حديث نبوي عن الزواج

حديث نبوي عن الزواج

الزواج

عقد الزواج أو النكاح؛ هو العقد الشرعي الذي من خلاله يُربط بين الرجل والمرأة شرعًا وقانونًا أمام الله وأمام الناس، ولهذا العقد ثلاثة أركان في الإسلام؛ الركن الأول هو الزوجان الخاليان من أية أمور تحول دون صحة الزواج؛ كنسب المحارم أو الرضاعة، أو أن يكون الرجل كافرًا في حين أن المرأة مسلمة، والركن الثاني هو الإيجاب؛ بمعنى اللفظ الصادر عن الولي بأن يقول للزوج زوجتك فلانة، وأما الركن الثالث فهو القبول من طرف الزوج أو من يقوم مقامه بأن يقول قبلت، وقد حثت الشريعة الإسلامية على الزواج في القرآن الكريم وفي السنة النبوية؛ لذا فإن الباحث في الحديث الشريف سيجد كثيرًا من الأحاديث التي دعت المؤمنين إلى الزواج وشجعت عليه، فهو من أهم العلاقات التي حرص عليها الإسلام ورغب بها؛ لذا اعتنى الإسلام بالتفاصيل المتعلقة بالزواج وآدابه وبين حقوق الزوجين تجاه بعضهما البعض لضمان الحفاظ على علاقتهما واستقرارها[١][٢].


أحاديث نبوية عن الزواج

وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي يدعو فيها الرسول الكريم إلى الزواج ويبين آثاره على الأفراد والمجتمع على حدٍ سواء، ومن هذه الأحاديث الكريمة ما يلي[٣][٤][٥]:

  • جاء ثلاثةُ رهطٍ إلى بيوتِ أزواجِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يسأَلون عن عبادةِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فلمَّا أُخبِروا كأنَّهم تقالُّوها فقالوا: وأينَ نحنُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبِه وما تأخَّر؟! قال أحدُهم: أمَّا أنا فإنِّي أُصلِّي اللَّيلَ أبدًا وقال الآخَرُ: أنا أصومُ الدَّهرَ ولا أُفطِرُ وقال الآخَرُ: أنا أعتزِلُ النِّساءَ ولا أتزوَّجُ أبدًا فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: (أنتم الَّذي قُلْتُم كذا وكذا؟ أمَا واللهِ إنِّي لأخشاكم للهِ وأتقاكم له لكنِّي أصومُ وأُفطِرُ وأُصلِّي وأرقُدُ وأتزوَّجُ النِّساءَ فمَن رغِب عن سنَّتي فليس منِّي) [صحيح ابن حبان| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط الشيخين]، في الحديث الشريف إشارة واضحة من النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى أهمية الزواج، وعلى أنه فطرة لا يمكن للإنسان السوي أن يستغني عنها، وقد عدها النبي -عليه السلام- سنة من سننه، وذكَّر المؤمنين بأن من تجنب الزواج وتركه دون أي عذر فإنه كمن ترك سنة النبي عليه الصلاة والسلام وأنكرها.
  • أمر الرسول الكريم بالزواج فقال -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشرَ الشبابِ مَنِ اسْتطاع منكمُ الباءةَ فليتزوجْ فإنَّه أغضُّ للبصرِ وأحصنُ للفرجِ ومَن لم يستطعْ فعليه بالصومِ فإنه له وِجاءٌ) [مسند أحمد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]، ففي هذا الحديث الشريف دعوة هامة من الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكل شاب مسلم قادر على الزواج، والباءة يقصد بها القدرة الجسدية على القيام بواجبات الزواج والأسرة على أتم وجه، وأيضًا القدرة المالية في الإنفاق على نفسه وعلى زوجته بما يضمن لهما حياة كريمة، كما كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يأمُرُ بالباءةِ، ويَنْهى عنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شديدًا، ويقولُ: (تَزَوَّجوا الوَدودَ الوَلودَ؛ إنِّي مُكاثِرٌ بكمُ الأنبياءَ يَومَ القيامةِ) [تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره].
  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ حقٌّ على اللهِ عونُهم المجاهدُ في سبيلِ اللهِ والمُكاتبُ الَّذي يريدُ الأداءَ والنَّاكحُ الَّذي يُريدُ العفافَ) [الترغيب والترهيب| خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]]، وفي الحديث الشريف دلالة على أن المسلم الراغب في الزواج للعفاف مُعان في تحقيق هدفه من الله تعالى.


أساس الزواج

قال تعالى: [وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] [الروم: 21]، من هذه الآية الكريمة يظهر أن الأساس الذي تقوم عليه الأسر هو المودة والرحمة بين الزوجين في الدرجة الأولى، وبين الزوجين وأولادهم، ثم بين الأولاد بعضهم البعض، فالمهم بين الزوجين هو الود والتراحم والاحترام المتبادل، لأن هذه الأمور مع الوقت تجلب الحب والتعلق وغيرها من الأمور الأخرى التي تنشأ مع الوقت ما دام الأساس الذي قام عليه هذا الزواج قوي ومتين[٦].


مقاصد الزواج في الإسلام

توجد العديد من المقاصد التي رغّب الدين الإسلامي بالزواج لأجلها، وفيما يأتي بعض أهم تلك المقاصد[٧]:

  • حفظ النسل: من الأساسيات في الحياة الكريمة، أن يسعى المرء للحفاظ على نسله وعرضه من الدنس، وقد أجمع أهل العلم أن حفظ العرض من الضروريات الخمسة في الدين الإسلامي، والتي يجب على كل مسلم أن يحافظ عليها، إضافةً لذلك فإن هذا تندرج تحته المحافظة على بناء الأسرة، التي هي اللبنة الأولى في المجتمعات، وفي ذلك يقول تعالى في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
  • عفّة النفس: من المقاصد الجليلة للزواج في الدين الإسلامي المحافظةُ على عفّة المسلم والمسلمة من دنس الزنا، وذلّة الحرام، لذلك فإن الزواج هو الوعاء الكريم لحفظ الشهوات، ومنعها من الإسهاب في بؤر الرذائل والمحرمات.
  • النسب: بالزواج تتسع دائرة التعاون بين أطياف المجتمع، واتساع روابط المصاهرة، وفي ذلك يقول عز وجل {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان:54].
  • السعادة: من المقاصد الهامة للزواج في الإسلامي أنه سبب السعادة، والسكينة، والاستقرار، فبالزواج تتحقق عواطف المودة والمحبة المشروعة بين الرجل والمرأة، وفي ذلك يقول الله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21].
  • الإنجاب: الأطفال من أجمل الأشياء في الحياة الدنيا، ولذلك كان الإنجاب من أهم المقاصد الشرعية للزواج، يقول تعالى في ذلك: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46].


أسس اختيار الزوج والزوجة

يجب أن يُبنى اختيار الزوج والزوجة على أسسٍ متينة، وذلك لتحقيق أقصى حدود السعادة والتفاهم في الحياة الزوجية، وفيما يأتي أهم تلك الأسس[٨]:

  • الدين: يتقدّمُ الدّين كل المعايير والأسس التي يمكن أن يتطلّع إليها الرجل والمرأة في اختيار شريك الحياة، إذ إن مراعاة الأمر الديني في اختيار الزوجة والزوج أمرٌ لا حياد عنه، فالزوجة المؤمنة تعين زوجها على الحياة الدنيا، والأخذ بيده إلى رضى الرحمن، وكذلك الأمر بالنسبة للزوج المؤمن، فهو السند الحقيقي الذي يأخذ بيد زوجته إلى برّ الأمان، ويراعي فيها حدود رب العالمين، وقد كان هذا الأمر مما حثّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يروي أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وينطبق هذا الأمر على المرأة أيضًا في اختيار زوجها على هذا المبدأ.
  • الحسب والأصل: من الأسس التي ينبغي مراعاتها عند الزواج، أن يختار الرجل والمرأة أهل الحسب والنسب، وهذا مما ينعكس على تربية الأولاد وصلاح أمرهم، فالمرأة ذات الحسب والنسب والدين، ستربي أولادها على هذا المبدأ، كما ينطبق هذا الأمر على الرجل أيضًا.
  • المال: يُعد المال من الأسس التي يجري عليها اختيار الزوجين لبعضهما، ولكن لا ينبغي أن لا يطغى هذا على الدين والخلق والنسب، ولعل ما نراه في هذا الزمن من تفاخر، واختيار الزوجين على الأسس المالية كان له الأثر الكبير في دمار الكثير من الأسر.
  • الجمال: الجمال من الأسس المهمة في اختيار الزوجين لبعضهما، ولكن ينبغي أن لا يتفوّق الجمال على الدين والخلق في اختيار الزوج والزوجة، مما يكون لها أثر سلبي على حياتهما، إذ يقول عليه السلام: (لا تَنكِحوا النِّساءَ لحُسنِهِنَّ، فعَسى حسنُهُنَّ أن يُرْديَهنَّ، ولا تنكِحوهُنَّ علَى أموالِهِنَّ فعَسى أموالُهُنَّ أن تُطْغيَهنَّ، وانكِحوهنَّ على الدِّينِ، فلأمَةٌ سَوداءُ خَرماءُ ذاتُ دينٍ أفضلُ) [المصدر: عمدة التفسير| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].
  • الأبكار: وهو أن تختار المرأة الرجل الذي لم يسبق له الزواج، ويختار الرجل المرأة التي لم يسبق لها الزواج، وهذا لكون قلوب الأبكار أصفى للزواج، وأجسادهم أنقى للشريك، ويقول في ذلك رسول الله: (عليكم بالأبكارِ فإنَّهنَّ أعذبُ أفواهًا وأنتقُ أرحامًا وأرضى باليسيرِ) [المصدر: تخريج مشكاة المصابيح| خلاصة حكم المحدث: حسن كما قال في المقدمة].
  • الودود والولود: المرأة الولود تحقق السكن والمودة والاستقرار، كما ينطبق ذلك على المرأة في اختيارها للزوج صاحب الباءة والقدرة على الإنجاب.
  • العقل: من الصفات التي يجب التركيز عليها في اختيار الزوجين لبعضهما، أن يكونا صاحبي عقل، فلا تتزوج المرأة الرجل الأحمق، ولا يتزوج الرجل المرأة الحمقاء.
  • تغريب النكاح: من المعايير التي يجب اتباعها في الزواج أن يكون الزوجان غير ذات قرابةٍ وثيقة، فالمرأة الغريبة تلد الولد الأنجب، كما أن العداوة لا تؤمن في الزواج وقد يفضي إلى الطلاق، مما يتسبب بالكثير من القطيعة، علاوةً على ذلك فإن أولاد الأقارب يمكن أن يُعانون من مشكلات خلقية وصحية بسبب بعض الأمراض الوراثية.


تأخر الشباب في الزواج

تعدّ العوائق الاقتصادية من المشاكل التي يعاني منها الشباب، والتي تقف في طريق زواجهم، إما لغلاء المهور، أو لغلاء التكاليف المصاحبة للزواج، وطلبات الأهل التعجيزية للرجل التي فرضها المجتمع على الشاب؛ ففي السابق لم يكن الزواج إلا بالعقد والشهود واحتفال بسيط بين الأهل، أما الآن أصبح يحتاج إلى أموال طائلة ربما لا يمكن للشاب العادي البسيط توفيرها، ولمثل هؤلاء نصح النبي الكريم بالصيام وغض البصر لأن فيه تصبيرًا للنفس وإبعادًا لها عن الهوى، كما أنه من واجب المقتدرين في المجتمع تزويج الشباب وكسب الأجر فيهم، ومن جهة أخرى تلعب العادات والتقاليد المتوارثة دورًا كبيرًا في عدم زواج عدد كبير من الفتيات إلا بمن يقربها بصلة الدم كأبناء العم وما شابه، الأمر الذي أدى إلى ازدياد العنوسة في بعض للمجتمعات[٩].


ما هو حق الزوجة على زوجها؟

لقد شرع الدين الإسلامي الكثير من الحقوق الخاصة بالمرأة على زوجها، نذكر أهمها فيما يأتي[١٠]:

  • الحقوق المالية: وهي الحقوق التي تتعلق بالجانب المالي للمرأة على زوجها، كالنفقة، والمهر، وبالرغم من أن المهر من حقوق المرأة إلا أنه ليس من شروط العقد الشرعي، كما أن حق النفقة للمرأة يقترن بالتمكين، فلها الحق فيه ما مكّنت زوجها من نفسها، وتشمل النفقة، والملبس، والمطعم، والمسكن، وما إلى ذلك من أمور لكن حسب استطاعة الرجل.
  • الحقوق المعنوية: وتتمثل حقوق الزوجة المعنوية بطيب المعاشرة، والرفق بالزوجة، وملاطفتها، ومراعاة مشاعرها، وتقديم ما يستطيعه الرجل ليؤلف قلبها، ويرضي نفسها، كما أن العدل بين الزوجات من الأمور الواجبة على الرجل في التعامل بين أزواجه، وينبغي على الزوج أيضًا عدم الإضرار بزوجته، كما أن عليه أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع زوجته.


المراجع

  1. " ملخّص مهم في أركان النّكاح وشروطه وشروط الوليّ"، الإسلام سؤال وجواب، 1999-11-28، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2019. بتصرّف.
  2. "الزواج في الإسلام"، دليل المسلم الجديد، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
  3. د. أمين بن عبدالله الشقاوي ، " الترغيب في الزواج"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
  4. أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي ، " الزواج: فضائل وفوائد وأحكام (خطبة)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
  5. "الموسوعة الحديثية"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2019. بتصرّف.
  6. د. إياد قنيبي (2014-5-19)، "أصل العلاقة بين الزوجين "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
  7. "التنبيه بذكر بعض مقاصد الزواج"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
  8. "معايير اختيار الزوج والزوجة"، islamonline، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019. بتصرّف.
  9. د.مصطفى محمد أمين، "العنوسة وخطرها على المجتمع "، العراقية، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2019. بتصرّف.
  10. "ما هي حقوق الزوج وما هي حقوق الزوجة"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :