إثبات وجود الله بالعقل

إثبات وجود الله بالعقل

إثباتات علمية من مراحل خلق الإنسان

أُمِر كلّ مسلم مكلَّف أن ينظر في أطوار خلق الإنسان، وهو آية من آيات الله العظيمة، وأول شيء يُفصّله القرآن الكريم عن خلق الإنسان هو المواد التي خُلق منها، وهي[١]:

  • الماء، وهو أول عنصر خلق الله تعالى منه كل شيء حيّ، ما عدا الملائكة والجن؛ لأنّ الملائكة خلقت من نور، والجن خلقت من النار، قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)[٢]، ويدخل ضمن قوله تعالى (كُلَّ شَيْءٍ) الإنسان، وفي آية أخرى يقول تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا)[٣].
  • التراب، وهو ثاني مادة من موادِّ خلق آدم عليه السلام، قال تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[٤]، ثمّ يتطوّر الإنسان من التراب، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُ ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[٥]، ومع أنّ خلق آدم عليه السلام فقط كان من التراب؛ لأن حواء خلقت من ضلعه، ثمّ تناسل البشر منهما، لكنّ الفروع تتبع الأصل، وبما أنّ الأصل مخلوق من تراب، فإنّ البشر جميعهم من تراب.


مراحل خلق الإنسان الأول

ثمّ بيّن القرآن الكريم مراحل خلق الإنسان الأول (آدم عليه السلام)، وهي:

  • الطين، وينتُج من امتزاج عنصريّ الماء والتراب، قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ)[٦]، وكان هذا الطين لازبًا؛ بمعنى متماسك، (إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ)[٧].
  • الحمأ المسنون، ومعنى الحمأ الطين الأسود المتغيِّر، أمّا المسنون فهو الذي يمتلك صورة، أو الأملس، (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)[٨].
  • الصلصال، وهو الطين اليابس الذي يصدر صوتًا عند ضربه بأيِّ شيء، (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ)[٩]، والصلصال ليس الفخار؛ لأنّه لم يتعرّض للنار، ولم يُحدّد القرآن الكريم المدة الزمنية بين مرحلة وأخرى.
  • نفخ الروح، بعد أن سوَّى الله سبحانه آدم عليه السلام وصوَّره، ثمّ صار صلصالًا، نفخ فيه الروح، (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)[١٠]، وهذا دليل على أنّ الروح يملكها الله، ولا يعرفها أحد.


مراحل خلق الإنسان في بطن أمه

بعد ذلك بيّن القرآن الكريم مراحل خلق الإنسان في بطن أمه، وهي: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[١١].

  • النطفة، وهي مزيج من ماء الرجل وماء المرأة، يختلطان بعد الجماع، بعد أن يندمج حيوان منوي واحد من الرجل مع بويضة المرأة، ويلقّحها.
  • العلقة، وهي قطعة دم جامدة، يُخلق الجنين منها.
  • المضغة، وهي قطعة صغيرة من اللحم، تمرّ بمرحلتين، الأولى غير مخلّقة، تستمرّ من الأسبوع الثالث حتى الرابع، والمخلقة التي تبدأ بعد نهاية الأسبوع الرابع، وتنتهي مرحلة المضغة في نهاية الشهر الثالث.
  • العظام، تبدأ قطعة اللحم بالتحول إلى هيكل عظمي.
  • كساء العظام باللحم، بعد أن تتشكل العظام تمامًا، تبدأ العضلات واللحم بالالتفاف حولها.
  • الخلق الآخر (نفخ الروح)، تكون هذه النفخة بعد مرحله العلقة بحوالي أربعة أشهر، ثم يبدأ بتكوين صفاته الجسدية والشكليّة.


دليل الفطرة في عمق النفس البشرية

دلالة الفطرة من أقوى الأدلة على وجود الله، فهي الأساس الذي تبنى عليه المعارف جميعها، وأولها معرفة الخالق تبارك وتعالى، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)[١٢]، ومن براهين الفطرة الإنسانية[١٣]:

  • التدين والتأكيد على وجود الخالق أمر فطري موجود في كل النفوس، يشترك فيه الناس كافة، منذ ظهور البشرية.
  • جميع الناس يلجأون فطريًّا إلى الخالق عندما يكونون في مصيبة.
  • جميع البشر يشعرون بعجز ذاتيّ، ينميّ لديهم الشعور بحاجة وجود الله في حياتهم.


