حديث شريف صغير

حديث شريف صغير

مكانة الحديث الشريف

إن القرآن الكريم هو المصدر الأول في معرفة شرائع الدين الإسلاميّ، أما السنّة النبوية الشريفة التي ضمّت الأحاديث التي وردت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهي التطبيق العمليّ لما جاء في القرآن الكريم، فكانت مهمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي التبليغ، فضلًا عن البيان، أما تبليغ القرآن فيكون بتلاوته على الناس، والبيان يكون بالقول والعمل، كأركان الإسلام الخمسة، وغيرها من شرائع الإسلام، ومن هنا تأتي أهمية السنة النبوية؛ فمن واجب المسلم أن يأخذ بالقرآن والسنة، فقد بيّنت السنة النبوية بالتفصيل كثيرًا من الأمور التي وردت في القرآن الكريم بالقول والعمل[١].


حديث شريف صغير

تتعدد الأحاديث النبوية الشريفة القصيرة ذات المدلول الكبير، ومنها:

  • عَنْ سَلَمَةَ بن عُبيد اللهِ بن محصن الأَنصاري، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سِرْبِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)[فتح القدير| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ويفيد هذا الحديث بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يبيّن أن على الإنسان الإيمان والرضا بما قسمه الله له، وأنّ من أَوْلى ما قد يسأل العبد ربه هو العفو والعافية والأمان، والرزق، وهذا يغنيه عن الدنيا كلها[٢].
  • عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، ويفيد هذا الحديث أن الأعمال وإن كانت صالحة لا تُقبل إلا بنية خالصة لله وحده، وذلك أن يريد بها المسلم وجه الله تعالى، وما لم يكن كذلك فهو غير مقبول، فالنيّة هي التي تميّز العمل وتحدد قبوله[٣].
  • عن أنس بن مالك الأنصاري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من رغبَ عن سنّتي فليس منّي)[تفسير القرطبي| خلاصة حكم المحدث: صحيح] ويعني الحديث أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول أن من لا يتبع سنته، فليس منه، وهذا يبيّن تشديد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أهمية السنة النبوية الشريفة، وتطبيقها في القول والفعل، كما يؤكد على حجيّة السنة في التشريع، لا سيما أن هذه السنّة لم تصل للمسلمين إلا باجتهاد المحدثين وجهدهم الكبير[٤].
  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان)[صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وفي هذا الحديث يحث الرسول على التحلي بالحياء فهو خصلة من خصال الإيمان، وخلق من أخلاق الإسلام، ومن اتصفه سيمنعه خجله من الله من ارتكاب المعصية وسيُقبل على طاعته وتعظيمه، كما أن الحياء تاج الأخلاق والدليل الأكبر على وجودها[٥].
  • عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وفي هذا الحديث حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على محبة الخير للمؤمنين، وتقوية الروابط بينهم، ويؤكد على أن من أهم خصال الإيمان أن يحب الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه، ويوضّح أن الإيمان يزيد وينقص، فيزيد بالطاعة وبفعل الخيرات، وينقص بالمعصية[٦].
  • عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)[صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح] ويعني هذا الحديث الموجّه للمسلمين أن أفضلهم من تعلم القرآن حقّ تعلّمه وعلّمه حق تعليمه[٧].


معنى الحديث الشريف

للحديث معنيان، أحدهما لغويّ والآخر اصطلاحي كما يلي[٨]:

  • معنى الحديث في اللغة: ورد معنى الحديث في معجم لسان العرب أنّه الجديد من الأشياء، ونقيض القديم، وهو ما يُطلَق على الكلام؛ قليله وكثيره؛ لأنه يتجدَّد شيئًا فشيئًا، وجمعه أحاديث.
  • معنى الحديث في الاصطلاح: ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل، أو تقرير، أو وصف خَلْقي أو خُلُقي، ومعنى التقرير أن يقول أحدٌ أمام النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قولًا، أو يفعل فعلًا، فلا يُنكِره عليه؛ أو لا يكون أمامه، ولكن يَبلُغه فيسكت عليه، فسكوته هذا تقرير له، يَكتسِب به صفة الشرعيَّة؛ لأنّه لا يُقِر أمرًا غير مشروع، أما صفاته الخَلقِيَّة، فمِثْل ما ورد في الأحاديث من صفات لشكل النبي -صلى الله عليه وسلم-، كونه أبيض الوجه، ومُشربًا بحمرة، كما أنه ليس بالطويل البائن، ولا حتى بالقصير المتردد، وأما صفاته الخُلُقيَّة، فكما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه أعفّ الناس، وأشجع الناس، وأكثرههم تواضعًا و رحمةً، وعطفًا على الفقراء والمساكين، وغيرهم من الضعفاء، وأنه حليم وعفوّ، ويملك المقدرة على العقوبة، ولا يردّ الإساءة بمثلها، وغيرها الكثير من الأخلاق العظيمة.


خصائص الحديث الشريف

للحديث الشريف خصائص كثيرة ومميزة، منها ما يلي[٩]:

  • الأفكار الغنيّة، والعمق في المعاني.
  • شموليّة المضمون، والرقيّ في الفكرة، والرفعة في التعبير بفلسفة عظيمة، ومن أمثلة ذلك من الحديث الشّريف قوله عليه الصّلاة والسّلام: (لو أنَّ لابن آدم واديًا من ذهب أحبّ أن يكون له واديان، ولنْ يملأ فاه إلا التّراب، ويتوب الله على مَن تاب) [صحيح البخاري | خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • الإحكام وعدم التّناقض في تقديم المضمون، والدّقّة في توصيل المعنى، وخلو الحديث من الاختلاف، ومن ذلك حديث: (الدّين النّصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامّتهم) [صحيح مسلم |خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • الفصاحة في اللغة، والقوة في اختيار التّراكيب المتينة، والدّلالات الواضحة.
  • الوصول للهدف من المعنى بسهولة دون تكلّف، فقد كان النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن التّشدق، والتّكلّف، والتّنطّع، فضلًا عن نهيه عن الثّرثرة.
  • القول البديع، وحسن التصوير، ومن ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قَتَلَ نَفْسَهُ بحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بها في بَطْنِهِ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدًا مُخَلَّدًا فيها أبَدًا، ومَن شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهو يَتَحَسَّاهُ في نارِ جَهَنَّمَ خالِدًا مُخَلَّدًا فيها أبَدًا، ومَن تَرَدَّى مِن جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهو يَتَرَدَّى في نارِ جَهَنَّمَ خالِدًا مُخَلَّدًا فيها أبَدًا) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • استخدام الأساليب اللغوية المتنوعة، كالتنبيه، والتوكيد، والتكرار لإيضاح المعنى، والحرص على توصيله.
  • حسن الإفهام، والتفصيل، والتأني.
  • الإيجاز، والتعبير بأقل عدد من الحروف بأكبر عدد من المعاني.

المراجع

  1. أ. د. مصطفى مسلم (16-6-2014)، "أهمية السنة النبوية في حياة المسلمين أهمية السنة النبوية في حياة المسلمين "، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  2. د. بدر عبد الحميد هميسه، "أحاديث وفوائد (9) فوائد من حديث: فكأنما حيزت له الدنيا"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  3. د. أمين بن عبدالله الشقاوي (27-10-2018)، "فوائد من حديث: إنما الأعمال بالنيات"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  4. د. زكريا شعبان الكبيسي (20-8-2019)، "فمن رغب عن سنتي فليس مني"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  5. أحمد عماري (15-12-2014)، "الحياء شعبة من الإيمان"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  6. عبدالعال بن سعد الرشيدي (23-1-2016)، "شرح حديث: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه رابط الموضوع: "، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  7. فريق إسلام ويب (9-9-2008)، "معنى حديث: خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  8. الشيخ طه محمد الساكت (16-3-2014)، "في معنى " الحديث " لغة واصطلاحا وما يتصل به "، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.
  9. فريق إسلام ويب (10-4-2016)، "خصائص لُغة الحديث النّبويّ الشّريف "، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :