هل يجب الوضوء بعد أكل لحم الإبل؟

هل يجب الوضوء بعد أكل لحم الأبل؟

اختلف العلماء فيما إذا كان أكل لحم الجزور وهو لحم الأبل يُنقض الوضوء أم لا، وذلك في قولين؛ وهما^[١][٢]:

القول الأول

أكل لحم الإبل لا ينقض الوضوء؛ وهو قول جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية، وقولٌ للحنابلة، وطائفة من السلف، وقد قدموا أدلة من السنة وهي:

1. عن سعيدِ بنِ الحارثِ عن جابرِ بنِ عبدِالله رَضِيَ الله عنهما أنَّه سألَه عن الوُضوءِ ممَّا مسَّتِ النَّارِ، فقال: (لا؛ قد كنَّا زمانَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا نجِدُ مثلَ ذلك مِن الطَّعامِ إلَّا قليلًا، فإذا نحن وَجَدْناه لم يكُن لنا مناديلُ إلَّا أكفُّنا وسواعِدُنا وأقدامُنا، ثم نصلِّي، ولا نتوضَّأُ)^[٣].
2. عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (كان آخِرُ الأمرينِ مِن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرْكَ الوضوءِ ممَّا غيَّرَت النَّار)، وفي رواية: (ترْك الوضوءِ ممَّا مسَّتِ النَّار)^[٤]، و "ممّا غيرت" مصطلح عام يشمل كل شيء الإبل وغيرها، وهذا الحديث ناسخًا لما قبله، وقد وجب أن نأخذ آخر الأمرين من الشريعة.

القول الثاني

أكل لحم الإبل يُنقض الوضوء؛ وهو قول جمهور العلماء من الحنابلة، وطائفة من السلف، واختاره ابن المنذر، وابن حزم، والنووي، وابن باز، وابن عثيمين، وقد قدموا أدلة من السنة وهي:

1. عن جابرِ بنِ سَمُرةَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ رجلًا سأل رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أأتوضَّأُ مِن لُحومِ الغنَم؟ قال: إنْ شئتَ فتوضَّأ، وإن شئتَ فلا توضَّأ. قال: أتوضَّأُ مِن لُحومِ الإبِلِ؟ قال: نعَم، فتوضَّأْ من لحومِ الإبِلِ. قال: أُصلِّي في مرابِضِ الغنَم؟ قال: نعَم. قال: أصلِّي في مبارِكِ الإبلِ؟ قال: لا)^[٥]، وهنا أقرّ النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة وجوب الوضوء بعد أكل لحم الإبل، وترك مشيئة الوضوء بعد أكل لحم الغنم معلقة.
2. عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (سُئِلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الوضوءِ مِن لُحومِ الإبِلِ، فقال: توضَّؤوا منها)^[٦].

وقد قيل في القول الأول تم نسخ هذه الأحاديث بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار" والله أعلم، ولذلك يُستحب الوضوء احتياطًا بعد أكل لحم الإبل، وذلك خروجًا من خلاف من أوجبه.

ما هو حكم أكل لحم الإبل ظنًا أنه لحم غنم؟

لقد رجِّح قول الحنابلة على أنَّ لحم الإبل يُنقض الوضوء فدليله أقوى، لذلك من شك أنَّه أكل لحم إبل وليس لحم غنم فذلك لا يُنقض وضوءه لأنَّ اليقين لا يزول بالشك، وبقاء طهارته هي اليقين، فقد قال ابن قدامة رحمه الله: "إذا علم أنَّه توضأ وشكَّ هل أحدث أو لا؟ بنى على أنَّه متطهر، وإن كان محدثًا فشكَّ هل توضأ أو لا فهو محدث، يبني في الحالتين على ما علمه قبل الشكِّ ويلغي الشكَّ، وبهذا قال الثوري وأهل العراق والأوزاعي والشافعي وسائر أهل العلم فيما علمنا إلا الحسن ومالكًا"^[٧].

ما هو حكم الصلاة بعد أكل لحم الإبل ناسيًا؟

لقد رجَّح الفقهاء فتوى أنَّ لحم الإبل يُبطل الوضوء، وعليه من صلى ناسيًا ولم يتوضأ بعد أكل لحم الإبل فصلاته غير صحيحة ويجب قضاؤها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)^[٨][٩].

1. ↑ "المطلب الأول: أكْلُ لحم الجَزور (الإبل)"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 27/3/2021. بتصرّف.
2. ↑ "هل أكل لحم الجمل ينقض الوضوء"، دار الإفتاء، 12/4/2009، اطّلع عليه بتاريخ 27/3/2021. بتصرّف.
3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:5457، صحيح.
4. ↑ رواه النووي، في الخلاصة، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم:144، إسناده صحيح .
5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة ، الصفحة أو الرقم:360، صحيح.
6. ↑ رواه إسحاق بن راهويه ، في تنقيح التحقيق، عن البراء بن عازب ، الصفحة أو الرقم:308، صحيح.
7. ↑ "وضوء من شكّ في اللحم الذي أكله هل هو لحم إبل أو لحم غنم"، إسلام ويب، 11/5/2009، اطّلع عليه بتاريخ 27/3/2021. بتصرّف.
8. ↑ "أكل لحم أبلٍ ثم صلى ولم يتوضأ"، إسلام ويب، 27/9/2003، اطّلع عليه بتاريخ 27/3/2021. بتصرّف.
9. ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم:6954 ، صحيح.