كم عدد ركعات صلاة الخسوف

كم عدد ركعات صلاة الخسوف

فضل الصلاة

شرع لنا الله تعالى العبادة لأسرار عظيمة، وحكمة بالغة، فهو الغني عنها، ونحن المحتاجون إليها، ومن أهم تلك العبادات الصلاة، التي تُعد مُطهرةً للقلب وموجبةً للأجر وجالبةً للرحمة، إذ إنّ فيها أجرًا عظيمًا يناله المسلم بأدائها، وتتجلى عظمتها بأنها أعظم صور العبودية لله تعالى، وهي عمود الدين، وركنه الثاني، وفيها يكون العبد أقرب ما يكون من ربّه، إذ يقول عليه الصلاة والسلام: (إنَّ أقربَ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجدٌ فأكثِروا الدُّعاءَ) [المصدر: تخريج صحيح ابن حبان| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم]، كما أن الصلاة تجديد الصلة مع الله تعالى، واستغفار لما سبق من ذنوب، إذ يقول عليه الصلاة والسلام: (أَرَأَيْتُمْ لو أنَّ نَهْرًا ببَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هلْ يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ؟ قالوا: لا يَبْقَى مِن دَرَنِهِ شيءٌ، قالَ: فَذلكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بهِنَّ الخَطَايَا) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ولأن الصلاة من العبادات الأعلى مرتبةً، فقد شرع لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بعض الصلوات المسنونة في مختلف الظروف والأوقات، بما في ذلك صلاة الخسوف وهي محور حديثنا في هذا المقال.[١][٢]

 

كم عدد ركعات صلاة الخسوف

أصحّ ما ورد عن عدد ركعات صلاة الخسوف وكذلك الكسوف أنّها ركعتان في كلّ ركعةٍ منهما ركوعان وسجودان وقراءتان، فحينما صلّى عليه الصلاة والسلام في كسوف الشمس كانت صفة صلاته كما ورد في الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كسفتِ الشَّمسُ، فأمرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ رجلًا فنادى أنِ الصَّلاةَ جامعةً فاجتمعَ النَّاسُ فصلَّى بِهم رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فَكبَّرَ ثمَّ قرأَ قراءةً طويلةً ثمَّ كبَّرَ فرَكعَ رُكوعًا طويلًا مثلَ قيامِهِ أو أطولَ ثمَّ رفعَ رأسَهُ وقالَ سمعَ اللَّهُ لمن حمدَه ثمَّ قرأَ قراءةً طويلةً هيَ أَدنى منَ القراءةِ الأولى ثمَّ كبَّرَ فرَكعَ رُكوعًا طويلًا هوَ أدنى منَ الرُّكوعِ الأوَّلِ ثمَّ رفعَ رأسَهُ فقالَ سمِعَ اللَّهُ لمن حمِدَه ثمَّ كبَّرَ فسجدَ سجودًا طويلًا مثلَ رُكوعِهِ أو أطولَ ثمَّ كبَّرَ فرفعَ رأسَهُ ثمَّ كبَّرَ فسجدَ ثمَّ كبَّرَ فقامَ فقرأَ قراءةً طويلةً هيَ أدنى منَ الأولى ثمَّ كبَّرَ ثمَّ رَكعَ رُكوعًا طويلًا هوَ أدنى منَ الرُّكوعِ الأوَّلِ ثمَّ رفعَ رأسَهُ فقالَ سمعَ اللَّهُ لمن حمدَه ثمَّ قرأَ قراءةً طويلةً وَهيَ أدنى منَ القراءةِ الأولى في القيامِ الثَّاني ثمَّ كبَّرَ فرَكعَ رُكوعًا طويلًا دونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ ثمَّ كبَّرَ فرفعَ رأسَهُ فقالَ سمعَ اللَّهُ لمن حمدَه ثمَّ كبَّرَ فسجدَ أدنى من سجودِهِ الأوَّلِ ثمَّ تشَهَّدَ ثمَّ سلَّمَ فقامَ فيهم فحمدَ اللَّهَ وأثنى عليْهِ ثمَّ قالَ إنَّ الشَّمسَ والقمرَ لا ينخسِفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِهِ ولَكنَّهُما آيتانِ من آياتِ اللَّهِ، فأيُّهما خُسِفَ بِهِ أو بأحدِهما فافزعوا، إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ بذِكرِ الصَّلاةِ) [المصدر: صحيح النسائي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].[٣][٤]


حكم صلاة الخسوف

أجمع جمهور العلماء على أنّ صلاة الخسوف والكسوف سنّة مؤكدة، واستدلوا على ذلك بأنّ النبي عليه الصلاة والسلام أدّاها وأمر بها، وكذلك استدلّوا بالحديث الوارد عنه عليه الصلاة والسلام، الذي يرويه طلحة بن عبيد الله قال: (جاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ نَجْدٍ ثائِرُ الرَّأْسِ، نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ، ولا نَفْقَهُ ما يقولُ حتَّى دَنا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فإذا هو يَسْأَلُ عَنِ الإسْلامِ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: خَمْسُ صَلَواتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ فقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قالَ: لا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ، وصِيامُ شَهْرِ رَمَضانَ، فقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ فقالَ: لا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ، وذَكَرَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الزَّكاةَ، فقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُها؟ قالَ: لا، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ، قالَ: فأدْبَرَ الرَّجُلُ، وهو يقولُ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى هذا، ولا أنْقُصُ منه، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، أما عند الحنفية فيرونها واجبة، أما عن وقتها فهي تؤدّى من بداية وقت الكسوف حتى ينجلي، ولكن فيما يخصّ قضاءها فهذه الصلاة من الصلوات التي لا يُشرع قضاؤها بعد انقضاء السبب، هذا والله أعلى وأعلم.[٥]


ما يُستحب فعله عند خسوف القمر

يُستحب عند خسوف القمر، أو كسوف الشمس، أن يُسارع المسلم إلى ذكر الله تعالى، والصدقات، والاستغفار، والدعاء، والتقرّب إلى الله بالأعمال المستحبّة، وهذا عند جمهور العلم باختلاف مذاهبهم، وقد استدلوا بذلك من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (خُسِفَتِ الشمسُ في عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فصلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والناسُ، فقامَ فأطالَ القيامَ، ثم ركعَ فأطالَ الركوعَ، ثم قامَ فأطالَ القيامَ، وهوَ دونَ القيامِ الأولِ، ثمَّ ركعَ فأطالَ الركوعَ، وهوَ دونَ الركوعِ الأولِ، ثمَّ رفعَ فسجدَ، ثمَّ فعلَ في الركعةِ الآخرةِ مثلَ ذلكَ، ثمَّ انصرفَ وقد تَجَلَّتِ الشمسُ، فخَطَبَ الناسَ فحمِدَ اللهَ وأثنَى عليهِ، ثمَّ قالَ: إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ، لا يُخْسَفَانِ لِمَوتِ أحدٍ ولا لِحَيَاتِهِ، فإذا رأيتُمْ ذلكَ فادعُوا اللهَ وكبِّرُوا، وتصَدَّقُوا، ثمَّ قالَ: يا أُمَّةَ محمَّدٍ! واللهِ ما مِنْ أَحَدٍ أغيَرُ منَ اللهِ أنْ يَزْنِيَ عبدُهُ أو تَزْنِيَ أمَتُهُ، يا أمةَ محمَّدٍ! واللهِ لو تعلمُونَ ما أعلَمُ، لضَحِكْتُمْ قليلًا، ولبَكَيْتُمْ كثيرًا) [المصدر: الاستذكار| خلاصة حكم المحدث: أصح ما روي في صلاة الكسوف]، كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (خسَفتِ الشَّمسُ على زمانِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقامَ فزِعًا -يخشَى أن تَكونَ السَّاعةُ- حتَّى أتى المسجدَ فقامَ فصلَّى أطول قيامٍ ورُكوعٍ وسجودٍ ما رأيتُهُ يفعلُهُ في صلاةٍ قطُّ ، ثمَّ قالَ: إنَّ هذِهِ الآياتِ الَّتي يُرسلِ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لا تَكونُ لِمَوتِ أحدٍ ولا لحياتِهِ ولَكِنَّ اللَّهَ يرسلُها يخوِّفُ اللَّه بِها عبادَهُ ، فإذا رأيتُمْ شيئًا منها فافزَعوا إلى ذِكْرِ اللَّهِ تعالى ودُعائِهِ واستِغفارِهِ) [المصدر: نخب الأفكار| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]، لذا من الواجب على المسلم أن يستغل هذه الظاهرة بالتقرب إلى الله تعالى.[٦]


مشروعية صلاة الخسوف للمرأة

إن صلاة الخسوف من السنن المشروعة للرجال والنساء على حدٍ سواء، ولكن لذات الهيئة من النساء فالأفضل أن تصليها في منزلها، أما غيرها من النساء فالأفضل أن تصليها مع جماعة المسلمين، وقد ذكر الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب الكسوف (لا أكره لمن لا هيئة لها من النساء لا للعجوز ولا للصبية شهود صلاة الكسوف مع الإمام، بل أحبها لهن وأحب إلي لذوات الهيئة أن يصلينها في بيوتهن)، كما أشار بذلك المذهب الحنبلي أيضًا مستندين إلى أن عائشة وأسماء حضرتا صلاة الخسوف جماعةً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا والله أعلم.[٧]


المراجع

  1. "الصلاة وحكمة تشريعها"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  2. "أهمية الصلاة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  3. "الموسوعة الحديثية"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  4. "صفة صلاة الكسوف"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  5. "صلاة الكسوف.. حكمها.. ومدى مشروعية قضائها"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  6. "المَبحثُ الثَّاني: ما يُشرَعُ عندَ الكُسوفِ من الأَعْمالِ"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.
  7. "هل يشرع للمرأة صلاة الكسوف وحدها ببيتها"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 9-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :