فوائد غض البصر علميا

فوائد غض البصر علميا

إطلاق البصر

النظر المحرم والمعروف في الشريعة الإسلامية هو النظر الذي يُرافقه اطّلاع على العورات المكشوفة، أو الاطّلاع على ما لم يحل الاطّلاع عليه، مثل إطلاق الرجل بصره إلى من حوله من النّساء، دون التحكّم بهذا النظر، فالنظرة الأولى والخارجة عن إرادة الشخص مغفورة، أمّا ما يليها من نظر فهو يدخل في إطار النظر المحرّم، والآيات الكريمة في القرآن كثيرة ومتنوعة، والتي تأمر المؤمن والمؤمنة على حدٍ سواءٍ بغض البصر، وعند الحديث عن إطلاق البصر لا يمكن حصر الأمر فقط بالنظرة الشهوانية للجنس الآخر، مثل نظر الرجل إلى النساء المتبرجات، أو نظر المرأة إلى الرجال الأجانب، أو النظر إلى ما حرم الله في هذا الصدد، بل الأمر أعمق من ذلك، فإطلاق النظر قد يكون بالنظر إلى ما في أيدي الآخرين من نِعم، كالأزواج والأبناء والأموال[١][٢].


فوائد غض البصر

لم يحرم الله تعالى شيئًا على الناس إلا وفي فعله مضرة لهم، ومما حرمه الله تعالى إطلاق البصر إلى ما نهي المرء عن النظر إليه، فهو يفسد القلب، ويفقد المرء حلاوة الإيمان، ويورث في القلب قسوةً وغفلةً عن الآخرة، ويُعرِّض الشخص للقلق والاكتئاب، وقد رتّب الله تعالى أجرًا عظيمًا لمن غضّ بصره، وجعل فيه فائدةً تعود على المسلم في دنياه وآخرته، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- ست فوائد لغض البصر، وهي[٣]:

  • غض البصر يُعطي الشخص نورًا في قلبه ينعكس على جوارحه ويُشرق وجهه، والنظر الحرام يُعطي سوادًا في القلب ينعكس على وجه المرء وجوارحه.
  • غض البصر يُكسب المؤمن ملكة الفراسة، وهي نور يضعه الله تعالى في قلب من شاء من عباده، فيُطلق الله تعالى بصيرة عبده إلى ما فيه صلاحه في الدنيا والآخرة، فالله تعالى يجزي بالإحسان إحسانًا.
  • غض البصر يُخلّص قلب المسلم من الحسرة، فإذا أطلق المرء بصره أصبح يشتهي ما لا يملك، وهو بذلك يؤذي قلبه ويفعل به ما يفعله السهم بالرميّة.
  • غض البصر يُخلص المرء من استعباد الشيطان واتباع الشهوات المحرمة، فيعطي القلب قوةً وشجاعةً وثباتًا يُعطيه سلطانًا للحجة والبرهان، وقد ورد في الأثر أن من يخالف هواه يهرب الشيطان من ظله.
  • غض البصر يُعطي العبد شعورًا بالراحة والسكينة والسرور، فهو لم ينظر لما في أيدي الناس ولم يشتهِ ما لن يستطيع الحصول عليه، فإن كبح جماح شهوته وتمكَّن من حفظ بصره جازاه الله تعالى بسرور يُلازم قلبه.
  • غض البصر يُقرب العبد من الجنة، ويسد عنه بابًا من أبواب جهنم، فإطلاق البصر بوابة لإطلاق الجوارح للحرام، الذي يُردي صاحبه في نار جهنم.


أمورتُعين على غض البصر

وجب على المسلم غض بصره عن كل ما لا يحل له، وقد يقع بصره دون قصد على ما لا يجوز النظر إليه، وتُسمى هذه النظرة نظرة الفجأة، وهو غير آثم عليه إذا أسرع في غض بصره حالما وقع منه ذلك، أما إذا أطال النظر وأطلق البصر فهو آثم، وتوجد وسائل متعددة تُعين المسلم على غض بصره، منها[٢]:

  • أن يتذكر المسلم اطِّلاع الله تعالى عليه ومراقبته له، فالله تعالى لا تخفى عليه خافية، وإن خفيت على الناس نظرة الخائن فلن تخفى عن الله تعالى.
  • أن يدعو المسلم ربه تبارك وتعالى ويتوسل إليه فيحفظه من الحرام.
  • أن يشكر المسلم ربه تبارك وتعالى على نعمة البصر، ومن شكر الله تعالى على هذه النعمة صرفها إلى ما يرضي الله سبحانه وتعالى.
  • أن يعود المسلم نفسه ويجاهدها على غض البصر.
  • أن يتجنب المسلم التواجد في أماكن الفتنة والتي يكثر فيها الحرام.
  • أن يكثر المسلم من العبادات والنوافل وذكر الله تعبارك وتعالى، ويؤدي الفرائض فهي باب من أبواب حفظ الجوارح.
  • أن يتذكر المسلم وجود يوم تُعرض فيه أعماله وتشهد عليه جوارحه.
  • أن يسلك المسلم طريق الحلال، والزواج فهو من أنفع العلاجات لإطلاق البصر.


النصوص الشرعية في غض البصر

فرض الله تعالى على المؤمنين غض البصر، وقد وردت في ذلك نصوص شرعية وآيات قرآنية وأحاديث نبوية من سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كلها تبين وجوب غض البصر وفضله، وإثم إطلاق البصر، ومن هذه النصوص الشرعية[٤]:

  • قال الله تعالى في سورة النور: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 30-31].
  • غض البصر ضمان لدخول الجنة، فعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (اضمَنوا لي ستًّا من أنفسِكم أضمن لَكمُ الجنَّةَ: اصدُقوا إذا حدَّثتم، وأَوفوا إذا وعدتُم، وأدُّوا إذا اؤتمِنتُم، واحفَظوا فروجَكم، وغضُّوا أبصارَكم، وَكفُّوا أيديَكم) [المهذب | خلاصة حكم المحدث: إسناده صالح].
  • غض البصر من حق الطريق، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ علَى الطُّرُقَاتِ، فَقالوا: ما لَنَا بُدٌّ، إنَّما هي مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • وصى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بغض البصر للرجال والنساء، فقال: (لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، ولا المَرْأَةُ إلى عَوْرَةِ المَرْأَةِ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • جاء في الأثر عن ابن مسعود أنه قال: حفظ البصر أشد من حفظ اللسان.
  • إطلاق البصر فيه عدم استحياء من الله تعالى، الذي يعلم ما خفي وما ظهر، قال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:19]


المراجع

  1. "الحذر من إطلاق البصر"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "الوسائل المعينة على غض البصر"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
  3. "فوائد غض البصر لابن القيم"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.
  4. "غض البصر: وجوبه وفوائده وحال السلف معه"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :