محتويات
التكفير
يمكن تعريف التكفير على أنه الحكم على المسلم بالكفر لسبب معين، ويُقسم أتباع الكفر إلى طرفين؛ فالأول هم خوارج القديم والحديث من الزمان، والذين يغلون في التكفير ويزاودون به فيكفرون المسلمين ويتهمونهم بفعل الكبائر غير الكفر والشرك، وهذا الطرف خاطئ بمذهبه، وذلك بنص الآية الكريمة: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا } [ النساء: 48]، إضافة إلى قول رسولنا الكريم في الحديث الذي يرويه عن رب العزة قال: ( قالَ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى يا ابنَ آدمَ إنَّكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ لو بلغت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ، ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ إنَّكَ لو أتيتَني بقرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً) [المصدر: صحيح الترمذي|خلاصة حكم المحدث: صحيح]، أما الطرف الآخر؛ فهم الذين يرون أن الإيمان موضعه القلب وأن ما دام المسلم مؤمنٌ بالله بقلبه، فهو لا يكفر أبدًا مهما فعل من محرمات، ومنكرات، وتجاوزات، ويُطلع عليهم اسم المرجئة قديمًا وحديثًا، حتى أنهم لا يرون أهل الديانات الأخرى غير الإسلام كفّارًا، رغم تَجرُّئهم على الله ووصفهم له بالكثير من الأوصاف التي يعجز اللسان عن ذكرها، أما عن أوسط الفريقين فهم أهل السنة والجماعة، والذين يتبعون ما أنزل الله تعالى، وما ورد عن رسوله عليه الصلاة والسلام، بما في ذلك اتباعهم للآيات المحكمة، والأحاديث الصحيحة في مسألة التكفير، وذلك لعلمهم بمدى خطورتها على الفرد والمجتمع، وفي هذا المقال سنذكر بعض وجوه هذه المسألة بما في ذلك حكمها الشرعي.[١]
حكم تكفير المسلم
إن تكفير المسلم مهما كانت جنسيته، وأصوله من الأمور الخطيرة جدًا على مجتمعنا الإسلامي عامةً، وعلى الفرد المسلم خاصةً، فلا يجوز أن يصف المسلم أخاه المسلم بالكفر وإن كان ظاهرًا عليه الفسوق، ولبيان خطورته الشديدة فقد رُوي عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي يرويه أبو ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: (ليس من رجلٍ ادَّعَى لِغيرِ أبيهِ؛ وهوَّ يَعلَمُهُ إلَّا كَفَرَ، ومَنِ ادَّعَى ما ليس لهُ فليسَ مِنَّا، ولْيَتبوَّأْ مَقعدَهُ من النارِ، ومَنْ دَعَا رجلًا بِالكُفرِ، أو قال عدُوَّ اللهِ؛ وليسَ كذلِكَ، إلَّا حارَ عليْهِ، ولا يَرْمِي رجلٌ رجلًا بِالفِسْقِ، ولا يَرمِيهِ بِالكُفْرِ، إلَّا ارْتدَتْ عليه، إنْ لمْ يَكنْ صاحِبُهُ كذلِكَ) [ المصدر: صحيح الجامع|خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما روى أيضًا ثابت بن الضحاك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( ليسَ علَى العبدِ نذرٌ فيما لا يملِكُ، ولاعِنُ المؤمنِ كقاتلِهِ، ومن قَذفَ مؤمنًا بِكُفرٍ فَهوَ كقاتلِهِ، ومن قتلَ نفسَهُ بشيءٍ عذَّبَهُ اللَّهُ بما قتلَ بِهِ نفسَهُ يومَ القيامةِ) [ المصدر: صحيح الترمذي|خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وفيما يُروى عن ابن تيمية -رحمه الله- أنه قال في مسألة تكفير المسلم: (وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة)، لذا فإن التكفير ليس أمرًا هيّنًا.[٢]
أعمال يكفر بها المسلم إذا عملها
ذكر الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى، نقلًا عن السابقين بالعلم، واستنادًا للآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة العديد من الأمور التي يخرج بها المسلم عن دائرة الإسلام، ويعد بعدها كافرًا بإجماع أهل العلم وبتوافر الأدلة الشرعية، ومن بين تلك الأعمال ما يأتي:[٣]
- موالاة المشركين: وهو أن تنحاز طائفة أو شخص إلى أعداء المسلمين فيناصرونهم على أبناء جلدتهم.
- الإعراض عن الإسلام: وهو أن يعرض الشخص عن الدين فلا يعمل به، ولا يتعلمه، وما إلى ذلك.
- التوسط إلى الله: وهو أن يلجأ لأحد غير الله، باعتباره وسيطًا يشفع له عن الله تعالى، ويتوكل عليه دون الله.
- عدم تكفير المشركين: وهو اعتقاد المسلم بعدم كفر المشركين، والكافرين، أو تصحيح مذاهبهم ودياناتهم.
- الشرك: يعد الشرك بالله من الأمور التي تُخرج المسلم عن ملّة الإسلام، ومن أعمال الشرك: الذبح لغير الله تعالى، والاستغاثة بالجن والقبور، وما إلى ذلك.
- الاعتقاد بنقص الهدي النبوي: وهو أن يعتقد الشخص أن مذهب غير رسول الله، أو حكمه، أفضل وأكمل من حكم الرسول عليه الصلاة والسلام، كالذي يفضل حكم الأمم الكافرة على حكم رسول الله والشريعة الإسلامية.
- بغض الشرع: وهو أن يستهزأ الشخص بحكم رسول الله، أو أحد جوانبه، وثوابته العقدية، أو بعض ما جاء به عليه السلام.
- السحر: ومنه ما يُسمى بالعطف والصرف، فمن فعله أو رضي بفعله فقد كفر.
ومن الجدير بالذكر ألا فرق بين الجادّ، والهازل، والخائف فيما سبق، إلا أن يكون مكرهًا عليه إكراهًا وقلبه مطمئنٌ بالإيمان، كما أن هذه الأمور تشمل من يمارون في القوانين الحديثة، ويعتقدون أن الإسلام من أسباب تخلف الأمة، وأن أحكامه لا تصلح للعصر الحديث.
حكم طلاق المرأة من الرجل إذا فعل ما يدل على كفره
إن سب الدين، أو الإسلام، أو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو القرآن الكريم، يعد من الردة عن الإسلام، فإذا فعلها الرجل فإن زوجته تحرم عليه؛ وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [الممتحنة:10]، لذا يُفرّق بينهما دون طلاق وتعتد المرأة؛ فإذا تاب الرجل عن هذا الفعل ورجع إلى الله منيبًا نادمًا ترجع إليه، وإلا فهي لا تحل له، وإذا انقضت عدتها فيحل لها أن تتزوج، كما يحل لزوجها إعادتها بعد انقضاء العدة، وقال بعض العلماء أنها ترجع إليه دون عقد جديد، لكن حسب فتوى الشيخ بن باز رحمه الله فإنها تعود بعقد جديد، لذا يجب التنبه لهذه المسألة، ففي وقتنا الحاضر نرى كثيرًا من المسلمين يتمارى بسب الدين والذات الإلهة.[٤]
المراجع
- ↑ "التكفير وضوابطه"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "حكم تكفير المسلم بغير بينة"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2019. بتصرّف.
- ↑ " أعمال تُخرج صاحبها من الإسلام"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "إذا سب الزوج الدين هل تطلق زوجته؟"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2019. بتصرّف.