إثباتات علمية على وجود الله من عالم الحيوان

خلق الحيوانات دليل واضح على عظمة الله تعالى، (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)[١٤]، ومعنى الآية أنّ للحيوانات أممًا وقبائل، وألوانًا وأشكالًا، وأجناسًا وأنواعًا، وأعدادها هائلة لا يحصيها أحد إلا الله، ومنها من يمشي على بطنه أو على رجليه أو على أربع أو يطير بجناحيه، أو يسبح في البحار، (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[١٥]، ومن دلائل وجود الله من عالم الحيوان الأخرى[١٦]:

  • الطير، (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ)[١٧]، وتعني الآية الكريمة أنّ الطيور تطير بأجنحتها وتقبضها بسهولة، ويد الله تمسكها وتمسك ما في السموات والأرض.
  • النحل، (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[١٨]؛ وخلق مجتمع النحلِ إعجاز عظيم؛ فقد هداها الله لتطير إلى المراعي وتعود إلى بيوتها، ثمّ تخرِج من بطونها عسلًا لذيذًا، مختلف الألوان، وفيه شفاء للناس.
  • البعوضة، (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا)[١٩]، وهذه الحشرة الصغيرة قد لا يهتمّ بها أحد، لكنّها تنقل العديد من الأمراض، مثل الحمى الصفراء، ولديها أجهزة في جسمها لتلتقط الأجسام بناءً على درجة حرارة جسمها، وفي عين البعوضة، حوالي 100 عين دقيقة[٢٠].
  • العنكبوت، والعنكبوت هي أنثى (العنكب)، وقد ثبت علميًّا أنّ ذكر العنكبوت لا يستطيع بناء بيته، وقد بيّن القرآن الكريم أنّ أنثى العنكبوت هي من تبنيه، كما أنّ الخيوط من لعابها، ولديها ثلاثة مغازل أسفل بطنها[٢١].


الأدلة الكونية على وجود الله

هناك العديد من الآيات القرآنية التي تدلّ على وجود الله، ومنها (إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)[٢٢]، وهذه الآية توضّح ستّ آيات كونية، هي[٢٣]:

  • خلق السموات الأرض، الذي لا يمكن أن يقدر عليه إلا الله.
  • تعاقب الليل والنهار واختلاف طبيعتهما؛ فهما ليسا متساويين طيلة السنة.
  • جريان السفن في البحر مع أنّها ضخامة وكبيرة، ومحمّلة بأطننا من المواد.
  • نزول المطر من السماء لإحياء نباتات الأرض وزروعها بعد أن كانت جدباء ميتة.
  • تسيير الرياح الحارة والباردة والملقحة وغير الملقحة، وتغير اتجهاتها، فمنها الشرقية والغربية والجنوبية والشمالية.
  • السحاب المتكوِّن بين السماء والأرض، الذي يسوقه الله من بلد لآخر، ويحمل الأمطار بحسب إرادة الله.
  1. "أطوار خلق الإنسان في القرآن (بين الإعجاز التربوي والإعجاز العلمي) "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2021. بتصرّف.
  2. سورة الأنبياء، آية:30
  3. سورة الفرقان، آية:54
  4. سورة آل عمران، آية:59
  5. سورة غافر، آية:67
  6. سورة السجدة، آية:7
  7. سورة الصافات، آية:11
  8. سورة الحجر، آية:26
  9. سورة الرحمن، آية:14
  10. سورة ص، آية:71-72
  11. سورة المؤمنون، آية:12-14
  12. سورة الروم، آية:30
  13. البشير عصام، "أدلة وجود الله 8..دليل الفطرة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2021. بتصرّف.
  14. سورة الأنعام، آية:38
  15. سورة النور، آية:45
  16. " خلق الحيوانات"، الكلم الطيب، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2021. بتصرّف.
  17. سورة الملك، آية:19
  18. سورة النحل، آية:68-69
  19. سورة البقرة، آية:26
  20. يحيى بن موسى الزهراني، "البعوضة المعجزة الإلهية"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2021. بتصرّف.
  21. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي (6/5/2016)، "الهندسة العنكبوتية"، طريق القرآن، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2021. بتصرّف.
  22. سورة البقرة، آية:164
  23. "جامع الأدلة على وجود الله مع نقد شبهات الملاحدة دليل النظام والإبداع "، طريق الإسلام، 18/4/2016، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :