خواص سورة الملك

القرآن الكريم

القرآن الكريم هو أعظم الكتب السماوية وأجلّها، وجاء خاتمًا لها لا كتاب بعده، وأُنزل على خير البشر وعلى من لا نبيّ بعده محمّد -صلّ الله عليه وسلّم- في ليلة القدر خير ليالي العام، فكان النور الذي استضاء به عليه السلام ليكون هاديًا للناس مُخرجًا لهم من الضلالة إلى النور، إذ حمل الرسول الكريم ذلك النور الرباني ليضيء به العالم أجمع، وفي ذلك قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا) [النساء: 174]، ويحتوي القرآن الكريم على الآيات، والعقائد والأحكام التي تضمّنت جميع القضايا التي تخصّ العباد؛ الدينية منها والدنيوية، والاجتماعية منها والاقتصادية وغيرها الكثير، فالناس من قبله كانوا تائهين في ظلمات العقائد الفاسدة والأحكام الظالمة والحروب، وجاء القرآن نورًا يضيء الحياة وينير طريق الحق.^[١]

ولأن القرآن نور فإن من استضاء به في الحياة الدنيا رُزق نورًا يوم القيامة، أمّا من أعرض عنه فلا يناله سوى التخبط في ظلمات الآخرة، فأهل الإعراض يحاربون القرآن منذ قديم الزمان، لذا تعهّد الله عزّ وجلّ بحفظه من التحريف وتحدّى الإنس والجن على أن يأتوا ولو بآيةٍ من آياته؛ فعجزوا عن ذلك، إذ كتب الله تعالى أن يبقى ذلك النور حتى آخر الزمان، فقال جل وعلا: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [ التوبة: 32]، ولم يكن نزول هذا القرآن العظيم هباءً وإنّما كان لكلّ آيةٍ من آياته مناسبة لنزولها وأسرار وخواصّ متعلّقة بها تُعلي قدرها؛ وفي هذا المقال نُعرّف سورة من سور القرآن ونذكر خواصّها وهي سورة الملك.^[١]

خواص سورة الملك

هي من السور المكية، أيّ أنّها من السور التي نزلت في العهد المكي أو خلال السنوات التي قضاها الرسول -صل الله عليه وسلم- في الدعوة المكيّة، وقد نزلت سورة الملك بعد سورة الطور، ومن حيث ترتيب المصحف الشريف تكون سورة الملك في الترتيب السابع والستين، وعدد آياتها ثلاثون آية، ويعود السبب في تسميتها بهذا الاسم إلى أنّها تتحدث عن أحوال المُلك، سواء للإنسان، أو للكون عامّةً، وكيف أنّ كل هذا هو ملك الله تعالى، ولها عدّة تسميات؛ منها المانعة، والمنجية، والمجادلة، والواقية، وتبارك الملك، وتبارك الذي بيده الملك.^[٢][٣]

أطلق ابن عباس على سورة الملك اسم الواقية والمجادلة في تفسيره للقرآن الكريم، كونها تجادل عن صاحبها وتشفع له عند حساب القبر، كما أنها تساعده في الشفاعة الخاصة أمام حساب الله تعالى للبشر يوم القيامة، كذلك تتضمن السورة العديد من المواضيع التي تثبت المؤمنين على عقيدتهم كتعظيم الله تعالى المهيمن على كل شيء بقدرته وقوته، ومن جهة أخرى تتضمن بعض الآيات الكريم التي تتوعد الكافرين بالحساب العسير والنار يوم الحساب جزاءً لكفرهم وعنادهم، وتعود الآيات لتخبر المؤمنين بثوابهم وجزائهم الذي وعدهم الله تعالى به.^[٣]

فضل تلاوة سورة الملك

إنّ لكلّ سورة وآية في القرآن الكريم خواصًا وفضائلًا عظيمة، فسورة الملك من السور التي كان عليه الصلاة والسلام يُداوم على قراءتها لما لها من فضل عظيم، وفيما يلي إشارة لفضائل تلاوة سورة الملك:^[٣]

• المداومة على قراءة سورة الملك قبل النوم تمنع من عذاب القبر، وتقي من الذنوب التي تستوجب عذاب القبر.
• مجادلة هذه السورة عن صاحبها يوم القيامة، ومنها جاءت تسميتها بسورة المجادلة.
• مداومة المسلم على قراءتها فيه اقتداء بالنبي محمّد -عليه الصلاة والسلام-؛ فلم يترك قراءتها عند النوم.
• شفاعة هذه السورة لصاحبها يوم القيامة حتى يُغفر له؛ فقد قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام: (إنَّ سورةً منَ القرآنِ ثلاثونَ آيةً شفعَت لرجلٍ حتَّى غُفِرَ لَهُ، وَهيَ سورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) [صحيح الترمذي|خلاصة حكم المحدث: حسن].
• ابتداؤها بتعظيم الله عزّ وجل ولا شيء يبدأ بالتعظيم إلّا ويكون عظيمًا؛ يقول الله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الملك: 1].
• تذكير المسلم بالتفكر في ملكوت الله تعالى وقدرته في هذا الكون وترسيخ معاني العبودية والتوحيد في نفس المتفكّر في آياتها.

سبب نزول سورة الملك

شأنها شأن كلّ سور القرآن الكريم فقد كان لسورة الملك مناسبة وسبب للنزول، فقد نزلت الآية الثالثة عشرة منها؛ لأنّ المشركين كانوا ينالون من النبي محمّد -صلّ الله عليه وسلّم- ويُسرّون قولهم بين بعضهم البعض ويقولون: ("أسرّوا قولكم لئلا يسمع إله محمد") فأنزل الله تعالى الآية: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [ الملك: 13] وأخبر جبريل عليه السلام، النبي -عليه الصلاة والسلام- بما قاله المشركون وتهامسوا به للنيل منه، وليُبيّن للمشركين بأنّه عزّ وجلّ يعلم ما تكنّه صدورهم حتى وإن أسرّوا قولهم.^[٢]

محاور سورة الملك

تدور سورة الملك حول عدد من المحاور الأساسية، منها:^[٤]

• تحدّثت عن أصول العقيدة وعالجت مواضيعها.
• تضمّنت آيات تتمحور حول إثبات قدرة الله تعالى على الإحياء والإماتة وأنّه عزّ وجلّ بيده الملك وهو المتصرّف بكافة المخلوقات والخالق لها، كما تعرض السورة الأدلة والبراهين التي تُثبت عظمته عزّ وجلّ، بالإضافة إلى أنها حذّرت من عذاب الله وسخطه على أولئك الكفرة الجاحدين، فقال تعالى: (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) [الملك: 16].
• قارنت الآيات بين المؤمنين والكافرين بأسلوب الترهيب والترغيب بِعرض مآل كل فئة منهم.
• تحدثت الآيتان السادسة عشرة والسابعة عشرة عن أنّ عذاب الله تعالى واقع بالكافرين الجاحدين به لا محالة.
• ذكرت الآيات النعم التي أنعمها الله تعالى على عباده وتكرّم بها عليهم، ورغم تلك النعم التي لا تعد ولا تُحصى فإنّ من يشكره عزّ وجلّ فئة قليلة، والكثير منهم يُنكر ويُعاند.
• انتهت الآيات بالحديث عن حال الكافرين يوم القيامة عند رؤيتهم لعذاب الله تعالى وتحذيرهم من هذا العذاب، فقال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [ الملك: 28].

أسماء سورة الملك

ذكر أهل العلم عدة أسماء أخرى لسورة الملك في كتب التفسير والسنة وعلوم القرآن، ومنها:^[٥]

• الملك، وهو الاسم الأكثر شيوعًا بين الأسماء جميعها في كتب التفسير والمصاحف.
• المانعة، الاسم الذي أطلقه الصحابة على السورة في عهد الرسول -صل الله عليه وسلم.
• تبارك الملك.
• المنجية.
• الواقية.
• المنّاعة.

المراجع

1. ^ ^{أ ب} د. إبراهيم بن محمد الحقيل (2014-7-19)، " أوصاف القرآن الكريم (6)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-28. بتصرّف.
2. ^ ^{أ ب} "سورة الملك 67/114"، المصحف الالكتروني، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-28. بتصرّف.
3. ^ ^{أ ب ت} ياسمين ياسين، "4 من أهم فوائد تلاوة سورة الملك"، إي دي إرابيا، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-28. بتصرّف.
4. ↑ "أهداف و مقاصد سورة الملك"، بوابة الفجر، 2013-3-26، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-28. بتصرّف.
5. ↑ "أسماء سورة الملك "، إسلام ويب، 2003-10-2، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-28. بتصرّف.