محتويات
تعريف بسورة الرحمن
هي السورة الخامسة والخمسون في ترتيب المصحف الشريف عدد آياتها ثمانٍ وسبعون آيةً، وتقع في الجزء السابع والعشرين في الحزب الرابع والخمسين، وقد نزلت بعد سورة الرعد، ويعود تسمية هذه السورة بهذا الاسم إلى أنّها تبدأ باسم الرحمن، وتُسمّى هذه السورة أيضًا باسم عروس القرآن[١]، وسبب نزولها أن سورة الرحمن جاءت لتبيّن للمشركين الذين ادّعوا أنّ الرسول قد علّمه بشر في الآية الكريمة: [ وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّهُم يَقولونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذي يُلحِدونَ إِلَيهِ أَعجَمِيٌّ وَهـذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبينٌ ] [النحل: 103]، فنزلت السورة لترد على المشركين بأنّ الله تعالى هو الذي أنزل هذا القرآن الكريم وعلّمه للرسول -صلّ الله عليه وسلّم-، وكذلك فقد نزلت لقريش التي لم تكن تعترف بصفة الله الرحمن، إذ قال تعالى: [وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَـنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَـنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ] [الفرقان: 60]، فتكون تسمية السورة بهذا الاسم إثبات لوصف الرحمن[٢].
اختُلف في كونها مكيّةً أم مدنيّةً، وقد قيل أنّها مكيّة بالاستناد إلى قصة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- الذي ضربته قريش؛ لأنه قرأ سورة الرحمن بصوتٍ جهور وقد علا صوته بها حتّى ضربوه وأحدثوا أثراً في وجهه، وهذا دليل على أنّها نزلت قبل الهجرة لأن هذه الواقعة يشهد لها الكثير من الصحابة[٣].
خواص سورة الرحمن ومميزاتها
تمتاز سورة الرحمن بالمميزات العديدة التي تنفرد بها عن سواها، فالإسلام بحد ذاته له مميزات وخصائص غير متشابهة مع الأديان الأخرى، وكذلك الأمر بالنسبة لرسولنا محمد -صل الله عليه وسلم- الذي خصّه الله تعالى بامتيازات وخصائص تميزه عن سائر الرسل والأنبياء. وفيما يلي مجموعة من خواص سورة الرحمن[٢]:
- هي السورة القرآنيّة الوحيدة التي بدأت باسم من أسماء الله الحسنى وهو الرحمن.
- التّناسق الجميل بين آياتها مما يُسهّل أن قراءتها وحفظها.
- تكرار آية {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} في إحدى وثلاثين مرةً، فالتعداد هنا في مقام التعظيم لله تعالى وهو أحد الأساليب العربية الجليلة.
- استخدام أسلوبي التّرغيب والترهيب في هذه السورة؛ إذ ذكر الله تعالى فيها بعض مشاهد يوم القيامة وبين حال الكافرين المجرمين وما ينتظرهم من فزع وهلع، ومن جهة أخرى ذكر نعيم المتقين المؤمنين وما ينتظرهم من جزاء في الجنان.
- بُدأت السورة بعد نعم الله الكثيرة، كدلائل قدرته على تسيير الأفلاك وتسخير السفن واستعراض لصفحة الكون بأكمله.
مواضيع سورة الرحمن
تضمنت سورة الرحمن العديد من المواضيع التالية[٤]:
- ذكر دلائل قدرة الله في الخلق والكون، وكذلك فقد ذكر بأنّ كل شيءٍ في الكون يسير وفق قدرٍ معلوم وحسابٍ قد قدّره الله تعالى فقال: [ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ] [الرحمن: 5]، {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7]، وتحدّث عن طبيعة خلق الإنس والجن فقال: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ﴿١٤﴾ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ﴿١٥﴾} [ الرحمن:14، 15]، والحديث عن البحرين العذب والمالح اللذان لا يلتقيان بالرغم من عدم وجود حاجز ظاهر يفصل بينهما وفي ذلك معجزة على قدرة الله عزّ وجل وتفرّده في خلقه وتحدّي لمن يزعم بأن مع الله آلهة أخرى، قال الله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن: 19]
- بدأت السورة الكريمة بذكر نعم الله تعالى الكثيرة التي لا يمكن عدّها أو إحصائها على عباده المؤمنين، منها نعمة تعليم القرآن التي أنعمها الله على الإنسان وخصَّه بها، وتعليمه النطق والبيان.
- ذكر لحال الكافرين يوم القيامة والعذاب الذي سيلقونه جزاءً لتكذيبهم وكفرهم، فقال تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [ الرحمن: 41]، ووصف جزاء المتّقين والمحسنين يوم القيامة؛ فقد وصف فيها ما يكون في الجنتين اللتين هما جزاء للمتقين من حور عين وفواكه كثيرة ومياه جارية فقال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [ الرحمن: 46].
- إقامة الحجة والبراهين على الكافرين المكذبين بآيات الله عن طريق عرض دلائل قدرة الله تعالى وتعجب من تكذيبهم وإصرارهم من خلال تكرار آية: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
فضائل سورة الرحمن
من فضائل سورة الرحمن ما يلي[١][٥]:
- قال جابر -رضي الله عنه- : أن الرسول -صل الله عليه وسلم- خرج على أصحابه يومًا فتلا عليهم سورة الرَّحمنِ فسَكتوا، فقالَ: ( ما لي أسمعُ الجنَّ أحسنَ جوابًا لربِّها منكُم ما أتيتُ على قولِه اللَّهِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ إلا قالوا: لا شيءَ من آلائِكَ ربَّنا نُكذِّبُ فلَكَ الحمدُ) [الدر المنثور|خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح].
- تُعد سبب لتفريج هموم صاحبها بإذن الله تعالى.
- تُعد سبب لتذكير المسلم بقدرة الله تعالى وعظيم صنعه في الكون.
- اشتملت على أسلوب الترغيب والترهيب والذين هما من أفضل الأساليب وأكثرها نفعًا في ردع الإنسان عن المعاصي وتقريبه من الطاعات.
- تشفع سورة الرحمن لصاحبها يوم القيامة، كما أن تلاوة المؤمن لسورة الرحمن يوم الجمعة فيها عتقٍ من النيران .
قراءة القرآن الكريم
يحرص المؤمن على قراءة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النّهار امتثالًا لأوامر الله تعالى ولمعرفته عظيم قدر هذا القرآن؛ فهو الكتاب الخالد للإسلام وهو المعجزة الكبرى التي نُزّلت على خير البشريّة خاتم الأنبياء محمد صلّ الله عليه وسلّم، إذ قال الله تعالى:{الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [ابراهيم :1]، وفي هذه الآية الكريمة دلالة على أن القرآن تقويم لسلوك الأفراد وتنظيم لحياتهم، فمن استسمسك به هُدي إلى الصراط المستقيم ومن حاد عنه فقد ضل ضلالًا كبيرًا.
ومن الجدير بالذكر هنا أن قراءة القرآن وتدبر آياته أحد أهم العبادات التي يتقرب بها المؤمن من الله تعالى، إذ قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [فاطر:29]، ولكلّ سورةٍ في المصحف الشريف بل إنّه لكلّ آيةٍ خصائص اختصّها الله بها، ونتحدّث في هذا المقال عن خواص سورة الرحمن[٦].
المراجع
- ^ أ ب "تعريف سورة الرحمن"، المصحف الالكتروني، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-25. بتصرّف.
- ^ أ ب عائشة عامر شوكت (2014-5-28)، " سورة الرحمن ( سبب النزول والفضل والمميزات ) "، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-25. بتصرّف.
- ↑ "سورة الرحمن مكية عند جمهور الصحابة والتابعين "، إسلام ويب، 2007-7-18، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-25. بتصرّف.
- ↑ " سورة الرحمن"، البيان القرآني، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-25. بتصرّف.
- ↑ هبة حيدر (2018-12-24)، "فضل سورة الرحمن لابن باز"، موقع ملخص، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-25. بتصرّف.
- ↑ " فضل تلاوة القرآن وحفظه "، islamweb، 2016-10-10، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-25. بتصرّف.