حديث عن كفالة اليتيم

حديث عن كفالة اليتيم

كفالة اليتيم

يعدُّ الإحسان إلى اليتيم واحدًا من الأخلاق الفاضلة التي حثَّ عليها الإسلام ودعا إليها، كما جعله من أزكى الأعمال وأفضلها، ومن الجدير بالذكر أنّ الإسلام قد جاء في الفترة التي كان اليتيم يُحرم فيها من الحقوق، فأمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان إليه وإكرامه وإعطائه حقوقه، وقد أكَّد القرآن الكريم على ضرورة الإحسان إلى اليتيم وتجنُّب الاعتداء على ماله، فقال تعالى في كتابه الكريم: {وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ بِالقِسطِ لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلّا وُسعَها وَإِذا قُلتُم فَاعدِلوا وَلَو كانَ ذا قُربى وَبِعَهدِ اللَّـهِ أَوفوا ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرون} [الأنعام: 152]، كما أنّ القرآن الكريم حذَّر من إهانة اليتيم وأذيته بأي شكل من الأشكال، وعدَّ أكل مال اليتيم من الموبقات السبع التي تدخل صاحبها نار جهنم، وشجع الإسلام على كفالة اليتيم ووعد الله سبحانه وتعالى عباده بالفوز بالجنة والجزاء العظيم لمن يكفل يتيمًا ويحسن إليه، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنّ اليتيم والمرأة من أولى الناس بالرعاية والعناية، وتتمثل عناية الإسلام باليتيم في وصايا النبي التي تولي اليتيم عناية فائقة من خلال الاهتمام به والحرص على إدخال الفرح والسرور على قلبه، ومراعاة مشاعره وعواطفه، وإعالته وتقديم الرعاية له حتى يبلغ أشده ويصبح قادرًا على تولِّي أموره بنفسه، ومما يشجع المؤمن على كفالة اليتيم هو ذلك الأجر والفوز العظيم الذي يلقاه في الآخرة عند ربه، ومما لا شك فيه وجود الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحثُّ على كفالة اليتيم، وتبين عظيم هذا الأمر في الإسلام، وفي هذا المقال ذكر لحديث النبي عليه الصلاة والسلام عن كفالة اليتيم.[١]


حديث عن كفالة اليتيم

إنّ كفالة اليتيم أمر حثَّ عليه الإسلام ورغَّب به كثيرًا، ووصى باليتيم خيرًا وحذَّر من الإساءة إليه، وجاء ذلك في الكثير من الآيات والأحاديث، واليتيم هو الصغير الذي مات والده ولم يبلغ مبلغ الرجال، فإذا بلغ الحلم لم يعد يتيمًا، إلا أنّه لا يتسلَّم ماله إلا عندما يبلغ رشده، ويعرف ذلك من خلال اختباره في التصرفات المالية، فإذا أحسن التصرف بها سُلِّم إليه ماله، ومن الجدير بالذكر أنّ البنت تظل في الكفالة حتى تتزوج، علمًا بأنّه لا توجد أي شروط لهذه الكفالة سوى العدل والإحسان والحرص على عدم ظلم اليتيم، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه إلى المكانة العظيمة التي يحتلها من يكفل اليتيم، فقال صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافلُ اليتيمِ في الجنةِ هكذا وقال بإصبعيْهِ السبابةِ والوسطى)[صحيح الأدب المفرد| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وفي هذا الحديث حثٌّ على الإحسان إلى اليتامى وكفالتهم، ويشير النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم إلى أنّ القائم بأمور اليتيم ومصالحه يكون مصاحبًا له في الجنة لعظيم أجره وثوابه عند الله سبحانه وتعالى، فالسبابة هي التي بين الإبهام والوسطى وفعل النبي ذلك لتوضيح مدى القرب والمصاحبة في الجنة بينه وبين كافل اليتيم في الدنيا، واليتيم في الأسرة شأنه شأن الأجنبي، فإذا بلغ تجب معاملته كمعاملة الأجنبي، ولا يحرم تزوجه من أبناء كافله ما لم يوجد مانع كالرضاعة، كما يجب على الزوجة والبنات التحجب أمامه عند بلوغه وتحرم الخلوة به، بالإضافة إلى الأمور الأخرى التي تنطبق على الأجنبي.[٢][٣]


