سبب تسمية سورة الفرقان

سبب تسمية سورة الفرقان

سور القرآن الكريم

القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أنزلها الله تعالى على الرّسول عليه الصلاة والسلام، بواسطة الوحي جبريل عليه السلام، واختلفت مسمَّيات السور نسبةً إلى المواضيع أو القصص التي ذكرت فيها، وتعدَّدت مسميات السورة الواحدة أحيانًا فنجد بأن للسورة أكثر من اسم، وكل تسمية تعود لسبب ما، كما في سورة المعارج التي تسمى أيضًا بـ"سأل سائل" و"الواقع"، وقد اختلف العلماء بأسماء سور القرآن الكريم إن كانت توقيفيةً أم اجتهادًا من الصحابة رضوان الله عليهم، وذهب فريق من العلماء إلى أن جميع أسماء سور القرآن الكريم وترتيبها توقيفية، وذهب البعض الآخر إلى أن بعض أسماء السور توقيفية وهي التي ورد ذكر اسمها في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مثل الفاتحة والبقرة وآل عمران وغيرها، وبعض أسماء السور هي من اجتهاد الصحابة، وسنتحدث في هذا المقال عن سورة الفرقان، وسبب تسميتها[١].


سبب تسمية سورة الفرقان

لكل سورة من سور القرآن الكريم سبب في تسميتها، إما لقصة وردت فيها أو لشيء يميزها عن باقي السور، فالفاتحة سميت بهذا لأنها فاتحة الكتاب، وسورة البقرة سميت بهذا لأن قصة بقرة بني إسرائيل ذكرت فيها، أما سورة الفرقان فهي من السّور المكية التي نزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، وعدد آياتها سبع وسبعون آية، وترتيبها الخامس والعشرون في المصحف العثماني، وسمّيت بهذا الاسم لأنّ كلمة الفرقان ذكرت في أول آية من آياتها، فقد بدأت هذه السورة بقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [ الفرقان: 1]، والفرقان اسم من أسماء القرآن الكريم، والمقصود بتسمية القرآن بالفرقان، هو التّأكيد على أنه يفرق بين الحق والباطل؛ فلا تكاد سورة في القرآن تخلو من ذكر جانب الحق وجانب الباطل والتّفريق بينهما، وذكر ما للأول من ثواب وما للآخر من عقاب، والتَّفريق بين من صدق الحق ومن اختار الباطل[٢].


سبب نزول بعض آيات الفرقان

وقد نزلت هذه السّورة على النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما كان يتعرّض لاستهزاء كبير من قبل المشركين، وكانوا يعيرونه بالفاقة، ويعيبون عليه أنه يأكل ويمشي في الأسواق، فأنزل الله تعالى قوله: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [ الفرقان: 20]، وقال ابن عباس أن بعض آياتها نزل في جماعة من أهل الشرك أكثروا من القتل والزنا، فجاؤوا يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كفارة، فأنزل الله تعالى قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [ الفرقان: 68-73] إلى نهاية السورة.[٣]


موضوعات تضمنتها سورة الفرقان

قد تحدّثت الكثير من السّور المكية ومنها سورة الفرقان عن مواضيع العقيدة خاصة، نظرًا لما واجهته دعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت أثناء إقامته في مكة من تكذيب وظلم وافتراء، وعدم تصديق، حتى وصول الأمر إلى الاستهزاء والاعتداء، ولكن كان في تلك الآيات ما جعل المؤمنين يصبرون ويزدادون إيمانًا واحتسابًا، وهذا يؤكّد أن في القرآن سلوان للنفس عن ما يكدّرها وييئسها، ومن المواضيع المهمّة التي طرحتها سورة الفرقان: مواضيع العقيدة الإسلامية والتّوحيد والبعث والعقاب والثواب والجزاء، وهي المواضيع التي ذكرت في أغلب السور المكية، وفيما يأتي بعض الموضوعات التي تناولتها السورة الكريمة[٤]:

  • الرّد على المشركين والكافرين المكذّبين بتوحيد الله تعالى، قال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [ الفرقان: 1-2]
  • إنكار المشركين للبعث والجزاء، قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا} [ الفرقان: 4]
  • مآل الكافرين وعقابهم على التكذيب بالله تعالى، قال الله تعالى: { بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لَّا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [ الفرقان: 11-14].
  • جزاء وثواب المتّقين المؤمنين بالله وبالرسول، قال الله تعالى: {قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۚ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا * لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولً} [الفرقان: 15-16].
  • تذكر بعض قصص الأنبياء مع أقوامهم وأخذ العبرة من هذه القصص، قال الله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا * فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا * وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ۖ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا * وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَٰلِكَ كَثِيرًا} [ الفرقان: 35-38].
  • ذكر مظاهر قدرة الله تعالى وعظمته، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا * وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا } [ الفرقان: 45-49]، وقال تبارك وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا * وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان: 53-54].


المراجع

  1. "هل أسماء سور القرآن الكريم توقيفية؟"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
  2. "مقاصد سورة الفرقان"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
  3. "سبب نزول آيات مباركات من سورة الفرقان"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
  4. "مقاصد سورة الفرقان"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :