ماهو الفرق بين النفس والروح

ماهو الفرق بين النفس والروح

الفرق بين النفس والروح

الإنسان البشري ما هو إلا جسد روح؛ وكل مركب من الاثنتين جعلها الله سبحانه وتعالى مكمّلة لبعضها البعض؛ فبالجسد يتحرك الإنسان ويتحسس الأشياء من حوله، وبالروح يفكر ويعي ويحب ويكره ويدرك، وعند موت الإنسان تنفصل الروح بعيدة عن الجسد ليفنى ويعود إلى أصله التراب، ومن الجدير بالذكر أن العناصر المكونة لطبيعة الجسد هي نفسها الموجودة في عينة التربة الخصبة؛ إذ يحوي جسد الإنسان العناصر الموجودة في الطبيعية، وبه عدد من ذرات الكربون تكفي لعمل تسعة أقلام، وعدد من ذرات الفسفور تكفي لعمل 2000 رأس من أعواد الكبريت، إلى جانب عناصر متفاوته في كمياتها مثل الحديد والبوتاسيوم والمغنيسيوم ومركبات مثل الملح والسكر التي ترجع في أصلها جميعًا لنفس مكونات التراب، أما سر ماهية الروح وخفاياها لا يزال لغزًا محيرًا لدى العلماء والفلاسفة ولم يجدوا رأيًا حاسمًا من أمرها لغاية الآن، وفي هذا المقال نستعرض الفرق بين النفس والروح[١].


النفس

تحمل كلمة النفس العديد من المعاني في اللغة العربية ومنها أنها روح الإنسان وحقيقة ذاته، وقد يقال أن فلانًا أصابته نفس، وهنا يأتي معناها الحسد، أما في حال قولنا أن فلانًا فقد نَفَسَه يرتبط هذا المفهوم بمعنى الدم المصحوب بانقطاع النَفَس للجسد، وتجدر الإشارة إلى أن لفظ النفس استخدم لدى العرب للتمييز؛ إذ إن النفس تأمر الشخص بالإقدام نحو عمل أو تنهى عن عمل آخر، وجاءت كلمة النفس بمعنى الأخ في قوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [النور:61][٢].

والنّفس هي ذاك الجزء المكلف في الإنسان الذي خاطبه الشّارع في القرآن الكريم؛ فهو المحرك الأساسي، وهو الآمر الناهي والمسيطر على كل شيء، أمّا الجسد فما هو إلا الأداة المادية التي تُنفذ الأوامر التي تقرّرها النفس بناءً على المعطيات الموجودة وتجدر الإشارة أن النّفس في العلوم القديمة والحديثة تقسّم إلى ثلاثة أقسام: النّفس الأمارة بالسوء، والنفس اللوامة، والنفس المطمئنة، وسنتناول كل قسم من هذه الأقسام على حدة[٣]:

  • النفس المطمئنة: هي أرقى النّفوس وأفضلها على الإطلاق؛ فقد وعدها الله سبحانه وتعالى بالنّعيم الدائم يوم القيامة دون أي حساب أو عقاب، ووعدها أيضًا بالرّضا ودخول الجنة وهذه النفس اطمأنّت؛ لأنّها وثقت بعدل الله سبحانه وتعالى وقدرته، ولم تتوانَ لحظةً عن شكره؛ فالتزمت بكلّ أوامره وتجنّبت كل نواهيه.
  • النّفس اللوامة: هي النفس التي أقسم بها الله جل جلاله في القرآن الكريم، وبالمعنى الشائع والمتداول بين النّاس هي الضمير، أي الجزء الذي يحاسب ويؤنّب في حال اقترف الشخص أي أمر خاطئ صغيرًا كان أم كبيرًا، وكلّما كان الإنسان أكثر إيمانًا كان تأثير النفس اللوامة عليه أكبر، وكلّما كان تأثيرها عليه أكبر وصل إلى مرحلة النّفس المطمئنة التي وعدها الله سبحانه وتعالى بالرضا ودخول الجنة وكثرة العبادات والقرب من الله سبحانه وتعالى، وهي ما يزيد قوّة هذه النفس وتأثيرها على الإنسان، فالشّخص المؤمن والقريب من الله سبحانه وتعالى تلومه نفسه دائمًا على ارتكاب المعاصي وتدفعه إلى التوبة كلّما اقترف ذنبًا يغضب الله سبحانه وتعالى.
  • النفس الأمارة بالسّوء: هي النفس الشّريرة داخلنا، والتي تدفعنا دائمًا إلى اقتراف الذّنوب دون أن نفكّر بأي عواقب قد تعود على الآخرين، ودون أن نفكّر أن هذه الأفعال ستُغضب الله سبحانه وتعالى منا، وهي على النّقيض تمامًا من النفس المطمئنة، وبعد أن تعرّفنا على أقسام النفس البشرية، صار لزامًا علينا أن نحاول قدر الإمكان أن نلجم النفس الأمارة بالسوء وأن نحاول أن نحبط تأثيرها علينا، وأن نجعل النّفس المطمئنة الهدف الأول والأسمى الذي نحاول الوصول إليه، وهذا لا يكون إلا إذا أطعنا النفس اللوامة وابتعدنا عن الأمور السّيئة.


الروح

الآن أصبح لدينا تصور واضح عن النّفس، ولكن الفهم لا يزال مشوشًا وغير مكتمل فيما يخص الرّوح، وفيما يلي نتعرف على الرّوح ومميّزاتها عن الجسد والنفس[٤]:

  • الرّوح من أمر الله سبحانه وتعالى ولا يمكن أن نجد لها أي تفسير مهما بحثنا في الكتب والمراجع القديمة والحديثة، حتى أنّ العلم الحديث أبقى موضوع الرّوح معلقًا ولم يستطع أن يفسّره بوضوح كافٍ.
  • الروح هي الشيء الخفي الذي نفخه الله في الجسد ليصبح قادرًا على الحياة، وهذا الشيء الخفي يسري في كلّ جزء من أجزاء الجسد.
  • الروح لا يمكن إدراكها بأيّ حاسة من حواسنا المادية؛ لأنّها بالأصل من خارج عالمنا ولا نعلم عنها إلا ما وردنا في القرآن الكريم، وأهم ما نعلمه عنها أنها الجزء الوحيد الباقي بعد موت الإنسان وفناء الجسد.
  • إذا أراد الإنسان أن يعيش بسعادة يجب أن يعطي الجسد حقه من الراحة والغذاء والنوم وكل ما يحتاجه من ماديات، أما النّفس فيجب أن تحصل على كل الأمور التي تبعث فيها الاطمئنان والسعادة، أما الرّوح فسعادتها تكمن في القرب من الله عز وجل.


الفرق بين النفس والروح

اختلف الكثيرون في معرفة هذا؛ إذ إن بعض الناس يقولون أن النفس والروح شيء واحد والبعض يرى أنهما مختلفان؛ إذ جمعوا بينهما باللفظ وفرقوا بينهما في الحقيقة، وفيما يأتي بعض الآراء حول اختلاف وتشابه النفس والروح[٥][٦]:

  • تتحلى النفس بجانبين هما جانب روحي وآخر حيواني؛ فالنفس الروحانية هي التي يقع بها التمييز والتي تفارق الجسد عند النوم وتعود إليه في يقظته، أما الحيوانية التي لا تفارق الجسد إلا عند الموت ومسؤولة عن حركة الإنسان في الحياة.
  • النفس الإنسانية هي عينها الروح، لكن في حالة إطلالتها على عالم المادة والمكان والزمان، وعند وفاة النفس تفقد الروح تلك الإطلالة.
  • النفس نفس، والروح روح؛ إذ يعدان جوهران مختلفان على البدن ولكل منهما صفاته ومميزاته.
  • الروح مِنّة من المنان وهبة من الوهاب مرتبط بها سر الحياة، والنفس جوهر فرد مركوز فيه بالقوة جميع العلوم والمعارف وقابل لجميع الصور.
  • يمكن تشبيه الروح كالشمس في الجسد، والنفس كالقمر يتجلى فيه ضياء الشمس ويظهر فيه إشراقها.
  • يتشابه معنى الروح والنفس ويعرفان أنهما الطاقة أو القوة المدبرة المحركة للجسد؛ فإذا فارقته بالموت خرجت منه الحياة وأصبح جثة هامدة، وهي من أمر الله تعالى تسري في الجسم كما يجري الماء والبلل في الأغصان والأوراق.


الروح للمخلوقات جميعها

تمتلك جميع المخلوقات أرواحًا ساكنة داخلها؛ فالملائكة المخلوقون من النور والجن المخلوقون من النار جميعهم يمتلكون أرواحًا خاصةً بهم، وإذا كان القصد بالروح تلك القوة المحركة للجسم؛ فإن الحيوانات والطيور لها أرواح إذا فارقتها بالموت أصبحت جثثًا هامدةً، والنباتات والأشجار لديها سر يبقيها لا يسمى روحًا إنما يسمى حياة، وتسري في أجزائه بالماء؛ إذا فارقه ذبل وسقط[٦].


المراجع

  1. سيد سابق، العقائد الإسلامية، صفحة 1/223. بتصرّف.
  2. "حقيقة النفس في القرآن الكريم ومعانيها"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2-1-2020. بتصرّف.
  3. "النفس المطمئنة والنفس اللوامة والنفس الأمارة "، https://ar.islamway.net/fatwa/27830/، اطّلع عليه بتاريخ 2-1-2020. بتصرّف.
  4. سيد سابق، العقائد الإسلامية ، صفحة 221-235. بتصرّف.
  5. "بين الروح والنفس "، mbouallegue، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2020. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "هل للمخلوقات الأخرى أرواح"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2-1-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :