حديث يبين اهمية الامن والرزق في حياة الانسان

حديث يبين اهمية الامن والرزق في حياة الانسان

حديث يبيّن أهمية الأمن والرزق في حياة الانسان

رويَّ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في تعليمه لأصحابه ولأُمته من بعده حديث رواه سلمة بن عبيد الله بن محصن الخطمي، عن أبيه عبيدالله وكانت له صحبة؛ قال :قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) [صحيح ابن ماجة| خلاصة حكم المحدث: حسن]. ويحمل هذا الحديث معانٍ عدة تخبرنا أنّ الرزق لا يقتصر على الأموال؛ فمن جمع الله له عافية بدنه، وأمن قلبه، وأكفاه عيشة يومه، وأدام السلامة لأهله، فقد جمع الله له كل النعم، فعليه بدء يومه بشكر الله، واستخدم هذه النعم بما يرضي واهبها ولا يعصيه بها[١][٢].


هل نعمة الأمن أعظم من نعمة الرزق؟

لكي يعيش الإنسان عيشةً رضيةً هنيئةً لا بد له أن يكون آمنًا مستقرًا مطمئنًا ساكنًا، وقد بين لنا القرآن الكريم أن نعمة الأمن من أعظمالنعم وأعظم من نعمة الرزق، ودليلنا في هذا التفضيل الآية الكريمة: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126]. وبدأ الله عز وجل بالأمن قبل الرزق ويعود هذا التقديم لأمرين: الأول: أن حلول الأمن واستبابه في المجتمع هو من مسببات الرزق؛ ساد الأمن والأمان واستقر سعي الناس في الأرض، فهذا ما سيثمر ويُغرق عليهم من رزق الله وييسر طريقهم إليه، وإن فقد الأمن لأجدبت عليهم الأرض بما رَحُبت، وكيف للمرء أن يستلذ بنعمة الرزق من طعام وشراب أو يتنفِع برزقهِ إذا كان خائفًا من كل مكان ولم يكن آمنًا! وهذا هو السبب الثاني لتقديم الآية لنعمة الأمن على نعمة الرزق.


وقد منَّ الله -عز وجل- على عباده في أن رزقهم هذه النعمة، إذ تقول الآيتين الكريمتين: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [القصص: 57]، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت: 67]. فالأمن هو مطلب البشرية جمعاء، وأغلب الأنبياء والرسل عليهم السلام كانوا يدعون الله أن يَمُنَّ عليهم بالأمن والأمان، فسيدنا إبراهيم -عليه السلام- دعا الله -عز وجل- أن يجل بلده آمنًا، إذ تقول الآية الكريمة: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]، ولما شعر نبينا موسى -عليه السلام- بالهلع أعلمه الله -عز وجل- أنه من الآمنين ليهدأ خوفه وليطمئن نفسه، فقال له: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}[القصص: 31].


كذلك الأمر في تبليغ كلام الله عز وجل عن طريق نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما رحم أهل مكة يوم فتحها فذكرهم بنعمة الأمن التي سادت في بلادهم، مما دلَّ على أهمية الأمن للمؤمنين والكافرين أيضًا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (من دخَل دارَ أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقَى السّلاحَ فهو آمن، ومن دخل المسجدَ فهو آمن) [صحيح أبي داود | خلاصة حكم المحدث: حسن][٣][٤].


وسائل حفظ الأمن

  • شكر الله على نعمة الأمن والطلب منه أن يديمها، فالنعم تبقى بالشكر وتذهب بالإنكار أو الجحود وأُلفتها.
  • تطبيق حدود الله، كحد الحرابة والقتل لأمن إراقة الدماء، وإقامة حد الزنا لكي لا تُنتَهك الأعراض، وقطع يد السارق ليأمن الناس أموالهم، وحد القذف لمنع الخوض بأعراض المسلمين، وغيرها من الحدود التي أقامها الله عز وجل.
  • نشر فهم السلف الصالح بين المسلمين، فقد شهد عالمنا وما يزال يشهد العديد من الدعوات الخطيرة التي تحث وتدعو على التكفير والتفجير، فقد كُفر الناس من بعدها وأُريقت الدماء وقُتل الأبرياء بهذه المفاهيم الإرهابية، فيجب الرجوع دائمًا لأهل العلم الموثوق بهم وبعلمهم فيما يشكل على الناس فهمه في الدين.
  • الدعاء لله عز وجل بطلب نعمة الأمن، فقد روى ابن عمر -رضي الله عنهما-، إذ قال: لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدع هذا الدعاء حين يمسي وحين يصبح (اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) [الترغيب والترهيب| خلاصة حكم المحدث: حسن][٥][٣].


هدي النبي في إقامة الأمن وكسب الرزق الحلال

يساهم الأمن والسلام بحياة الفرد والمجتمع والأمَّة مساهمةً عظيمة، فهو حجر الأساس للدواعم التي تُساهم في البِناء والتنمية، إضافةً لتحقيق الازدهار في شتّى مجالات الحياة، ويُعدُّ الأمن مقصدًا من مقاصد الشريعة، إذ أجمع العلماء وحصروا المقاصد الرئيسية التي تحفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل ولا تطمئن الدنيا وتصلُح إلا بأمن عام يشاع فتطمئن به الأنفس، وتنهضُ به الهمم، ويَسكن فيه الأبرياء، ويأنسُ به الضعيف، وكما ذكرنا سابقًا أنه لا يمكن للمرء أن يحظى بنعمة الرزق مالم يستتب الأمن والأمان في مجتمعه، وحتى تعم السكينة فلا يخاف على نفسه أو على أهله ويأمن استمتاعه وتنعمه في رزقه التي يكدح إليه، وخير مثالٍ لنا لنقتدي به ونسعى لأن تكون أنفسنا على هديه هو سلوك رسولنا العظيم في مساهمته ودوره في إقامة الأمن وكسب الرزق فسنذكر مساهمته في كلا الأمرين بتعاليمه النبوية وإرشاداته القيمة[٦][٧]:


إسهام النبي في إقامة الأمن

  • الأمن في حسن التعامل مع الخلق: فأطعم الجائع، وأسقى العطشان، وكسا العراة، وبهذا يحصل المرء على رضا الله عز وجل ويعيش في أمنٍ وسلام.
  • التعلق بالله عزل وجل؛ فهو السبب الرئيسي للأمن في الدنيا والآخرة، فإن قام الأمن من الله فإن المجتمع سيكون آمن، لأن العلاقة بين الأمن والإيمان علاقة قوية.
  • أقام الأمن بين المسلمين وغيرهم، فسدّ باب الفتنة والخوف.
  • أفشى الأمن والسلام بين المسلمين.
  • أقام الأمن بين ذويالرحم، ووضع الحقوق وأعطى كلَّ ذي حقِّ حقَّه.


إسهام النبي في تعليم كسب الرزق الحلال

  • كسب رزقه عليه الصلاة والسلام من رَعيِّ الأغنام لأصحابها من أهل مكة كسائر البشر على الرغم من مكانته الرفيعة.
  • عملَ في التجارة وكان يسافر وينهك من أجل تحصيل الرزق الحلال.
  • حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث عدة على طلب الرزق والكسب الحلال، ومنها قوله عليه السلام: (ما أَكَل أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا مِن أن يأكُل مِن عَمَلِ يَدِه، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ عليه السلام كان يأكُل مِن عَمَلِ يَدِه) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح] ,وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم : (لأنْ يحتَطِبَ أحدُكم على ظهره، خيرٌ مِن أن يَسأل أحدًا فيُعطيه أو يمنعه)[صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث:صحيح]. فعلى المرء أن يكدح من أجل رزقه ويتخذ كل السبل لكسب رزقه بالحلال وعدم التذلل للآخرين على الإطلاق[٨][٩].


المراجع

  1. "الموسوعة الحديثية، شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
  2. "حديث من أصبح منكم آمنا في سربه"، الإسلام سؤال وجواب، 2008-03-16، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
  3. ^ أ ب د. مهران ماهر عثمان، "نعمة الأمن"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
  4. "الموسوعة الحديثة، شروح الأحاديث"، الدرر السنية ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
  5. "الموسوعة الحديثة، شروح الأحاديث"، الدرر السنية ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
  6. أ.د عبدالله بن محمد الطيار (2010-02-02)، "الكسب الحلال"، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
  7. محمد سجاد يونس (2012-02-10)، "هدي النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الأمن والسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
  8. "الموسوعة الحديثة، شروح الأحاديث"، الدرر السنية ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.
  9. "الموسوعة الحديثة،شروح الأحاديث"، الدرر السنية ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-13. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :