ضوء الشمس المنعكس على القمر، وكان خسوف القمر مصدرًا للرعب للناس الذين لم يفهموا سبب الخسوف لا سيما عندما يصبح للقمر شكل الكتلة الدموية، وتحتفظ وكالة ناسا ببيانات لأحداث خسوف القمر الماضية وقائمة تتنبأ بخسوف القمر حتى عام 2100 للميلاد، وتتعدد أنواع خسوف القمر، ومن أبرزها:[٤]

  • الخسوف الكلي: إذ يسقط ظل الأرض كاملًا على سطح القمر، لكن القمر لا يختفي تمامًا لأن بعض أشعة الشمس التي تمر عبر الغلاف الجوي للأرض تكون مشتتة أو تنكسر ليعاد تركيزها على القمر.
  • الخسوف الجزئي: هنا يحدث ألا تكون الشمس والأرض والقمر على المستوى نفسه تمامًا، ويحدث أن ظل الأرض يخفي جزءًا من القمر، وبحسب وكالة ناسا فإن ما يراه الناس من الأرض أثناء الخسوف الجزئي للقمر يعتمد على كيفية اصطفاف الشمس والأرض والقمر معًا.

اللون الأحمر للقمر أثناء الخسوف

استفاد الرحالة كريستوفر كولومبوس من الكسوف الدامي في عام 1504 للميلاد لتخويف السكان الأصليين في دولة جامايكا لإطعامه وطاقمه خلال رحلته الرابعة والأخيرة إلى العالم الجديد، إذ انتشر وباء ديدان السفن الذي أكل الثقوب في سفن أسطوله وأُجبر كولومبوس على التخلي عن سفينتين، كما رحب السكان الأصليون في جامايكا بطاقم كولومبوس في منازلهم وأطعموهم وبعد ستة أشهر تمرد طاقم كولومبوس وسرقوا وقتلوا بعضًا من الجامايكيين الذين أرهقهم إطعام الطاقم، فاستغل كولومبوس التقويم لديه، وتنبأ بالخسوف القمري في 29 فبراير 1504 للميلاد فالتقى زعيم المنطقة وأخبره أن الإله المسيحي غاضب من شعبه لعدم توفير الطعام ويتوقع علامة على استياء الله بعد ثلاث ليالٍ عندما يظهر البدر ملتهبًا بالغضب، وعندما جاء القمر الأحمر الدامي كان السكان الأصليون مرعوبين وينطلقون من كل اتجاه إلى السفن المحملة بالمؤن، وقبل أن تنتهي المرحلة الكاملة للخسوف قال كولومبوس إن الله قد عفا عن السكان الأصليين وسيعيد القمر، وكان الطاقم يتغذى جيدًا حتى وصلت المساعدة في نوفمبر وأبحر كولومبوس ورجاله إلى إسبانيا.


وإنّ السبب العلمي وراء لون الدم للقمر خلال الخسوف هو مرور بعض الضوء من الشمس للأرض بينما يكون القمر محجوبًا عن الشمس بالكامل، فيمر الضوء عبر الغلاف الجوي للأرض وينحني نحو القمر، وبينما تتناثر ألوان الطيف جميعها عبر الغلاف الجوي للأرض يميل الضوء للأحمر، كما ينصبّ لون شروق الشمس وغروبها على سطح القمر، وقال علماء ناسا إن اللون الدقيق الذي يظهر به القمر يعتمد على كمية الغبار والغيوم في الغلاف الجوي، فإذا وُجدت جزيئات إضافية في الغلاف الجوي مثلًا بسبب ثوران بركاني فسيظهر القمر بلون أغمق من اللون الأحمر[٤].


المراجع

  1. ^ أ ب ت "All About the Moon", NASA science, Retrieved 2019-11-25. Edited.
  2. ^ أ ب "The Moon", THE NINE PLANETS, Retrieved 2019-11-25. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث "MOON FACTS", THE PLANETS, Retrieved 2019-11-25. Edited.
  4. ^ أ ب "Lunar Eclipses: What Are They & When Is the Next One?", space, Retrieved 2019-11-25. Edited.

فيديو ذو صلة :