فضل كفالة اليتيم

تعدُّ كفالة اليتيم من الأمور التي تعود على المسلم بالفائدة العظيمة في الدنيا، بالإضافة إلى الأجر والثواب في الآخرة من الله سبحانه وتعالى، فإطعام اليتيم سبب لدخول الجنة، ومن أراد أن يلين قلبه فليُطعم مسكينًا وليمسح على رأس اليتيم، كما أنّ أطيب المال هو الذي يُعطى منه لليتيم، وعدَّ الله عزَّ وجل الاعتداء على مال اليتيم من كبائر الذنوب والآثام، ومن الجدير بالذكر أنّ كثيرًا من الأمور العظيمة تعود على كافل اليتيم، ويمكن ذكر بعض منها على النحو الآتي:[١][٤]

  • الفوز بصحبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة، وهذا من أعظم الأمور وأشرفها.
  • كفالة اليتيم تعدُّ من الصدقة، ويضاعف الأجر إذا كان اليتيم قريبًا، إذ يصبح الأجر للصدقة والقرابة.
  • كفالة اليتيم دلالة على الفطرة السليمة والطبع النقي وصفاء القلوب.
  • إزالة القسوة من القلوب، فكفالة اليتيم ورعايته ترقق القلب وتلينه.
  • الفوز بالأجر والثواب العظيم والخير في الدنيا والآخرة.
  • المساهمة في بناء مجتمع متكافل وسليم يخلو من الكراهية والحقد، وتنشتر فيه المحبة والألفة.
  • إكرام اليتيم والتكفل بأمره فيه إكرام لمن شارك النبي صفة اليتم، وهذا دليل على صدق محبة النبي صلى الله عليه وسلم.
  • كفالة اليتيم تزكي المال وتطهره، كما أنّها من الأخلاق الحميدة التي امتدحها الإسلام وحثَّ عليها.
  • زيادة الرزق وحلول البركة على كافل اليتيم.
  • كفالة اليتيم دلالة على صلاح المرأة إذا مات زوجها وقامت على رعاية أولادها.


صور كفالة اليتيم

إنّ الطفل اليتيم عادة يعاني من حساسية مفرطة في تفسيره لتصرفات الآخرين تجاهه، ويعود ذلك إلى الاضطرابات التي يعانيها اليتيم من فقدان والده والعيش في كنف عائلة أخرى، وتتجه هذه التصرفات نحو العالم الخارجي الذي يقابل اليتيم بالقسوة والزجر والمعاملة السيئة والعنف، لذلك جاء الإسلام ووصى بالعناية باليتيم وانتهاج اللطف في معاملته ومراعاة نفسيته، وتجدر الإشارة إلى أنّه يجب على كافل اليتيم أن يعلم أنّ عمله يختلف عن الصدقة والزكاة، فكفالة اليتيم تتطلب المتابعة والاهتمام والمراقبة والنصح، والاهتمام حتى وإن كان عن بعد، إذ يعود ذلك على اليتيم بنتائج إيجابية وتتحسَّن نفسيته ويصبح إنسانًا صالحًا وسويًّا، ومن الأفكار الخاطئة التي شاعت بين الناس أن كفالة اليتيم تقتصر فقط على الأمور المادية، من طعام وملابس وغير ذلك من الماديات، إلا أنّ الإسلام ارتقى بهذه المهمة إلى الدرجة المعنوية، فأمر الإسلام بمعاملتهم بالحسنى، وإشراكهم في المجتمع ومخالطتهم، وذلك لأنّ العزلة لها آثار خطيرة على نفسية الطفل خصوصًا إذا كان يعاني من الحساسية التي يعاني منها من يفقد أقرب الناس إليه، وتتجلى كفالة اليتيم في أروع صورها من خلال إكرام اليتيم ورعايته وتأديبه، إذ إنّ الإكرام المعنوي أفضل وأهم بكثير من الإكرام المادي، ولا بد من تعليمه وتثقيفه ومعاملته كما يعامل الشخص أولاده، والحرص على عدم معاملته معاملة خاصة حتى لا يُجرح، كما يجب متابعة أمور اليتيم والإحساس به والعطف عليه، والاقتداء بسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.[٥]


مواقف من حياة النبي في رعاية الأيتام

حياة الرسول صلى الله عليه وسلم حافلة بمواقفه الحسنة تجاه الأيتام ورعايتهم والحث على الإحسان إليهم والتحذير من الإساءة لهم، فلما توفي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وشكت أمهم فقرهم، قال صلى الله عليه وسلم لها: آلعَيْلةَ تَخافينَ عليهِم وأنا وَليُّهُم في الدُّنيا والآخِرةِ؟ [مسند أحمد | خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]. والعيلة هي الفقر والحاجة. ومن اهتمامه صلى الله عليه وسلم في شأن اليتامى فقد امتدح نساء قريش لاهتمامهه ورعايتهن لليتامى فقال عليه الصلاة والسلام: خَيرُ نِساءٍ رَكِبنَ الإبِلَ نِساءُ قُريشٍ: أحناهُ على يَتيمٍ في صِغَرِهِ، وأرعاهُ على زَوجٍ في ذاتِ يَدِهِ [تخريج المسند | خلاصة حكم المحدث: صحيح]. وفي المقابل استخدم الرسول أسلوب الترهيب أيضًا محذرًا من الإساءة إلى اليتامى وأكل أموالهم بالباطل ووجه من كان ضعيفًا منهم فقال عليه الصلاة والسلام لأبي ذر رضي الله عنه: يا أبا ذَرٍّ، إنِّي أراكَ ضَعِيفًا، وإنِّي أُحِبُّ لكَ ما أُحِبُّ لِنَفْسِي، لا تَأَمَّرَنَّ علَى اثْنَيْنِ، ولا تَوَلَّيَنَّ مالَ يَتِيمٍ [صحيح مسلم | خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وعمومًا اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بقضية التكافل الاجتماعي بين الناس وبرابطة الأخوة التي تجمع المسلمين، قال عليه الصلاة والسلام: المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كالْبُنْيانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ثُمَّ شَبَّكَ بيْنَ أصابِعِهِ [صحيح البخاري | خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقال أيضًا: المؤمنُ منْ أهلِ الإيمانِ بمنزلةِ الرأسِ منَ الجسدِ، يألمُ المؤمنُ لأهلِ الإيمانِ، كمَا يألمُ الجسدُ لما في الرأسِ [المصدر: الجامع الصحيح | خلاصة حكم المحدث: حسن][٦].


كيف تتعاملين مع الطفل اليتيم؟

إليكِ بعض الطرق لرعاية الطفل اليتيم[٧]:

  • تعاملي معه بحكمة وحزم.
  • اخرجي للتنزه برفقته.
  • أعطهِ فرصة للتعبير عن رأيه دون الاستهزاء به.
  • أدخلي الفرح والسرور إلى نفسه.
  • أشغلي وقته بالأعمال والأنشطة المفيدة.
  • اشكريه عند ممارسة سلوكٍ جيد، وحاوريه عند ممارسة سلوك سيء دون اللجوء للعقاب البدنيّ.
  • علّميه النظام، واصنعي له روتينًا خاصًا به.
  • كوني حنونة معه واعطفي عليه.


المراجع

  1. ^ أ ب "الإسلام وإكرام اليتيم"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  2. "كفالة اليتيم: حكمها وشروطها"، فتوى إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  3. "الموسوعة الحديثية"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  4. "فضل كفالة الأيتام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  5. "الإعلان “الإسلامي” لحقوق “الأيتام”"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  6. اليتيم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، islamweb، 15-4-2012، اطّلع عليه بتاريخ 22-12-2019. بتصرّف.
  7. "التعامل مع اليتيم"، alukah، 26-4-2017، اطّلع عليه بتاريخ 8-4-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :