فوائد صلاة الضحى ووقتها

فضل صلاة النوافل

إن صلاة النافلة من أحب الأمور إلى الله عز وجل، علاوةً على كونها من أكثر ما يُقرب العبد من ربه، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وهذا الحديث عامّ لجميع العبادات بما في ذلك صلاة النافلة، لذلك فإن للنوافل في حياة المسلم أثرًا بالغًا، فهي تقرّبه إلى الله، وتجبر نواقص تأدية الفروض، التي لا بد من حدوثها مهما حاول المسلم الحرص على إكمالها على وجهها المطلوب، إذ يقول في ذلك عليه الصلاة والسلام (إنَّ العَبدَ لَيُصَلِّي الصَّلاةَ ما يُكتَبُ له منها إلَّا عُشرُها، تُسْعُها، ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثُلُثُها، نِصفُها) [تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، لذا فإن صلاة النافلة تجبر الخلل والتقصير في صلاة الفرض، كما أن رسولنا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قد شرع لنا العديد من صلوات النافلة، والتي من بينها صلاة الضحى، وهي ما سنتحدث عنه في هذا المقال^[١][٢].

فوائد صلاة الضحى

لقد ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث الشريفة عن فوائد صلاة الضحى وفضائلها، وفيما يأتي ما صحّ منها^[٣]:

• تجزئ عن صدقة البدن: يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي يرويه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه قال: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَينِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
• صلاة الأوابين: من داوم على صلاة الضحى يسمى الأواب إذ روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يُحَافِظُ على صلاةِ الضُّحَى إلا أَوَّابٌ وهي صلاةُ الأَوَّابِينَ) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: حسن].
• وصيّة الرسول: تُعد صلاة الضحى من الأمور الدينية التي أوصى بها رسول الله بعض أصحابه، إذ يروي أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما أوصى بها أيضًا للصحابي الجليل أبي الدرداء رضي الله عنه.
• حفظ الله تعالى للعبد: تُعد صلاة الضحى من العبادات التي يكفي بها الله تعالى العبد ويحفظه، وفي ذلك ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أبي الدرداء قال: (قال اللهُ تعالَى: ابنَ آدمَ اركعْ لي أربعَ ركَعاتٍ من أولِ النهارِ أكفِك آخرَه) [إرواء الغليل| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقد اختلف المفسرون في هذا الحديث فمنهم من يرى بأنها ركعات الفجر، ومنهم من يرى بأنها صلاة الإشراق، ومنهم من يرى بأنها صلاة الضحى.
• تحقق أجر عمرة وحجة: إن من فضائل صلاة الضحى العظيمة أنها تحقق للعبد أجر حجةٍ وعمرةٍ تامّتين، إذ يقول في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح].

وقت صلاة الضحى

يدخل وقت صلاة الضحى عند ارتفاع الشمس قيد الرمح وحتى تتوقف الشمس عند الظهر، ويفضل أن تُصلّى صلاة الضحى عند اشتداد الضحى، وذلك لما روى الصحابي الجليل عبدالله بن أبي أوفى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صلاةُ الأوّابِينَ حِينَ تَرمُضُ الفِصالُ) [الجامع الصغير| خلاصة حكم المحدث: صحيح] وصلاة الأوابين هي صلاة الضحى كما أسلفنا، ومن صلاها في أول وقتها بعد ارتفاع الشمس فهو جائز، ومن صلاها أثناء وقتها فهي جائزة، ويكفي أداء صلاة الضحى ركعتين يركعهما المسلم وقت الضحى، ولهاتين الركعتين شأنٌ عظيمٌ، كما يمكن الاستزادة مثل الصلاة أربع ركعات أو ست ركعات أو ثماني ركعات، وله أن يزيد ما يشاء، لكن لا تقل عن ركعتين^[٤].

حكم صلاة الضحى

تُعد صلاة الضحى من السنن المؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنها ذات أهمية كبيرة، فقد أوصى بها بعض أصحابه، مثل أبي الدرداء رضي الله عنه، وأبي هريرة رضي الله عنه، كما أسلفنا في بعض الأحاديث الصحيحة، فإذا كان من اليسير على المسلم والمسلمة صلاتها، فهو من الخير الكبير، والحظ الوفير، كما يمكن تأديتها في بعض الأوقات وتركها في البعض الآخر، علاوةً على أن تركها بالكلّية لا حرج فيه، لكن حالها كحال السنن التي واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما فيها من عظيم النفع والفائدة، التي تقدم ذكرها^[٥].

كيفية أداء صلاة الضّحى وعدد ركعاتها

أقل عدد ركعاتها ركعتان؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أوْصَانِيْ خَلِيْلِيْ بِثَلاث: ...ورَكعتَيِ الضُّحى) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وأكثر صلاة الضحى لا حد له، وذهب بعض العلماء إلى حدها بثماني ركعات، لكن الصحيح أن يزيد المصلي على ثمانٍ كما ييسر الله له، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، قالت: (كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعَاً، وَيَزِيدُ)[صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]^[٦]، وإذا صلى المسلم الضحى أكثر من ركعتين؛ فالأفضل له أن يسلم بعد كل ركعتين، فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) [السنن الكبرى للبيهقي| خلاصة حكم المحدث: صحيح]^[٧]، وتكون الركعتان بتشهد واحد؛ كتحية المسجد، وصلاة الصبح، أما إن صلى المسلم أربع ركعات فتكون بتشهدين وسلام واحد، مثل صلاة الظهر، ويجوز الاقتصار على تشهد واحد، كما تحدث الشافعي عن صلاة الضحى: "ويجوز فعل الثمانية بسلام واحد، وينبغي جواز الاقتصار على تشهد واحد في الأخيرة، وجواز تشهد في كل شفع من ركعتين أو أربع"^[٨]، وهذا يعني جواز تسليمتين في كل أربع ركعات أو ثلاث تسليمات في كل ست ركعات أو أربع تسليمات في كل ثماني ركعات، ولو صلى المسلم عشرين أو ثلاثين ركعةً يجب أن يسلم بعد كل ركعتين، وصلاة الضحى تصح حتى تقف الشمس؛ فعندها عليه أن يمسك؛ أي يتوقف، وقرب صلاة الظهر بربع ساعة أو نصف ساعة قبيل توسط الشمس في كبد السماء، ولا يصلّي بعدها إلا لسبب من الأسباب ومنها: صلاة تحية المسجد إذا دخله لصلاة الظهر، أو كان في مكة يطوف بالكعبة وينوي أن يصلي سنة الطواف، أو يصلي صلاة كسوف الشمس قبل الظهر، وليس لصلاة الضحى قراءة سور معيّنة من القرآن الكريم؛ فيجوز للمصلي أن يقرأ ما تيسر بعد الفاتحة، ويسبح في الركوع كباقي الصلوات الخمس بقول: "سبحان ربي العظيم"، وكذلك في السجود فيقول: "سبحان ربي الأعلى"^[٩].

أجر صلاة الضحى للمرأة

قد تتساءلين ما إذا كنت أنت بوصفك امرأةً مشمولةً بالحديث الوارد عن رسول الله الذي يقول فيه: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، بحكم أن المرأة تصلي في مصلاها في البيت بينما يصلي الرجل في المسجد، وقد أجاب عن هذا التساؤل الشيخ بن باز رحمه الله بأنها تنال ذلك الأجر، حالها كحال الرجال تمامًا، شريطة أن تبقى في مصلاها تقرأ القرآن، وتذكر الله تعالى، ولا تغادره حتى تصلي صلاة الضحى^[١٠].

المراجع

1. ↑ "فضل صلاة النافلة"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
2. ↑ "النوافل طريق المحبة"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
3. ↑ "فضل صلاة الضحى"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
4. ↑ "وقت صلاة الضحى وعدد ركعاتها"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
5. ↑ "حكم صلاة الضحى"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.
6. ↑ "فضل صلاة الضحى ووقتها وعدد ركعاتها"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2020. بتصرّف.
7. ↑ "صلاة الضحى...فضلها..ركعاتها..ووقتها"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2020. بتصرّف.
8. ↑ "صلاة الضحى.. عدد ركعاتها.. وكيفيتها"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2020. بتصرّف.
9. ↑ "صلاة الضحى.. حكمها وصفتها ووقتها"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2020. بتصرف.
10. ↑ "هل تنال المرأة أجر العمرة والحج لو عملت في بيتها بعد الفجر ثم صلت الضحى"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2019. بتصرّف.