عدد ركعات صلاة ليلة القدر

عدد ركعات صلاة ليلة القدر

ليلة القدر

خصَّ الله تعالى شهر رمضان المبارك بالعديد من السمات والفضائل التي تُفضّله عن غيره من الشهور؛ فهو الشهر الذي أُُنزل فيه القرآن الكريم خير الكتب السماوية وأجلُّها، وفيه تُغلق أبواب النار وتُفتَّح أبواب الجنة وتُصفّد الشياطين، وفيه تُغفر الذنوب، وفيه تكون العُمرة مُضاعفةً، وفيه صلاة التراويح، وفيه أيضًّا أعظم ليلة من حُرِمَ منها فقد حَرَم نفسه خيرًا كثيرًا وهي ليلة القدر المُباركة، إذ يستزيد المسلمون في هذه الليلة المباركة من أعمال الخير من صلاة وصيام وقيام وقراءة قرآن وغيرها الكثير، وأكثر ما يفعله المسلم في هذه الليلة إحياؤها بقيام الليل؛ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حرم) [صحيح الجامع: خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وفي هذا المقال سنتناول فضل ليلة القدر، وعدد ركعات قيامها، وما يُستحب فعله في هذه الليلة[١].


عدد ركعات صلاة ليلة القدر

لم يرد أي دليل في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة عن عدد ركعات محددة تُصلّى في ليلة القدر وحتى في قيام الليل عمومًا؛ إنّما للمسلم أن يصلّي ما يشاء فيها قلّ أو كثُر، وكلما زاد المسلم في صلاته زاد أجره وارتفعت درجته عند الله تعالى، وقد ورد أنّ النبي عليه الصلاة والسلام كان لا يزيد في القيام عن إحدى عشرة ركعةً، وفي رواية أخرى ثلاث عشرة ركعةً، لكنّ هذا لا يُحدّد عدد الركعات الجائزة فقد كان من الصحابة من اكتفى بهذا العدد كونهم اعتبروه سنّةً عن النبي عليه الصلاة والسلام ومنهم من زاد عليه فقد كانوا يقيمون الليل بعشرين ركعةً وآخرون بستٍّ وثلاثين ركعةً، حتّى أنّ المسلمين في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه كانوا يتوكؤون على عصيّهم لكثرة قيامهم، وقد أجمع العلماء على جواز الزيادة على هذا العدد وأنّه لا حرج في ذلك، ولا يقتصر المسلم على الصلاة فقط في ليلة القدر إنّما يحرص على الذكر وقراءة القرآن والدعاء وغيرها من العبادات الفضيلة[٢][٣].


ما يُستحب فعله في ليلة القدر

تُوجد العديد من الأعمال التي يُستحب فعلها في هذه الليلة المُباركة، ومنها ما يأتي[٤]:

  • قيام ليلة القدر: فقيام ليلة القدر من الأعمال التي يُستحب فعلها في هذه الليلة المُباركة، ويجب أن يكون قيامها تصديقًا وإيمانًا وطلبًا للثواب والأجر من الله تعالى كما وعدهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ، ومَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ) [صحيح النسائي | خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ويُستحب للمسلم أن يحيي هذه الليلة بالتهجّد والصلاة فهي سبب لمغفرة الله تعالى لذنوب عباده.
  • الدعاء: ويستحب كذلك أن يُكثر المسلم في هذه الليلة من الدعاء بما يشاء إن كان لدينه أو دنياه ويستحب أن يُكثر من طلب خير الآخرة، ومما يُستحب قوله في هذه الليلة: "اللهمَّ إنَّك عفوٌ تحب العفو فاعفُ عنّي" وقد أوصى عليه الصلاة والسلام زوجته عائشة بأن تدعو بهذا الدعاء إذا أقبلت هذه الليلة، وهذا الدعاء يشتمل على التمجيد لله تعالى والثناء عليه وطلب العفو والمغفرة منه، فالعفو من صفات الله سبحانه وتعالى التي تعني أنه يعفو ويتجاوز عن سيئات عباده عند دعائهم، وكذلك فإنّه يُحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض.
  • الاعتكاف: إذ ينقطع المسلم في هذه الليلة المباركة عن أشغاله الدنيوية ويُخصص وقته كاملًا لطاعة الله سبحانه وتعالى وذكره ومناجاته، وقد كان عليه الصلاة والسلام يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وقد اعتكف صلى الله عليه وسلم في العام الذي قُبضت روحه فيه مدّة عشرين يومًا من رمضان؛ أي العشر الأواسط والعشر الأواخر أيضًّا، فقد كان يعتزل الناس تمامًا ويُبقي علاقته مع الله تعالى وحده في هذه الأيام.
  • قراءة القرآن الكريم: إذ إنَّ قراءة القرآن الكريم من أبواب الذكر التي يحرص عليها المسلم تقرُّبًا لله تعالى، والتي تُعد من أفضل الأعمال ليس في ليلة القدر فقط، بل في ليالي العشر الأواخر، وقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على قراءة القرآن ترتيلًا وتدبيرًا.
  • إيقاظ الأهل: فقد ورد أنّ النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان اجتهد بالطاعة واعتزل شهوات الدنيا بما فيها، وسهر ليله بالطاعة والعبادة، وأيقظ أهله للصلاة والعبادة.
  • المحافظة على أداء الصلوات في المسجد: فمن الأعمال المُستحبة في ليلة القدر أداء الصلوات المفروضة في المسجد، خاصةً صلاة العشاء والفجر والمغرب، فبذلك يأخذ الأجر.


فضل ليلة القدر

يوجد فضل عظيم لليلة القدر المُباركة، ومن أهمّها ما يأتي[٥]:

  • يغفر الله تعالى لمن قام هذه الليلة إيمانًا به واحتسابًا لمرضات وجهه تعالى وحده ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، فقد ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ) [صحيح البخاري: خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • أُُنزل خير الكتب وأعظمها في هذه الليلة المباركة، فقد أُنزل فيها القرآن الكريم، وورد في قوله سبحانه تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1].
  • يُعد فضل العمل في هذه الليلة المباركة مُميّزًا عن غيرها من الليالي في الفضل والأجر والثواب، فالعمل في هذه الليلة خير من العمل ألف شهر.
  • يُقدّر الله تعالى في هذه الليلة أرزاق العباد وآجالهم؛ يقول الله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4].
  • تنزل الملائكة وجبريل عليه السلام في هذه الليلة المُباركة، ولا تنزل إلا جالبةً معها كل الخير والرحمة والبركة، وتنزل للتأمين على دعاء العباد في هذه الليلة؛ فلا يدعو العبد بدعاء إلّا ويستجاب له بفضلٍ من الله ومنّة.


تسمية ليلة القدر

وردت في سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم عدّة أقوال على النحو التالي[٦][٧]:

  • أن الله جل وعلا يقدر فيها أرزاق وآجال العباد والكائنات الحية على هذه الأرض، فيكتب كل ما يحصل لهم في تلك السنة من خير وشر، وسعادة وشقاء، ورزق وموت، وعمل وغير ذلك.
  • أنها ليلة عظيمة الشأن والقدر والمكانة عند الله جل وعلا، فنقول فلان ذو قدر عظيم أي ذو شرف ومكانة عالية.
  • أن العمل فيها له قدر وأجر كبير لا يضاهيه أي عمل آخر؛ فهو خير من ألف شهر، وتجدر الإشارة إلى أن البعض يدرك هذه الليلة دون علمه، وفي هذه الحالة يناله الأجر والثواب وإن لم يعلم بها، لأن العلم ليس شرطًا.
  • أنها ليلة نزول القرآن الكريم على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.
  • أنها ليلة الحكم والفصل.
  • أن القَدْر في اللغة هو التضييق، وقد سميت بهذا الاسم لأنها ليلة تضيق بالملائكة لكثرتهم.


علامات ليلة القدر

تُوجد العديد من العلامات التي تدل على أنّ هذه الليلة قد تكون ليلة قدر، فمنها علامات مقارنة وعلامات لاحقة، ومنها ما يأتي[٥]:

  • طمأنينة القلب والنفس وانشراح الصدر للمؤمن والتي يشعر بها في ليلة القدر على غير باقي الليالي.
  • سكون الجو والرياح؛ إذ لا يكون الجو عاصفًا في هذه الليلة المُباركة، بل يكون كلّه سكون.
  • إضاءة ونور قويّ في تلك الليلة قد لا يشعر بها في هذه الأيام، لكنها تكون واضحة كثيرًا في البر.
  • لّذة القيام والتعبد في هذه الليلة تكون مُميّزةً عن غيرها من الليالي.
  • أمّا بالنسبة للعلامة اللاحقة التي تظهر بعد ليلة القدر، فهي طلوع الشمس في الصباح التالي صافيةً وليس لها شعاع كباقي الأيام.


هدي النبي عليه السلام في العشر الأواخر

كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخص العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك بأعمال لا يؤديها في بقية الشهر، وعلينا الاقتداء بهديه ونحن أحوج ما نكون إلى وقت تُضاعف فيه الحسنات، فيكون العمل خيرًا من ألف شهر، ويمكن إجمال أعمال الرسول المصطفى في العشر الأواخر على النحو التالي[٨]:

  • اعتزال النساء انشغالًا بالعبادة، وقد عبرت عنه السيدة عائشة -رضي الله عنها- في حديثها بشد المئزر في شهر رمضان.
  • إيقاظ آل بيته للعبادة، فكان حريصًا على ألا ينال الخير وحده بل يدل الناس عليه، وأولى الناس به آل بيته.
  • الاعتكاف في المسجد، علمًا أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يومًا في العام الذي توفي فيه، والاعتكاف هو لزوم المسجد طاعًة وتضرعًا لله حتى ينقطع المسلم عما لا يعنيه من أحاديث الدنيا وشؤونها.
  • تحري ليلة القدر لما لها من فضل ومكانة عند الله ذكرناها آنفًا، أما علاماتها فهي ليلة سمحة لا حارة ولا باردة، وشمس صبيحتها حمراء ضعيفة؛ أي إنها تطلع من غير شعاع وصافية، وفيها نور وضوء قويان، وانشراح للصدر يشعر به المؤمن، كما أنها ليلة ساكنة لا رياح فيها ولا شهب.
  • التهجد والإكتار من أداء الصلاة في الليل.
  • الإكثار من الدعاء، وخير الدعاء في هذه الليلة يكون بقول: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني".
  • الإكثار من قراءة آيات القرآن الكريم.
  • الإكثار من ذكر الله جل وعلا حمدًا وتسبيحًا وتهليلًا وتكبيرًا.
  • الإكثار من الاستغفار.


المراجع

  1. الدكتور أحمد عرفة، "من فضـائل شهر رمـضان"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2019. بتصرّف.
  2. "صلاة مائة ركعة ليلة القدر كل سنة بدعة"، fatwa islamweb، 14-12-2003، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2019. بتصرّف.
  3. "ما يستحب فعله ليلة القدر"، fatwa islamweb، 13-12-2001 ، اطّلع عليه بتاريخ 28-10-2019. بتصرّف.
  4. الشيخ ندا أبو أحمد (2-8-2013)، "ما يستحب فعله لمن أدرك ليلة القدر؟"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب د. سعد عطية فياض ( 12-8-2012 )، "ليلة القدر"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 27-10-2019. بتصرّف.
  6. الدكتور محمد عبدالغني (20-7-2014)، "سبب تسمية ليلة القدر"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2019. بتصرّف.
  7. أحمد عبد الرحمن (25-8-2011)، "فضائل ليلة القدر"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2019. بتصرّف.
  8. بدر الفيلكاوي (16-9-2008)، "هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :