حديث قدسي عن الرحمة

حديث قدسي عن الرحمة

الرحمة

تُعرَّف الرحمة بأنَّها: الرِّقة، والتَّعطُّف، والرحمة في الخالق إحسانه، وعفوه، ومغفرته للعبد، أمَّا الرحمة في الإنسان فهي حنوّ القلب، وانعطافه نحو الإحسان للآخرين، وبالمعنى العام، فإنَّ الرحمة وصف يقتضي إيصال النفع، والخير للفرد، والحرص على مصالحه، ودفعه نحو الطريق الصحيح حتى لو كان في ذلك نوع من القسوة؛ فأكثر الناس رحمةً بالفرد هو من يحرص على خير حياته، وصلاحها، ويوجهه نحو الأمور النافعة له، والتي تمتلك تأثيرًا إيجابيًا يعود عليه بالتقدُّم، وتحقيق النجاحات، ولذلك يجب على المسلمين التراحم فيما بينهم، ومن الجدير بالذكر أنَّ أعظم من اتصف بالرحمة هو الله جل جلاله، فهو أرحم الراحمين، واتصف الله عز وجل بالرحمة، وكتبها على نفسه، ومن أسمائه الحسنى الرحمن الرحيم، فالرحمة عند مالك الملك تعني الخير، والرزق، والشفاء، والستر، والكثير من النعم التي يمُنّ الله سبحانه وتعالى بها على عباده، حتى المخطئين، والمسيئين منهم، فهو غافر الذنب، وقابل التوبة من عباده، وهو العفو الغفور، الذي عمَّت رحمته كل شيء.


حديث قدسيّ عن الرحمة

عن أبي ذر الغفاريّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه عز وجل: (يا عِبَادِي إني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ على نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلا من هَدَيْتُهُ فاستهدوني أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلا من أَطْعَمْتُهُ فاستطعموني أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إلا من كَسَوْتُهُ فاستكسوني أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وأنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جميعًا فاستغفروني أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا على أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ ما زَادَ ذلك في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا على أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ما نَقَصَ ذلك من مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي لو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ما نَقَصَ ذلك مِمَّا عِنْدِي إلا كما يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يا عِبَادِي إنما هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


شرح الحديث القدسي

من صفات الله سبحانه وتعالى وأسمائه الحسنى صفة العدل، فعند الله عز وجل لا يُظلم أحد، فالله جل جلاله حرَّم الظلم على نفسه، فهو من المستحيلات في حقه، وكذلك حرّمه على عباده لما له من أضرار كبيرة عليهم، وهو الرزاق يعطي ما يشاء لمن يشاء من خلقه سواء أكان من الطعام، أو من الكسوة، وهو الغفار الذي يعفو عن المخطئ، ويتوب عليه رغم معاصيه، فالاستغفار يُكفّر الذنوب، والله يحب المستغفرين، والله عز وجل هو الذي يهدي عباده للخير والطاعات، وملك الله كثير، وباقٍ لا ينفد، فلو أنَّه جل جلاله أعطى لجميع عباده حاجاتهم ما نقص من ملكه شيء، وهو القوي المقتدر، والعبد لا يستطيع أن يعطي لله سبحانه وتعالى نفعًا ولا ضرًا، فالعبد في حاجة خالقه، وأعماله التي يقوم بها في الدنيا من الخير والشر سيلاقيها يوم الحساب، فمن عمل الخير سيجد خيرًا، ومن عمل السوء فلا يلومنّ إلا نفسه[١].


المراجع

  1. "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 21-05-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :