دعاء لطلب العلم وقوة الحفظ

دعاء لطلب العلم وقوة الحفظ

العلم في الإسلام

لقد خلق الله تعالى الإنسان وهيّأه بالجوارح اللازمة لاستكشاف ما حوله، والتعلم والإدراك لكافة الجوانب التي يحتاجها في حياته الدنيا، قال تعالى في محكم التنزيل {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78]، إضافةً لذلك فقد أولى الدين الإسلامي الحنيف منزلةً عظيمةً للعلم والعلماء، فقد كان أول ما أُنزل من القرآن حثًّا على طلب العلم، قال تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1-5].


لذلك فالعلم من الجوانب الإسلامية الهامة في حياة المسلم، فبه يعرف الله، وبه يقرأ القرآن ويفهمه، وبه يعرف آيات الله في خلقه، ومدى قدرته وعلمه، ولذلك كان للعلماء فضلهم العظيم في الشريعة الإسلامية، فقد ذكرهم الله في كتابه الكريم وأثنى عليهم ومدحهم بالعلم، قال تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، كما أن العلماء ليسوا كغيرهم من الخلق فهم أصحاب الدرجات العليا عند الله، وما بوأهم هذه المنازل إلا لعلمهم فقد قال تعالى { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9]، لكن قد يعاني البعض من مشاكل مختلفة في العلم والتعلم مثل مشكلة ضعف الحفظ وهي محور حديثنا في هذا المقال[١].


دعاء لطلب العلم وقوة الحفظ

إن لطلب العلم عظيم الفائدة والنفع في حياة المسلم والمسلمة، فقد وردت في ذلك بعض الآيات والأحاديث التي تنفع في هذا الأمر، ومن بينها ما يأتي[٢][٣]:

  • ورد في القرآن الكريم من قوله تعالى {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 144].
  • ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه قال (اللهم انفعني ما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وارزقني علما ينفعني، وزدني علمًا، الحمد لله على كل حال، وأعوذ بالله من حال أهل النار) [ بلوغ المرام| خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن].
  • جاء ي القرآن الكريم قول الله تعالى {قالَ رَبِّ اشرَح لي صَدري * وَيَسِّر لي أَمري * وَاحلُل عُقدَةً مِن لِساني * يَفقَهوا قَولي} [طه: 25 - 28].


ينبغي على المسلم أن يعرف أن باب الدعاء من أفضل القربات إلى الله تعالى، كما أن الله لم يقيد العبد بألفاظ مخصصة للدعاء، وبذلك يمكن للمسلم أن يتوجه إلى الله بما أراد له أن يدعو، كما أن ما ينتشر من أدعية تردد بعدد معين وفي وقت مخصوص للعلم وقوة الحفظ، فلم ترد فيها أيّ نصوص شرعية، هذا والله أعلى وأعلم.


حكم طلب العلم في الإسلام

إن الحكم الشرعي لطلب العلم ينقسم لقسمين، فالأمور التي يجب على المسلم أن يعلمها ويتعلمها من شرائع العبادة وكيفيتها، كالصلاة والزكاة والصيام وغيرها من الأمور الواجبة على المسلم، فطلب العلم فيها فريضة تجب على كل مسلمٍ بعينه، أما الأمور الأخرى من معرفة المسائل الدقيقة الخاصة بالحدود والإفتاء وما إلى ذلك، فهي من فرض الكفاية، أي إن تعلّمه بعض المسلمين يكفي عن عامتهم، وقد ورد في طلب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه قال (طلبُ العلمِ فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ، وإِنَّ طالبَ العلمِ يستغفِرُ له كلُّ شيءٍ، حتى الحيتانِ في البحرِ) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح ]، هذا والله اعلى وأعلم[٤].


فضل طلب العلم

وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحثّ المسلم على طلب العلم، وتُبيّن فضله، وفيما يأتي بعض تلك الأحاديث[٥].

  • قال عليه الصلاة والسلام (ألا إنَّ الدُّنيا ملعونةٌ ملعونٌ ما فيها، إلَّا ذِكرُ اللَّهِ وما والاهُ، وعالِمٌ، أو متعلِّمٌ) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن].
  • قال عليه الصلاة والسلام(مثَلُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به مِنَ الهُدَى والعِلْمِ، كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أصابَ أرْضًا، فَكانَ مِنْها نَقِيَّةٌ، قَبِلَتِ الماءَ، فأنْبَتَتِ الكَلَأَ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وكانَتْ مِنْها أجادِبُ، أمْسَكَتِ الماءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بها النَّاسَ، فَشَرِبُوا وسَقَوْا وزَرَعُوا، وأَصابَتْ مِنْها طائِفَةً أُخْرَى، إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذلكَ مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ، ونَفَعَهُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ به فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومَثَلُ مَن لَمْ يَرْفَعْ بذلكَ رَأْسًا، ولَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الذي أُرْسِلْتُ بهِ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قال عليه الصلاة والسلام (من سلَكَ طريقًا يبتغي فيهِ علمًا سلَكَ اللَّهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ وإنَّ الملائِكةَ لتضعُ أجنحتَها رضاءً لطالبِ العلمِ وإنَّ العالمَ ليستغفرُ لَهُ من في السَّمواتِ ومن في الأرضِ حتَّى الحيتانُ في الماءِ وفضلُ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قال عليه الصلاة والسلام (سيأتيكُم أقوامٌ يطلبونَ العِلمَ فإذا رأيتُموهم فقولوا لَهُم مَرحبًا مَرحبًا بوصيَّةِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ واقْنوهُم قلتُ للحَكَمِ ما اقْنوهُم قالَ علِّموهُم) [صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: حسن].
  • قال عليه الصلاة والسلام (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قال عليه الصلاة والسلام (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، لَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


طلب العلم والمرأة

إن النساء في الدين الإسلامي هنّ شقائق الرجل ولهن مثل الذي لهم، فالواجب على المرأة المسلمة أن تسعى بجهدها لطلب العلم، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ترويه الشفاء بنت عبدالله قالت (دخلَ عليَّ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وأنا عندَ حفصةَ فقالَ: ألا تُعلِّمينَ هذِهِ رقيةَ النَّملةِ كما علَّمتيها الْكِتابةَ) [الآداب الشرعية| خلاصة حكم المحدث: صحيح ]، فهذا هو رسول الله يسعى في تعليم زوجته حفصة وهي في سن متقدم، لذا فالواجب أن طلب العلم من الأمور الضرورية في حياة المرأة، كما أن فعل رسول الله من التوجيهات التي يجب على الرجال الأخذ بها في تعليم نسائهم، وإن تعليم المراة لأمور دينها ودنياها يجعل منها قلعةً متينةً في وجه الغزوات الفكرية من أعداء الأمة التي لا يمكن مواجهتها إلا بالعلم، والتعليم، وجعل المرأة تعرف حدود دينها، وأمور دنياها بالعلم النافع، وبالتالي تنشئ أجيالًا من شأنها رفع الأمة وإعادة أمجادها، هذا والله أعلم[٦]


المراجع

  1. "العلم في الإسلام"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.
  2. "أدعية مأثورة في طلب العلم وزيادته"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.
  3. "أدعية المذاكرة والامتحانات على ميزان التحقيق"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.
  4. "وجوب طلب العلم"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.
  5. "الأربعون حديثا في طلب العلم وفضله"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.
  6. "الإسلام وتعليم المرأة"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :