مدينة تدمر
مدينة تاريخية تقع جنوب وسط سوريا، وتقع على مسافة قريبة جدًّا من العاصمة السورية دمشق في الشمال الشرقي منها بمسافة تقارب 210 كم، كما أنها تقع في منتصف المسافة بين البحر الأبيض المتوسّط وبين نهر الفُرات؛ ولذلك فإنها مركز هام جدًّا نظرًا لموقعها فوق طريق تجاري رئيسي، كما كان لها دورٌ في عملية الرَّبط بين الإمبراطوريّة الرومانيّة وبين بلاد ما بين النّهرَين، وفيما يتعلق بمعنى اسمها فيشار إلى أنه يعني "مدينة النخيل"، وسوف نتحدث في هذه المقالة عن أهم آثار تدمر وتاريخها العريق[١].
آثار تدمر
تشير المعلومات إلى أن تاريخ تدمر يرجع إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، فقد نشأت على مقربة من واحة طبيعية خصبة في قلبِ الصحراء، ومع مرور الوقت تحولّت تدمر إلى مدينة رائدة على مستوى الشرق الأدنى، بالإضافة إلى كونها مركزًا تجاريًّا بالغ الأهمية فوق طريق الحرير التجاري، وتكشف المباني القائمة في قلبِ مدينة تدمر عن مدى تأثرها بالطراز العمراني الروماني واليوناني والفارسي، بالإضافة إلى ظهور أثر النمط العمراني السائد في الجزيرة العربية، ومن أهم آثار تدمر ومعالمها[٢][٣]:
- المعابد: توجد في وسط مدينة تدمر أعمدة كبيرة، وممرَات مُغطّاة، كما توجد فيها شوارع صغيرة وأبنية أثرية، كما توجد الكثير من المعابد ومنها: معبد بعل، ومعبد نبو، ومعبد بعلشمين الذي يقع في الجهة الشمالية وقد بُني في القرن الثاني الميلادي، ومعبد اللات الذي يقع في الجهة الغربية من المدينة، ومعبد يلحمون ومناة الذي يقع على قمّة جبل المنطار، كما توجد كنائس متعددة، إلى جانب وجود هيكل الموتى وقلعة فخر الدين، ومن أبرز المعابد فيها:
- معبد نابو الأثري، معلم أثري هام جدًّا وهو من أبرز آثار تدمر، ويرجع تاريخ تشييده إلى القرن الثاني الميلادي تخليدًا لمكانة إله الحكمة في بلاد ما بين النهرين، ويتخذ موقعًا مميزًا في قلبِ المدينة الأثرية، وبدأت البعثات الأثرية الفرنسية بالبحث مليًّا عن المعالم في المنطقة؛ إلى أن كُشف الستار عنه في سنة 1960م، وتشير المعلومات إلى أنه ينفرد بطريقة التصميم والبناء عن مختلف المعابد الموجودة في المنطقة؛ إذ يتخذ شكلًا منحرفًا مليئًا بالنقوش والمنحوتات على الجدران؛ فتكشف هذه النقوش الطقوس والعادات السائدة في المجتمع القديم.
- معبد بل، معبد من المعابد الشهيرة في تدمر، ويكمن السر في تشييده بتعظيم الإله في منطقة ما بين النهرين، وتنتشر في محيطه الأعمدة والطريق الرئيسي أيضًا، بالإضافة إلى وجود مسرح روماني ومعابد وأطلال ومساكن.
- معبد بعلمين، يرجع تاريخ تشييده إلى مطلع القرن الثاني قبل الميلاد.
- الشوارع الأثرية الطويلة، يقدر عدد الشوارع الأثرية بنحو ثلاثةِ شوارع على الأقل ينتهي بها المطاف إلى فناء المعبد، إلا أن المدخل الرئيسي يأتي من الجهة الجنوبية له، وتكثر في الشوارع الأعمدة المنتصبة على جوانبها، وكل عمود من هذه الأعمدة يستعرض زخارف ونقوشات رائعة ومميزة، بالإضافة إلى وجود ثلاث غرف تقترن مباشرةً مع مداخل المعبد، ويعد هذا الشارع من آثار تدمر الشهيرة؛ إذ يبدأ هذا الشارع من المدخل الرئيسي لمعبد بل ويصل إلى بوابة دمشق، كما أنه مكوّن من أربعة أقسام، القسم الأول يكون ممتدًا من بوابة المعبد إلى أن يصل إلى القوس، أمّا القسم الثاني يبدأ من القوس وينتهي عند المصلبة، والقسم الثالث يمتد من المصلبة حتى يصل إلى هيكل الموتى، والقسم الرابع والأخير يصل إلى بوابة دمشق.
- بوابة دمشق، بوابة تاريخية تتواجد في المدينة القديمة، وتحديدًا عند مدخل المنطقة المسورة، ويقع داخلها مبنى الاجتماعات والمحكمة.
- حمامات دقلديانوس، تتواجد في مدينة تدمر آثار حمام مخصص للاستحمام والسباحة ويمتاز بوجود عدد كبير من الأعمدة المصنوعة من الجرانيت المصري.
- آثار المعبد الجنائزي والسراديب والقبو.
- متحف تيترابايلون، منصة أو منطقة محاطة بالأعمدة المصنوعة من الجرانيت المصري، وقد حرصت الحكومة السورية على إعادة ترميم الأجزاء المتضررة من هذا المتحف.
- أسوار المدينة، أسوار يعود تاريخ تشييدها إلى فترة دقلديانوس.
- المسرح: يتميز هذا المسرح بأن شكله نصف الدائرة، ويبلغ قطر هذه الدائرة حوالي عشرين مترًا، كما يتألف المسرح من عدد من المدرّجات، إذ يبلغ عددها ما يقارب ثلاثة عشر مدرجًا، كما يحتوي المسرح على منصّة من أجل التمثيل.
تاريخ تدمر
من أبرز المحطات التاريخية التي مرت بها تدمر[١][٤]:
- ازدهار مدينة تدمر ازدهارًا عظيمًا في القرنين الثاني والثالث الميلاديين، فقد بدأت الأنشطة التجارية بالانطلاق في مختلف الأرجاء؛ إلا أن بعض العقبات التي تقف أمام التجارة مع الشرق كانت عائقًا، بالإضافة إلى انعدام الاستقرار في المنطقة المحيطة بحوض البحر المتوسط؛ حيث حكم الرومان.
- خضوع المناطق الجنوبية بالنسبةِ لبلاد ما وراء النهرين لحكم الساسانيين، وكانت في تلك الفترة الطرق المؤدية إلى الخليج العربي تمر بصعوباتٍ بالغة أمام أهالي تدمر، وقد أفضى ذلك إلى تسليم أسرة سبتميوس أوديناثوس الحكم على تدمر، فأصبح بذلك حاكمًا على سوريا الفينيقية قبل مجيء حكم الإمبراطور فاليريان في الفترة ما بين 253-260.
- سيطرة الملكة زنوبيا على الحكم واعتلائها ذلك، فأصبحت الملكة المسيطرة عليها، فوجهت جيوشها لغزو الأناضول "آسيا الصغرى"، بالإضافة إلى تحقيق الاستقلال عن روما تمامًا سنة 270.
- مع حلول سنة 272م تعرضت مدينة تدمر للدمار على يد الإمبراطور الروماني أوريليان بعد استرجاعه للأناضول.
- في القرن الأول والثاني بعد الميلاد باءت محاولات الأسرة السلوقية بالفشل الذريع في السيطرة على تدمر والسواحل الشرقية للبحر المتوسط، فعاد ذلك بالأثر السلبي على موقفها كحلقة وصلٍ بين الدول الغربية والعربية كطريق تجاري.
- عودة التجارة إلى مجاريها بعد إلحاق الهزيمة بالأنباط في البتراء على يد جيوش روما.
- استقبال المنطقة للإمبراطور هادريان سنة 129م، وكانت زيارة تاريخية نظرًا لإعلانها مدينة حرة، وقد فتح الأفق وقتها لجمع الضرائب وتطوير المدينة.
- تحويل تدمر إلى مستعمرة رومانية سنة 212م بأمرٍ من إمبراطور كركلا.
- منح أهالي تدمر العديد من الحقوق المتساوية مع أهالي روما، فأعفوا من الضرائب، وبدأت فترة تشييد البنيان والعمران بكل ترف، واتسعت المنطقة وشيدت المعابد.
- تفشي الصراعات وانتزاعها قوة البلاد، وفي سنة 256م تولى أوديانت حكم البلاد.
- غنى مدينة تدمر بالكثير من الآثار التّاريخيّة؛ إذ إنها قد كانت مركزًا ثقافيًّا في الماضي، بين القرنَين الأوّل والثاني الميلادي، وهي ذات فن معماري فريد من نوعه، إذ إنها تجمع بين فن العمارة وبين الحضارات المختلفة التي ظهرت في مدينة تدمر، مثل: الحضارات الرومانيّة واليونانيّة والفارسية، وقد امتزجت جميع تلك الثقافات مع الثقافة المحليّة لمدينة تدمر، إلا أنها قد تأثرت في الفن الفارسي بنسبة أكبر، وذلك خلال القرنين السّابع والثامن عشر.
- ارتباط مدينة تدمر باسم الملكة زنوبيا، قد ازدهرت تدمر ازدهارًا كبيرًا جدًّا خلال عهد الملكة زنوبيا، فقد كانت تدمر محطّ القوافل التجاريّة بين بلاد الشام وبلاد الرافدين، وقد كان يطلق على تلك المدينة الكثير من الأسماء، مثل: عروس الصحراء، واحة النخيل وأثينا الجديدة.
زنوبيا ملكة تدمر
شهدت تدمر تطورًا ملحوظًا في فترة حكم الملكة زنوبيا، فكانت محط أنظار الغرب والشرق دون استثناء؛ وقد جاء ذلك لما تتمتع به تلك المرأة من ذكاء وقوة شخصية وخبرة واسعة بالسياسة، وقد كشفت الستار عن رغبتها العارمة بالقضاء على الهيمنة الرومانية وطموحها بذلك، ودخلت الفكرة حيز التنفيذ سنة 268م عندما أرسلت جيوشها لغزو أراضي روما خلال فترة حكم الإمبراطور أوريليان، وجاء ذلك بالتزامنِ مع مرور روما بحالةٍ من التوتر الداخلي والخارجي، وأرسلت أيضًا الجيوش للسيطرة على آسيا الصغرى والطرق البرية والبحرية المؤدية إلى الشرق الأقصى، وتعظيمًا لجهودها وإنجازاتها فقد تمكنت من نيل لقب "أغسطس" ومعناه المهيب أو الجليل نظرًا لقوتها ونفوذها وثروتها، إلا أنها قد وقعت في نهاية عهدها في أسر روما، وقد قيدت بالسلاسل الذهبية؛ إلا أنها لم تتحمل ذلك الظلم والذل؛ فأقدمت على تسميم نفسها[٥].
المراجع
- ^ أ ب Gloria Lotha, Marco Sampaolo, Noah Tesch (22-2-2019), "Palmyra SYRIA"، britannica.com, Retrieved 7-10-2019. Edited.
- ↑ "Palmyra", history.com,23-8-2018، Retrieved 7-10-2019. Edited.
- ↑ Shaza,Rasha Milhem (17-5-2019), "Temple of Nabu is an important landmark in Palmyra"، sana.sy, Retrieved 7-10-2019. Edited.
- ↑ "History", lonelyplanet.com, Retrieved 7-10-2019. Edited.
- ↑ "Palmyra, Syria", atlastours.net, Retrieved 7-10-2019. Edited.