محتويات
أصغر كوكب في المجموعة الشمسية
يُعدّ عطارد أصغر الكواكب في المجموعة الشمسية، وأكثرها قربًا للشمس، وسمي بميركوري في اللاتينية تيمنًا بإله التجارة الروماني، أمّا في اللغة العربية فمصدر تسميته وفق لسان العرب طارد ومطّرَد أي المتتابع في سيره، وسريع الجري، وبهذا فاسم الكوكب يُشير للسرعة الكبيرة لدوران الكوكب حول الشمس، ويصل قطره إلى 4880 كم، وكتلته 0.055 من كتلة الأرض، ويُنهي دورته حول الشمس خلال 87.969 يومًا بالضبط، ويمتلك عطارد أعلى قيمة للشذوذ المداري مقارنةً بكواكب المجموعة الشمسية كاملةً، كما يمتلك أصغر ميل محوري من بينها[١].
من الجدير بالذكر أنّ المعلومات المتوفّرة حول الكوكب ضئيلة نسبيًا، إذ إنّ التلسكوبات الأرضية لم تكتشف سوى الأجزاء الهلالية من سطح الكوكب[١].
حجم كوكب عطارد
يبلغ قطر عطارد 4878 كم، وهو ما يُعادل حجم الولايات المتحدة القارية، ويُعادل خُمسي حجم الأرض تقريبًا، ويُشار إلى أنّه لن يبقى بذات الحجم، إذ إنّه يتقلّص بمرور الوقت، فسفينة الفضاء مارينر 10 والتابعة لوكالة ناسا اكتشفت من رحلتها للكوكب في السبعينيات معالم غير عادية تُسمّى بالمنحدرات، والتي تُشير إلى أنّ عطارد يتقلّص[٢].
من جهةٍ أخرى، تبلغ كتلة عطارد وحجمه ما يُقارب 0.055 من كتلة وحجم الأرض، وبما أنّ كتلة عطارد صغيرة وموجودة داخل جسم صغير؛ فإنّ الكوكب اعتُبر ثاني أكثر الكواكب كثافّةً في النظام الشمسي، إذ يوجد 5.427 غرام من كتلته في كل سنتيمتر مكعب، وهذا الأمر يجعله ضعيفًا غير قادر على المحافظة على غلاف جوّي كبير، إنّما يمتلك غلافًا جويًا رقيقًا ينفجر باستمرار في الفضاء نتيجة الرياح الشمسية التي يتعرّض لها[٢].
مراقبة كوكب عطارد
إنّ مراقبة عطارد تُعد معقّدةً نتيجة اقترابه من الشمس، إذ يُعيق توهجها رؤيته، ويُمكن مشاهدته لفترة ضئيلة خلال وقت الفجر والغسق، أمّا مرصد هابل الفضائي فلم يُتمكّن من مشاهدته مطلقًا حتى الآن، نتيجة منع توجيهه بالقرب من الشمس كإجراء وقائي، وأخيرًا، يُمكن مراقبة عطارد من النصف الجنوبي للكرة الأرضية بشكلٍ أكثر سهولة من ذلك من النصف الشمالي[١].
استكشاف كوكب عطارد
إنّ أول رصد لعطارد كان بواسطة التلسكوب في القرن السابع عشر عن طريق العالم غاليليو غاليلي، وتمكّن يوهان شروتر عام 1800 من رصد بعض تضاريس سطح الكوكب ومشاهدة عشرين كيلو مترًا من الجبال المرتفعة، وفي العام 1880م رسم جيوفاني إسكيبابارلي خرائط لسطح عطارد أكثر دقّةً من القياسات السابقة ليصل إلى أنّ فترة دورانه تبلغ 88 يومًا، واستمرّ رسم خرائط عطارد في الفترة اللاحقة من قبل إيغنيوس أنطونيادي، وقد أصدر الأخير كتابًا في العام 1934م يحتوي جميع خرائطه ومراقباته للكوكب[١].
في العام 1962 قام مجموعة من العلماء السوفيتيين التابعين لمعهد هندسة الرادار والإلكترونيات في الأكاديمية السوفييتية للعلوم بإرسال واستقبال أمواج رادارية وملاحظة تضاريس سطح الكوكب، ليكون الاكتشاف الأول لعطارد بواسطة الرادار، وفي العام 1965 استخدم العالم غوردون بيتنجيل المقراب الراديوي لمقراب أرسيبو الكاشوفي بهدف رصد فترة دوران الكوكب رصدًا دقيقًا لتكون النتيجة لفترة دورانه هي 58 يومًا تقريبًا[١].
تعد مركبة مارينر 10 المركبة الفضائية الأولى التي تزور عطارد، وقد أطلقتها وكالة ناسا عام 1975م، واستخدام جاذبية الزهرة لتُعادل سرعتها المدارية وتتمكّن من الاقتراب من عطارد، والتقطت المركبة صورًا قريبةً من سطح عطارد، وأظهرت العديد من الفوّهات فيه، وكشفت الكثير من التضاريس الجيولوجية كالانحدار العظيم، وحدّدت 45% من ملامح السطح[١].
يُشار إلى أنّ مارينر تمكّنت من إجراء ثلاث اقترابات من عطارد، والاقتراب الأكثر كان على ارتفاع 327 كم عن سطحه، وفي الاقتراب الأوّل رصدت عشرة حقول مغناطيسية، واستُخدم الاقتراب الثاني للتصوير، وتم الوصول إلى بيانات عديدة عن المغناطيسية في الاقتراب الثالث[١].
الخصائص العامة لكوكب عطارد
من الخصائص العامة لكوكب عطارد ما يأتي[٣]:
- يدور الكوكب حول محوره مرةً واحدةً كل 58.65 يومًا أرضيًا.
- تُقدّر جاذبية كوكب عطارد بـ0.378 من جاذبية الأرض، ويميل مداره عن دائرة البروج بما يُعادل 7 درجات، وهي نسبة كبيرة مقارنةً بغالبية الكواكب السيّارة.
تركيب كوكب عطارد ومعالم سطحه
يتكوّن كوكب عطارد من عناصر ثقيلة كالحديد، وذلك يعود لقربه من الشمس، إذ تتسبب حرارة الأخيرة بتطاير الغازات الخفيفة الموجودة في الكوكب بعيدًا خارج مداره وصولًا للكواكب التي تليه، وهذا الأمر جعل الكوكب ذا حجم صغير وكثافة مرتفعة تُساوي كثافة الأرض، وأخيرًا فإنّ الحديد يُشكّل 75% من نصف قطر الكوكب، وتُغطي النواة الحديدية قشرةً رقيقةً من الصخور البركانية، قطرها يصل إلى 600 كم تقريبًا[٣].
وضّحت الصور التي التقطتها آلة المسبار الفضائي مارينر أنّ معالم عطارد تتشابه إلى حد كبير بمعالم سطح القمر؛ إذ يمتلئ سطح كليهما بفوهات كثيرة مختلفة الأحجام، تشكّلت نتيجة اصطدام النيازك الكثيفة بسطح الكوكب خصوصًا في الفترات الأولى من تشكّل النظام الشمسي، والبعض الآخر منها يُمكن أن يكون قد تشكّل نتيجة ثورات البراكين، ومن المعالم البارزة في كوكب عطارد حوض كبير يمتد إلى مسافة 1350 كم ويُسمّى حوض كالوريس، ويُتوقّع أنّ هذا الحوض تشكّل نتيجة نيزك ضخم اصطدم بالمنطقة عند تشكّل الكوكب، مما نتج عنه زلزال قويّ شكّل الحوض والسلاسل المحيطة[٣].
من جهةٍ أخرى، يحتوي سطح الكوكب على الجليد رغم أنّه الأقرب إلى الشمس، وبهذا فإنّه ليس أكثر الكواكب حرارةً، إنّما الزهرة، ويُشار إلى أنّ القطبين الشمالي والجنوبي لعطارد يقعان في منطقة الظلّ دائمًا، مما يُتيح للجليد التشكّل هناك[٢].