تعريف الحب في الله

مفهوم الحب في الله

الحُبُّ في الله من أسمى العلاقات الاجتماعيَّة بين الناس، ويعني أن يحبّ المسلم صاحبه من أجل الله -سبحانه وتعالى- ورضاه، فيرى المسلم أخاه المسلم على طاعة وإيمان وتقوى فيحبّه لله، وإذا رأى المسلم أخاه المسلم على معصيةٍ فينصحه لأنه يحبّه في الله ويجمعه معه الإسلام، ويبغض منه معصيته وذنوبه، فيكون بغضه لذلك لله، فقلب المؤمن يتَّسع للحب في الله وللبغض فيه، لذلك عزيزتي القارئة فمعيار المسلم في الحب والبغض هو مرضاة الله -عز وجل-.^[١]

كيف يكون الحب في الله؟

المحبة في الله من أفضل الطَّاعات التي يتقرَّب بها العباد من ربهم، ويكون الحب في الله من خلال عدّة أعمال، وإليكِ عزيزتي القارئة أهمّها:^[٢]

• أن يحب المسلم لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه.
• أن يؤيّد المسلم أخاه وينصره ويعينه إذا احتاجه.
• أن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، وينصحه ويوصيه بالحق وبالصبر، ويدفعه لفعل الخير، لقوله سبحانه وتعالى: {وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ}.^[٣]
• أن يكثر المتحابون في الله من الزيارات بينهم حتى تزيد المودة والمحبة في قلوبهم.
• أن يكون المسلم ليّناً ورحيماً وسليم القلب مع أخيه المسلم، ويلقاه بوجه طَلِق.
• أن يحرص على الابتعاد عن كل ما يُفرِّق بينه وبين أخيه.
• أن يعذره إذا غاب عنه، وأن يدافع عنه إذا تحدَّث عنه أحد بسوء، وأن لا يستهزئ به ولا يكشف أسراره، ويحرص على تذكيره بالخير.

حديث عن الحب في الله

ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العديد من الأحاديث التي تتحدّث عن الحب في الله -عز وجل-، وفيما يأتي ذكر بعضها:^[٢]

• قال عليه الصلاة والسلام: (إنَّ مِن عبادِ اللهِ لَأُناسًا ما هم بأنبياءَ ولا شُهداءَ، يغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهداءُ يومَ القيامةِ بمكانِهم مِن اللهِ تعالى، قالوا: يا رسولَ اللهِ، تُخبِرُنا مَن هم؟ قال: هم قومٌ تحابُّوا برُوحِ اللهِ على غيرِ أرحامٍ بَيْنَهم، ولا أموالٍ يتعاطَوْنَها، فواللهِ إنَّ وجوهَهم لَنُورٌ، وإنَّهم على نُورٍ، لا يخافونَ إذا خاف النَّاسُ، ولا يحزَنونَ إذا حزِن النَّاسُ، وقرَأ هذه الآيةَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]).^[٤]
• قال عليه الصلاة والسلام: (إنَّ الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).^[٥]
• قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).^[٦]

منزلة وفضل الحب في الله

إنَّ للحب في الله منزلةً عظيمة وفضلاً كبيراً، وقد بيَّنت الآيات القرآنيَّة والأحاديث النبويَّة فضل المتحابّين في جلال الله، ومن ذلك ما يأتي:^[٧]

• قال سبحانه وتعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}^[٨]، فصحبتهم ومحبتهم تستمر إلى يوم القيامة.
• يقول عليه الصلاة والسلام: (ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سَوَاهُمَا، وَأنْ يُحِبّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلا للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أنْ أنْقَذَهُ الله مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ)،^[٩] فهذا الحديث يُبين أنَّ من تحاب في الله يجد لذة في إيمانه وفي طاعاته.
• قال عليه الصلاة والسلام: (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أوَلا أدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بينكم)،^[١٠] فهذا الحديث يدل على أنَّ من أسباب دخول الجنَّة الحب بين الناس لأجل الله.

أجمل العبارات عن الحب في الله

إليكِ عزيزتي القارئة فيما يأتي ذكر أجمل ما قيل عن الحب في الله:^[١١]

• قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "إنَّك إذا أحببت الشخص لله، كان الله هو المحبوب لذاته، فكلَّما تصورته في قلبك، تصوَّرت محبوب الحق فأحببته، فازداد حبُّك لله".
• قال الجاحظ: "ينبغي لمحبِّ الكمال أن يعوِّد نفسه محبَّة النَّاس، والتَّودُّد إليهم، والتَّحنُّن عليهم، والرَّأفة والرَّحمة لهم، فإنَّ النَّاس قبيل واحد متناسبون تجمعهم الإنسانيَّة".
• قال سفيان بن عيينة: "مَنْ أَحَبَّ رَجُلاً صالِحاً فإنَّما يُحِبُّ اللهَ".
• قال الحسن البصري: "إخواننا أحبُّ إلينا من أهلينا؛ فأهلونا يُذَكِّرُونَنَا بالدنيا وإخوانُنا يُذَكِّرُونَنَا بالآخرة".^[١٢]
• قال عمر بن الخطاب: "إذا رزقكم الله مودَّةَ مُسْلِمٍ فَتَشَبَّثُوا بها".^[١٢]

خلاصة المقال: الحب في الله يعني أن يحبّ المسلم أخاه من أجل رضا الله -سبحانه-، ويكون ذلك من خلال عدّة أعمال منها: أن ينصحه ويرشده ويأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر، ويكون رحيما هيّنا معه، ويحبّ له ما يحبّ لنفسه من الخير، وقد وردت العديد من النصوص في القرآن والسنة تحثّ على الحبّ في الله وتبيّن عظيم فضله وجزائه عند الله.

المراجع

1. ↑ "معنى الحب في الله والبغض في الله"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 3/4/2021. بتصرّف.
2. ^ ^{أ ب} يوسف البدري (21/2/2015)، "الحب في الله علاماته وفضله وشروطه "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 3/4/2021. بتصرّف.
3. ↑ سورة التوبة، آية:71
4. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 3527، صحيح.
5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2566، صحيح.
6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاي، عن أنس بن مالك ، الصفحة أو الرقم:13، صحيح.
7. ↑ "باب فضل الحب في الله والحث عَلَيهِ وإعلام الرجل من يحبه، أنه يحبه، وماذا يقول لَهُ إِذَا أعلمه:"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 3/4/2021. بتصرّف.
8. ↑ سورة الزخرف، آية:67
9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:16، صحيح.
10. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:54، صحيح.
11. ↑ "الحب في الله... عندما يغبطنا النبيون والشهداء"، الألوكة الشرعية، 18/8/2007، اطّلع عليه بتاريخ 3/4/2021. بتصرّف.
12. ^ ^{أ ب} "أقوال السلف والعلماء في المحبَّة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 3/4/2021. بتصرّف.